باللهِ يا أيامَ يثربَ عودي
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
باللهِ يا أيامَ يثربَ عودي | عُودي لبلِّ حُشاشة ِ المعمودِ |
ما كان أنضرَ بينهنّ محاسني | في أَعينٍ رُمُقٍ وأخضرَ عودي! |
أيّامَ لم يحنِ النَّوائبُ صَعْدَتي | بمرورهنّ ولا لوين عمودي |
كلاّ ولا عبثتْ بيضاتُ الردى | في مفرَقي أو عارِضيَّ بسودِ |
يا بعدَ ما بيني وبين حبائبي | و الشيبُ في فوديَّ غيرُ بعيدِ |
ولقد علمتُ وقد نُزِعْتُ شبيبتي | أنْ لا نصيبٌ في الظباءِ الغيدِ |
قد كانَ لي سَهمٌ سديدٌ في الدُّمَى | لكنه بالششيب غيرُ سديدِ |
قُل للّتي ضنَّتْ عليَّ بنظرة ٍ | ذاتِ اللَّمى واللّؤلؤِ المنضودِ: |
لِمْ تأسفينَ على المحبِّ بقُبلَة ٍ؟ | فكأنَّ ثغراً منك غيرُ بَرودِ! |
خلي القطوبَ من الأسرة ِ " واكتفي " | عن عقدهنّ بفرعك المعقودِ |
أنتِ الطليقة ُ في هواهُ فاعلمي | وتحكَّمي في الموثَقِ المَصْفودِ |
قد كنتُ جلداً في الهوى لكنني | يوم الفراقِ عليهِ غيرُ جليدِ |
كم في الهوادج من قضيبٍ مائسٍ | أو مُرتوٍ ماءَ الصِّبا أُمْلودِ |
ما إنْ درى ماذا إليه يقودني | من حُبِّهِ ويَعُودني من عيدي |
ما لي وقد لفَّ الصباحُ خيامهمْ | غيرُ الزفير وأنة ِ المورودِ |
و مماطلٍ إنْ جاء يوماً وعده | غلطاً ومكراً ضنّ بالموعودِ |
في جيدهِ من حسنِه حَلْيٌ له | والحَلْيُ خيرٌ منه حسنُ الجِيدِ |
لي فرقتان ففرقة ٌ بيد النوى | أو فرقة ٌ لتجنبٍ وصدودِ |
قُلْ للذي ساقَ الظّعائنَ: ربَّما | سوقتَ قلبي بين تلك البيدِ |
و رميتَ في قلبي وفي عيني معاً | بالنارِ ذاك وتلك بالتسهيدِ |
وإذا دموعي يومَ سِلنَ شَهِدن بال | ـوجدِ المبرح لم يفدكَ جحودي |
ما ضرَّ مَن يَسْري سُراهُ ووجههُ | خلفَ البدور على ليالٍ سُودِ |
في ليلة ٍ بُرْدُ السَّماءِ موشَّحٌ | بنجومها والنجمُ كالعنقودِ |
في كلّ يومٍ تستجدّ قطيعة ً | وجديدُ لؤمِ المرءِ غيرُ جديدِ |
يا صاحبي فزْ بالرشاد وخلني | قد كنتَ جاري في شبية ِ أَعصُري |
هبْ لي الملامَ على الغرام فإنَّني | ملآنُ من عذلٍ ومن تَفْنيدِ |
قمْ سلَّ قلبي كيف شئتَ ولا ترمْ | منه السلوَّ عن النساءِ الرودِ |
لا تسألني أن أعيشَ بلا هوى ً | فيهنّ واسألْ طارفي وتليدي |
قد كنتَ جاري في شبيبة أعصري | فكن المجاور في الزمان المودي |
وامزجْ صفاءً قد عداكَ برَمْقِه | و اخلطْ زماناً ناعماً بديدِ |
ما إنْ رأيتُ ولم أكن مستثنياً | في هذه الأيامِ من محمودِ |
و إذا التفتّ إلى الذين ذخرتهمْ | لشديدتي لم ألفِ غيرَ حسودِ |
أنا بينَ خالٍ من جميلٍ قلبُه | و من القبيح وبين كلّ حقودِ |
وإذا صُددتُ عن المواردِ جمَّة ً | فمتى يكونُ وقد ظمئتُ ورودي؟ |
لا بُلِّغتْ عِيسي مَداها إنْ نحَتْ | غيرَ الكرامِ وقيدت بقيودِ |
إنْ لم أثِرْها كالقَطا نحوَ العُلا | يطوين بالإرفادِ كلَّ صعيدِ |
وتلفُّ أيديها على طولِ الوَجا | لفّ الإزارِ تهائماً بنجودِ |
لا تستفيقُ منَ الدُّؤوبِ وإنَّما | يضربْنَ بيداً في الفَلاة ِ ببيدِ |
فعرِيتُ في يومِ الفَخارِ على الوَرى | من فخر آبائي وفخر جدودي |
قوم إذا سمعوا بداعية ِ الوغى | طَلعوا النِّجادَ على الجيادِ القُودِ |
لا يعبؤون إذا الرّماحُ تشاجَرَتْ | يوماً بما نسجتْ يدا داودِ |
و دفاعهمْ وقراعهمْ أدراعهمْ | يومَ الوغَى من طعنِ كلِّ وريدِ |
سادوا أكابرَ قومِ كلِّ عشيرة ٍ | من قبلِ قطعِ تمائمِ المولود |
فإذا سرحْتَ الطَّرفَ بينَ بيوتِهم | لم تلقَ غيرَ مُغَبَّطٍ محسودِ |
و أنا الذي أطلقتُ أسرَ سماحة ٍ | في النّاسِ أو أنشرتُ مَيْتَ الجودِ |
ما الفرقُ إنْ لم أعطِ ماليّ مُعْدماً | ما بين إعدامي وبين وجودي ؟ |
فلو أنّ حاتمَ طيءٍ وقبيله | وَفدوا عليَّ تعلَّموا من جُودي |
ما للرجال إذا همُ حذروا سوى | حرمي الأمينِ وظليَ الممدودِ |
لم أتلُ قطُّ مسرَّة ً بمضرَّة ٍ | فيهمْ ولا وعْداً لهمْ بوعيدِ |
نقضُ الجبال الشُمِّ لا يُعْيي وقد | أعيا على الأيام نقضُ عهودي |
و إذا عقدتُ فليس يطمع طامعٌ | في أن يحلَّ براحتيهِ عقودي |
و الحادثاتُ إذا طرقن فلم أكن | عنهنّ نَوّاماً ولا بهجودِ |
إنْ أُضْحِ عَضْباً فالقاً قِممَ العِدَى | فلربَّ عضبٍ عِيقَ عن تجريدِ |
ليس الأسودُ - وإن منعنَ فرائساً | و ربضن في الغاباتِ - غيرَ أسودِ |
و إذا قعدتُ فسوف تبصرُ أعينٌ | مني قيامي في خلال قعودي |
أنا مُلجَمٌ بالحزمِ عن قَولي الّذي | لو قلته لأشبتُ كلَّ وليدِ |
حتى متى أنا في ثيابِ " إضامة ٍ " | أقرى المناجي زفرة َ المجهودِ |
أُلوى عنِ الأوطانِ لا تَدْنو لها | كفايَ ليَّ الأرقم المطرود |
و اذادُ عن وردي وبي صدأٌ وكمْ | ظمآنِ قومٍ كان غيرَ مَذودِ |
أَبغي الرَّذاذَ منَ الجَهام وتارة ً | أرجو وأمري درَّ كلَّ جدودِ |
والخيلُ تعثرُ بالجماجم والطُّلَى | مخضلة ً عن يابس الجلمودِ |
للهِ دركمُ بني موسى وقد | صُدِمَ الحديدُ لدى وغًى بحديدِ! |
ما إن ترى إلاّ صريعاً هافياً | كرع الحمامَ وليس بالملحودِ |
ومُجدَّلاً بالقاعِ طارَ بصفوهِ | نَسْرٌ وبقَّى شِلْوَه للسِّيدِ |
هذا وكم جيشٍ أتاهُمْ ساحِباً | فوق الإكامِ ذيولَ كلَّ برودِ |
غصانَ من خيلٍ به فوارسٍ | ملآنَ من عُدَدٍ لهُ وعديدِ |
ردوا رؤساً كنَّ فيه منيعة ً | بالضَّرب بينَ مُشجَّجٍ وحَصيدِ |
ومتَى استَرَبْتَ بنَجْدتي في خُطَّة ٍ | فمِنَ الطَّعانِ أوِ الضِّرابِ شهودِ |
خُذها فما تسطيعُ تَدفعُ إنَّها | في الغاية ِ القُصوى منَ التَّجويدِ |
مالاكها من شاعرٍ حنكٌ ولا | أفضَى إليها ذهنُ كلِّ مُجيدِ |
غرّاءَ لو تُليتْ على ظُلَمِ الدُّجَى | شابتْ لها لممُ الرجالِ السودِ |
ينسيك نظمٌ حيك بين كلامها | نَظْمَ الثُّغورِ ونَظْمَ كلِّ فريدِ |
ليسَ الّذي اعتسفَ القريضَ بشاعرٍ | و إذا أصابَ فليس بالمحمود |
و إذا التوى الكلمُ الفصيحُ على امرئٍ | يوماً فأحرارُ الكلامِ عبيدي |
و إذا أردتَ تعافُ ما سطر الورى | فاسمعْ قصيدي تارة ً ونشيدي |