دعِ الجِزْعَ عن يُمناك لاعن شمالكا
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
دعِ الجِزْعَ عن يُمناك لاعن شمالكا | فلي شَجَنٌ أحنو عليه هنالكا |
وقْف بِي وإنْ سار المطيُّ بأهلِهِ | وجدْ لى به واجعله بعضَ حبائكا |
ولولا الهوى ما بتُّ أسألُ باخلاً | وآملُ مَنّاناً وأعشَقُ فارِكا |
ومن ذا الذى لولاه ذلّلَ صعبتى | وليّنَ منّى للشّموسِ العرائكا ؟ |
منَ اللاّئي يَفْضحن الغصونَ نضارة ً | وبالجيد يخجلنَ الظّباءَ الأواركا |
عَفَفْنَ فما استشهدن يومَ تفاخُرٍ | على عبقِ الأفواه إلاّ المساوكا |
ولمّا أرَتْنا ساعة ُ البين عَنْوَة ً | وجوهاً وِضاءً أو شُعوراً حوالكا |
نزعنا ثيابَ الحلمِ عنّا خلاعة ً | فلم نَرَ إلاّ سادراً مُتهالكا |
وإلاّ بدوراً بالرَّحيلِ كواسفاً | وإلاّ شموساً بالحدوجِ دوالكا |
ومُنتَقِباتٍ بالجمال ملكْنَنا | وما كنّ لى لولا الجمالُ موالكا |
قتلن ولم يشهرن سيفاً وإنّما | شهرن وجوهاً طلقة ً ومضاحكا |
فأقسمتُ بالبزلِ الهجانِ ضوامراً | يردن بنا البيتَ الحرامَ رواتكا |
ويُبْصَرْنَ من بعد الكَلالِ نَواحلاً | وقد كنَّ من قبلِ الرَّحيلِ تَوامكا |
بركنَ على وادى منًى بعد شقوة ٍ | ومن بعد أنْ قضّينَ منّا المناسكا |
ومن بعد أنْ طرّحن أحلاسَ أظهرٍ | أكَلْن ظهوراً بالسُّرى وحواركا |
أبَيْنَ ومايأبَيْنَ إلاّ نجابة ً | قُبيلَ بلوغٍ للمرامِ المباركا |
وما قِلْنَ إلاّ بعدَ لأْيٍ وبعدَما | قَطعْنَ اللِّوى قَطْعَ المَدَى والدَّكادِكا |
لقد حلّ ركنُ الدّين ماشاء من ربًى | وطالتْ مَعاليه الجبالَ السَّوامكا |
ومازال نهّاضاً إلى المجدِ ثائراً | وذا شغفٍ بالعزِّ والفخر سادكا |
فإنْ طلب الأقوامُ عوناً على علاً | توحَّدَ لا يبغي العَوِينَ المشاركا |
رضيتك ما ملكَ الملوك من الورى | لقلبى َ من دون البرّية ِ مالكا |
ولمّا ثنتْ كفّى عليك أناملى | تركتُ احتقاراً كلَّ من كان مالكا |
فإنْ كنتُ قد قلقتُ شرقاً ومغرباً | فها أناذا ربُّ المطى ِّ بواركا |
فمالي انتقالٌ بعدَ مَغْنى ً غَنيتُه | ومالى ارتحالٌ بعد يومِ لقائكا |
وأنتَ الذي فُتَّ الملوكَ فلم يكنْ | لعالى البنا فى المجدِ مثلُ علائكا |
أبَوْا وأبَيْتَ الضَّيْمَ فينا ولم يكنْ | لكلِّ أُباة ِ الضَّيمِ مثلُ إبائكا |
وقد علم المُعْطَوْنَ بعدَ سُؤالهمْ | بأنَّك تُغني الفقرَ قبلَ سؤالكا |
وكم لك من فضلٍ حقرتَ مكانه | وإنْ هو أَخزى حاتِماً والبرامكا |
علوتَ عن السَّامي إليك بطرفِهِ | فأينَ منَ الرّاقينَ حولَ جبالكا |
وما سلَّموا حتّى رأَوك محلِّقاً | يشقُّ على الأيدين بعدُ منالكا |
فإنْ خَبروا بالفضل منك رقابة ً | فقد شاهدوا ما شاهدوا من جلالكا |
ومَن كان ذا ريبٍ به في شَجاعة ٍ | وبأْسٍ يَسَلْ عنه الوَغى والمعاركا |
غداة َ أسألَ الطّعنُ فى ثغرِ العدا | كما شاءت الأيدى الدّماءَ السّوافكا |
وما حملتْ يُمناه إلاّ صوارماً | لكلِّ وريدٍ من كَمِيٍّ بَواتكا |
ولمّا استطار البغى ُ فيهمْ أطرتَ فى | طِلابِهمُ من ذي الجيادِ السَّنابكا |
فروّيتَ منهمْ أسمرَ اللّون ذابلاً | وحكَّمتَ فيهمْ أبيضَ اللَّونِ باتكا |
وما شعروا حتّى رأوها مغيرة ً | عجالاً لأطرافِ الشّكيمِ لوائكا |
يُخَلْنَ ذئاباً يَبتدِرْن إلى القِرى | وإلاّ سيولاً أو رياحاً سواهكا |
ويلقينَ من قبل اللّقاءِ عوابساً | وبعد طلوع النّصر عدنَ ضواحكا |
وفوقَ القَطا منهنَّ كلُّ مُغامرٍ | إذا تارَكُوه الحربَ لم يكُ تاركا |
يُخيضُ الظُّبا ماءَ النّحورِ من العِدا | ويخضبُ منهمْ بالدّماءِ النّيازكا |
ولو شِئتَ حكَّمتَ الصَّوارمَ فيهمُ | وسُمراً طِوالاً للنُّحور هَواتكا |
فسقّيتهمْ حتّى ارتووا أكؤسَ الرّدى | وحَرَّقْتَهُمْ حتَّى امَّحوا بأُوارِكا |
وضربُ طُلى ً قطَّ الطُّلى متواتراً | وطعنُ كلًى عطّ الكلى متداركا |
فإنْ رجعوا منها بهلكِ نفوسهمْ | فأيديهمُ جرّتْ إليها المهالكا |
فقضَّيتَ مِن أوطارنا كلَّ حاجة ٍ | وأخرجتَ أوتاراً لنا وحسائكا |
وكنتَ متى لاذوا بعفوك صافحاً | وإنْ معكوا كنتَ الألدَّ المماعكا |
فبشرى بما بُلِّغتَه مِن إرادة ٍ | وشكراً لما أوتيتهُ من نجائكا |
وللهِ عاداتٌ لديك جليلة ٌ | يَقُدْنَ إليك النَّصرَ قبلَ دُعائكا |
وما كان إلاّ اللهُ لاشىء َ غيره | منجّيك منها والشّفاءُ لدائكا |
ولا فِكْرَ فيمن صَمَّ لمّا دعوتَه | وربُّ الورَى طُرّاً مجيبُ دعائكا |
فإنْ كنتَ يوماً طالباً ناصحاً لكمْ | بلا رِيبَة ٍ منه فإنِّيَ ذالكا |
فما أنا إلاّ فى يديك على العدا | وفى قسمك الأسنى وتحت لوائكا |
وما لى َ فى ليلى البهيم من الورى | ولا صبحَ فيه غيرُ نور ضيائكا |
فلا تخشَ منّى جفوة ً فى نصيحة ٍ | وكيف ومالى خشية ٌ من جفائكا |
ولا تدَّخرْ يوماً لخدمتك التي | تخصُّك إلاّ الحازمَ المتماسكا |
ولا تغتررْ بالظّاهراتِ من الورى | فكم يققٍ يتلوه أقترُ حالكا |
وقد خبّر النيروزُ قدومه | يُنيخُ السُّعودَ الغُرَّ فوق رجالكا |
فخذ منه فيما أنت ترجو وتبتغى | على عقبِ الأيّامِ فوقَ رجائكا |
ودمْ لا انجلتْ عنّا شموسك غرّباً | ولا زال عنّا ما لنا من ظلالكا |