يا ديار الأحباب كيف تحولـ
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
يا ديار الأحباب كيف تحولـ | ـتِ قِفاراً ولم تكوني قِفارا؟ |
ومحتْ منكِ حادثاتُ اللّيالي | رغم أنفي الشموسَ والأقمارا |
و استردّ الزمانُ منك " وما سا | ور " في ذاك كله ما أعارا |
و رأتكِ العيونُ ليلاً بهيماً | بعد أن كنتِ للعيون نهارا |
كم لياليَّ فيك هما طوالٌ | ولقد كنَّ قبلَ ذاك قِصارا |
لِمَ أصبحتِ لي ثَماداً وقد كنـ | قِ فكنتمْ عنّا غفولاً حَيارى |
ولقد كنتِ برهة ً لي يميناً | ماتوقعتُ أن تكوني يسارا |
إنّ قوماً حلوكِ دهراً وولوا | أو حشوا بالنوى علينا الديارا |
ياخليلي كنْ طائعاً ليَ ما دُمـ | ما أبالي فيكَ الحِذارَ فلا تخـ |
لم يذوقوا الردى جزافاً ولكنْ | بعد أن أكرهوا القنا والشفارا |
وأطاروا فَراشَ كلِّ رؤوسٍ | وأماروا ذاك النجيعَ المُمارا |
إنّ يوم الطفوف رنحني حز | ناً عليكم وماشربتُ عُقارا |
و إذا ما ذكرتُ منه الذي ما | كنتُ أنساه ضيق الأقطارا |
و رمى بي على الهموم وألقى | حيداً عن تنعمي وازورارا |
لستُ أرضى في نصركمْ وقد احتجْـ | ـتمْ إلى النّصر مِنِّيَ الأشعارا |
و أقول الذي كتمتُ زماناً | و توارى عن الحشا ما توارى |
قل لقومٍ بنوا بغير أساسٍ | في ديارٍ ما يملكون منارا |
واستعاروا منَ الزّمان وما زا | لتْ لياليه تستردُّ المعارا : |
ليس أمرٌ غصبتموه لزاماً | مَيُّ أنَّى لي أقصُرُ اليومَ عن كُلْ |
أيُّ شيءٍ نَفعاً وضُرَاً على ما | عود الدهرُ لم يكن أطوارا ؟ |
قد غدرتمْ كما علمتم بقومٍ | لم يكنْ فيهم فتى ً غَدّارا |
ودَعوتمْ منهمْ إليكم مُجيباً | كرماً منهُمُ وُعوداً نِضاراً |
أمنوكمْ فما وفيتمْ وكم ذا | آمنٌ ، من وفائنا الغدارا |
و لكمْ عنهمُ نجاءٌ بعيدٌ | ـضَى بأن بتُّ للأكارم جارا |
و أتوكمْ كما أردتمْ فلما | عايَنوا عسكراً لكمْ جرَّارا |
و سيوفاً طووا عليها أكفاً | وقناً في أيمانكمْ خطارا |
علموا أنكم خدعتمْ وقد يخد | عُ مكراً من لم يكن مكّارا |
كان من قبل ذاك سترٌ رقيقٌ | بيننا فاستلبتُمُ الأستارا |
وتناسيتُمُ وما قَدُمَ العهـ | ـدُ عهوداً معقودة ً وذمارا |
و مقالاً ما قيل رجماً محالاً | و كلاماً ما قيل فينا سرارا |
قد سَبرناكُمُ فكنتمْ سَراباً | وخَبرناكُمُ فكنتمْ خَبارا |
وأردتمْ عزّاً عزيزاً فما ازددْ | تمْ بذاك الصَّنيع إلاّ صَغارا |
وطلبتمْ ربحاً وكم عادتِ الأربا | حُ مابيننا فعُدْن خَسارا |
كان ما تُضْمِرون فينا من الشَّرْ | رِ ضِماراً، فالآن عادَ جِهارا |
في غدٍ تُبصر العيونُ إِذا ما | حلنَ فيكمْ إقبالكمْ إدبارا |
و تودون لو يفبد تمنٍّ | أنَّكُم ما ملكتُمُ دينارا |
لم يكونوا زيناً لقومهمُ الغرَّ | و لكنَّ شيناً طويلاً وعارا |
وكأنّي أثنيكُمُ عن قبيحٍ | بمقالي أزيدكم إصرارا |
قد سمعتمْ ما قال فينا رسول الله | يتلوه مرة ً ومرارا |
وهو الجاعلُ الذي تراخَوا | عن هوانا من قومه كفّارا |
و إذا ما عصيتمُ في ذويه | حال منكمْ إقراركمْ إنكارا |
وغُرِرتمْ بالحلمِ عنكم وما زِيـ | ـدَ جَهولٌ بالحلم إلاّ اغترارا |
وأخذتمْ عمّا جَرى يومَ بدرٍ | و حنينٍ فيما تخالون ثارا |
حاشَ لله ماقطعتم فتيلاً | لا ولا صرتُمُ بذاك مَصارا |
إنّ نور الإسلام ثاوٍ وما استطا | عَ رجالٌ أن يكسفوا الأنوارا |
قد ثللنا عروشكمْ وطمسنا | بيد الحقّ تلكُمُ الآثارا |
ثمّ قُدناكُمُ إلينا كما قا | دتْ رعاة ُ الأنعام فينا العشارا |
كم أطعتمْ أمراً لنا واطرحنا | ما تقولون ذلة ً واحتقارا |
كم لنا منكمْ جروحٌ رِغابٌ | وجروحٌ لمّا يكُنَّ جِبارا |
و ضرارٌ لولا الوصية بالسلـ | ـمِ وبالحلم خاب اك ضرارا |
صِدقكمْ بعد أن فَضحتمْ نِزارا | |
وإِذا ما الفروعُ حِدنَ عن الأصـ | ـل بعيداً فما قَرُبْنَ نِجارا |
إنّ قوماً دنوا إلينا وشبوا | ضَرَماً بيننا لهمْ وأُوارا |
ما أرادوا إلاّ البوارَ ولكنْ | كم حمى اللهُ من أراد البَوارا |
فإلى كم والتجرياتُ شعاري | و دثاري ألابس الأغمارا |
قَسماً بالّذي تُساقُ لهُ البُدْ | نُ ويكسى فوق الستار ستارا |
وبقومٍ أَتَوا مِنى ً لا لشيءٍ | ـنَ قبيحٌ سَعوْا إليه إحضارا |
وبأيدٍ يُرفَعْنَ في عَرَفاتٍ | داعياتٍ مخولاً غفارا |
كم أتاها مُخيَّبٌ مايُرجَّى | فانْثَنى بالغاً بها الأَوطارا |
والمصلّين عندَ جَمْعٍ يُرجّو | ن الذي ما استجيرَ إِلاّ أجارا |
وأعادَ الهجيرُ والقُرُّ والرَّوحا | تُ منها تحت الهجار هجارا |
يا بني الوحي والرسالة والتطـ | ـهير من ربهمْ لهمْ إكبارا |
إنكم خيرُ من تكون له الخضـ | ـراءُ سقفاً والعاصفاتُ إزارا |
وخيارُ الأنيس لولاكُمُ فيـ | ـها تحلون من يكونوا خيارا ؟ |
و إذا ما شغفتمُ من ذنوب الـ | ـخلق طراً كانت هباءً مطارا |
وأقاسي الشَّدّاتِ بُعداً وقُرباً | وأخوضُ الغمارَ ثمّ الغمارا |
و أموراً يعيين للخلق لولا | أنني كنت في الأذى صبارا |
أنا ظامٍ وليس أنقعُ أنْ أُبـ | ـصرَ في الناس ديمة ً مدارا |
و طموحٍ إلى الخيار فما تبـ | ـصرُ عيني في الخلق إلاّ الشِّرارا |
ليتَ أنّي طِوالَ هذي اللّيالي | نلتُ فيهنَّ ساعة ً إيثارا |
و إذا لم أذق من الدهر إحلا | ءً مدى العمر لم أذق إمرارا |
سالياً عن غروس أيدي الليالي | كيفَ شاءتْ وقد رأيتُ الثّمارا؟ |
أيُّ نفعٍ في أن أراها دياراً | خالياتٍ ولا أرى ديارا |
وطردناكُمُ عن الكفر بالّلـ | ذب فيه أعيوا عليَّ السكارى |
فسقى اللهُ مانزلتمْ من الأر | ض عليه الأنواءَ والأمطارا |
وإذا ما اغتدى إليها قِطارٌ | فثنى الله للرواح قطارا |
غير أنِّي متى نُصرتمْ بطعنٍ | أو بضربٍ أسابق النصارا |
و إلى أن يزول عن كفيَ المنـ | ـعُ خذوا اليوم من لساني انتصارا |
و اسمعوا ناظرين نصر يميني | بشبا البِيض فَحْليَ الهدَّارا |
فلساني يحكي حُسامي طويلاً | بطويلٍ وما الغرار غرارا |
وأُمِرْنا بالصَّبرِ كي يأتِيَ الأمـ | ـرُ وما كلُّنا يطيقُ اصْطبارا |
و إذا لم نكن صبرنا اختياراً | عن مرادٍ فقد صبرنا اضطرارا |
أنا مهما جريت في مدحكمْ شأ | واً بعيداً فلن أخافَ العِثارا |
و إذا ما رثيتكمْ | بقوافيَّ سراعاً فمرجلُ الحيَّ سارا |
عاضني الله في فضائلكم علـ | ـماً بشكٍّ وزادني استبصارا |
وأراني منكُمْ وفيكُمْ سريعاً | كلَّ يومٍ ما يُعجبُ الأبصارا |