العمل الصالح بعد رمضان
مدة
قراءة المادة :
3 دقائق
.
العمل الصالح بعد رمضانإن كنتَ في وقت صيام رمضان قد تركتَ الحلال من أجل الله تعالى، من أكل وشرب وجماع؛ فإنك لا شك تستطيع أن تمسك عليك لسانك؛ فتترك المحرَّمَ من غيبة ونميمة وبهتان وزور سائر أيامك.
وإن كنتَ قد صُمْتَ عن الطيبات أثناء صيامك، فإنك قادر بلا ريب على أن تصوم عن المحرماتِ من دخان ومُسكِر ومخدِّر، حين تفطر.
وإن صامت بطنك عن الأكل والشرب، وصامت شهوتك عن المباح في رمضان، فبوسع جوارحك أن تصوم عن المحرمات بعد رمضان؛ فلا تنظرُ إلى الحرام، ولا تسمع ما يغضب الله، ولا تذهبُ إلى ما يسخطه، ولا تأتي ما يكرهه سبحانه.
وإن جاهدتَ نفسك لتتخلَّق بالأخلاق الحسنة الحميدة في رمضان، فلا يصعب عليك أن ترتقي بعد رمضان في مدارج الأخلاق حتى تصبح دماثة الخُلق سمة ملازمة لك، و(إنما الحِلْم بالتحلُّم)[1] كما في الحديث الشريف.
وإن داومتَ على الصلوات المفروضة والنوافل في المساجد في رمضان، فلا يتعسَّر عليك أن تداوم عليها بعد رمضان؛ حتى يصبح قلبك معلقاً بالمساجد، وتصبح الصلاة قرةَ عينك كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وإن أكثرت من الطاعات والقربات في رمضان، من بر والدين، وصدقة، وصلة أرحام، وغيرها، فليس هناك ما يمنعك من المداومة عليها بعد رمضان؛ لتكون ديدنك ودأبك حتى تلقى ربك.
وإن استقمت في رمضان على الجادة، فلا يشق عليك أن تستقيم على الصراط المستقيم بعد رمضان؛ حتى تكون ربانيًّا يعبد الله في سائر الشهور، وليس رمضانياً يعبد الله في رمضان، ثم ينتكس في بقية الشهور.
إذن؛ ليكن شعارنا المرفوع: أننا نستطيع التغيير - بإذن الله تعالى - بعد رمضان، كما استطعنا التغيير في رمضان، وأن يكون رمضان بداية لمرحلة جديدة يكون الواحد منا فيها أقربَ وأحبَّ إلى ربه جلَّ وعلا، وأكثرَ حرصاً على مرضاته سبحانه، واتباع نبيه عليه الصلاة والسلام؛ فلنبدأ مستعينين بالله، ولنعلم أن الله يعين من استعان به وناده، وينصر من استنصره، وأن من صدق اللهَ صدقه.
[1] رواه الطبراني وغيره، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (342).