أرشيف المقالات

علمني نبي الله يوسف عليه السلام

مدة قراءة المادة : 38 دقائق .
علمني نبي الله يوسف عليه السلام

عندما يُذكر اسم يُوسف - بصفة عامة - فإنه يُلقي في الذهن ظلال الجمال والعفة والأمانة والطهر والقدرة على تحمل المسؤولية وذلك تيمناً بنبي الله يوسف عليه السلام، فما بالنا إذا كنا نذكر الاسم بصفة خاصة قاصدين الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم جميعاً من الله تعالى السلام.
 
إن قصة نبي الله يوسف عليه السلام انفردت بميزة عن باقي قصص القرآن الكريم حيث أنها ذُكِرَت جُملة واحدة وفي سورة واحدة وليست مُوزعة على سُوَر القرآن الكريم كما حدث في باقي القصص.
ولقد سماها الله تعالى  ﴿ أَحْسَنَ الْقَصَصِ ﴾.
قال تعالى: ﴿ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ ﴾  [يوسف: 3].
أي: وإن كنت يا محمد من قبل أن نوحيه إليك لمن الغافلين عن ذلك، لا تعلمه ولا شيئا منه.
 
• عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: " أُنزل القرآنُ على رسولِ اللهِ، فتلا عليهم زمانًا، فقالوا: يا رسولَ اللهِ لو قصصتَ علينا، فأنزل اللهُ تبارك وتعالى: الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ إلى قولِه: نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ، فتلا عليهم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم زمانًا، فقالوا: يا رسولَ اللهِ! لو حدَّثْتَنا، فأنزل اللهُ: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا الآيةُ، كلُّ ذلك يُؤمَرُونَ بالقرآنِ.
قال خلادٌ: وزاد [ني] فيه آخرُ قالوا: يا رسولَ اللهِ! ذكِّرْنا، فأنزل اللهُ: أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوْا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ" (صححه الألباني).
 
• جاء في " أسباب النزول " للواحدي رحمه الله: " ملَّ أصحاب رسول الله ملة فقالوا: يا رسول الله، حدثنا، فأنزل الله تعالى: ﴿ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ ﴾ [الزمر: 23]، قال: ثم إنهم ملوا ملة أخرى، فقالوا: يا رسول الله، فوق الحديث، ودون القرآن - يعنون القصص - فأنزل الله تعالى: ﴿ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ ﴾ فأرادوا الحديث، فدلهم على أحسن الحديث، وأرادوا القصص، فدلهم على أحسن القصص.
 
• قال النسفي في سبب نزول هذه السورة: ان كفار مكة لقي بعضهم اليهود وتباحثوا في ذكر محمد صلى الله عليه وسلم فقال لهم اليهود: سلوه لم انتقل آل يعقوب من الشام إلى مصر؟ وعن قصة يوسف.
فنزلت.
 
• إن سورة يوسف هي من دلائل نبوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم فهي من أخبار الغيب السابقة التي أعلمه الله تعالى بها وحياً بكل تفاصيلها لتكون دلالة على صدق نبوته صلى الله عليه وسلم للناس إلى يوم القيامة.
 
أولاً: القصة في القرآن الكريم: جاء في كتاب " التصوير الفني في القرآن الكريم ": القرآن الكريم ليس كتاب قصص وإنما هو كتاب دعوة وتشريع فإذا جاء بالقصة فإنما يأتي بها في إطار الدعوة إلى الإيمان بالله وللإشارة إلى وحدة الدعوة على رغم تعدد الأنبياء واختلاف الأزمنة والأمكنة والأقوام وعلى رغم تطور التكاليف من دعوة إلى أخرى حتى اكتملت بالدعوة الإسلامية التي بلغها نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عيه وسلم ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً ﴾ [المائدة: 3] وهكذا ينبغي أن يكون النظر إلى القصة القرآنية مختلفاً عن النظر إلى القصة الأدبية فهي ليست للمتعة ولا للتذوق الأدبي المجرد ولا لفرض منهج نقدي عليها أياً كان هذا المنهج لأن القصة القرآنية فريدة في طابعها وغايتها وتكوينها.
 
• وجاء في كتاب "التربية في القصص القرآني": القصة في القرآن ليست عملاً فنياً مستقلاً في موضوعه وطريقة عرضه وإدارة حوادثه - كما هو الشأن في القصة الفنية الحرة، التي ترمي إلى غرض فني طليق - إنما هي وسيلة من وسائل القرآن الكريم الكثيرة إلى أغراضه الدينية.
والقرآن دعوة دينية قبل كل شيء؛ والقصة إحدى وسائله لإبلاغ هذه الدعوة وتثبيتها.
شأنها في ذلك شأن الصور التي يرسمها القرآن للقيامة وللنعيم والعذاب، وشأن الأدلة التي يسوقها على البعث وعلى قدرة الله، وشأن الشرائع التي يفصلها والأمثال التي يضربها...
إلى آخر ما جاء في القرآن من موضوعات.
 
• وقد خضعت القصة القرآنية في موضوعها، وفي طريق عرضها، وإدارة حوادثها، لمقتضى الأغراض الدينية؛ وظهرت آثار هذا الخضوع الكامل للغرض الديني، ووفاءها بهذا الغرض تمام الوفاء، لم يمنع بروز الخصائص الفنية في عرضها.
ولاسيما خصيصة القرآن الكبرى في التعبير.
وهي التصوير.
 
إن التعبير القرآني يؤلف بين الغرض الديني والغرض الفني، فيما يعرضه من الصور والمشاكل.
بل أنه يجعل الجمال الفني أداة مقصودة للتأثير الوجداني، فيخاطب حاسة الوجدان الدينية، بلغة الجمال الفنية.
والفن والدين صنوان في أعماق النفس وقرارة الحس.
وإدراك الجمال الفني دليل استعداد لتلقي التأثير الديني، حين يرتفع الفن إلى هذا المستوى الرفيع، وحين تصفو النفس لتلقي رسالة الجمال.
 
• وجاء في كتاب "التربية في القصص القرآني" أيضاً: سيقت القصة في القرآن الكريم لتحقيق أغراض دينية بحتة منها، إثبات الوحي والرسالة، وإثبات وحدانية الله تعالى، وتوحد الأديان في أساسها، والإنذار والتبشير، ومظاهر القدرة الإلهية، وعاقبة الخير والشر، والعجلة والتريث، والصبر والجزع، والشكر والبطر، وكثير غيرها من الأغراض الدينية، والمرامي الخلقية، قد تناولته القصة، وكانت أداة له وسبيلاً إليه.
 
ثانياً: لم سُمِّيت قصة يوسف عليه السلام (أحسن القصص)؟
اختلف العلماء لم سُمِّيت قصة يوسف عليه السلام (أحسن القصص) على عدة آراء:-
• جاء في التحرير والتنوير لابن عاشور - رحمه الله - قال: ...
وجعل هذا القصص أحسن القصص لأن بعض القصص لا يخلو عن حُسن ترتاح له النفوس.
وقصص القرآن أحسن من قصص غيره من جهة حُسن نظمه وإعجاز أسلوبه وبما يتضمنه من العِبر والحِكم، فكل قصص في القرآن هو أحسن القصص في بابه، وكل قصة في القرآن هي أحسن من كل ما يقصه القاص في غير القرآن.
وليس المراد أحسن قصص القرآن حتى تكون قصة يوسف - عليه السلام - أحسن من بقية قصص القرآن كما دل عليه قوله: بما أوحينا إليك هذا القرآن.
والباء في " بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ " للسببية متعلقة بـ نَقُصُّ، فإن القصص الوارد في القرآن كان أحسن لأنه وارد من العليم الحكيم، فهو يوحِي ما يعلم أنه أحسن نفعاً للسامعين في أبدع الألفاظ والتراكيب، فيحصل منه غذاء العقل والروح وابتهاج النفس والذوق مما لا تأتي بمثله عقول البشر.
أ هـ.
 
• وقيل: إن قصة يوسف عليه السلام تنفرد من بين قصص القرآن باحتوائها على عالم كامل من العِبَر والحِكَم.
 
• وقيل: لأن يوسف تجاوز عن إخوته وصبر عليهم وعفا عنهم.
 
• وقيل: لأن فيها ذِكر الأنبياء والصالحين، والعفة والغواية، وسير الملوك والممالك، والرجال والنساء، وحيل النساء ومكرهن، وفيها ذكر التوحيد والفقه، وتعبير الرؤيا وتفسيرها، فهي سورة غنية بالمشاهد والانفعالات.
 
• وقيل: إنها سُمِّيَت أحسن القصص لأن مآل من كانوا فيها جميعاً كان إلى السعادة.
• ولقد ذُكر اسم يوسف عليه السلام في القرآن الكريم 27 مرة، منها 25 مرة في "سورة يوسف" ومرة في "سورة الأنعام" وأخرى في "سورة غافر".
 
ثالثاً: بعض الأحاديث النبوية التي وردت في ذكر نبي الله يوسف عليه السلام:
1- عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الكريمُ، ابنُ الكريمِ، ابنِ الكريمِ، ابنِ الكريمِ، يوسفُ بنُ يعقوبَ بنِ إسحاقَ بنِ إبراهيمَ عليهم السَّلامُ " (رواه البخاري).
 
2- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ الكريمَ ابنَ الكريمِ ابنِ الكريمِ ابنِ الكريمِ، يوسفُ بنُ يعقوبَ بنِ إسحاقَ بنِ إبراهيمَ خليلِ الرَّحمنِ وقالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: لوْ لَبِثْتُ في السِّجْنِ ما لَبِثَ يوسُفُ، ثمَّ جاءني الداعي لأجَبتُه، إذ جاءه الرسولُ، فقال: ارجعْ إلى ربِّك، فاسأله ما بالُ النِّسْوةِ اللَّاتِي قَطَّعن أيدِيَهُنَّ، إِنَّ ربِّي بكَيْدِهِنَّ عليمٌ، ورَحْمَةُ اللهِ على لوطٍ، إِنْ كانَ لَيَأْوِي إِلى رُكْنٍ شديدٍ، إِذ قال لقومِه: لو أَنَّ لي بكم قُوَّةً، أو آوي إلى رُكْنٍ شديدٍ، وما بعث اللهُ من بعدِه من نَبِيٍّ إِلا في ثَروَةٍ مِنْ قومِه " (رواه أحمد).
 
3- عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أُعطِيَ يوسفُ شَطرَ الحُسنِ " (صحيح الجامع).
 
4- عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أُعطِيَ يوسفُ و أمُّه شَطرَ الحُسنِ " (صحيح الجامع).
 
5- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: " سُئِل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أيُّ الناسِ أكرَمُ؟ قال: (أكرَمُهم عِندَ اللهِ أتقاهم).
قالوا: ليس عن هذا نَسأَلُك، قال: (فأَكرَمُ الناسِ يوسُفُ نبيُّ اللهِ، ابنُ نبيِّ اللهِ، ابنِ نبيِّ اللهِ، ابنِ خليلِ اللهِ).
قالوا: ليس عن هذا نَسأَلُك، قال: (فعن مَعادِنِ العربِ تَسأَلونَني).
قالوا: نعمْ، قال: (فخِيارُكم في الجاهليةِ خِيارُكم في الإسلامِ، إذا فَقُهوا) (رواه البخاري).
 
6- عن أبي موسى الأشعري عبدالله بن قيس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أَعجِزتُم أن تكونوا مثلَ عجوزِ بني إسرائيلَ؟ فقال أصحابُه: يا رسولَ اللهِ و ما عجوزُ بني إسرائيلَ؟ قال: إنَّ موسى لما سار ببني إسرائيلَ من مصرَ، ضَلُّوا الطريقَ، فقال: ما هذا؟ فقال علماؤهم نحن نُحَدِّثُك: إنَّ يوسفَ لما حضره الموتُ أخذ علينا مَوثِقًا من اللهِ أن لا نخرُجَ من مصرَ حتى ننقِل عظامَه معنا، قال: فمن يعلمْ موضعَ قبرَه؟ قالوا ما ندري أين قبرُ يوسفَ إلا عجوزًا من بني إسرائيلَ، فبعث إليها، فأتَتْه، فقال دُلُّوني على قبرِ يوسفَ، قالت لا و الله لا أفعلُ حتى تُعطِيَني حُكمي، قال: و ماحُكمُكِ؟ قالت أكونُ معك في الجنَّةِ، فكره أن يُعطِيَها ذلك، فأوحى اللهُ إليه أن أَعطِها حكمَها، فانطلقَتْ بهم إلى بُحَيرةٍ، موضعَ مُستَنْقَعِ ماءٍ، فقالت: انضِبوا هذا الماءَ، فأَنضبوا، قالت احفِروا و استخرِجوا عظامَ يوسفَ، فلما أقلُّوها إلى الأرضِ، إذ الطريقُ مثلُ ضوءِ النَّهارِ " (صححه الألباني في السلسلة الصحيحة وقال: إسناده صحيح على شرط مسلم).
 
7- عن علقمة عَن عبدِ اللَّهِ قالَ: " الفَتَيانِ اللَّذانِ أتَيا يوسُفَ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ في الرُّؤيا إنَّما كانا تَكاذَبا فلمَّا أوَّلَ رؤياهُما قالا: إنَّا كنَّا نلعَبُ، قالَ يوسُفُ: قُضِيَ الأمرُ الَّذي فيهِ تَستَفتِيانِ " (رواه الحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين).
 
• عن ابن عباس رضي الله عنه: " أن طائفة من اليهود حين سمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلو هذه السورة أسلموا لموافقتها ما عندهم ".
 
• قال خالد بن معدان: سورة يوسف وسورة مريم يتفكه بهما أهل الجنة في الجنة.
 
• قال ابن عطاء: لا يسمع سورة يوسف محزون إلا استراح إليها.
 
• جاء في تفسير بن كثير: وقال إخوة يوسف لما رأوا الصواع قد أخرج من متاع بنيامين " إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ " يتنصلون إلى العزيز من التشبه به، ويذكرون أن هذا فعل كما فعل أخ له من قبل، يعنون به يوسف عليه السلام.
قال قتادة:"كان يوسف عليه السلام قد سرق صنماً لجده أبي أمه فكسره".
 
رابعاً: تعلمت من سورة يوسف:
لسهولة التناول سأذكر هنا الدروس المستفادة من السورة إجمالاً ثم أتبعها بالدروس المستفادة من حياة نبي الله يوسف عليه السلام وذلك لكي نستقي منها الزاد والعظات والعبر.
 
1- تعلمت من سورة يوسف أن ما جاء به الأنبياء إنما نزل من مِشكاة واحدة ويُعزز بعضه بعضاً، فقصة نبي الله يوسف عليه السلام كانت دليلاً على صدق نبوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
 
2- تعلمت من سورة يوسف أن النفس البشرية تحتاج من وقت لآخر إلى الترويح الذي يخفف عنها تعب الحياة وكدرها لتعود صافية نقية متجددة لجولة أخرى من جولات الحياة ولذلك طلب الصحابة رضوان الله عليهم من النبي صلى الله عليه وسلم أن يقص عليهم.
 
3- تعلمت من سورة يوسف أن المخطئ كثيراً ما يلجأ إلى تبرير سوء فعله ليهرب من تأنيب الضمير ولذلك عاب أخوة يوسف على أبيهم حبه ليوسف قائلين ﴿ مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ ﴾ ثم رادوا ﴿ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ ﴾.
 
4- تعلمت من سورة يوسف أن البكاء وحده لا يكون مبرراً للتعاطف والرحمة والمسامحة فالظالم أسهل ما عليه أن يُطلق دموعه مدراراً.
 
5- تعلمت من سورة يوسف أن هناك من الناس من يُجيد التلون وتغيير الأقنعة وإظهار عكس ما يُضمر بداخله.
 
6- تعلمت من سورة يوسف ﺃﻥ هناك من بين ﺍﻟﻨﺎﺱ من ﻳﻜﺮﻫﻮﻧﻨﺎ ﻟﻤﺰﺍﻳﺎﻧﺎ ﻭﻟﻴﺲ ﻟﻌﻴﻮﺑﻨﺎ غيرة منهم وحسداً.
 
7- تعلمت من سورة يوسف أننا لا نستطيع دائماً حماية من نحب، ولكننا نعرف من يحفظ من نحب فندعوه سبحانه أن يحفظهم ويسدد خطاهم وأن يقيل عثراتهم وأن يجنبهم كيد الكائدين ومكر الماكرين.
 
8- تعلمت من سورة يوسف أننا من الممكن أن نسلم من الخطر الجلل ونؤتى من مأمن بل ممن نتقوى بهم.
 
9- تعلمت من سورة يوسف أن الشر له درجات متفاوتة وأن هناك من أهل الشر المجرمين وأكابر المجرمين.
 
10- تعلمت من سورة يوسف ألا أبوح بما يحزنني لمن هو ليس أهل لذلك فأكون بذلك قد أهديته السلاح الذي يقضي عليَّ به.
 
11- تعلمت من سورة يوسف أنه مهما تذاكى المجرم أو تفنن في إخفاء جريمته فلابد من أن يفوته ما يفضح أمره ويهتك ستره.
 
12- تعلمت من سورة يوسف أن الشيء الواحد قد يحمل في طياته متناقضات عديدة وأن العبرة تكون في طريقة استعماله.
 
13- تعلمت من سورة يوسف أن الزمان يتقلب والدنيا لا أمان لها فقد يُصبح المرء عزيزاً في أهله ويُمسي سلعة تباع وتشترى بأبخس الأثمان.
 
14- تعلمت من سورة يوسف وضع اللفظ المناسب في المكان المناسب حيث قال تعالى: ﴿ وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً...
﴾ فكل لفظ (امرأته) في القرآن الكريم دل على عدم التوافق وعدم التكافؤ بين الرجل وامرأته.
قال تعالى: ﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ * وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ [ التحريم: 10-11]  بخلاف لفظ (زوجه) حيث قال تعالى: ﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ﴾ [الأنبياء: 90].
 
15- تعلمت من سورة يوسف أن كل عسى في القرآن الكريم مُجبة لما بعدها.
قال تعالى: ﴿ وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا..
﴾ وبالفعل كان يوسف عليه السلام نافعاً لهم بل لمصر كلها.
قال تعالى: ﴿ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً...
﴾ وبالفعل رد الله تعالى إلى يعقوي عليه السلام ولديه.
 
16- تعلمت من سورة يوسف ألا أحمل المسئولية والأمانة إلا لمن يستحقها ولمن لديه المؤهلات والإمكانيات التي تعينه على تحمل تبعاتها وعلى أدائها كما ينبغي.
 
17- تعلمت من سورة يوسف أنه مهما تشابهت المظاهر فلا يعلم ما تكنه الصدور إلا الله تعالى، فيوسف عليه السلام يجري ليهرب وامرأة العزيز تجري لتمسك به، هذا يهرب من الفاحشة وهذه تصر على الفاحشة.
 
18- تعلمت من سورة يوسف أن المرأة إذا تمكن الحب من قلبها لا تنساه ولا تتمنى السوء لمن أحبته، فامرأة العزيز قد امتلأ قلبها بحب يوسف ولذلك تعجلت بإملاء العقوبة واختارت له السجن أو العقاب الأليم ولم تختار قتله.
 
19- تعلمت من سورة يوسف أنه بالرغم من أهمية العلم الدنيوي ولكن تبقى الميزة والكفة الراجحة لما يفتح الله تعالى به على العبد فترجح كفة القلب على كفة العقل وتحصيل الكمال في كليهما من أصل الدين.
 
20- تعلمت من سورة يوسف أن السجن يحوي بين جدرانه الكثير من المظلومين والمستضعفين الذين يلجأ الظالم إلى تغييبهم لكي لا يذيع صيتهم أو لكي لا يذكرون الظالم بما بدر منه من سوء.
وهؤلاء إذا ظلمهم العباد فإن ناصرهم هو رب العباد.
 
21- تعلمت من سورة يوسف مجتمع النساء حينها كان يعج بالفاحشة فلم تعب النسوة على امرأة العزيز أنها أرادت أن تأتي الفاحشة بل عابوا عليها أنها أرادت أن تأتي الفاحشة مع (فتاها - خادمها).
 
22- تعلمت من سورة يوسف أن الصراع بين الحق والباطل بدأ مع بدء الخليقة ولن ينتهي إلا بانتهاء الخليقة تتغير الأشخاص والأدوار والوسائل ولكن حقيقة الصراع واحدة.
وأن الحق لا ينتهي بهلاك صاحبه ولا الباطل ينتهي بهلاك صاحبه فوراء كل صاحب حق من يحمل لوائه ووراء كل صاحب باطل من يحمل لوائه وأن هذه هي سنة الله تعالى في خلقه.
 
23- تعلمت من سورة يوسف أن قدر الله غالب لا محالة وأن جنود الله تعالى لا يعلمها إلا هو فلولا " الحلم " الذي رآه عزيز مصر ما خرج يوسف من السجن.
 
24- تعلمت من سورة يوسف أن حنان الأبوة جارف عميق فلم ينسى يعقوب عليه السلام ابنه الصغير ولم يفقد ثقته بربه بل وجد ريح يوسف قبل أن يصله القميص.
 
25- تعلمت من سورة يوسف أن العدل بين الأبناء واجب شرعي وإن زادت العاطفة في القلب فلابد وأن نخفيها ولا نترجمها لسلوك ظاهر حتى لا نوغر الصدور ونولد الأحقاد، ولقد جعل الله تعالى ما حدث بين يوسف وإخوته درساً عملياً للآباء إلى يوم القيامة.
 
26- تعلمت من سورة يوسف ألا أشكوا همي وحزني إلا إلى الله تعالى فهو وحده القادر على سماع النجوى وكشف البلوى أما البشر فمنهم من يشمت ومنهم من يغتاب ومنهم من يزيدك هماً على همك.
 
27- تعلمت من سورة يوسف أن المُحب لا ينسى والجوى لا ينتهي والموصول بالله تعالى لا ييأس ولا ينقطع رجاؤه.
 
28- تعلمت من سورة يوسف أن للفراق لوعة تهد الجسد هداً وللقاء فرحة تعيد للجسد نضارته وشبابه.
 
29- تعلمت من سورة يوسف أنا عطايا القلب أثمن من عطايا اليد وبها يتمايز الناس ويتفاضلون.
 
30- تعلمت من سورة يوسف أن ما هو سبب حزنك اليوم قد يكون هو نفسه - بقدرة الله تعالى - سبب سعادتك في الغد.
 
31- تعلمت من سورة يوسف أن لغة الخطابُ قد تتغيُّر بتغير المصالحِ وتغير الأحوال.
 
32- تعلمت من سورة يوسف أن الذنب ينغص على فاعله حياته مهما طالت السنين ولذلك نجد أن أخوة يوسف عليه السلام قالوا ﴿ سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ ﴾ لأنهم لم ينسوا فعلتهم التي فعلوها مع يوسف عليه السلام من قبل وأنه ليس من السهل أن يقنعوا أباهم بالتفريط في ابنه الآخر.
 
33- تعلمت من سورة يوسف أن جرح فقدان الأبناء لا يندمل مهما طال الزمان، فهذا نبي الله يعقوب عليه السلام يقول: ﴿ قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ...
[يوسف: 64].
 
34- تعلمت من سورة يوسف أن ألم عقوق الأبناء للآباء لا ينسى بسهولة، فعندما طلب أبناء يعقوب عليه السلام منه أن يستغفر لهم ﴿ قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّيَ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ فربما أجل الاستغفار لحين تمام الصفح وشفاء ما في صدره نحوهم وربما لاختيار الوقت المناسب والمكان المناسب لاستجابة الدعاء.
 
35- تعلمت من سورة يوسف أن الداعية ما عليه سوى الاجتهاد والأخذ بأسباب هداية المدعوين إنما الهداية فهي بيد الله تعالى وحده حيث خوطب النبي صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى: ﴿ وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ﴾ [يوسف: 103 ].
• هذا ما تعلمته من سورة يوسف بما فتح الله تعالى عليَّ به وبما لدي من فهم قاصر وجهد متواضع وكلي يقين أن هذا هو غيض من فيض أسرار السورة الكريمة.
 
خامساً: تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام:
1- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام كيف أخطط لكل صغيرة وكبيرة في حياتي فمن يفشل في التخطيط فهو يخطط للفشل والعمل الارتجالي لا يُؤتي ثماره.
• خطط نبي الله يوسف عليه السلام كيف يُظهر براءته مما نسبته إليه امرأة العزيز وكان له ذلك.
• خطط نبي الله يوسف عليه السلام لكي يكون أميناً على اقتصاد مصر لأنه عليه السلام رأى في نفسه القدرة والأهلية وكان له ذلك.
• خطط نبي الله يوسف عليه السلام كيف يستقدم أخاه إلى مصر وكان له ذلك.
• خطط نبي الله يوسف عليه السلام كيف يستبقي أخاه معه في مصر وكان له ذلك.
• خطط نبي الله يوسف عليه السلام كيف يستقدم والديه إليه في مصر وكان له ذلك.
 
2- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام التحدث بنعمة الله تعالى مع الثقات ومع من يُقدِّرون ذلك ويعينونني على شكر النعمة.
 
3- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام أن أستشير في خصوصياتي من هم أهل الثقة والحكمة.
 
4- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام أن أوقر أهل الثقة والحكمة وأن أنفذ نصيحتهم اختصاراً للوقت والجهد واستفادة من خبرتهم وتجاربهم في الحياة.
 
5- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام العفة والأمانة وصيانة الأعراض.
 
6- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام الاستعانة بالله تعالى في كل أموري وطلب العون على عقبات الحياة ومشكلاتها فالإنسان ضعيف بنفسه قوي بربه.
 
7- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام الصبر على المعصية.
8- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام الصبر على الطاعة.
9- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام الصبر على قدر الله تعالى وابتلائه.
10- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام الأخذ بالأسباب حتى وإن بدى لي انقطاع الأسباب.
11- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام أن أدافع عن نفسي وأقدم حُجتي مهما كان بطش من هم حولي.
 
12- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام أن الطاهر العفيف ربما يدفع ثمن طُهره وعفافه سجناً وألماً وغُصة، لأنه رفض الوقوع في أوحال الخيانة ولم يقبل الدنية في دينه ولا في نفسه.
 
13- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام أن أرض الله تعالى مهما ضاقت فكل شبر فيها يصلح لكي يكون محراب عبادة وميدان دعوة.
 
14- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام ألا أساوم على شرفي ولا على سُمعتي وألا أقبل الهبة التي تنتقص منهما.
 
15- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام ألا أنتظر الفرج إلا من الله تعالى وألا أرجع الفضل إلا لله تعالى أولاً وأخيراً.
 
16- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام أنه مهما طال ليل الظلم فلابد من طلوع النهار ومهما أحكم الباطل تدبيره فإن تدبير الله تعالى لا يُغلب وأنه سبحانه يتولى الصالحين.
 
17- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام أن أعاتب من أساء إليَّ وأجلي له حقيقة موقفي وأفند حُجته.
 
18- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام أن المؤمن لا يُصطفى لا يُمَكَّن له حتى يُبتلى وأن ابتلائه يكون على قدر دينه.
 
19- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام أن الحق هو ما شهد به الأعداء حيث شهد له عزيز مصر وشهد له رفقاء السجن وشهدت له النسوة وشهدت له امرأة العزيز.
 
20- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام أن أعرض خبراتي وإمكانياتي وأبادر بالمساعدة وأن أكون إيجابياً وأن يتساوى عندي تلبية طلبي مع رفضه لأن ما أطلبه هو من باب التكليف لا التشريف فإن قُبِلَ أطلب العون عليه من الله تعالى وإن رُفِضَ أحمد الله الذي عافاني من مشقته.
 
21- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام تغليب العقل على العاطفة وتغليب الشرع على العقل وأنه بالصبر واليقين يكون التمكين.
 
22- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام أن الأخذ بالأسباب لا يمنع من وقوع قدر الله تعالى، ولكننا أمرنا أن نأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء، وأن نتوكل على الله وكأن الأسباب لا شيء فكلاهما كجناحي الطائر وهو لا يسلم إلا بوجودهما وصحتهما.
 
23- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام ألا أحتكم إلا إلى شرع الله تعالى ولا أعترف بقول " الغاية تبرر الوسيلة " فالوصول للغايات المشروعة لا يكون إلا بوسائل مشروعة.
 
24- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام أنه على كل قيادي أو صاحب مكانة أو سلطان أن يرفع شعار (لا عقوبة إلا لمن يستحق العقوبة)، وأن يحتكم للقاعدة الشرعية التي تؤكد على أنه ﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾ [الأنعام: 164].
 
25- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام أن المظلوم منصور لا محالة مهما طال به الزمن طالما عمل بمقتضيات الصبر وحسن الظن بالله تعالى وفوض أمره لله تعالى وحده.
 
26- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام أن الله تعالى إذا أراد أمرًا، هَيّأ له أسبابه، وأزال عواقبه، وقدر أوقاته، وأتمّهُ.
 
27- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام أن تأويل الرؤيا لا يتحقق على التو ولكن قد يتحقق بعد عدة سنوات.
 
28- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام أن التجاهل والتعالي على سفاسف الأمور من شيم الكرام.
 
29- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام أن الهدوء والتريث والكتمان أقصر الطرق لتحقيق المُراد.
 
30- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام ألا أسيء استعمال السلطة ولا المكانة والمنصب فالقدوات يترفعون عن الانتقام وتصفيه الحسابات.
 
31- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام أن أراعي مشاعر من أمامي حتى ولو كانوا قد أساءوا إليَّ فما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه.
 
32- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام أن البريء هادئ الطبع ساكن الفؤاد لا يكذب ولا يحلف ولا يُبرر.
 
33- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام البساطة في الخطاب ولين الجانب وخفض الجناح وخاصة مع الأهل والأرحام وكل تقي كريم يستحق مني ذلك.
 
34- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام أن بعض الناس قد يكرهوننا لمزايا وليس لعيوب، فمزايانا تذكرهم بعيوبهم ونقصهم.
 
35- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام أن الطعنة قد تأتيني ممن يقاسمني رغيفي ولا يشترط أن تأتيني من غريب أو من عدو.
 
36- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام أن المؤمن لا يعامل الناس بأخلاقهم ولكن بأخلاقه وورعه وتقواه.
 
37- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام أن قيمة المؤمن الحقيقية هي منزلته عند ربه وليست منزلته عند البشر.
 
38- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام أن الحر الشريف يعرف لكل صاحب فضل فضله، ولا ينكر الإحسان، ولا يعض يداً امتدت له بالخير، ولا يبصق في بئر شرب منه يوماً.
 
39- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام ﺃﻥ ﺍﻷﻣﺎﻧﺔ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻻ ﺗﻜﻮﻥ ﺇﻻ ﻣﻊ القدرة ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻴﺎﻧﺔ، ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻌﻔﺔ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻻ ﺗﻜﻮﻥ ﺇﻻ ﻣﻊ ﻗﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ إتيان الفاحشة وأن الحلم الحقيقي لا يكون إلا مع القدرة على الانتقام.
 
40- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻌﺼﻮﻡ ﻣﻦ ﻋﺼﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ تعالى، ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻤﻔﺘﻮﻥ ﻣﻦ تخلى الله تعالى عنه وﺗﺮﻛﻪ ﻟﺸﻬﻮﺍﺗﻪ، ﻭﺃﻥ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻣﻊ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ اليسر ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻌﻪ ﻓﻲ العسر.
 
41- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام أن الظاهر وإن تشابه فلا يعلم بواطن الأمور ومكنون الصدور إلا الله تعالى.
 
42- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام أن أقهر الأعذار ولا أتعلل بالظروف ولا أستسلم للأمر الواقع.
 
43- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام أنه لا ضيق مع رحمة الله تعالى، فالقصر مع الذنوب والمعاصي نزعت منه الرحمة فملأته الحيل والدسائس والمؤامرات فضاق بأهله وصار كالشوك القتاد، والسجن مع العفاف والإيمان والتقوى تداركته الرحمة فانفسح وصار واحة غناء.
 
44- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام أنه من ترك المعصية ابتغاء مرضاة الله أبدله الله تعالى إيماناً وجد حلاوته في قلبه.
 
45- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام أن الداعية إلى الله تعالى يدعوا إلى الله تعالى على مسار حياته ولا يتقلب بتقلب الظروف.
 
46- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام أن أحسن استغلال الأوقات التي يكون فيها المدعو مهيئاً للسماع والتأثر والاستجابة، فيوسف عليه السلام لم يجب رفقاء السجن على تأويل الرؤيا إلا بعد أن أرسى دعائم العقيدة ورسخها فيهم.
 
47- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام أن أستر ولا أفضح حيث قال: ﴿ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ ﴾ [يوسف: 50] ولم يقل ما بال زوجتك، إمعاناً في الستر على العاصي عسى أن أترك له باباً للتوبة ولا أعين الشيطان عليه.
 
48- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام أن الداعية لا يثأر لنفسه ولو صح ذلك لرفض يوسف عليه السلام أن يؤول رؤيا الملك ولبخل عليهم بالمشورة.
 
49- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام ﺃﻥّ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻳﻜﻮﻥ ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﻦ ﺳﻮﺀ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﻻ ﻣﻦ ﻗﻠﺔ ﺍﻟﻤﻮﺍﺭﺩ.
 
50- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام أن الابتلاء يكون بالشر ويكون بالخير وأن الدنيا عند العبد التقي يتساوى كدرها مع صفوها.
 
51- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام أن العفة ليست قاصرة على النساء؛ بل هي في الرجال أعظم.
 
52- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام أن العبد إذا اتقى الله تعالى جعل الله له من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب.
 
53- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام أن عفة اللسان من دلائل ورع القلب وعفة الفرج وباقي الجوارح.
 
54- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام ألا أنسب الفضل لنفسي ولو في أبسط الأمور فالفضل كله بيد الله تعالى ومشيئته.
 
55- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام أن أبر والديَّ وأن أحسن إليهما مهما ارتقيت من مناصب فالفضل لهما بعد الله تعالى.
 
56- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام أن الله تعالى عندما يأذن بحفظ عبده يريه من البراهين ما يثبت بها فؤاده فلا يذل ولا تنزلق قدماه ولا تستعبده الذنوب.
 
57- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام أن وعد الله تعالى لعبده واقع لا محاله مهما تباعد الزمن وطالت السنين.
 
58- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام أن من لجأ إلى الله تعالى استجاب له وحفظه ومن أحسن الظن بربه كان عند حسن ظن عبده ومن اتقى الله جعل الله له من أمره يُسراً.
 
59- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام أن المؤمن عليه أن ينشغل بمصيره الأخروي وأن يكثر من الدعاء لنفسه بالثبات وحسن الخاتمة وحسن المصير.
 
60- تعلمت من سورة يوسف ألا تشغلني تدابير البشر فأقصى ما سيفعلونه هو ما قدره الله لي وقدره سبحانه غالب وواقع لا محالة.
 
وختاماً:
هذا ما تعلمته من سورة يوسف ومن حياة نبي الله يوسف عليه السلام وذلك بما فتح الله تعالى عليَّ به في حدود ما لدي من فهم قاصر وجهد متواضع وكلي يقين أن هذا غيض من فيض من حياته عليه السلام وأنني لم أسبر الأغوار جيداً ولم أصل للأعماق ولم أكشف مِعشار المِعشار من أسرار السورة ولا من حياة نبي الله يوسف عليه السلام فأنى للثرى - ولمن هو أقل من الثرى - أن يصل للثريا ولكن يكفي أنني وضعت بداية يقتفي من هو أفضل مني أثرها ويسير على منوالها.
 
أدعو المولى عز وجل أن يتقبل مني هذا الجهد المتواضع وأن يجعله من العلم الذي يُنتفع به وأن يجعله لي وديعة عنده إلى يوم أن ألقاه إنه سبحانه ولي ذلك والقادر عليه.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

شارك الخبر

المرئيات-١