قدني إليك فقد أمنتَ شماسي
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
قدني إليك فقد أمنتَ شماسي | وكُفيتَ منِّي اليومَ صدقَ مِراسي |
و لقيتني متخعاً لا يرتجى | نَفْعي ولا يُخشَى العشية َ باسي |
أَسري بلا هادٍ بكلِّ مُضِلَّة ٍ | وأجوبُ مُظلمة ً بلا مِقْباسِ |
و أذودُ عن قلبي الهمومَ كأنني | أحمى أسودَ رى ً عن الأخياسِ |
وتُدِرُّ لي نُوَبُ الزَّمانِ مَصائباً | في كلِّ شارقة ٍ بلا إبساسِ |
في أَسْرِ قاصمة ٍ أُخادعُ جِيرتي | عنها وأكتُمُ داءَها جُلاّسي |
فأنا الجريحُ بلا شفارِ صوارمٍ | و أنا الرميُّ بغير ما أقواسِ |
يا للرجالِ لفجعة ٍ يدي | وددتها ذهبتْ عليّ براسي |
ما زلتُ " أحذر " وردها حتى أتتْ | فحسوتها في بعض ما أنا حاسِ |
راديتها فلقيتُ منها صخرة ً | صماءَ من جبلٍ أشمٍّ راسِ |
ومَطلتُها زَمناً ولمّا صَمَّمَتْ | لم يَثْنِها مَطْلي وطولُ مِكاسي |
و منعتها دمعي فلما لم تجدْ | دمعاً تحدَّرَ أوقَدَتْ أنفاسي |
و مسيبة ٍ ولجتْ على سرجِ الهدى | آلِ النبيّ حفائرَ الأرماسِ |
ثلموا بها بعد التمامِ كأنما | ثلموا بجدعِ الأنفِ يومَ عطاسِ |
و تراهمُ بعد الهدوَّ كأنهمْ | سِرْبُ الخَميلة ِ رِيعَ من فِرْناسِ |
يا صاحبي هل نابَ سمعك مثلما | قد نابني نبأٌ أطارَ نُعاسي |
لا أرتضي منهُ وضوحَ يقينِهِ | و أودُّ أني منه في إلباسِ |
أنْحَى على كَبِدي بوَشْكِ سَماعِهِ | ناراً جنوبها بمواسي |
وظَنَنْتُهُ مثلَ الرّزايا قبلَه | فإذا بهِ رُزءاً عزيزَ الآسي |
حظرٌ أَعُطُّ عليه صبري بعدَهُ | وأُجِلُّهُ عن أن أعُطَّ لباسي |
لا تنكرا من فيض دمعيَ عبرة ً | فالدمعُ خيرُ مساعدٍ ومواسي |
و إذا سئلتُ عن الذي بيَ بعدهُ | فصممتُ عنه فلا تَعِبْ إبلاسي |
ونَعى إليّ، وليتَه لم ينعَ لي | عَنَتَ القُرومِ وفاضحَ السُّوّاسِ |
ومُعثِّرَ النُّجَباءِ خلفَ ترابِهِ | ومُعجِّز النُّظَراء والأجناسِ |
من قاد شوسَ الفخر بعد تقاعسٍ | و استاقَ شمّ الذكر بعد شماسِ |
من كان مرجوا لكلَّ حفيظة ٍ | تُدعَى ومدعوّاً ليومِ عَماسِ |
من كان يأبى فضله العالي الذرا | مِن أن يُقاسَ إلى الورى بقياسِ |
مَن كان طَلْقَ الوجهِ يومَ طَلاقة ٍ | ومعبِّساً شَرَساً على الأشراسِ |
ذاك الذي جمع الفخارَ فخارهُ | سبقاً إليه من جميع الناسِ |
إنّ الفضائلَ بعد فقدِ " محمدٍ " | دَرَسَتْ معالمُها معَ الأدراسِ |
فالآنَ هنَّ كشَنَّة ٍ مَنْبوذة ٍ | أو حلسِ مستغنٍ عن الأحلاسِ |
" واهاً لعمرك " من قصيرٍ طاهرٍ | و لربَّ عمرٍ طال بالأرجاس |
و لتربُ قبركَ ما حوى من منتحٍ | جوّابِ أرضٍ في عُلاً دَوّاسِ |
بتنا وأنتَ لآملٍ حيث المنى | وأتَى الصَّباحُ وأنتَ عندَ الياسِ |
يا موتُ كيف أخذتَ نفسيَ تاركاً | نفساً عليها جمة َ الأنفاسِ ؟ |
كيف اجتنبتَ سوى الأكارع عامداً | و أصبتَ حين أصبتَ أمَّ الراسِ ؟ |
إلاّ أخذتَ بمن أخذتَ عصائباً | ليسوا لمكْرُمة ٍ منَ الأكياسِ! |
ووقيتَه بي ما عراهُ فالرَّدَى | مما يجود به الفتى ويواسي |
قُلْ للذين تَشَامتوا في يومِهِ | ما بالرَّدَى طَرَقَ الفتَى مِن باسِ |
إما مضى وبقيتمُ من بعده | فلقد مضى صفراً من الأدناسِ |
هل فيكمُ من دافعٍ لحمامهِ | في هابطٍ من أرضِهِ أوجاسِ |
أو فائتٍ يوماً وقد بلغ المدا | لهواتِ ذاك الفاغرِ الفراسِ ؟ |
يا ساقيَيَّ مِنَ المحاذِر شَرْبة ً | ما ذُقْتما، لاذُقْتما في كاسي |
ما دار ما أدويتما قلبي به | من قبلُ في فكري ولا إيجاسي |
ها فانظرا منِّي الدُّموعَ غزيرة ً | و تعجبا لخشوعِ قلبٍ قاسِ |
و تعلما أنّ الذي بي كلما | رقدَ المسلَّمُ هاجَ لي وسواسي |
لو كانَ مَن يرمي سَوادي بادياً | لتقيتهُ وحميتُ منه أناسي |
لكنَّه يخفَى عليَّ مكانُهُ | ويَدِقُّ عن بصري وعن إحساسي |
كيف النجاءُ ولا نجا من جاثمٍ | فيما يشاءُ من الفتى خنَّاسِ |
يَلِجُ البيوتَ منيعة ً لاتُرتقَى | وتضِلُّ عنه أعينُ الحُرَّاسِ |
إنْ شاءَ كانَ مُواصلاً لمرائِري | أو شاءَ كان مُعطِّلاً أمراسي |
صلي الإلهُ على ضريحك وارتوى | من كلِّ مُنْهَمِرِ الحيا بجَّاسِ |
صخبِ الرعودِ كأن جرسَ غمامهِ | جَزْلاً أُعِينَ بسائرِ الأجراسِ |
وكأنَّما رُكَّامُهُ مُتلبِّداً | عيسٌ معقلة ٌ إلى أعياسِ |
وَرمَتْ رياحُ الجوِّ تُربَكَ كلَّما | رمتِ الثرى بالناعم المياسِ |
حتى يُرى خَضِلاً تَعانقَ حولَهُ | قُضُبُ الأقاحي ماثلاً للآسِ |
منْ مبلغٌ فخرَ لملوك بأنني | للفضل من نَعماهُ لستُ بناسِ |
شَرَّدتَ عنِّي كَرْبَهَا من غُمَّة ٍ | وعدلتَ لي الإِيحاشَ بالإيناسِ |
و خلستني منه وقد ضمتْ على | جلدي الرواجب أيَّ يومِ خلاسِ |
إن كان فرعي قد مضى وبقيتَ لي | فالفرعُ مسدولٌ على الآسِ |
ولَئِنْ رُزِئْتُ فقد محوتَ رَزِيَّتي | بيديك محوَ النقس من قرطاسِ |