عَجِلَ الصبَّ وقد هبَّ طروبا
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
عَجِلَ الصبَّ وقد هبَّ طروبا | فتعدّى لتهانيك النسيبا |
منكَ بدر المجد قَد ألهاه عن | رشأٍ زرَّ على البدر الجيوبا |
بدر حسنٍ في دجى ً من فرعه | ما أُحيلاه طُلوعاً وغروبا |
كم تصبّى من أخي حُلمٍ وكم | من أخي لُبٍّ به جدَّ لعوبا |
لستُ أدري إذ يعاطي كفُّه | خمرة ً من لونها يبدو خضيبا |
أَجلا لامعة ً في كأسه | أم سنا وجنتهِ أبدى لهيبا |
شادنٌ وفرته ريحانة ٌ | نشرها ينفح للنُدمان طيبا |
ما أدار الراحَ إلاّ مثّلت | حول كسرى منه في الكأس ربيبا |
لا تقل قطّب من سَورَتها | مَن تعاطى رشفها كوباً فكوبا |
بل رآه حول كسرى فاكتسى | وجهُه من سورة الغيظ قُطوبا |
لك أخلاقٌ عدتني عن طِلاً | رشفها من فمه يحيي القلوبا |
ولطبعٍ فيك من رقّته | لي أنفاسُ الصَبا رقّت هبوبا |
عفتُ منه وجنة ً رقّت إلى | أن شكت من عقرب الصدغ دبيبا |
يا نسيمَ الريح إني لم أكن | لسواكَ اليومَ عنّي مستنيبا |
سر إلى البصرة واحمل عن فمي | كِلماً أعبق من ريّاك طيبا |
إنّ فيه منتدى ربِّ حجى ً | أحرَزَ السؤدَد مُذ كان ربيبا |
طف بعبد الله فيه إنّه | كعبة ٌ حطّت من الدهر الذنوبا |
واعتمد طلعَته الغّرا وقل: | بوركت من طلعة ٍ تجلو الكروبا |
أيّها الثاقب نوراً كلّما | قصدوا إطفاءَه زاد ثُقوبا |
أخصبت ربعَك أنواءُ الهنا | فبنوء الجود لم يبرح خصيبا |
خير ما استثمرته غصن عُلاً | لك أنماه النهى غضّاً رطيبا |
قد نشا في حجر علياكَ التي | رضع السؤدَد منها لا الحليبا |
ذاك عَبد الواحد الماليء في | عزّه قلبَ أعاديه وجيبا |
شبلك المخدر في عِرّيسة ٍ | ترهب الليث ولو مرَّ غضوبا |
إصطفى المجدُ له مُنجِبة ً | واصطفى منه لها كفواً نجيبا |
وعلى نسلهما من قبل أن | يلداه قيل بارك كي يطيبا |
فلكَ البشرى بعرسٍ سعدُه | في محيّا الدهر ما أبقى شحوبا |
مسحت قلبَ العُلى فرحتُه | بيدٍ ما تركت فيه نُدوبا |
قم فهّني المجدَ يا سعدُ بمن | مثله لم يصطف المجد حبيبا |
وعن الحسّاد لا تسأل وقل | مهجٌ لاقت من الوجد مذيبا |
قد أبات القومَ في غيظهم | يتجافون على الجمر جنوبا |
خطبوا مجدكَ يا مَن كم به | عنهم قد دفع الناسُ الخطوبا |
وجروا خلفك للعَليا وكم | فُتّ مطلوباً وأدركت طَلوبا |
فاتهم منك ابن مجدٍ لم يزل | في العُلى أطولَهم باعاً رحيبا |
أينَ من في الأرض ممّن عقدت | بنواصي الشهب علياه الطنوبا |
حسدت شهبُ الدراري وجهه | إذ له ما وجدت فيها ضريبا |
وغدا الأُفق الذي زِينَ بها | يتمّنى فيه عنها أن ينوبا |
يا بني العصر دعوا ضَربكم | بقداحٍ قط لم تحرز نصيبا |
فبأعشار العُلى فاز فتى ً | كان كفّاه المعلى ّ والرقيبا |
أروعٌ وقّر ناديه النهى | فبصدر الدهر لم يبرح مَهيبا |
ما النسيم الغضٌّ يسري سحراً | منعشاً في بُردِ ريّاه القلوبا |
لكَ أذكى من سجاياه شذاً | فانتشق زهر المعالي مستطيبا |
فلبسّام العشّيات فِدى ً | أوجهٌ تدجو على الوفد قطوبا |
ولرطب الكفّ في الجدب وقى ً | كفُّ قومٍ جفَّ في الخصب جدوبا |
شنّجته علة ُ البخل فلا | طبَّ أو يغدو له السيفُ طبيبا |
أغربت أوصاف ذي مجد حوى | من مزايا المجد ما كان غريبا |
أين ما يسري سرى شوقُ الورى | فهو يقتاد الحشا منها جنيبا |
وهو بحرٌ ولهذا فمه | يقذف اللؤلؤَ في النادي رطيبا |
وهو الغيثُ وأجدر أن ترى | علّم الغيثَ نداه أن يصوبا |
أين منه معدل الضيف إذا | لِقراه التمس المسنى المطيبا |
وإذا ضرع الغوادي جفَّ في | شتوة ٍ واغبرَّت الأرض جَدوبا |
بسط الكفَّ بها ثم دعى | دونكم حافلة َ الضرع حلوبا |
وغدا يطربُ إذ يسمعها | للقِرى هدّارة الغلي غضوبا |
رثّ بردُ الحمدِ لولا ملِكٌ | كلّ آن يلبسُ الفخرَ قشيبا |
أطربَ المدحَ إليه أنّه | فاتخٌ سمعاً إلى المدح طروبا |
عربيّ الذوق يستحلي التي | من عَذارى الشعر جاءته عَروبا |
خطب الأبكارَ مشغوفاً بها | فأقام الجودَ في الدنيا خطيبا |
فهو عذريّ الهوى في عذرها | وهي من شوقٍ له تطوي السهوبا |
أبداً تدعو له قائلة ً | لا رأت شمسُ معاليكَ الغروبا |