عنّ الخيالُ لنا ليالى الأبرقِ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
عنّ الخيالُ لنا ليالى الأبرقِ | والرَّكبُ بينَ مُسهَّدٍ ومؤرَّقِ |
ومصرّعين من الكلال كأنّهمْ | صَبحوا وما صَبحوا بكلِّ مُروَّقِ |
متوسِّدين وقد أَمالَ رقابَهمْ | سُكرُ الكَرَى لهم خُدودَ الأينُقِ |
إنْ كان زُوراً باطلاً فَلَطعمُهُ | حلوٌ شهيٌّ في فم المتذوِّقِ |
لم ينههَ عنّى تقوّسُ صعدتى | والشّيبُ يضحك ثغره فى مفرقى |
ومُرشَّفِ الوَجناتِ لولا حسنُهُ | سَلَتِ القلوبُ معاً فلم تَتَعشَّقِ |
يَسبي العيونَ بحُسنِ خدٍّ مُونقٍ | حاز الجمالَ وغضِّ قَدٍّ مُورقِ |
وافى وهاماتُ الكواكبِ ميّلٌ | والصُّبحُ قد أَلقَى يداً في المشرقِ |
واللّيلُ فى بردٍ رقيقٍ أزرقٍ | سملٍ ولكنْ بعدُ لم يتخرّقِ |
بردتْ زيارتهُ غليلَ تحرّقى | وشَفتْ وما علمتْ طويلَ تشوُّقي |
مازدتهُ شيئاً - وبين جوانحى | لهبُ الغرام - على الحديثِ المونقِ |
يالائمى فى الحبِّ لو قاسيته | لعلمتَ أنَّك كاذبٌ لم تَصدُقِ |
ما كنتَ للعذلِ الذي لم تُلفِني | أُصغي إِليه منَ الصَّبابة ِ مُعنِقي |
فدعِ الملامة َ لا مفيقٌ من هوى ً | فينا ولا في رأيه من مُفْرِقِ |
قل للوزير أبى المعالى وابنها | وسليلِ كلِّ نجيبة ٍ لم تخفقِ |
يا سيِّدَ الوزراءِ من ماضٍ ومِن | آتٍ ومخلوقٍ ومن لم يخلقِ |
لازلتَ بينَ تملُّكٍ وتحكُّمٍ | أبداً وبين تصعّدٍ وتحلّقِ |
في خَفضِ عيشٍ لا يزولُ نطاقُهُ | عن ساحتيك وظلّ عزٍّ محدقِ |
للهِ دَرُّك حيثُ تَشْتجِرُ القَنا | تحتَ العجاجِ على ظهورِ السُّبَّقِ |
واليومُ غصّانٌ بكلِّ مجدّلٍ | فوق الثّرى وبأذرعٍ وبأسوقِ |
والموتُ يستلبُ النّفوسَ بطعنة ٍ | أو ضربة ٍ فكأنّما لم تخلقِ |
أوقدته حتى استطار شراره | وغمرتَ فيه فيلقاً فى فيلقِ |
وعصابة ٍ مرقتْ فرضتَ جماحها | حتّى التوى فكأنَّما لم تمرُقِ |
أنزلتها قسراً على حكم الظّبا | وقضيَّة ِ العالي الأشَمِّ الأزرَقِ |
والبيضُ بين مسلّمٍ ومثلّمٍ | والسّمرُ بين مصحّحٍ ومدقّقِ |
لاتحفلنْ بالغابطين على الذى | أوتيتَ من بحر الفخارِ المفهقِ |
وقهرتهمْ بمحلّة ٍ لاترتقى | وبهرتَهمْ في جودك المتدفِّقِ |
ودع الحسودَ يقول ماهو أهلهُ | فالقولُ بين مكذّبٍ ومصدّقِ |
ليس الحسودُ وإنْ تموَّه أمرُهُ | فى النّاس إلاّ كالعدوِّ المحنقِ |
أنا فى بنى عبد الرّحيم مخيّمى | وإذا علقتُ فمنهمُ متعلّقى |
وبنشرهمْ عبقٌ ولولا أنّه | يا صاحبي نشرٌ لهمْ لم أعْبَقِ |
أعطيتُهُمْ ودِّي ولو بيدي المنى | شاطرتُهمْ من مدَّتي ماقد بَقي |
ولوَ أنَّ في كفِّي الشّبابَ وقد مضى | لبذلتهُ وخصصتهمْ بالرّيقِ |
فى أى ّ شعبٍ من شعوبِ مرادهمْ | - حتّى أتاهمَ - لم أخبَّ وأعنقِ |
فبأى أمرٍ فيهمُ لم ألتبسْ | وبأيِّ حبلٍ منهمُ لم أعلَقِ |
كم أنقذوا من حتفِ كربٍ واسعٍ | أو أخرجوا من كفِّ خَطبٍ ضيِّقِ |
ورقَوْا منَ العلياء مالا يُرتقَى | وأَتَوا منَ الغايات مالم يُلحَقِ |
ومتى رأيتَهمُ رأيتَ تقرُّبي | من دارهمْ وتخصّصى وتحقّقى |
لاباعدَ اللهُ اللِّقاءَ ولارمَى | شملاً يضمّ جميعنا بتفرّقِ |
قد زارنا التّحويلُ يخبر أنّه | أبداً يقابلنا بوجهٍ مُشرقِ |
صقلَ الإلهُ حُسامَه وأزارَه | طَلْقاً بكلِّ تهلُّلٍ وتألُّق |
كم ذا لنا أملٌ به متنظَّرٌ | شَوقاً ومن قلبٍ به متعلِّقِ |
وكساهُ من حُلَلِ القَبول مَجاسداً | ما كنَّ من وشْيٍ ومن إستَبْرَقِ |
وبه مفاخرُ دهرِنا وعلاؤهُ | دون الدّهور على الجبال الشّهّقِ |
وإذا استمعتَ فلا تُصِخْ إلاّ إلى | كلمٍ جلبن على الورى من منطقى |
في رونقٍ بَهِجٍ، وليس برائقٍ | ما لم يكن عذباً ولا ذا رونقِ |
ومنمّقِ طبعاً وكلُّ منمّقٍ | بتعسّفٍ يلقاك غيرَ منمّقِ |
وإذا نطقتُ بغير مدح فضائلٍ | جمعتْ لكمْ فكأنّنى لم أنطقِ |