نفحاتُ السرورِ أحيت حبيبا
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
نفحاتُ السرورِ أحيت حبيبا | فحبتنا من النسيب نصيبا |
وأعادت لنا صريعَ الغواني | يسترقُّ الغرامَ والتشبيبا |
غادرتنا نجرّ رجل خليعٍ | غَزلٍ كالصبا يعدُّ المشيبا |
نعّمتنا بناعم القدِّ غضّ | قد كساه الشبابُ برداً قشيبا |
زارنا والنسيمُ نمَّ عليه | فكأَنَّ النسيمَ كان رقيبا |
رشأٌ عاطشُ الموشح ريّا | نُ بماء الصِّبا يميس قضيبا |
ما نضى برقعَ المحاسن إلاّ | لبس البدرُ للحياءِ الغروبا |
فعلى بانة يجيلُ وشاحاً | وعلى نيّرٍ يزرُّ جيوبا |
لو رأت نارُ وجنتيه النصارى | عبدت كالمجوس منها اللهيبا |
أَو لحاها قسّيسُها لأتت تو | قد فيها ناقوسَها والصليبا |
كم لحاني العذولُ ثم رآه | فغذا شيّقاً إليه طروبا |
جاءَني لائماً فعاد حسوداً | ربَّ داءٍ سرى فأعدى الطبيبا |
يا نديمي أطربتَ سمعي بلمياءَ | ويا ربِّ زِدتني تعذيبا |
لي فيها جعلتَ ألفَ رقيبٍ | ولشهب السما جعلت رقيبا |
ذاتُ قدٍّ تكاد تقصف منه | نسماتُ الدلال غصناً رطيبا |
فأعد ذكرها لسمعي فقلبي | كادَ شوقاً لذكرها أن يذوبا |
غنِّ لي باسمها على نُقُلِ الراح | وزدني أفدي لكَ العندليبا |
بربيبٍ حوى بديعَ جمالٍ | فيه قد أخجل الغُزالَ الربيبا |
كَفِلاً ناعماً وطرفاً كحيلاً | وحشى َ مُخطفاً وكفّاً خضيبا |
وَكَورد الرياض وجنة ُ خدٍ | يقطفُ اللثمُ منه ورداً عجيبا |
كلّما طّله الحيا بنداه | رشَّ ماءً فبلَّ فيه القلوبا |
يا بعيداً أثمرنَ منه أعالي | غُصنِ القدِّ لي عِناقاً قريبا |
ما أجدَّ الفتورُ لحظَكَ إلاّ | وبلبّ اللبيب كان لعوبا |
أو بخديك عقربُ الصدغِ دبَّت | فبقلبي لها وجدتُ دبيبا |
لم تزل تألفُ الكثيبَ وقلبي | يتمّنى بأن يكون الكثيبا |
أنتَ ريحانة ُ المشوقِ ولكن | جاءَنا ما يفوق ريّاكَ طيبا |
فَلنَا من محمد بشذاه | نسماتُ الأقبال طابت هُبوبا |
نفحتنا أعطافهُ فانتشقنا | أرجاً عطّر الصَبا والجَنوبا |
أكثرت شوقها إليه القوافي | فأقلّت للمدح فيه النسيبا |
ودعت يا بن أعلم القوم بالله | ويا أكمل الورى تهذيبا |
لحظاتُ الإله في الخلق أنتم | وابنُ ريبٍ من ردَّ ذا مُستريبا |
ومتى تنتظم قنا الفخر كنتم | صدرها والكرامُ كانوا كعوبا |
وإذا أذنبَ الزمانُ فأنتم | حسناتٌ له تحطّ الذنوبا |
بَردت بالهنا ثغورُ المعالي | وجلى الابتسامُ منها الغروبا |
ووجوه الأيام قد أصبحت تخـ | ـطبُ حسناً وكنَّ قبلُ خُطوبا |
ضحكت بهجة ً بلامع بِشرٍ | لم تدع للتقطيب فيه نصيبا |
ليت شعري أكان للنجف الأشـ | ـرف أم للفيحاء أجلى شحوبا |
فرح طافت المسرّة ُ فيه | فأزالت عن القلوب الكروبا |
فتعاطت على اختلاف هواها | ضَرباً هذه وتلك ضريبا |
فأدر لي يا صاحبي حلب البشر | المُصفى ّ واترك لغيري الحليبا |
أيها القادمُ الذي تتمنى | كلُّ عينٍ رأته أن لا يغيبا |
قد شهدنَ الفجاج أنَّ بتقويـ | ـيضك للجود في الفلا تطنيبا |
كل فجٍ لم ترتحل منه إلاّ | وأقمتَ السماح فيهِ خَطيبا |
قد بذلت القِرى لها وسقاها | بك ربُّ السماءِ غيثاً سكوبا |
فكفاها خصباً بأنك فيها | سرتَ والغيثَ تقتلان الجُدوبا |
يا بن قومٍ يَكاد يمسكها الركـ | ـنِ كما يمسك الحبيبُ الحبيبا |
بك باهى مقامُ جدّك إبرا | هيمَ لمّا أن قمت فيه مُنيبا |
مسَّ منه مناكباً لك مسّتـ | ـه وأخلِق عنه بها أن تنوبا |
ولو انَّ البطحاء تملك نُطقاً | لسمعت التأهيلَ والترحيبا |
منك حيّت عمروَ العُلى ذلك المُـ | ـكثر للضيف زادَه والمطيبا |
وأرتها شمائلٌ لك راقت | أنَّ شيخ البطحاءِ قامَ مهيبا |
واستهلَّت طير السماءِ وقالت | مشعُ الطير جاء يطوي السُهوبا |
إنَّ هذا لشيبة الحمد أولى | فابن مَن سادهم شباباً وشيبا |
شرفاً يا بني الإمامة َ قد الّـ | ـف مَهديُّها عليها القلوبا |
فيه بانت حقائق الفضل للنا | س وكنَّ الأسماءَ والتلقيبا |
وإليه رياسة الدين آبت | وقُصارى انتظارها أن تؤوبا |
كلّما عنَّ مشكلٌ حضرته | فكرة ٌ فيه أطلعته الغيوبا |
أحزمُ العالمين رأياً وأقوا | هم على العاجمين عوداً صليبا |
يا أبا الأنجمِ الثواقبِ في الخطـ | ـب بقلب الحسود أبقوا ثُقوبا |
إنَّ مَن عن قسّي رأيك يَرمي | لجدير سهامُه أن تصيبا |
حلف المجدُّ فيك لا يلد الدهرُ | لهم في بني المعالي ضريبا |
لست أدري هل الصوارمُ أم الـ | ـسنهم في الخصام أمضى غُروبا |
والغوادي للعام أضحكُ أم أيـ | ـديهم البيضُ حين تأبى قطوبا |
خير ما استغزر الرجا جعفرَ الجودِ | وَناهيك أن تروُدَ وهوبا |
لو بصغرى البنان ساجل بحراً | لأرى البحرَ أنَّ فيه نُضوبا |
أريحيٌّ أرقُّ طبعاً من الزهـ | ـر المندّى باكرته مستطيبا |
عجباً هزَّه المديحُ ارتياحاً | واهتزازُ الأطوادِ كان غريبا |
هو في طيب ذكره صالحُ الفعل | لقد طاب مَحضراً ومغيبا |
أطهر الناسِ مئزراً ورداء | الغيب أنقى على العفاف جيوبا |
خُلقه أسكر الزمانَ ولكن | لم يكن في كؤوسه مسكوبا |
قل لِمن رام شأوَه أين تَبغي | قد تعلّقت ظنّك المكذوبا |
أو ما في الحسين ما قد نهاكم | أن تطيلوا وراءَه التقريبا |
سادة للعُلى يرشّحها المجدُ | وليداً وناشئاً وَربيبا |
زعماءُ الأنام قد ضرب الفخرُ | عليهم رِواقَهِ المحجوبا |
سمروا في قباب مجدٍ أعدوّا | حارسيها الترهيبَ والترغيبا |
كلّ سَبطِ البنان في الشتوة الغبـ | ـراء يأبى عنها الحيا أن ينوبا |
حيّ بسامة َ العشيّ تُفدّي | بوجوهٍ كم قد دجت تقطيبا |
كم دعاها الرجا فأنشد يأساً | من سجايا الطلول أن لا تجيبا |
لا عدى ميسم الهيجاءِ أُناساً | كان وسمُ المديح فيهم غريبا |
صبغ الله أوجه البيض والصفر | بحظّ الذي يكون أديبا |
كم أعارت محاسنُ الدهرِ قوماً | ملأُوا عيبة َ الزمان عُيوبا |
أيّها اللامعاتُ فيهم غروراً | لابن دينارك استرقّي الخصيبا |
كتب الطبع فيك نصراً من الحظ | وفتحاً للأَعبياءِ قريبا |
كم لبيبٍ بغير مُغنٍ ومُغنٍ | لأخي ثروة ٍ وليس لبيبا |
فأعد لي ودعهم ذكرَ قومٍ | لك مهما نشرته ازدادا طيبا |
عِترة َ الوحي ما أقلّ ثنائي | إنَّ ظهر الإِنشاء ليس ركوبا |
بل بصدر القول ازدحمنَ مزايا | كم فضيّقنه وكان رحيبا |
لم تزل منكم تقرُّ عيوناً | فرحاتٌ لكم تسرّ القلوبا |
فبثوب الزمان ليس سواكم | فالبسوه على الدوام قشيبا |