تراءَتْ لنا بالأبرَقَيْنِ بُروقُ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
تراءَتْ لنا بالأبرَقَيْنِ بُروقُ | شُروقٌ لأفقٍ غابَ عنه شُروقُ |
كأنّ نجومَ الليل درٌّ وبينها | تلألؤُ إيماضِ الوميضِ بروقُ |
وما خلتُ إلاّ الورسَ فى الأفقِ إنّه | متى لم يَكُنْهُ الورسُ فُهْوَ خَلوقُ |
كأنَّ نجيعاً خالط الجوَّ أو جرتْ | لنا بين أثناء الغمامِ رحيقُ |
يلوحُ ويخفَى ثم يَدْنو ويُنتأى | ويوسَعُ من مجراهُ ثمَّ يَضيقُ |
فما خفقتْ إلاّ كذاك جوانحٌ | ولا نبضتْ إِلاّ كذاك عروقُ |
وشَوَّقني إِيماضُه نحو أوجهٍ | لهنَّ سناءٌ والمشوقُ مَشوقُ |
ودونَ اللِّوى ظبْيٌ له كلُّ ماهوَى | علوقٌ بحبّاتِ القلوب لصوقُ |
له حكمُهُ منِّي ومن دونَ عَطفهِ | على َّ غزير اللّجّتين عميقُ |
وأولَعُ بالبُقيا عليهِ ومالَهُ | إلى جانبِ البُقيا عليَّ طريقُ |
وما وعدهُ إلاّ اختلاجة ُ خلّبٍ | وإلاّ سرابٌ بالفلاة ِ خفوقُ |
فمن لستُ مَودوداً إليه أودُّه | ومن ليس مشتاقاً إليَّ يشوقُ |
وإنّى على من لا هوادة عنده | ولا شفقٌ منه على َّ شفيقُ |
فيا داءَ قلبى ما أراك تغبّنى | ويا سكرَ قلبى ما أراك تفيقُ ! |
بنفسى َ من ودّعته يومَ ضارجٍ | وجَفنيَ من فيضِ الدّموع غريقُ |
وكلّفنى من ثقلِ يومِ وداعهِ | بلابلَ لا يسطيعهنَّ مطيقُ |
يغلنَ اعتزامَ المرءِ وهو مصمّمٌ | ويهدمنَ ركن الصّبر وهو وثيقُ |
وليلة َ بِتْنا وهْو حانٍ على الهوى | بعيدُ النَّوى شَحْطَ الأذاة سَحيقُ |
وقد ضلَّ فيه الكاشحون وقطّعتْ | عوائقُ كانت قبل ذاك ثعوقُ |
ونحن كما شاء العدوّ فإنّه | شَجٍ بالذي نَهْوى وشاءَ صديقُ |
فعرفُ الوصالِ يومَ ذاك منشّرٌ | وعذبُ المنى صرفٌ هناك مذوقُ |
فلم تك إلاّ عفّة ٌ ونزاهة ٌ | وإلاّ اشتكاءٌ للغرامِ رقيقُ |
وإلاّ انتجاءٌ بالهوَى وتحدُّثٌ | صقيلُ حواشي الطُّرَتينِ أنيقُ |
عليه من الجادى ّ فغمة ُ نشرة ٍ | وفيه ذكيُّ المَنْدَليِّ سَحيقُ |
فما زال منّا ظامئُ الحبِّ ناقعاً | إلى أن تبدَّتْ للصَّباحِ فُتوقُ |
وأقبل موشى َّ القميص إذا بدا | وكلُّ أسيرٍ بالظّلام طليقُ |
يقوّض أطنابَ الدّياجى كأنّما | ترحّل من بعض الدّيار فريقُ |
فما هو إلاّ قرحة ٌ لدجنّة ٍ | وإلاّ فرأسٌ للظّلامِ حليقُ |
وشُرِّد بالبطحاءِ حتى كأنَّه | بكارُ فلاة ٍ راعهنَّ فنيقُ |
فإن لم يكن ثغرُ الدّجى متبسّماً | فسيفك يا أفقَ الصّباحِ ذلوقُ |
وإن لم يكن هذا الصّباح بعينه | فجانبُ شرق الرّكب فيه حريقُ |
فلم يبقَ للسّارى سرًى فى لبانة ٍ | ولا لطروقٍ للرّحالِ طروقُ |