عنوان الفتوى : ما حكم فتح حساب ادّخار في البنك؟ وهل ترد الفوائد إليه؟
السؤال
لديّ مبلغ من المال في دفتر توفير بالبنك، وكل سنة تضاف له فوائد؛ رغم أنني رفضت، وطلبت من البنك إلغاءه، إلا أنه رفض.
أول فائدة سحبتها، ومنحتها شخصًا هو في حاجة لها، دون نية التصدق، وأريد أن أعرف إذا كنت قد ارتكبت ذنبًا في حقّ نفسي، وحقّ من منحته ذاك المال، مع علمي أنه مال ربا؟ وما الوجه الصحيح للتخلص من تلك الفوائد؟
ملاحظة:
1- منحت تلك الفائدة بعد استشارة إمام مسجد.
2- حاجتي لحساب الادّخار؛ لأنني لا أتمكن من توفير بعض المال من أجرتي.
3- قبل اللجوء لهذا النوع من الادّخار، لم أكن أعلم أنه عليه فوائد سنوية.
4- ليست هناك حسابات للادّخار دون فوائد في بلادي.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنجمل الجواب عن سؤالك في النقاط التالية:
أولًا: لا يجوز فتح حساب في البنوك الربوية مطلقًا.
ومن دعته الضرورة، أو الحاجة الشديدة إلى فتح حساب لدى البنوك الربوية، فعليه أن يقتصر على موضع الحاجة، ويفتح حسابًا جاريًا، لا حساب ادّخار.
ومن يجد بنكًا إسلاميًّا يمكنه التعامل معه، وتندفع به حاجته، فليس له التعامل مع البنوك الربوية، جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي ما يلي: يحرم على كل مسلم يتيسر له التعامل مع مصرف إسلامي، أن يتعامل مع المصارف الربوية في الداخل، أو الخارج؛ إذ لا عذر له في التعامل معها مع وجود البديل الإسلامي، ويجب عليه أن يستعيض عن الخبيث بالطيب، ويستغني بالحلال عن الحرام. انتهى.
ثانيًا: إذا كان حساب الادّخار في بنك إسلامي، يلتزم باستثمار أموال المستثمرين لديه في المجالات المباحة، فلا حرج في الانتفاع بأرباحها، ولو في خاصّة نفسك، ولك التصدق بها.
ثالثًا: من جاءته فوائد ربوية من حسابه في البنك الربوي، فيلزمه التخلص منها بصرفها في مصالح المسلمين، أو دفعها إلى الفقراء، والمساكين، ولا يردّها إلى البنك، بل يتصرف فيها هو، والمؤسسة لم تبذل الفوائد من مالها حتى يلزم ردّها إليها، فهي أموال محرمة، لا يعرف أصحابها، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: كل مال لا يعرف مالكه -من الغصوب، والودائع، وما أخذ من الحرامية من أموال الناس، أو ما هو منبوذ من أموال الناس-، فإن هذا كله يتصدق به، ويصرف في مصالح المسلمين. اهـ
فلا تُردّ تلك الفوائد إلى البنك، بل يتخلص منها المرء بنفسه بسحبها، ودفعها في مصارفها.
وعليه؛ فلو كان حسابك ببنك ربوي، فما فعلته من التخلص من تلك الفوائد هو ما يلزم، ولا حرج على الفقير في أخذها، والانتفاع بها، قال النووي في المجموع: وإذا دفعه -المال الحرام- إلى الفقير، لا يكون حرامًا على الفقير، بل يكون حلالًا طيبًا ... انتهى.
ومع ذلك؛ فعليك أن تراعي ما سبق بيانه من تفصيل حول ضرورة الكفّ عن معاملة البنوك الربوية، إذا وجدت بنوك إسلامية تندفع بها الحاجة.
والله أعلم.