أراعكَ ما راعني من ردى ؟
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أراعكَ ما راعني من ردى ؟ | وجُدتُ له مثلَ حزِّ المُدى |
وهل في حسابِك أنِّي كَرَعْتُ | برُزءِ الإمامِ كؤوسَ الشَّجا؟ |
كأنّي وقدْ قيلَ لي إنّهُ | أتاهُ الرَّدى في يَمينِ الرَّدى |
فقلْ للأكارم من هاشمٍ | ومن حلّ من غالبٍ في الثّرى |
رِدوها المريرة َ طولَ الحياة ِ | وكمْ واردٍ كَدِراً ما انروى |
وشقّوا القلوبَ مكانَ الجيوبِ | وجُزّوا مكانَ الشّعورِ الطُّلى |
وحلّوا الحَبا فعلى رُزْئِهِ | كِرامُ الملائِكِ حلّوا الحُبا |
ولِمْ لا؟ وما كتبوا زلّة ً | عليهِ وأى ُّ امرىء ٍ ما هفا؟ |
فيا ليتَ باكيَهُ مابكاهُ | وياليتَ ناعيَهُ مانَعى |
به تقتدي عن إمامِ الورى | ويا ليتني كنتُ عنه الفِدا |
هو الموتُ يستلبُ الصالحينَ | ويأخذُ مِن بيننا مَن يشا |
فكم دافعوه ففاتَ الدفاعُ | وكم قد رَقَوْهُ فأَعيا الرُّقى ؟ |
مضى وهو صِفْرٌ منَ الموبقاتِ | نقيَّ الإزارِ خفيفَ الرِّدا |
إذا رابهُ الأمرُ لم يأتِهِ | وإنْ خَبُثَ الزَّادُ والَى الطَّوَى |
تعزَّ إمامَ الورى والذي | به نقتدي عن إمامِ الورى |
وخلِّ الأَسَى فالمحلُّ الذي | جَثَمَتَ بهِ ليسَ فيهِ أسى |
فإمّا مضى جبلٌ وانقضَى | فمنك لنا جبلٌ قد رسا |
وإمّا فُجعنا ببدرِ التمامِ | فقد بَقيتْ منك شمسُ الضُّحى |
وإنْ فاتنا منهُ ليثُ العرين | فقد حاطنا منك ليثُ الشَّرى |
وأعجبُ ما نالنا أنّنا | حُرمنا المُنى وبلغنا المنى |
لنا حَزَنٌ في محلّل السرورِ | وكم ضَحِكٍ في خلالِ "البُكا" |
فَجَفْنٌ لنا سالمٌ من قذى ً | وآخرُ ممتلئٌ من قذى |
فيا صارماً أغمدته يدٌ | لنا بعدكَ الصّارم المُنتضى |
ويا رُكناً ذَعْذَعتهُ الخطوبُ | لنا بعد فقدكَ ركنٌ ثوى |
ويا خالداً في جنانِ النعيمِ | لنا خالدٌ في جنانِ الدُّنا |
فقوموا انظروا أيُّ ماضٍ مضَى | وقوموا انظروا أيُّ آتٍ أتى |
فإنْ كانَ قادرُنا قد مضى | فقائمنا بعدَه ما مضَى |
ولمّا دُوينا بفقدِ الإمامِ | عَجِلتَ إلينا فكنتَ الدَّوا |
رضيناكَ مالكَنا فأرضنا | فما نبتغي مِنْكَ غيرَ الرِّضا |
ولمّا حضرناكَ "عند" البياعِ | عرفنا بهديكَ طُرقَ الهدى |
فقابَلْتَنا بوَقارِ المشيبِ | كمالاً وسنُّكَ سنُّ الفتى |
وجئناكَ تَتْلو علينا العزاءَ | فعزَّيتَنا بجميل العزا |
وذادتْ مواعظُكَ البالغاتُ | أخامِصَنا عن طريق الهَوى |
وعلمّتنا كيف نرضى إذا | رضَى اللهُ أمراً بذاك القضا |
فشمِّرْ لنا أيُّهذا الإمامُ | وكنْ للورى بعدَ فقرٍ غِنَى |
ونحِّ عن الخلقِ بغيَ البُغاة ِ | وعُطَّ عن الدينِ ثوبَ الدُّجى |
فقدْ هزَّكَ القوم قبلَ الضِّرابِ | فما صادفوكَ كليلَ الشّبا |
وأعلَمَهم طولُ تجريبهم | بأنَّك أَوْلاَهُمُ بالعُلى |
وأنَّكَ أضربُهم بالسّيوفِ | وأنَّك أَطعنُهم بالقَنا |
وأنَّك أضربُهم في الرِّجا | لِ عِرْقاً وأطولُ منهم بنا |
وأنكَ والحربُ تُغلى لها الـ | مراجلُ أوسعُ منهم خُطا |
وأنَّك أجودُهم بالنُّضارِ | وأنَّكَ أبذلُهم للنَّدَى |
سَقى اللهُ قبراً دفنَّا بهِ | جميعَ العفافِ وكلَّ التُّقَى |
وجادَ عليه قُطارُ الصَّلاة ِ | فأغناهُ عن قَطَراتِ الحَيا |
ومَيْتٌ له جُدُدٌ مابَلينَ | مآثرُهُ لا يَمَسُّ البِلى |
وإنْ غابَ من بعدِ طولِ المَدى | فإنَّك أطولُ منه بَقا |