يا طيفُ أَلاَّ زُرتَنا بسَوادِ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
يا طيفُ أَلاَّ زُرتَنا بسَوادِ | لما " تصرعنا " حيالَ الوادي |
ما كانَ ضرَّك والوُشاة ُ بمعزِلٍ | عنا جميعاً لو طرقتَ وسادي ؟ |
والرّيُّ فيكَ وقد صَدَدْتَ فقل لنا | - منا علينا - كيف ينقعُ صادِ ؟ |
من أجلِ أنّكَ تَسْتَبينُ على الكَرى | أهوى الرقادَ ولاتَ حين رقادِ |
و الحبُّ داءٌ في القلوبِ سقامهُ | خافٍ على الرُّقباءِ والعُوّادِ |
يا زورة ً من باخلٍ " بلقائهِ " | عجلتْ عطيتهُ على الميعادِ |
تركَ البياضَ لآمنٍ وأتى بهِ | فَرَقَ الوشاية ِ في ثيابِ حدادِ |
ولقد طرقتُ الخدْرَ فيه عقائلٌ | ما قِلْنَ إلاّ في ضميرِ فؤادي |
لمّا وردتُ خيامَهُنَّ سَقَينني | من كلَّ معسولِ الرضاب برادِ |
و مخضبِ الأطرافِ صدّ بوجههِ | لما رأى شيبي مكانَ سوادي |
و الغانياتُ لذي الشبابِ حبائبٌ | و إذا المشيبُ دنا فهنّ أعادِ |
شعرٌ تبدل لونهُ فتبدلتْ | فيهِ القلوبُ شَناءَة ً بودادِ |
لم تَجنِهِ إِلاّ الهمومُ بِمَفْرَقي | و يخال " جاء به مع الميلادِ " |
ولقد تكلَّفني الوشاة ُ وأَفرجوا | عن جامحٍ متصاممٍ متمادِ |
يلحَى العذولُ، وتلكَ منه سَفاهة ٌ | وفؤادُه في الحبِّ غيرُ فؤادي |
حتى كأنّ له صلاحي في الهوى | دون الخلائقِ أو عليه فسادي |
من مبلغٌ ملكَ الملوكِ رسالة ً | مِنْ رائحٍ بثنائهِ أو غادِ؟ |
كم زارني وأنا البعيدُ عن الندى | منْ سيبِ كفكَ من لهاً وأيادِ |
عفواً كماانخرقَتْ شآبيبُ الحَيا | مِن غيرِ إبراقٍ ولا إرعادِ |
نِعَمٌ غلبْنَ على المزيدِ فما تَرى | طَمعاً يجاوِزُهُنَّ للمُزْدادِ |
لمّا كَثُرنَ عليَّ منك تبرُّعاً | وتفجُّراً كثَّرنَ مِن حُسَّادي |
كنتُ المشمرَ قبلها ولبستها | فمشيتُ فيها " ساحباً أبرادي " |
متأطراً أشراً كزعزعة ِ الصبا | أفنانَ فرعِ الأيكة ِ الميَّادِ |
و لأنتَ يا ملك الورى في معشرٍ | طالوا مدى الأنجادِ والأمجادِ |
فاتوا الأنامَ وحَلَّقوا في شاهقٍ | عالٍ على الأعلامِ والأطوادِ |
لا يتركون ذُرى الأسرَّة عزَّة ً | إلاّ إذا رَكبوا ظهورَ جيادِ |
قومٌ إذا اشتجر القنا ورأيته | كالغابِ كانوا فيه كالآسادِ |
وإذا مضتْ عَرَضاً أحاديثُ الوغَى | قَلِقَتْ سيوفُهُم من الأغمادِ |
الضاربينَ القرنَ وهْوَ مُصمِّمٌ | بصوارمٍ بيضِ المتونِ حِدادِ |
و الحاطمينَ غداة َ كلَّ كريهة ٍ | في الدَّارعينَ صدورَ كلِّ صِعادِ |
و الراسخين وهضبُ يذبلَ طائشٌ | " والمقفرين " مكامن الأحقادِ |
" وتراهمُ " كرماً خلالَ نعيمهمْ | مُتَنصِّتين إلى غياثِ مُنادِ |
سَعدَتْ بطالِعكمْ وبارك ربُّكمْ | فيما حَوى واديكُمُ مِن وادِ |
ففناؤه مجنى المكارم واللها | و مجاثمُ الطلابِ والروادِ |
للهِ درك نصبَ عورة ِ حادثٍ | حدباً ترامى دونها وترادى |
والخيلُ دامية ُ الجلودِ كأنَّما | لُطِخَتْ على أجسادِها بجِسادِ |
في ظهرِ روعاءِ الفؤادِ كأنها | نجمٌ تهور أوْ شرارُ زنادِ |
و القومُ أعناقٌ بغيرِ كواهلٍ | حصدتْ وأجسامٌ بغير هوادِ |
أمّا القلوبُ فهنَّ فيكَ أصادِقٌ | و لمن سواك مصادقٌ ومعادِ |
ألفتهنَّ على الندى فتألفتْ | بدداً على الإثناءٍ والإحمادِ |
و أنا الذي واليتُ فيك مدائحاً | كالشّمسِ طالعة ً بغيرِ بلادِ |
يترنمّ الخالي بهنّ وربما | وَنَتِ الرِّكابُ فكنَّ حَدْوَ الحادي |
يا لَيْتَهُنَّ عُرِضْنَ عندكَ من يدي | و سمعنَ حين سمعنَ من إنشادي |
فامْنُنْ بتقريبٍ إليك أفُزْ بهِ | يا مالكَ التَّقريبِ والإبعادِ |
فالخطّ عندك " عصمتي " ووثيقتي | و الرأيُ منك ذخيرتي وعتادي |
و أحقُّ بالإدناءِ من حجراتكمْ | كلفٌ يوالي فيكمُ ويعادي |
أنتمْ ملاذي في الخُطوبِ وأنتُمُ | إنْ زلَّ بالمكروهِ منه عِمادي |
أوْ سعتمُ لما نزلتُ بكمْ يدي | وأَطبْتُمُ لمّا أضَفْتُمْ زادي |
وأَريتموني بالمكارمِ أنَّني | لم أدرِ كيفَ خلائِقُ الأجوادِ |
" سبلٌ " من الأباءِ لما غيبوا | في الأرض عنه أقامَ في الأولادِ |
فاسلمْ لنا ملكَ الملوكِ ولم تزلْ | تَبقَى على الدُّنيا بغيرِ نَفادِ |
و اسعدْ بنيروزِ أتاك مبشراً | ببلوغِ كلِّ محبَّة ٍ ومُرادِ |
يمضي ويأتيك الزمان بمثلهِ | أبداً يلفُّ مَراوحاً بمغادِ |
لا رابَنا فيك الزَّمانُ ولم تَزَلْ | يَفْديكَ مِنّا كلَّ يومٍ فادِ |
في عزِّ مُلكٍ كالثُّريّا مُرتقًى | شَثِنِ المرائِرِ ثابتِ الأوتادِ |