أرشيف الشعر العربي

كذا تكشفُ الغمّاءُ بعد ظلامها

كذا تكشفُ الغمّاءُ بعد ظلامها

مدة قراءة القصيدة : 4 دقائق .
كذا تكشفُ الغمّاءُ بعد ظلامها وتبرأ أوطانُ العلا من سقامها
وتغمدُ بيضُ الهندِ من بعد فجعها جُسومَ الكُماة ِ المُصْلِتين بِهامِها
وتُركَزُ سمرُ الهندِ من بعدِ خَرْقِها نحورَ العدا طعناً وفضِّ ختامها
وتَضحي رياضُ الحَزْنِ خُضْراً أريضة ً وقد رُويتْ كما اشتهتْ مِن غَمامِها
ويضحكُ وجهُ الخَطْبِ بعدَ عُبوسِهِ وتخمدُ نارُ الحربِ بعد اضطرامها
فيا رُكْنَ دينِ الله والعروة ُ الّتي كُفِينا بصُنْعِ اللهِ شَرَّ انفصامِها
هنيئاً بها من نعمة ٍ فاتتِ المنى فلم يبقَ للآمالِ غيرُ دوامها
وما قادها من بعد انْ أعيتِ الورى إليك سِوى ربِّ الورى من خِطامِها
فلم تكُ إلاّ عزمة ً منك فى التّقى كفَتْك منَ الأيّامِ سُوءَ اعتزامِها
دعوتَ لها مَن لا يخيبُ دعاؤُهُ فأرعاكَ منها مِنْ أجَلِّ مَسامِها
فكانَ ضَميناً بُعدُها بدُنُوِّها مكان كفيلاً صدعها بالتئامها
وما زلتُ أرجوها ومنتظراً لها كمنتظرٍ من حاملٍ لتمامِها
وكنتَ إذا ما حادثاتٌ تعرَّضَتْ رأيتَ جلاها من خلالِ قتامها
فكفكَفْتَ منها قبلَ حينِ طلوعِها وروَّأتَ فيها قبلَ وَشْكِ انهجامِها
فإنْ كنتَ قد قاسيتَ منها عظيمة ً فإنَّ العظيمَ مُبتَلى ً بعظامِها
فإن أجرمتْ فيك اللّيالي فقد أَتَتْ على عجلٍ منها بمحوِ اجترامها
وقد وادعتنا اليومَ فاغفر لها الذى مضَى من تجنِّيها وفَرْطِ عُرامِها
وداوتْ جروحاً من يَدَيها رغيبة ً وعَفَّتْ نُدوباً من نُدوبِ عِذامِها
ووقّرتها بعد الجنونِ وقد ثوتْ خَبوطاً عَثوراً خُفُّها بزمامِها
فها هيَ لاتُقذَى بشيءٍ منَ القَذى ولا يستطيعُ الدَّهرُ حلَّ نظامِها
حمًى يتّقيهِ المقدمون وخطّة ٌ أبَتْ لمُغيرٍ ثُلَّة ً مِن سَوامِها
فيا بعدَ مرمى ليلها من صباحها ويا بُعْدَ مَرْمَى نَبعها من ثُمامِها
وعلّمتَ أملاكَ الورى إنْ تعلّموا لدى نكبة ٍأنْ يخلصوا من مذامها
وإنْ يشتروا فى ساحة ِ العزِّ رتبة ً تجاذبها الأيدى بحكمِ استيامها
ومغرورة ٍ بالسِّلْمِ حنَّتْ إلى الوغَى فلم تمشٍ إلاّ فى طريق اصطلامها
رَمَتْك فلمَّا لم تُصِبْك تَناكصتْ مخيّبة ً مجروحة ً بسهامها
ولمّا رأتْ منك الصَّريمة َ أَبدَلَتْ على مضضٍ إقدامها بانهزامها
فروّيتَ ظمآنَ الثّرى من دمائها وأشبعتَ ذؤبانَ الفضا من عظامها
وما برحتْ حتّى أدرتَ وما درتْ كؤوسَ رَداها لا كؤوسَ مُدامِها
ولمّا تركتَ السَّيفَ فيهمْ وحُكمَهُ جعلتَ بُكاها في مكانِ ابتسامِها
عصابة ُ بَغْيٍ بُوعِدَتْ عن حُلومِها فلم تدرِ جهلاً شَيخَها من غُلامِها
أقامتْ على دارِ العُقوقِ فلم تَرِمْ وما رَدَّدَتْ إلاّ طويلَ ملامِها
ولمّا رأَتْكَ مُقبلاً حازَ فَهْمُها وأشكلَ فيها رمحها من حسامها
وطاحَ الذي غُرَّتْ به من وساوسٍ وصارتْ كحُلمٍ أبصرتْ في منامِها
همُ ثوّروها فتنة ً لم تفدهمُ سوى حزّهمْ أوصالها وانتقامها
وقد نَكَّرها جُهْدَهمْ فعرفْتَها وقد طلعتْ من قبلِ حَطِّ لِثامِها
وهمْ أقدوها جهلة ً بمآلها فما احترقوا إلاّ بشبِّ ضِرامِها
وهمْ زَعزعوها وارتَجَوْا لذَّة َ الجَنى فلم يجتنوها اليومَ غيرَ حِمامِها
نثرتهمُ ضرباً وطعناً بقفرة ٍ كأنَّهُمُ بالعينِ بعضُ رَغامِها
وزدتَ وقد طَرَّحْتَهمْ حِزَقاً بها بطرقِ المنايا فى عدادِ إكامها
ولم تكُ إلاّ مثلَ قَبْسَة ِ قابِسٍ ونُغْبَة ِ كُدْرٍ ما ارتَوَتْ من أُوامِها
وكان تولّيها عقيبَ مجيئها وكانَ الرَّضاعُ في جِوارِ فطامِها
وأنت على معروقة ٍ عند شدّها كذئبِ الفَلا أوْ شِدَّة ً كسِلامِها
تخال وقد هزّ المراحُ كليلها نجومُ الثُرَيّا حِلْيَة ً للجامِها
كأنّك منها فوقها أوْ كراكبٍ منَ الشُّمِّ أَعلى هَضْبَة ٍ من شَمامها
فكفّاك فى تصريفها كعنانها ورِجْلاك في إمساكِها كحِزامِها
تدوسُ بك القتلى وقد ملؤوا الثَّرى بغير توّقيها وغيرِ احتشامها
فخذها كما أعطاك ربّك دولة ً حباكَ بما تَهوى بدارِ مُقامِها
مجدّدة ً ما للخطوبِ معرّجٌ عليها ولا إلمامة ٌ من لمامها
ورام العدا أنْ يسلبوك ثيابها وقد حالتِ الأقدارُ دونَ مَرامِها
وأنْ ينزلوك عن قراها كأنّهمْ بما فعلوا عالوك فوق سنامها
فلا طَرَقتْها للحوادثِ طَرْقة ٌ ولا عبثتْ أيدى الردى بانثلامها
ولا زِلْتَ مَحْبُوّاً بها كلَّ ليلة ٍ مُحَيّاً على طولِ المدى بسَلامِها

اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (الشريف المرتضى) .

من دلّنى اليومَ على صاحبٍ

في مثلها يستثارُ الصبرُ والجلدُ

نَوِّلِينا منكِ الغداة َ قليلا

أما تَرى الرُّزْءَ الذي أقبلا

زرتُ هنداً ومن ظلامٍ قميصي


ساهم - قرآن ١