يا ثاوياً خلفَ الرِّتاجِ المُطْبَقِ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
يا ثاوياً خلفَ الرِّتاجِ المُطْبَقِ | أعزز على َّ بأنّنا لا نلتقى |
دخلَ الزَّمانُ كما كرِهنا بيننا | ورمَى اجتماعاً بيننا بتفرُّقِ |
ووددتُ لمّا قلتُ قد فارقته | تحت الجنادل أنّنى لم أصدقِ |
وطرحْتُهُ مُتَسربلاً نَسْجَ الثَّرى | في قعرِ مُسودِّ الجوانبِ ضيِّقِ |
وفعلتُ فيه وإنّنى شفقٌ به | لمّا يئستُ فِعالَ غيرِ المشفقِ |
ورجعتُ عنه كأنَّني لم ألقَهُ | وكأنَّني بنسيمهِ لم أعْبَقِ |
أبكي وليس يردُّ مَيْتاً ماضياً | جَزَعي عليه ولا طويلُ تحرُّقي |
وسَرقتُه مِنْ بينِ مَنْ حُرِّمتُه | ففقدته فوددتُ أنْ لم أسرقِ |
أينَ الذين بَنَوا رفيعاتِ البُنَى | مِن بارقٍ وسَدِيرِهِ وخَوَرْنَقِ |
ومن ابتنى الهرمين ثمّ علاهما | بالعَصْب والدِّيباج والإستبرقِ |
أم أينَ مَن أعلى بُنَى إيوانِهِ | عزّاً كنجمٍ في السّماءِ محلِّقِ |
وتَرى اللّيالي بُكرة ً وعشيَّة ً | خَضِلَ الأصائلِ منه غضَّ الرَّونَقِ |
كانت تفتّحُ للثّرا أبوابه | فثناه مصرعه ببابٍ مغلقِ |
ولكمْ توسّد فى القلالِ نمارقاً | فالآنَ نُوسدُه صَعيدَ الأبرقِ |
ومتوّجٍ بمرصّعٍ من عسجدٍ | بُوغاؤه في اللحْدِ تاجُ المَفْرَقِ |
تهتزّ " فوق " شواته فى حفرة ٍ | من بعد ألوية ٍ غصونُ العشرقِ |
سَوَّى الرَّدَى بينَ الرِّجالِ فباسلٌ | كمجبّنٍ ومموّلٍ كالمملقِ |
وإذا مَضَوا حِزَقاً إلى حُكمِ البِلى | نُبذوا إلى كَفَّيْ سَفيهٍ أَخْرَقِ |
فجلودهمْ ببنانِ كلِّ ممزّقٍ | وعظامهمْ فى ما ضغى ْ متعرّقِ |
كانوا الحلولَ بكلِ قصرٍ شاهقٍ | فهمُ الحلولُ بكلّ قفرٍ سملقِ |
وكأنَّ فارسَهمْ لِطْرِفٍ ماعلا | وخطيبهمْ فى محفلٍ لم ينطقِ |
قُل للذي كنزَ الكنوزَ لغيره | جهلاً وجمّع ماله لمفرّقِ |
إنْ كنتَ ما أنفقته ضنّاً به | أَضحى برغمك في أناملِ مُنفِقِ |
وإذا البخيلُ حمى لضنٍّ نفسه | من رزقه فكأنّه لم يرزقِ |
ونَعى إليَّ السُّمسميَّ مُخَبِّرٌ | فوددتُ أنّ لسانه لم يخلقِ |
وجهدتُ كلَّ الجهدِ وهو محقّقٌ | لمقاله أنْ كان غيرَ محقّقِ |
فبليتُ من نجواهُ لا ناجى بها | بمسَّهدٍ طولَ الدُّجَى ومؤرَّقِ |
وسلبتُ منه كلَّ خلقٍ معجبٍ | وفَقدتُ منه كلَّ شيءٍ مُونِقِ |
وطلبتُه بينَ الرِّجالِ فلم يكنْ | ولربَّ مطلوبٍ بِنا لم يلحقِ |
وكأنَّني من بعدهِ ذو قَفْرة ٍ | صَفِرَتْ إداوتُهُ كليلُ الأينُقِ |
ولقد مَحا آدابَه وعلومَه | منّا الرّدى بالرّغمِ محوَ المهرقِ |
فكأنّنا لكلامه لم نستمعْ | وكأنّنا لعبيره لم ننشقِ |
ولوِ الرَّدى ممّا يدافعُه الفتى | لدفعتُ عنه بكلِّ غالٍ أرْوَقِ |
وبكلِّ خوَّارِ المهزَّة ِ باترٍ | عضبٍ رقيقَ الشّفرتين مذلّقِ |
وحطمتُ فى رداك أسنّة ً | فوق الجياد الضّمّراتِ السّبّقِ |
حتّى ألفَّ مثلّماً بمثلّمٍ | ومنَ الوشيج مدقَّقاً بمدقَّقِ |
في غُلْمَة ٍ مُتَسرِّعينَ إلى الرَّدَى | متهجّمين على المقامِ الضيّقِ |
من كلّ وضّاح الجبين كأنّه | قمرٌ وممتدِّ القناة ِ عَشَتَّقِ |
مُتزاحمين فَمنْسِرٌ في مَنْسِرٍ | أو فَيْلقٍ بضرابه في فَيلقِ |
لم يشربوا إلاّ كؤوسَ قِسِيِّهِمْ | أو يَطْعموا إلاّ لحومَ المأْزقِ |
لِقناهُمُ بينَ الأضالعِ في الوغَى | زَجَلٌ ولا زجلُ الأَباءِ المُحْرَقِ |
وإذا همُ طعنوا تريبَ مجرّدٍ | أَضحى بنسجِ نَقيعهِ في فَيلقِ |
وصَحبتني وأنا امرؤٌ متدرِّعٌ | درعَ الشّبابِ وبردة ً لم تخلقِ |
لم تُمحَ مِنّي جِدَّتي ونَضارتي | كلاّ ولا نضبتْ غضارة ُ رونقى |
جادتْ عليك سحائبٌ مُنهلَّة ٌ | من كلِّ منفتِقِ الكُلى مُتخرِّقِ |
صخبِ الرّعودِ له زماجرُ أخجلتْ | باللّيلِ زمجرة َ الهزبرِ المحنقِ |
وكأنّه متراكماً صمٌّ هوتْ | من شاهقٍ أو جِلّة ٌ من دَرْدَقِ |
وسقاكَ ربُّك ليس ما يَسقي بهِ | بمصرّدٍ كلاّ ولا بمرّنقِ |
ورثيتُ منك أخا فضائلَ لم تزلْ | كالشّمسِ أو كالكوكبِ المتألّقِ |
عجزتْ يدي عن أن تَبَرَّكَ ميِّتاً | فخذِ المبرَّة َ كلَّها من مَنطقي |