هل هاجَ شوقَك صوتُ الطائرِ الغَرِدِ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
هل هاجَ شوقَك صوتُ الطائرِ الغَرِدِ | في الربعِ والربعُ عريانٌ بلا أحدِ ؟ |
غنَّاك ما قلبُه شوقاً بمُكتئبٍ | وليس دمعٌ له حُزْناً بمطَّرِدِ |
و ربما هاجَ أحزانَ الفؤادِ وما | يَدْري خليٌّ منَ الأشجانِ والكَمَدِ |
أمّا الذينَ رَمَتْ عَسفانَ عِيرُهُمُ | بكلِّ مَوَّرة ٍ عَيرانة ٍ أُجُدِ |
ففي الفؤادِ على آثارِهمْ جَزَعٌ | لا يستفيق وهمٌّ غيرُ مفتقدِ |
حنوا إليك وقد شطّ المزارُ بهمْ | كأنهمْ لم يصدوا عنك من صددِ |
قد قلتُ لمّا لقِينا الظَّعنَ سائرة ً: | ماذا يفيد لقيناهنَّ من غيدِ ؟ |
مِن كلِّ مَوسومة ٍ بالحسن بَهْكَنَة ٍ | كأنَّما سُرقتْ من جنَّة ِ الخُلُدِ |
من عاذري في الغواني غبَّ منتشرٍ | من المشيبِ كنوارِ الضحى بددِ |
وافى ولم يبغِ مني أن أهيبَ به | و حلَّ مني كرهاً حيث لم أردِ |
و لو جنته يدي ما كنتُ طائعها | لكنْ جناه على فوديَّ غيرُ يدي |
دعْ عنك كلَّ لئيمِ الطّبعِ مُبتذَلٍ | أذلَّ في عَرَصاتِ الدار من وَتَدِ |
إنْ همّ بالخير عاقته عزائقهُ | و إنْ مضى في طريق الحمدِ لم يعدِ |
و لا تؤاخِ من الأقوامِ منطوياً | على الضَّغينة ِ مملوءاً من الحسَدِ |
نَشْواً منَ الغيِّ ما لم يَدْرِهِ أبَداً | ولا يمرُّ بما يدري منَ الرَّشَدِ |
يا فخرَ ملكِ بني العباس كلِّهمُ | من والدٍ قد مضى منهمْ ومن ولدِ |
ومَن يجودُ على ما في نَوافِلهِ | بالفخر قبل الجود بالصفدِ |
للهِ دَرُّكَ تَمري شَدَّ ناجية ٍ | هوجاءَ مَرْشوشة ِ القُطرين بالنَّجَدِ |
كأنها وكريم النجوِ يحفزها | إلى بلوغِ المدى سيدٌ على جددِ |
وفي يديك لَعوبُ المتنِ مُبتَدِرٌ | إلى تقنُّصِ نفسِ الفارسِ النَّجِدِ |
مثلُ الرشاءِ ولكنْ لا قليبَ له | يومَ الكريهة ِ إلاّ منحني الكبدِ |
ماذا يريبُ العدى لا درّ درهمُ | من نازحٍ عن مقامِ العذلِ والفندِ |
ما زالَ والظّمْءُ يَستدعي مكارِعَهُ | إنْ فاتَهُ العِدُّ لم يُوردْ على ثَمَدِ |
كم ذا لكفِّكِ من آثارِ مكرُمة ٍ | في غنمِ مفتقرٍ أو فكَّ مضطهدِ |
قلائدٌ مثلُ أطواقِ الحمامِ لنا | تَبيدُ أُخرى اللّيالي وهْيَ لم تَبِدِ |
و حاطها وهي بالبيداءِ مصخرة ٌ | لأخذِ مستلبٍ أو لقمِ مزردِ |
من بعد ما غاب عنها كلُّ منتصرٍ | فمنْ جنى فبلا عقلٍ ولا قودِ |
وجُبتَ أعداءَها عنها فلو طلبتْ | لها عدواً طوالَ الدهرِ لم تجدِ |
حتى استقرتْ وقد كانتْ مقلقلة ً | تُساقُ من بلدٍ ناءٍ إلى بَلَدِ |
لولا مكانُك كانتْ يومَ بَطشتها | بلا ذراعٍ ولا كفٍّ ولا عَضُدِ |
مَنْ كان غيرَك والرُّعيانُ قد هَجموا | يضمُّ أرجاءَ تلك الثلة ِ الشردِ ؟ |
و منْ يدلّ - وقد ضلتْ حلومهمُ | عنِ السَّدادِ إلى شيءٍ منَ السَّدَدِ |
فالآن أصبح ما قد كان منتهكاً | ذُؤابَة َ النِّيقِ أو عِرِّيسة ِ الأسدِ |
لا فاتَنا لكَ دهرٌ لا تزالُ بهِ | و لا انتهيتَ من الدنيا إلى أمدِ |
و ضلّ عنا الذي نخشى ولا نضبتْ | هذي الغضارة ُ عن أيّامنا الجُدُدِ |
وعادكَ العيدُ أعواماً متى حُصِرتْ | بالعدَّ كانتْ بلا حصرٍ ولا عددِ |
في ظلَّ مملكة ٍ تبلى الصخورُ على | طولِ المدى وهيَ لا تبلى على الأمدِ |