أرشيف الشعر العربي

صَمَتَ العواذلُ في أَساكِ وسلَّموا

صَمَتَ العواذلُ في أَساكِ وسلَّموا

مدة قراءة القصيدة : 5 دقائق .
صَمَتَ العواذلُ في أَساكِ وسلَّموا لمّا رأَوْا أنَّ العزاءَ محرَّمُ
لاموا وكم من فائهٍ بملامة ٍ هو عند نقّادِ الملامة ِ ألومُ
ما أغفلَ العذّالَ عمّا فى الحشا من لاذعاتٍ جمرُها يتضرَّمُ
لو أنصفوا اعتذروا وقد عاصيتهمْ وأبَيْتُ نصحَهمُ بأنِّيَ مُغرَمُ
كم بيننا تتنعّمون وأبتلى أوْ تسلمون من الكُلومِ وأُكْلَمُ؟
فى القلب من حرّ المصيبة لوعة ٌ لا تعلمون بها وقلبى أعلمُ
لا يَستوي بكُمُ ـ وما من ثَلمة ٍ بصفاتكمْ - شعثُ الصّفاة ِ مثلّم
ذاوى القضيب له بنانة ُ آسفٍ يجرى لطولِ عضاضها منها الدّمُ
يا للرّجالِ لهاجمٍ بيد الرّدى أعيا فقيلَ هو القضاءُ المبرمُ
ومصيبة ٍ ليلي ـ وقد ساوَرْتُها ـ ليلُ اللّديغِ بها ويومى أيومُ
ركبتْ من الأثباج مالا يرتقى وتهضَّمتْ في القومِ ما لا يُهضَمُ
شوطرتُ نصفى واقتسمتُ وأنتمُ أشطاركمْ موفورة ٌ لا تقسمُ
فمتَى عَطَسْتُ فإنَّ أنفيَ أجدعٌ وإذا بَطَشْتُ فساعِدٌ ليَ أجذَمُ
وإذا نظرتُ فليس لى من بعد منْ خُولستُهُ إلاّ السّوادُ المظلِمُ
وهو الزّمانُ فوافدٌ ومودّعٌ ومؤخَّرٌ فاتَ الرَّدى ومقدَّمُ
ومبلّغٌ آمالهُ ومخيّبٌ ومُجرِّرٌ ذيلَ الثّراءِ ومُعْدِمُ
لا تَعجبوا لمُرَزِّءٍ ومُكَلَّمٍ إنّ العجيبَ مصحّحٌ ومسلّمُ
قلْ للذي يبني البناءَ كأنَّهُ لم يدرِ أنَّ بناءَه مُتَهدِّمُ:
مهلاً فما الدّنيا وإنْ طالتْ لنا إلاّ كظلّ غمامة ٍ يتصرّمُ
هلْ حظّنا منها وإن عظمتْ بها النّعماءُ إلاّ مشربٌ أو مطعمُ ؟ ـنَعماءُ إلاّ مَشْربٌ أو مَطعمُ؟
أرنى بها صفواً بغيرِ تكدّرٍ وحلاوة ً ما سيطَ فيها العلقمُ
أو لذَّة ً نِيلتْ وليس يحفُّها أبدَ الزَّمانِ تكلُّفٌ وتجشُّمُ
عُجْ بالمطيِّ على الدِّيارِ فنادِها أين الألى برباكِ دهراً خيّموا ؟
من كلِّ مرهوبِ الشّذاة ِ كأنَّهُ ليثٌ إذا ضغطَ الفريسة َ يَرزُمُ
يقظانُ ينتهزُ الفخارَ إذا خَلَتْ سبلْ الفخار ونام عنها النّوّمُ
ومُحجَّبون من القِذاعِ كأنَّهُمْ بسوَى جميلِ الذّكرِ لمّا يعلموا
ومهذَّبون، وكم يفوتُ مَعاشراً شتّى الشّعوبِ مهذّبٌ ومقوّمُ
وتراهمُ متهجّمين على الرّدى وإذا رأوا سُبُلَ العَضِيهة ِ أَحجموا
الشّاهدينَ اليومَ وهْوَ عَصَبْصَبٌ والهازمين الجيشَ وهو عرمرمُ
والفالقين الهامَ فى يوم الوغى فمتوّجٌ يهوى ردًى ومعمّمُ
أخنى على إثرائهمْ فأبادهُ جودٌ لهمْ لا ينثنى وتكرّمُ
وأبى لهمْ كرمُ العروق إذا جنوا يوماً على أموالهمْ أن يندموا
ويصون عرضهمُ الذى شحّوا به دينارهمْ فى بذلهِ والدّرهمُ
وإذا همُ سلموا وبات وليّهمْ مُستهلكاً فكأنَّهُمْ لم يَسْلموا
كم فيهمُ قرمٌ إلى بذل القرى صبٌّ بأسبابِ العلاءِ متيّمُ
متقدِّمٌ واليومُ مسوَدُّ الدُّجَى إذ قَلَّ مِن نحوَ الرَّدى يتقدَّمُ
فى موقفٍ فيه الحسامُ مثلّمٌ والرّمحُ فى طعنِ الكلى متحطُِّ
والطّعن يفتق كلَّ نجلاءٍ لها قَعْرٌ كما فَغَرَ البعيرُ الأعْلمُ
والخيلُ تُخضَبُ بالنَّجيعِ فشُهْبُها محمرّة ٌ والوردُ منها أدهمُ
كانوا البدورَ وبعد أن عصفَ الرَّدَى بهمُ همُ رِمَمُ الثَّرى والأَعْظُمُ
سكنوا العراءَ وطالما امتلأتْ وقد جعلتْ لهمْ تلك الأسرّة ُ منهمُ
يا ربّة َ البيتِ المحرّمِ تربهُ عن أنْ يلمّ به فعالٌ يحرمُ
قطن العفافُ به وعرّس عنده كرمٌ كعمرِ الدَّهرِ لا يتثلَّمُ
ما إنْ بهِ صُبحاً وكلَّ عشيَّة ٍ خشناءَ إلاّ صوّمٌ أو قوّمُ
ومستهدون كأنّما حسناتهمْ فى ليلهمْ ذاك البهيمِ الأنجمُ
مالي أراكِ وكنتِ جِدَّ حَفِيَّة ٍ لا نلتقي أبداً ولا نتكلَّمُ؟
بينى وبينكِ شاسعٌ متباعدٌ أو حالكٌ شَحِبُ الجوانبِ مُظلمُ
آبَ الرِّجالُ الرّاحلون، ودونَنا سفرٌ طويلٌ ليس منه مقدّمُ
ما كانَ عندي والبلايا جَمَّة ٌ أنّى أصابُ بكمْ وأعرى منكمُ
وأُذادُ حينَ أُذادُ عن أمواهِكُمْ وأصدّ عن باب اللّقاءِ وأحرمُ
وكان ابتهالكِ جنّة ً فإذا رمى جِهَتي العِدا تَزْوَرُّ عنِّي الأسهُمُ
ودُعاؤكِ المرفوعُ مصلحُ دائماً ما أفسدوا أو ناقضٌ ما أبرموا
فالآنَ لي من بعدِ فقدِك جانبٌ عارٍ وظُفرٌ في العدِّ مُقَلَّمُ
لم يمضِ ماضٍ بانَ وهْوَ محمّدٌ ونأى أشدَّ النّأى وهو مذمّمُ
لكِ جنّة ٌ مأهولة ٌ فاستبشرى بدخولها فالآخرين جهنّمُ
وإذا وصلتِ إلى النَّعيمِ فهيِّنٌ من قبله ذاك البلاءُ الأعظمُ
صّلى الإلهُ على ضَريحك والتقتْ فيه عليكِ كما يشاءُ الأنعُمُ
وجرى النّسيمُ عليه كلَّ عشيّة ٍ واعتادَهُ نَوْءُ السِّماكِ المُرْزِمُ
فالغيثُ فيه ناشجٌ مستعبرٌ والبرقُ منه ضاحكٌ متبسّمُ
وتروّضتْ جنباتهُ فكأنّه بردٌ تنشّرَ بالفلاة ِ مسهّمُ
وإذا المطى ُّ بنا بلغن مكانه فمكلّمٌ منّا له ومسلّمُ
ومنَ الشَّجا أنَّا نكلِّم في الثَّرى من لا يصيخُ لنا ولا يتكلّمُ

اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (الشريف المرتضى) .

قولوا لمن غلطَ الزَّمانُ به

أيُّ فتى ً وورِي في التُّربِ

ما في السُّلوّ لنا نصيبٌ يُطلبُ

لو لم يعاجله النوى لتحيرا

ماذا على الرِّيمِ لوَحيّا فأحيانا


ساهم - قرآن ١