خذ صاحبى عنّى الذى أملى
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
خذ صاحبى عنّى الذى أملى | ودعِ الذى آباه من عذلى |
أنا من أُناسٍ ليتَ قطعَهمُ | قد كانَ لي بَدَلاً منَ الوَصْلِ |
لا يطعمون سوى القبيحِ ولا | يردون إلاّ قهوة َ الجهلِ |
من كلّ عريانِ اليدين من الـ | ـمعروف ملآنٌ من البخلِ |
وكأنّهمْ ليلٌ بلا سحرٍ | يأتيهِ أو عقدٌ بلا حلِّ |
وكأنّهمْ فى صدر جارهمُ | حنقاً عليهمْ مرجلٌ يغلى |
فهمُ صقيعٌ لا دِثارَ بهِ | وهَجيرُ مُقفِرة ٍ بلا ظِلِّ |
وعقولهمْ لغفولهمْ سفهاً | وصبيُّهمْ والٍ على الكَهْلِ |
والجِدُّ مِنِّي كم أبَوْهُ كما | أَأْبَى الَّذي فيهمْ منَ الهَزْلِ |
يا ليتني لمّا مشيتُ إِلى | عَرَصاتهمْ ما كنتُ ذا رِجْلِ |
عجلَ الزّمانُ وأهلهُ معه | من أنْ يُقيمَ عليهمُ مِثْلي |
ما كان إلاّ فى ديارهمُ | هضمى وبين بيوتهمْ ذلّى |
وكأنَّني لمّا لففْتُ بهمْ | شملى امرؤٌ متقطّعُ الشّملِ |
وشغلتُ نفسي بُرهة ً بهمُ | فكأنّنى منهمْ بلا شغلِ |
يرموننى من قبلهمْ أبداً | بالزُّورِ والبُهتانِ والبُطلِ |
وجوائفُ الأقوالِ رامية ٌ | تُنسي الرَّميَّ جوائِفَ النَّبْلِ |
ومذانبٌ للماء ليسَ لها | نهلى على ظمأى ولا علّى |
أينَ الذينَ عهدتُ قبلهمُ | سارينَ في طُرُقٍ إلى الفضلِ؟ |
الحاملين على قلوبهمُ | همّى وفوق ظهررهمْ ثقلى |
وكأنّهمْ قضبٌ يمانية ٌ | مصقولة ٌ من غير ما صقلِ |
كم فيهمُ من منشرٍ كرماً | بعدَ المماتِ وقاتلِ المَحْلِ |
ويطيع من كرمٍ تجلّله | أمرَ النَّدى ودواعيَ البَذلِ |
ما بيننا قربٌ ولا نَسبٌ | وكأنّهم من برّهمْ أهلى |
ودفاعُهمْ عنِّي يُرفِّهني | عن أنْ أمُدَّ يداً إلى نَصْلي |
لولاهمُ فى يومِ عاذمة ٍ | لم أنجُ من أنيابها العصلِ |
أرخصتُ غيرهمُ لأنّهمُ | يغلون أثمانى كما أغلى |
فهمُ جبالي إنْ ذُعِرتُ ولي | يومَ ارتعاءِ نباتهمْ سهلى |
فإذا همُ حلموا حلمتُ وفى | يومِ انتقامٍ جهلهمْ جهلى |
دَرَجوا فلا عينٌ تُشاهِدُهمْ | أبداً ولا تأتيهمُ رسلى |
فعلى قبورهمُ وإن درستْ | ماشئن من قطرٍ ومن وبلِ |