أعلمتِ طارقة الخطوب السودِ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
أعلمتِ طارقة الخطوب السودِ | بحمى الوصر صرعتِ أيَّ عميدِ |
ونزعتِ يا نزعتْ يداك بنانَها | من قبّة الإسلام أيَّ عمود |
ونعم فهبكِ قرعِته بمرَّنة ٍ | صمّاء تأخذ من قوى الجلمود |
أفطرتِ إلا قلبَ حامية الهدى | وصدعتِ إلا بيضة التوحيد؟ |
وبللتِ إلا في مدامع عينه | ذاك الصعيدَ على أجل فقيد؟ |
الآن مات العلمُ واندرس التقى | وعفا السماحُ وطاح كفُّ الجود |
فُجعت بنو الدنيا بزاد مقلِّها | وبريِّ حائمة الرجا المطرود |
وسرى فطبَّقها عليه مآتماً | ناعٍ تضيق به رحابُ البيد |
صلّى الإله عليك من مفقود | جلَّ المصاب به عن التحديد |
شغلت رزيتُك الملائك فاغتدت | لك في هبوطٍ عن جوى وصعود |
وكفاك قدراً أنَّ نعيَك في السما | خلطته بالتقديس والتحميد |
وبرفعها ذاك السريرَ تقرّبت | زلفى إلى خّلاقها المعبود |
رفعت به الأخوين شخصَك والتقى | وتلته بالتسبيح والتمجيد |
وبكاك دينُ الله بالعين التي | بكت الأئمة َ علَّة الموجود |
عدلت رزَّيتهم رزيتَك التي | قصمت قوى الإيمان والتوحيد |
ماذا يوارى خطُّ قبركَ من حجى ً | يزنُ الجبالَ ومن ندى ً مورود |
إن تمس مهجورَ الفناء فطالما | وقف الرجاءُ ببابكَ المقصود |
أو إن تكن جمدت بنانُك بالردى | فعليك عينُ الجود غير جمود |
أو قلَّ من أيام عمرك عدّها | فكثيرُ بِرّك ليس بالمعدود |
تبكيك عينٌ كم مسحت دموعَها | ببرود فضلٍ لا بفضل برود |
لم تبقَ بعدك للمطالب نجعة ٌ | طُويَ الرجاءُ على حشا مكمودِ |
هدم الردى بك ركنَ ملة «أحمدٍ» | ولطالما بك كان للتشييد |
غسلت سوادَ عيونها بدموعها | فصبغن أردية الكرام الصيد |
صبغت بها تلك الثيابَ فسوَّدت | وجهَ الزمان بذلك التسويد |
ورأت بقية فخرها قد أدرجت | في برد شخصٍ بالفخار وحيد |
كم رَدَّ غربَ الخصم وهو مركَّبٌ | منها بثغرة نحرها والجيد |
ووقى بمهجته الكريمة قلبَها | من أسهم الأعداء كلَّ مبيد |
فكأنها في صبرها دون الهدى | مع فرط رقَّتها مجنُّ حديد |
بأبي الذي عقدوا عليه رداءَه | والخيرُ تحت ردائه المعقود |
لبس الحياة َ فصان طاهرَ بردها | بصلاحه وعفافه المشهود |
حتى استجدَّ سواه ثوباً للبلى | ومضى على كرمٍ نقى َّ العود |
يا ثاوياً خلف الصعيد كفى جوى ً | أني دعوتكَ من وراء صعيد |
لثراك استسقي ثلاثَ سحائبٍ | متكافئاتٍ كلها في الجود |
فسحابة وطفاء منك تعلَّمت | للأرض سقيَ تهائم ونجود |
وسحابة من جود كفَّكَ أنبتت | شكرَ العفاة بدرَّها المحمود |
وسحابة من عبرتي ما أن ونت | إلا وقالَ لها افتقادكَ جودي |
هي بالزفير إليك ذاتُ بوارقٍ | ومن الحنين عليك ذاتُ رعود |
فاذهب حميداً في الجنان مخلداً | فالعيشُ بعدك ليس لي بحميد |
ولقد دعوت الدينَ بعدك دعوة ً | يستكُّ منها سمعُ كلِّ حقود |
لا تخشَ ضعفاً في الزمان وإن غدا | يرسو بداهية ٍ عليك كؤود |
فبه لك "لمهديُّ" أمنعُ قوَّة ٍ | تأوى لركنٍ من علاه شديد |
نسجت حميتهُ عليك صنيعتهً | لم تقضِ نثرتها يداً داود |
فإذا دجا ليسلُ الخطوب فلقته | من ضوء صبح جبينه بعمود |
علمُ الهدى السامي الذي هو في كلا | حسبيه سادَ على الكرام الصيد |
ومفيد فضلٍ لو أتى العصر الذي | فيه المفيدُ لقال أنتَ مفيدي |
هو آية ُ الله التي قد أبطلتْ | في العالمين عنادَ كلِّ جحود |
وأبو المصابيح التي شهبُ السما | رمقت مطالعَها بطرف حسود |
لو فاخرت نهرَ المجرَّة في السما | غلبت بجعفر جودها المورود |
ذاك الذي في الجود أرسل صالحاً | لكن لأهل الفضل لا لثمود |
و«محمدٌ» منه الحسينُ فعاذرٌ | إن قلتُ أرسل خاتماً في الجود |
أقمار تمٍ في بروج سما العُلى | شرفاً يضيءُ على الليالي السود |
وأسودُ غيلٍ في المهابة لو حموا | مأوى الظِباء لكن غيل أسود |
وترى المكارمَ من مناقب فضلهم | تختالُ بين قلائدٍ وعقود |
من كلّ محتلب البنان رقيقها | في كلّ جامدة الضروع صلود |
ويقول للكفِّ الكريمة كلما: | بدأت بعارفة ٍ بدار أعيدي |
يا عترة َ الوحي الذين توطَّدت | بهم دعائم ملَّة َ التوحيد |
دمتم لنا والعزُّ فوق رواقكم | والفخر تحت رواقه الممدود |
وبحسبكم علمُ الشريعة جعفرُ» الـ | إحسان عن عَلم الهدى المفقودِ |
والعزُّ من آل المكارم من سَموا | شرفاً بفضلِ طارفٍ وتليد |
قد رُدَّ عقدُ الفخر في جيد العُلى | «بأبي محمد» وهو عقدُ الجيد |
وأعاد يا دار الهدى لك "جدّه" | فكأنه لم يُطوَ في ملحود |
أحيا مآثره الحسانَ وزادها | لو كان فيها موضعٌ لمزيد |
لو لم تبت أمُّ السماح طروقة | لندى يديه لم تكن بولود |
يا من وجوهُهم مصابحُ للهدى | وأكفُّهم في الجود سحبُ الجود |
ماذا أقول معزّياً بنشائدى ؟ | قطعت مهابتُكم لسان نشيدي |