ما لكِ فيَّ ربَّة َ الغَلائِلِ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
ما لكِ فيَّ ربَّة َ الغَلائِلِ | - والشّيبُ ضيفُ لمّتى - من طائلِ |
أما ترين فى شواتى نازلاً | لا متعة ٌ لى بعده بنازلِ ؟ |
محا غرامى بالغوانى صبغه | واجتثّ من أضالعى بلابلى |
ولاحَ في رأسيَ منهُ قَبَسٌ | يَدُلُّ أيّامي على مَقاتِلي |
كان شبابى فى الدّمى وسيلة ً | ثم انقضتْ لمّا انقضتْ وسائلى |
يا عائبى بباطلٍ ألفتهُ | خذْ بيديك منْ تمنٍّ باطلِ |
لا تعذلنّى بعدها على الهوى | فقد كفانى شيبُ رأسى عاذلى |
وقلْ لقومٍ فاخرونا ضلّة ً | أين الحصيّاتُ من الجراولِ ؟ |
وأين قاماتٌ لكمْ دميمة ٌ | من الرّجال الشمّخِ الأطاولِ ؟ |
نحن الأعالى فى الورى وأنتمُ | ما بينهمْ أسافلُ الأسافلِ |
ما تستوى - فلا تروموا معوزاً - | فضائلُ السّاداتِ بالرّذائلِ |
ما فيكمُ إلاّ دنى ٌّ خاملٌ | وليس فينا كلِّنا من خاملِ |
دعوا النّباهاتِ على أهلٍ لها | وعَرِّسوا في أخفضِ المنازلِ |
ولا تعوجوا بمهبٍّ عاصفٍ | ولا تقيموا فى مصبِّ الوابلِ |
أما تَرى خيرَ الورَى معاشري | ثمَّ قَبيلي أفضلَ القبائلِ؟ |
ما فيهمُ إِنْ وُزِنوا من ناقصٍ | وليس فيهمْ خُبرة ٌ من جاهِلِ |
أقسمتُ بالبيتِ تطوف حوله | أقدامُ حافٍ للتّقى وناعلِ |
وما أراقوهُ على وادي مِنى ً | عند الجِمارِ من نَجيعٍ سائلِ |
وأذرُعٍ حاسرة ٍ تَرمي، وقدْ | حان طلوعُ الشّمسِ - بالجنادلٍ |
والمَوْقفينِ حطَّ ما بينَهُما | عن ظهرِهِ الذُّنوبَ كلُّ حامِلِ |
فإنْ يَخِبْ قومٌ على غيرِهما | فلم يخِبْ عندَهما من آملِ |
لقد نمتنى من قريشٍ فتية ٌ | ليسوا كمن تعهدَ في الفضائلِ |
الواردينَ من عُلى ً ومن تُقى ً | دونَ المنايا صفوة َ المناهلِ |
قومٌ إذا ما جُهِلوا في معركٍ | دَلّوا على الأعراقِ بالشّمَائلِ |
لأنَّهم أُسْدُ الشَّرى يومَ الوغى | لكنَّهمْ أَهِلَّة ُ المَحافِلِ |
إنْ ناضلوا فليس من مناضلٍ | أو ساجلوا فليس من مساجلِ |
سَلْ عنهمُ إنْ كنتَ لا تَعرفُهمْ | سلَّ الظّبا وشرّعَ العواملِ |
وكلَّ منبوذٍ على وجهِ الثَّرى | تسمعُ فيه رنَّة َ الثَّواكلِ |
كأنّما أيديهمُ مناصلٌ | يلعبن يوم الرّوعِ بالمناضلِ |
من كلّ ممتدِّ القناة ِ سامقٍ | يقصرُ عنه أطولُ الحمائلِ |
ما ضرَّني والعارُ لا يطورُ بي | أنْ لم أكن بالملكِ الحُلاحِلِ؟ |
ولم أكنْ ذا صامتٍ وناطقٍ | ولم أرُحْ بباقرٍ وجاملِ |
خيرٌ من المالِ العتيدِ بذلهُ | في طرقِ الإفضالِ والفواضلِ |
والشُّكرُ ممنْ أنتَ مُغنٍ فقرَهُ | خيرٌ إذا أحرزته من نائلِ |
فلا تعرِّضْ منك عِرْضاً أملساً | لخدشة ِ الّلوّامِ والقوائلِ |
فليس فينا مُقدمٌ كمُحجِمٍ | وليس منّا باذلٌ كباخِلِ |
وما الغنى إلاّ حبالاتُ الثّنا | فانجُ إذا شئتَ منَ الحبائلِ |
إلى متى أحملُ من ثقلِ الورى | مالم يطقه ظهرُ عودٍ بازل ؟ |
إنْ لم يَزرني الهمُّ إصباحاً أتَى | - ولم أعِرْهُ الشَّوقَ- في الأصائلِ |
وكم مُقامٍ في عراصِ ذِلَّة ٍ | وعطنٍ عن العلاءِ سافل ! |
وكم أظلُّ مفقهاً من الأذى | معلّلاً بالأباطلِ ! |
كأنّني وقد كملتُ دونَهمْ | رَضِي بدونِ النَّصْفِ، غيرُ كاملِ |
محسودة ٌ مضبوطة ٌ ظواهري | لكنّها مرحومة ٌ دواخلى |
كأنَّني شِعبٌ جِفاهُ قطرُهُ | أو منزلٌ أفقرُ غيرُ آهلِ |
فقلْ لحسَّادي: أَفيقوا فالَّذي | أغضبكمْ منّى َ غيرُ آفلِ |
أنا الذى فضحتُ قولاً مصقعاً | مقاولى وفى العلا مطاولى |
إنْ تَبْتنوا منَ العدا مَعاقلاً | فإنّ فى ظلّ القنا معاقلى |
لا تَسْتروا فضلي الذي أُوتيتُهُ | فالشَّمسُ لا تُحجبُ بالحوائلِ |
فقد فررتُمْ أبداً من سَطْوَتي | فرَّ القطا الكدرِ من الأجادلِ |
ولا تذُقْ أعينُكم طعمَ الكرَى | وعندكُم وفيكمُ طوائلي |
تَقوا الرَّدى وحاذِروا شرَّ الذي | شبَّ أُوراي فَغَلَتْ مَراجلي |
وجنّ تيّارُ عبابى واشتكتْ | خُروقُ أسماعِكمُ صلاصلي |
إنْ لم أطِرْ كمْ فَرَقاً تحملُكُمْ | نُكْبُ الأعاصير مع القساطلِ |
فلا أجبتُ من صريخٍ دعوة ً | ولا أطعتُ يومَ جودٍ سائلي |
ولا أناخَ كُلُّ قومي كَلَّهُمْ | فى مغنمٍ أو مغرمٍ بكاهلى |
وفى غدٍ تبصرها مغيرة ً | على الموامى كالنّعامِ الجافلِ |
يخرجن من كلّ عجاجٍ كالدّجى | مثلَ الضُّحى بالغُرَرِ السَّوائلِ |
منْ يرهنَّ قال من الذى | سدَّ المَلا بالنَّعَمِ المطافلِ؟ |
وفوقهنّ كلُّ مرهوبِ الشّذا | يروي السِّنانَ من دمِ الشَّواكلِ |
أبيضُ كالسّيف ولكنْ لم يعجْ | صُقالُه على يمينٍ صاقلِ |
حيثُ تَرى الموتَ الزُّوامَ بالقَنا | مستحبَ الأذيال والذّلاذلِ |
والنَّقْعُ يغشَى العينَ عن لِحاظها | والرَّكْضُ يرمي الأرضَ بالزَّلازلِ |
وبُزَّتِ الأسلابُ أو تَمَخَّضَتْ | بلا تمامٍ بطنُ كلِّ حاملِ |
ولم يَجُزْ هَمُّ الفتى عن نفسهِ | وذُهِلَ الحيُّ عنِ العقائلِ |
إنْ لم أنَلْ في بابِلٍ مآربي | فلي إذا ما شئتُ غيرُ بابِلِ |
وإنْ أبِتْ في وطنٍ مُقَلْقَلاً | أبدلتُه بأَظهُرِ الرَّواحلِ |
وإنْ تضقْ بى بلدة ٌ واحدة ٌ | فلم تضق فى غيرها مجاولى |
وإنْ نبا عنّى خليلٌ وجفا | نفضتُ من ودِّي له أناملي |
خيرٌ من الخصبِ مع الذّلِّ به | مَعَرَّسٌ على المكان الماحلِ |