هبتْ تلومُ على الندى هندُ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
هبتْ تلومُ على الندى هندُ | يا هندُ خيرٌ من غِنًى حَمْدُ |
الحمدُ يَبقَى لي وإنْ تَلِفَتْ | نفسي وفاتَ الأهلُ والوُلْدُ |
و المالُ تأكلهُ النوائبُ والأحداثُ حتى ما لهُ ردُّ | النَّوائبُ وال |
ويَبيتُ يحرسُهُ وإنْ دفعتْ | عنه الكرامُ الطِّفْلُ والعبْدُ |
و الحمد لا يستطيع بأخذه | مِنْ راحتيَّ النَّاكِلُ الوَغْدُ |
و إذا سريتُ سرى معي وضحاً | وهْناً وجُنْحُ اللّيلِ مُسْوَدُّ |
يا هندُ إنَّ الدّارَ زائلة ٌ | والقربُ يأتي بعدَهُ بُعْدُ |
عُمْري يروحُ وما أهَبْتُ بهِ | ذاك الحِمامُ بهِ ولا يَغْدُو |
ما كنتُ بالمنقادِ في يَدِه | لو كان في أيدي الردى بدُّ |
والمرءُ غاية ُ لُبْسِهِ كَفَنٌ | يَبْلى ، وآخِرُ بَيتِهِ اللَّحْدُ |
كم معشرٍ هُجرتْ ديارُهُمُ | بأساً وعرَّج عنهُمُ القصْدُ |
متجاورينَ بدارِ مَضْيعَة ٍ | لا حرَّ عندهمُ ولا بردُ |
ما فارقوا إلاّ برغمِهُمُ | في النّاسِ مَنْ عَشِقوا ومَنْ وَدُّوا |
و إذا دعا وجداً يدلُّ بهِ | عند المنية ِ خانهُ الوجدُ |
فاتَ الأصمَّ اليابسَ الجَلْدُ | مُكْثٌ على الدُّنيا ولا خُلْدُ |
أحداثُ حتّى ما لَهُ رَدُّ | خوفَ الرَّدى غَوْرٌ ولا نَجْدُ |
كلُّ النُّفوسِ وإنْ غفلنَ هوًى | بينَ الحِمامِ وبينها وعْدُ |
والنَّدْبُ فَسْلٌ في الزّمان إذا | أهوى له والوهنُ الجلدُ |
لو فاتَ تشعيثُ الزَّمانِ فتًى | |
ونَجَتْ وعولُ هضابِ كاظمة ٍ | منه وما شَقِيَتْ به الرُّبْدُ |
و تودّ هندٌ وهيَ مشفقة ٌ | أني خلدتُ وفاتها الودُّ |
وتردُّ عنِّي كلَّ طارقة ٍ | أنَّى وليس يطيعُها الردُّ! |
و تقول لا عبثَ البعادُ بنا | وتضِلُّ عمَّنْ خانهُ البُعْدُ |
و تؤودها البأساءِ إنْ نزلتْ | داري وعرَّسَ عندِيَ الجَهْدُ |
و تريدُ لي ما ليس في يدها | أمداً على الأيامِ يمتدُّ |
وتُعيذُني ما ليس ينفعُها | من راحة ٍ ما بَعْدَها كَدُّ |
تَسَلِين إنْ زلَّتْ بِنا وبِكمْ | قدمٌ وطول بيننا العهدُ |
كم جاء مثلك وهيَ ذاهلة ٌ | من حادثٍ بعضُ الَّذي يبدو |
في وَهْيِ ليلٍ شَبَّها زَنْدُ | |
يَلِجُ البيوتَ وليس يدفعُهُ | هَزْلٌ يرادُ به ولا جِدُّ |
لا تَخدِشي خداً عليَّ فما | ردّ الفتى أنْ يخدش الخدُّ |
و تعلمي إنْ كنتِ عالمة ً | أنّ الحمامَ على الورى يعدو |
ما إنْ جنى وردٌ عليكِ ردى | حتّى يُعَطَّ لذلك البُرْدُ |
لا تحفلي بالشامتين فما | أنا في المنية ِ دونهمْ وحدُ |
لم يُدركوا بعدي الطِّلابَ ولا | سدوا بمثلي الخرقَ إنّ سدوا |
ولقد كفيتُهُمْ وما شَعروا | كيْدَ العِدا ولكيدهمْ وَقْدُ |
وعَلَتْ بهمْ لمّا جَذَبْتُهُمُ | بيديَّ قسراً تلكمُ الوهدُ |
نزعوا الخمولَ بما كسوتهمُ | من مَأْثُراتٍ حشوُها المجدُ |
وتناهبوا الأوْساقَ مِنْ شَرَفٍ | لا صاعَ فيه لهمْ ولا مدُّ |
و أنا الذي وسطَ الخميسِ إذا | ناديتُ: شُدُّوا بالقنا شَدّوا |
و عليَّ منْ خلعِ القنا حلقٌ | لم يدنها نسجٌ ولا سردُ |
في حيثُ يُنجيك الطِّعانُ ولا | ينجى الأقبُّ القارحُ النهدُ |
ينجو قذاها غيرَ متئدٍ | مِثْلَ الوَسيقة ِ لَزَّها الطَّرْدُ |
ويَصُدُّ عن تَزويقِ زينتِها | حيثُ استُثِيرَ فَأَعْوَزَ الصَّدُّ |
تنبى بهِ أسبابها النكدُ | |
يا مرة ً ويظنّ ذائقها | أبَدَ الزّمانِ بأنَّها شَهْدُ! |
ما دام غيكِ وهو منك هوى ً | فيدوم فيك ويذهب الرشدُ |
كم ذا عقدتِ على الوفاءِ وما | ينفكُّ يضعفُ ذلك العقدُ ؟ |
وذنوبُ صَرْفِكِ إنْ عُدِدْنَ لنا | فَنيَ الزَّمانُ وما انْقَضَى العَدُّ |
أمّا ديارُ السّاكنينَ إلى | نجواكِ فهْيَ الدُّرَّسُ المُلْدُ |
لا جَرْسَ فيها غيرَ أنْ صَدَحَتْ | قُمْرِيَة ٌ أو قَعْقَعَ الرَّعْدُ |
وبكى على مَنْ حلَّها ومضَى | مسحنككُ القطرينِ مربدُّ |
زَجِلاً كأنَّ صَليلَ هَيْدَبِهِ | زأرتْ وقد ريعتْ به الأسدُ |
أينَ الّذينَ على القِنانِ لهمْ | شَرفٌ عزيزٌ بَحرُهُ عِدُّ؟ |
مُدّوا النعيمَ فحينَ تَمَّ لهمْ | سُلبوه وانقطعَ الّذي مُدّوا |
من كلَّ أباءِ الدنية ِ لمْ | يُفْلَلْ له في مَطلبٍ حَدُّ |
كاللّيثِ أبرزَ شخصَهُ خَمَرٌ | والسَّيفِ أعلَنَ مَتْنَهُ غِمْدُ |
ذعنتْ لعزتهمْ وهيبتهمْ | الشيبُ في الأحياءِ والمردُ |
ويسودُ طفلُهُمُ تميمتُهُ | لم تنفصمْ وقرارهُ المهدُ |
ردوا الخطوبَ قعدنَ ناكصة ً | لكنَّهمْ للموتِ ما ردّوا |
ما نافعٌ جدى إلى أمدٍ | جدَّ الفتى وقدِ التَوى الجَدُّ |
فَلَئِنْ فُقِدْتُ فإنَّ لي كَلِماً | حتماً خوالِدَ ما لها فَقْدُ |
تفرى البلادَ وما يحسُّ بها | عَنَقٌ على دَوٍّ ولا وَخْدُ |
من كلَّ قافية ٍ مرقصة ٍ | يَشْدو بها الغِرِّيدُ إنْ يَشْدُو |
و إذا تضوع نشرُ نفحتها | قال العرارُ تضوع الرندُ |
طلعتْ كشمسِ ضحى ٍ على أفقٍ | بيضاءَ لا يَسْطيعها الجَحْدُ |
و كأنما أغراضها شررٌ | |
سيارة ٌ جمحُ الكلامِ لها | سمحٌ وحرُّ فصيحها عبدُ |
يثنى عليها الحاسدون على | إحسانها وخصومُها اللُّدُ |
فلو أنّ جوهرَ لفظها جسدٌ | لأضافَهُ في سِلْكِهِ العِقْدُ |