خطب ومحاضرات
مسابقة في آية المحرمات
الحلقة مفرغة
كانت السنة الثانية من الهجرة حافلة بالأحداث، ومن أهم أحداثها تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة، وفرض صيام رمضان، ومشروعية صلاة العيد وزكاة الفطر، وفريضة الزكاة وبيان أنصبتها وشروطها، ومن الأحداث وفاة عثمان بن مظعون أخي النبي من الرضاع ووفاة رقية بنت النبي، وزواج عثمان من أم كلثوم بنت النبي، وزواج علي من فاطمة بنت النبي، ومن ذلك وصول زينب بنت النبي إلى المدينة قادمة من مكة، ولحاق أبي العاص بن الربيع بها مسلماً فيما بعد.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصبحه أجمعين، الحمد لله الذي أنزل علينا الكتاب، وأرسل إلينا الرسول محمداً صلى الله عليه وسلم، فعلَّمنا وأحسن تعليمنا، وفقَّهنا في أمور ديننا، وهو القائل صلى الله عليه وسلم: (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين).
إن الفقه في الدين -أيها الإخوة- من الأمور العظمية، ومعرفة الأحكام الشرعية من الواجبات الكبيرة، والناس يحتاجون إلى معرفة الأحكام في كثير من الأمور، وخصوصاً الأمور المتكررة، التي تكون الحاجة إليها قائمة باستمرار.
وحديثنا في هذه الليلة ودرسنا عن موضوع علمي فقهي شرعي، وهو موضوع له لذة، وفيه إعمال للعقل والفكر، موضوع نحتاج إليه جميعاً؛ لأننا نعايشه، ونتعرض لكثير من المواقف التي توجب علينا معرفة الأحكام المتعلقة بهذا الموضوع، لو سأل سائل فقال: هل يجوز لي أن أدخل على زوجة عمي أو زوجة خالي؟
أو: هل يجوز لي أن أرى خالة زوجتي أو عمة زوجتي؟
وتسأل امرأة فتقول: هل يجوز لي أن أرى عم زوجي، أو خال زوجي -مثلاً- وأكشف عليه؟ فإن كثيراً من الناس يتحيرون ويضطربون، ولا يدرون ما هي الأحكام الشرعية المتعلقة بهذا الموضوع، ألا وهو موضوع المحرمات أيها الإخوة، ونحن بصدد معرفة معنى آية عظيمة من كتاب الله سبحانه وتعالى.
وسنناقش وإياكم معنى هذه الآية، وما اشتملت عليه من الأحكام، ثم يكون هناك أسئلة موجَّهة إليكم، متعلقة بما ذكرناه من الأحكام، وبعض هذه الأسئلة تحتاج إلى تفكير؛ إذ أنها ليست أسئلةً مباشِرة، ولكن سيتبين من خلال النقاش كثيرٌ من الأحكام التي ربما كان بعض الإخوة عنها في بُعد، وعدم اطلاع وتبصر.
وسيكون في نهاية الحديث عن هذه الآية والأسئلة إجابات عن أسئلتكم التي طرحت في المحاضرة السابقة؛ إذ إنني أحتفظ بجميع الأسئلة الواردة إليَّ في جميع المحاضرات التي سبق أن حصلت، وأستفيد من هذه الأسئلة، وبعض هذه الأسئلة ربما يكون داخلاً في بعض المحاضرات، بل ربما يكون هو عنواناً لبعض المحاضرات، وإذا كان هناك وقت لنجيب على أسئلة أخرى ترد في هذه المحاضرة، فسنفعل ذلك إن شاء الله.
هذه الآية فيها إشارة إلى نوعين من المحرمات:
- محرمات إلى الأبد.
- ومحرمات إلى أمد.
تحريم مؤبد، وتحريم مؤقت.
وهذه الآية فيها إشارة إلى:
- محرمات بالنسب.
- ومحرمات بالسبب.
المحرمات بالنسب: مثل الأمهات، والأخوات.
والمحرمات بسبب:
- إما أن يكون السبب رضاعاً.
- أو مصاهرة.
فالرضاع مثل: الأخت من الرضاع، والمصاهرة مثل: أم الزوجة مثلاً.
وفي هذه الآية -أيضاً- بيان ما هو تحريم عين: كالأم، والأخت، وتحريم جمع: كالجمع بين الأختين.
ولذلك هذه الآية تضمنت فقهاً عظيماً، وربما يقرؤها الواحد منا في ختمه للقرآن، ولا يُلِمُّ بِمَعانيها، ونحن نتعرض يومياً إلى مواقف من الأقارب، ولا يعلم كثير من الناس ما هو الموقف حيال هؤلاء الناس الذين بينك وبينهم صِلات نسبية أو سببية.
فلعلك -أيها الأخ المسلم- ستستفيد فائدة كبيرة -إن شاء الله- من وراء معرفة هذا الموضوع.
قال الله سبحانه وتعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ [النساء:23] وهذه الآية تتضمن سبعة أنواع من المحارم بالنسب، وسبعة بالسبب، سواءً أكان السبب رضاعاً أو مصاهرةً.
المحرمات بالنسب
وأُولَى هؤلاء هُنَّ: الأمهات :
قال الله عز وجل: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ [النساء:23].
والأمُّ: هي كل أنثى لها عليك ولادة، من جهة الأمِّ أو من جهة الأبِ، كل من انتَسَبْتَ إليها بولادة فهي أمٌّ.
- فأمُّك التي ولدتك هي أمٌّ -ولا شك- وإن عَلَت.
- فأمُّ أمِّك داخلة في التحريم، وهي الجدة.
- وأمُّ أبيك داخلة -أيضاً- في التحريم.
- وأمُّ أمِّ الأمِّ، أمُّ الجدة، داخلة في التحريم.. أمُّ أمِّك، وأمُّ أمِّ أمِّك.
- وأمُّ أمِّ أبيك.
- وجدتا أبيك، أمُّ أمِّه، وأمُّ أبيه.
- وجدات جداتك.
- وجدات أجدادك وإن علون وارثات أو غير وارثات، كلهن أمهات محرمات؛ لعموم قوله تعالى: حرمت عليكم أُمَّهَاتُكُمْ [النساء:23] فأبهموا ما أبهم القرآن، فلم يحدد القرآن أي طبقة من الأمهات، وإنما قال: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ [النساء:23] .
فإذاً: أمُّك محرمة عليك، وأمُّ أمِّك محرمة، وأمُّ أبيك محرمة، وأمُّ أمِّ أمِّك محرمة، وأمُّ أمِّ أبيك محرمة، وهكذا... يتفرعن علواً، كلهن أمهات محرمات.
ثانياً: البنات:
والبنت: اسم لكل أنثى، لك عليها ولادة، أي: انتَسَبَتْ إليك بولادة، سواءً أكانت بنتك المباشرة من صلبك، أو من جهة ابنك، أو من جهة بنتك.
فعلى ذلك:
- بنت الابن محرمة
- وبنت البنت -الحفيدة- محرمة.
- وبنت بنت ابنك محرمة.
- وبنت بنت بنتك محرمة.
وإن نزلن، كلهن بنات محرمات.
فحفيدتك، وحفيدة حفيدتك، وحفيدة حفيدة حفيدتك -لو أدركتها- فهي محرمة عليك؛ لعموم قوله تعالى: وَبَنَاتُكُمْ [النساء:23].
ثالثاً: الأخوات :-
والأخت: هي كل أنثى جاورتك أو شاركتك في أصلَيك، وما هما أصلاك؟ الأب والأم، أو في أحدهما. فتشمل:
- أختك الشقيقة؛ والأخت الشقيقة جاورتك في الأصلَين؛ لأنها أختك من أبيك وأمك.
- وأختك من أبيك محرمة.
- وأختك من أمك محرمة كذلك.
ولا تفريع هنا.
فإذاً: الأخت الشقيقة، وأختك من الأم، وأختك من الأب.. هؤلاء كلهن أخوات محرمات.
رابعاً: العمات :-
والعمة: أخت أبيك من الجهات الثلاث، سواءً أكانت:
- أخت أبيك الشقيقة.
- أو أخت أبيك من أبيه.
- أو أخت أبيك من أمه.
هؤلاء كلهن عمات محرمات.
- وكذلك أخت الجد مُحَرمة؛ لأنها عمة، ولكنها عمة كبيرة، فعمة جدك مثل عمتك، وعمة أبيك مثل عمتك، كلهن مُحَرمات.. وسواء كان الجد قريباً أو بعيداً؛ فلا يفرق في الحكم أبداً.
- وكذلك عمة الأم محرمة عليك. وهي أخت جدك لأمك، أي: أخت أبي أمك، فأخت أبي أمك هي عمتك لأمك، فهي داخلة في العمات الْمُحَرمات؛ لعموم قوله تعالى: وَعَمَّاتُكُمْ [النساء:23].
خامساً: الخالات :-
والخالات: هن أخوات أمك من الجهات الثلاث، سواءً أكانت:
- أختها الشقيقة، فهي خالة.
- وأختها لأبيها خالة.
- وأختها لأمها خالة.
- وكذلك أخت جدتك تعتبر خالة تكشف عليها، وإن علت الجدات، فكل أخت لجدتك -لجدتك من جهة أمك- فهي خالة محرمة، فكما أن كل جدة أم محرمة، فكذلك كل أخت لجدة هي خالة محرمة.
- وكذلك خالة الأب محرمة، ومَن هي خالة أبيك؟ هي أخت أم أبيك، أي: أخت جدتك لأبيك، هذه خالة محرمة.
سادساً: بنات الأخ :-
وبنت الأخ: هي اسم لكل أنثى لأخيك عليها ولادة مباشرة، أو من جهة أمها، أو من جهة أبيها، فمثلاً:
- بنت أخيك الشقيق محرمة.
- وبنت أخيك من الأب محرمة.
- وبنت أخيك من الأم محرمة.
وإن نزلن، فمثلاً:
- بنت ابن أخيك.. أخوك عنده ولد، والولد هذا عنده بنت فهي محرمة عليك.
- وبنت بنت أخيك محرمة عليك كذلك.
وإن نزلن؛ لعموم قوله تعالى: وَبَنَاتُ الْأَخِ [النساء:23].
سابعاً وأخيراً من أنواع المحرمات بالنسب تحريماً مؤبداً: بنات الأخت :-
وبنت الأخت: هي كل امرأة انتَسَبَت إلى أختك بولادة، فكل امرأة انتسب إلى أختك بولادة فهي بنت أخت محرمة.
- فبنت أختك الشقيقة محرمة.
- وبنت أختك من أبيك محرمة.
- وبنت أختك من أمك محرمة.
- وبنت بنتِ أختك محرمة.
- وبنت ابنِ أختك محرمة.
وإن نزلن كلهن محرمات؛ لعموم قوله تعالى: وَبَنَاتُ الْأُخْتِ [النساء:23].
المحرمات بسبب الرضاع
انتقل الآن من التحريم بالنسب إلى التحريم بالسبب، والسبب هو الرضاع.. وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ [النساء:23].
فالمرأة التي أرضعتك هي أم لك، مثل أمك من جهة النسب، فالتي أرضعتك تكشف عليها مثل أمك.
وهل لها حكم بر الأم؟ الأم من الرضاع هل تُبَرُّ في الأحكام مثل الأم من النسب؟
الجواب: لا، ليست مثلها في البر، فالأم التي أرضعت ليست مثل الأم التي حملت وولدت ورعت، فلا شك أن هذه الأم التي ولدت منزلتها أعلى بكثير من الأم التي أرضعت فقط.
- وكذلك أم أمِّك التي أرضعتك.. أرضعتك امرأة ولها أم، فأمها هذه محرمة عليك، وإن علون.
القسم الذي يليه المذكور في الآية: الأخوات من الرضاعة :
وأختك من الرضاعة هي التي أرضَعَتْها أمُّك.
وكذلك: التي رَضَعْتَ أنت من أمها.
إذاً: الأخت من الرضاعة تشمل:
- المرأة التي أرضَعَتْها أمُّك.
- والمرأة التي أرضَعَتْك أمُّها.
- وكذلك بنات زوج المرضعة.
فلو أنك رضَعْتَ من امرأة، والمرأة هذه دَرَّ لبنُها بسبب الزوج، وهذا علاقتك به أنه يعتبر أبوك من الرضاعة، لأنه صاحب اللبن، الذي در اللبن بسببه، وهذا الرجل الذي هو أبوك من الرضاعة متزوج من زوجة أخرى غير التي أرضعتك، وعنده منها بنت، فهذه البنت أختك من الرضاعة.
- وكذلك لو اشتركت أنت وأنثى بالرضاع من امرأة خارجية؛ فلا شك أنها تكون أختاً لك من الرضاع، فلو أرضعتك امرأة، وأرضعت أنثى أخرى من العمارة التي تسكنون فيها، فإن هذه البنت التي رضعت أنت وإياها من هذه الجارة أختك من الرضاع، وهذه المرأة التي أرضَعَتْ لا هي أمك ولا هي أمها، لكن ما دام أنك اشتركتَ أنتَ وهذه الفتاة بالرضاع من امرأة أيَّاً كانت، أمها أو أمك، أو جارة من الجيران، فإنك تكون بذلك أخاً لها من الرضاع.
- وهنا مسألة: متى يكون الشخص له أب من الرضاعة، وليس له أم من الرضاعة؟!
إذا كان رجل له زوجتان، رضعتَ من إحداهما رضعتَين -مثلاً- ومن الأخرى ثلاث رضعات، فصار المجموع خمس رضعات من لبن رجل واحد، من لبنٍ دَرَّ بسبب رجل واحد، فماذا يكون لك هذا الرجل؟ أبوك من الرضاع، وإحدى زوجتيه ماذا تكون لك؟ لا شيء، والزوجة الأخرى لا شيء، فهل تكشف على زوجتيه؟ لا؛ لأنها ليست أماً بالرضاع، لأن الرضاع لا بد أن يكون خمس رضعات فأكثر في خلال السنتين الأوْلَيَين؛ فإذا كان الرضاع خمس رضعات فأكثر في خلال السنتين الأوْلَيَين؛ صار رضاعاً له أحكامه.
إذاً: في هذه الحالة يكون لك أب من الرضاع، ولا يكون لك أم من الرضاع.
نأتي إلى تكملة لموضوع الرضاع لم ينص عليها في الآية؛ لكن نُصَّ عليها في الحديث، وهي قوله صلى الله عليه وسلم: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب).
فإذا أرضعتك امرأة فإنها تصبح أمك من الرضاع.
- وأمها جدتك بالرضاع.
- وأختها خالتك بالرضاع.
- وبناتها أخواتك بالرضاع.
- وبنات ابنها بنات أخيك من الرضاع.
- وبنات بنتها بنات أختك من الرضاع.
كلهن محرمات عليك، (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب).
ولذلك المرضعة تُنَزَّل منزلة الأم، وكل امرأة حَرُمت من النسب حَرُم مثلها من الرضاع؛ كالعمة، والخالة، والبنت، وبنت الأخ، وبنت الأخت، وهكذا، (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب).
وزوج المرضعة صاحب اللبن، يكون أبوك من الرضاع.
- وأخوه عمك من الرضاع.
- وأخته عمتك من الرضاع.
- وأبوه جدك من الرضاع.
- وأبو الأب أبو جدك من الرضاع، وهكذا... وإن علوا.
- وأمُّ صاحب اللبن جدتك بالرضاع.
- وأمُّ أمِّه كذلك وإن علون.
- وأولاد صاحب اللبن، ولو من امرأة أخرى غير التي أرضعتك إخوانك من الرضاع.
- وبنات صاحب اللبن ولو من امرأة أخرى غير التي أرضعك، أخواتك بالرضاع.
- وإذا كان لصاحب اللبن ابن، وهذا الابن له بنت، فإنها تكون بنت أخيك من الرضاع.
- فإذاً: أولاد صاحب اللبن ولو من امرأة أخرى: إخوة وأخوات من الرضاعة، وأولادهم -أبناء وبنات- يكونون لك أبناء وبنات أخ وأخت من الرضاع.
المحرمات بسبب المصاهرة
والمصاهرة: أن تتزوج امرأة من عائلة -مثلاً- فتنشأ علاقة المصاهرة، فتكون أم الزوجة محرمة عليك، بأي شيء؟ بالمصاهرة، قال الله سبحانه وتعالى: وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ [النساء:23].
- فمن تزوج امرأة حَرُم عليه كل أمٍّ لها، من النسب أو من الرضاعة، قريبة أو بعيدة، بمجرد العقد على الراجح، فلو أنك عقَدْت على امرأة، فإن أمها محرمة عليك ولو لم تدخل عليها، بمجرد أن عقدت على امرأة حَرُمَت عليك أمُّها.
- ولو طلقت هذه الزوجة، فإن أمها تبقى محرمة عليك.
- وإذا كانت زوجتك لها أم أرضعتها، فإنها تحرم عليك.. وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ [النساء:23].
- وجدة زوجتك تحرم عليك، ولك أن تكشف عليها.
ثم قال الله سبحانه وتعالى: وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ [النساء:23].
إذا تزوجتَ امرأة ودخلت بها، وعندها بنات من رجل سابق، فإنهن يحرمن عليك، وهؤلاء البنات يسمَّين بالربائب؛ فالربيبة هذه تحرم عليك إذا دخلتَ بأمها.
فكل بنت لزوجتك من نسب أو رضاع، قريبة أو بعيدة، وارثة أو غير وارثة، إذا دخلتَ بأمها حَرُمت عليك، سواءً كانت في حجرك أو لم تكن في حجرك.
- وهنا سؤال: تزوجتَ امرأة وعندها بنت أرضَعَتْها، فهل تحرم عليك؟ نعم، تحرم عليك.
- سؤال آخر: تزوجتَ امرأة وعندها بنت؛ لكن ليست مقيمة عندك في حجرك تربيها، ما زالت موجودة في بيت آخر، فهل تَحْرم عليك إذا دخلت بأمها؟ نعم.
وماذا تقولون في قول الله سبحانه وتعالى: وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ [النساء:23] ما هو مفهوم هذه الآية؟
مفهوم الآية: أنها إذا لم تكن في حجرك فلا تحرم عليك، لكن هل هذا المفهوم يُعْمَل به؟ لا يعمل به؛ لأن هذا القيد وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ [النساء:23] خرج مخرج الغالب، ولم يخرج مخرج الشرط، فإن الغالب إذا تزوجت امرأة وعندها بنات، أنك ستضم بناتها معك، فيَكُنَّ في حجرك، فإذًا: هذا خرج مخرج الغالب، وليس شرطاً، ولذلك لا يعمل بمفهومها؛ ولأن ما خرج مخرج الغالب لا يصح التمسك بمفهومه كما يقول الأصوليون، هذه قاعدة أصولية: ما خرج مخرج الغالب لا يصح التمسك بمفهومه، وهذه الآية قد خرجت مخرج الغالب: وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ [النساء:23].
فالخلاصة: سواء أكانت بنت زوجتك في حجرك، أو لم تكن في حجرك؛ فهي محرمة عليك إذا دخلت بأمها.
ثم قال الله سبحانه وتعالى: وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ [النساء:23].
والحليلة هي الزوجة.
- فزوجات الأبناء محرمات على الأب، زوجة ابنك محرمة عليك.
- وكذلك زوجة حفيدك محرمة، وإن نزلنَ.
وقوله: الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ [النساء:23] أخرج الولد المُتَبَنَّى على عادة الجاهلية، وقيده بالولد بالصلب.
إلى الآن ذكرنا ثلاثة أنواع من بالمصاهرة في الآية:
- أم الزوجة.
- وبنت الزوجة إذا دخلت بالزوجة.
- وزوجة الابن.
بقيت واحدة من المحرمات بالصهر لم تذكر في الآية وهي: زوجة الأب.. وقد ذكرت في الآية التي قبلها.
ولذلك ما بعد هذه الآية: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ [النساء:24] أي: كل امرأة محصنة عفيفة، لا يجوز لك أن تكشف عليها، إلا إذا تزوجتها بعقد صحيح.
فزوجة الأب من المحرمات.
- وزوجة الجد.. إذا كان عند جدك زوجتان، واحدة منهن جدتك، والثانية زوجة أخرى، فهل هي محرمة عليك؟ نعم، فزوجة جدك محرمة عليك أيضاً.
والدليل على تحريم زوجة الأب قوله تعالى: وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ [النساء:22] فزوجات الآباء محرمات على الأبناء؛ تكرمة للآباء، وإعظاماً للآباء، واحتراماً للآباء، أن يطأها ابنه من بعده، ولذلك الرسول عليه الصلاة والسلام لما وصله خبر أن رجلاً قد نكح امرأة أبيه، أرسل رجلاً من صحابته ليقيم عليه الحد، وهو القتل، فمن تزوج بزوجة أبيه وهو عالم، فإنه يُقْتَل.
ولا بأس أن نعيد الأربعة الأصناف المحرمة بالمصاهرة :
- أم الزوجة.
- وبنت الزوجة من غيرك إذا دخلت بالزوجة.
- وزوجة الابن.
- وزوجة الأب.
هؤلاء كلهن محرمات بالمصاهرة.
تحريم الجمع
فنكون هنا قد دخلنا في القسم الثاني من أقسام التحريم؛ وهو تحريم الجمع.. فإن هناك تحريم عين: أخت، أو أم بعينها، وهناك تحريم جمع، فهي ليست محرمة بعينها، لكن لما جُمِعَت صارت محرمة. قال تعالى: وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ [النساء:23].
- فتحرم عليك إلى أمد مؤقت أخت زوجتك.
- وهل تحرم عليك أخت زوجتك من الرضاع، أم يجوز أن تجمع بين زوجتك وأختها من الرضاع؟
تحرم ولا يجوز أن تجمع بين زوجتك وأختها، لا من الرضاع ولا من النسب.
- وقد أضيف إلى هذا الحكم في الآية حكم ورد في الحديث الصحيح، وهو تحريم الجمع بين المرأة وعمتها، وبين المرأة وخالتها.
فلا يجوز الجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها.
- كذلك الجمع بين المرأة وعمة أبيها حرام، وإن علون..
- وكذلك الجمع بين المرأة وخالة أمها حرام، وإن علون، وهكذا..
فإذا طلق المرأة وانتهت العدة، أو ماتت الزوجة مثلاً، فهل يجوز له أن يتزوج بأختها من الرضاع؟ أو من النسب؟ أو بخالتها؟ أو بعمتها؟ نعم يجوز له ذلك.
- وهل يجوز لرجل طلق امرأته، فلما طلقها ودخلت في العدة، أراد أن يعقد على أختها، فهل يجوز ذلك أم لا يجوز؟ لا يجوز ذلك؛ لأنه قد يراجعها، فكيف يراجعها في العدة ويعقد على أختها؟ فلا يجوز أن يعقد على أختها إلا بعد انتهاء العدة؛ كما أنه لا يجوز للرجل أن يعقد على خامسة وقد طلق الرابعة، والرابعة لا تزال في العدة.
وقد اختلف بعض أهل العلم في مسألة الطلاق إذا كان بائناً: هل يجوز أن يتزوج أم لا بد أن تنتهي عدة الطلاق البائن؟ والأحوط أن ينتظر حتى تنتهي عدة الطلاق البائن.
فلذلك لا يجوز أن يتزوج أخت زوجته المعتدة من الطلاق، فإذا كانت الزوجة تعتد من طلاق؛ فلا يعقد على أختها، ولا على عمتها، ولا خالتها.
لو قال شخص: هل هناك قاعدة تبين لنا من هن النساء اللاتي يحرم عليك أن تجمع بينهن؟
عرفنا أنه لا يجوز أن تجمع بين المرأة وأختها، والمرأة وعمتها، والمرأة وخالتها؛ فهل يجوز -مثلاً- أن تجمع بين بنتَي عمّ؟ نعم. يجوز أن تجمع بين بنتَي عمّ إذا لم تكونا أختين.
فلو كان عندك عمَّان، كل واحد له بنت، فإنه يجوز لك أن تتزوج الاثنتين، وتجمع بينهما، وهناك قاعدة لطيفة ذكرها بعض أهل العلم، وهي: يجوز الجمع بين امرأتين، لو كانت إحداهما ذكراً لجاز له أن يتزوج بالأخرى.. يجوز الجمع بين أي امرأتين لو تصورنا إحداهما ذكراً لجاز له أن يتزوج بالأخرى.
فبنتا العم لو كانت إحداهما ذكراً، لجاز له أن يتزوج بالأخرى، وكذلك بنتا الخال.
- وما حكم الجمع يبن المرأة وبنت أخيها؟ لا يجوز؛ لأنه لو كانت واحدة منهما رجلاً لما جاز له أن يتزوج ببنت أخته، أو ببنت أخيه، ولذلك فإنه لا يجوز الجمع يبن المرأة وابنة أخيها، أو ابنة أختها.
المرأة زوجتك ستصير عمتها، لكن هي ليست عمة زوجتك، زوجتك ستصبح عمتها، أو تصبح خالتها.
ولعلنا قد انتهينا من بيان المذكورات في هذه الآية، وهي قول الله سبحانه وتعالى في محكم تنزيله: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً [النساء:23].
وبذلك تبين لكم -أيها الإخوة- مَن هُم المحارم.
فأما المحرمات السبع بالنسب -والنسب: هو الرحم- فهن سبعٌ محرمات إلى الأبد، لا يجوز لك أن تتزوج بهن في يوم من الأيام.
وأُولَى هؤلاء هُنَّ: الأمهات :
قال الله عز وجل: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ [النساء:23].
والأمُّ: هي كل أنثى لها عليك ولادة، من جهة الأمِّ أو من جهة الأبِ، كل من انتَسَبْتَ إليها بولادة فهي أمٌّ.
- فأمُّك التي ولدتك هي أمٌّ -ولا شك- وإن عَلَت.
- فأمُّ أمِّك داخلة في التحريم، وهي الجدة.
- وأمُّ أبيك داخلة -أيضاً- في التحريم.
- وأمُّ أمِّ الأمِّ، أمُّ الجدة، داخلة في التحريم.. أمُّ أمِّك، وأمُّ أمِّ أمِّك.
- وأمُّ أمِّ أبيك.
- وجدتا أبيك، أمُّ أمِّه، وأمُّ أبيه.
- وجدات جداتك.
- وجدات أجدادك وإن علون وارثات أو غير وارثات، كلهن أمهات محرمات؛ لعموم قوله تعالى: حرمت عليكم أُمَّهَاتُكُمْ [النساء:23] فأبهموا ما أبهم القرآن، فلم يحدد القرآن أي طبقة من الأمهات، وإنما قال: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ [النساء:23] .
فإذاً: أمُّك محرمة عليك، وأمُّ أمِّك محرمة، وأمُّ أبيك محرمة، وأمُّ أمِّ أمِّك محرمة، وأمُّ أمِّ أبيك محرمة، وهكذا... يتفرعن علواً، كلهن أمهات محرمات.
ثانياً: البنات:
والبنت: اسم لكل أنثى، لك عليها ولادة، أي: انتَسَبَتْ إليك بولادة، سواءً أكانت بنتك المباشرة من صلبك، أو من جهة ابنك، أو من جهة بنتك.
فعلى ذلك:
- بنت الابن محرمة
- وبنت البنت -الحفيدة- محرمة.
- وبنت بنت ابنك محرمة.
- وبنت بنت بنتك محرمة.
وإن نزلن، كلهن بنات محرمات.
فحفيدتك، وحفيدة حفيدتك، وحفيدة حفيدة حفيدتك -لو أدركتها- فهي محرمة عليك؛ لعموم قوله تعالى: وَبَنَاتُكُمْ [النساء:23].
ثالثاً: الأخوات :-
والأخت: هي كل أنثى جاورتك أو شاركتك في أصلَيك، وما هما أصلاك؟ الأب والأم، أو في أحدهما. فتشمل:
- أختك الشقيقة؛ والأخت الشقيقة جاورتك في الأصلَين؛ لأنها أختك من أبيك وأمك.
- وأختك من أبيك محرمة.
- وأختك من أمك محرمة كذلك.
ولا تفريع هنا.
فإذاً: الأخت الشقيقة، وأختك من الأم، وأختك من الأب.. هؤلاء كلهن أخوات محرمات.
رابعاً: العمات :-
والعمة: أخت أبيك من الجهات الثلاث، سواءً أكانت:
- أخت أبيك الشقيقة.
- أو أخت أبيك من أبيه.
- أو أخت أبيك من أمه.
هؤلاء كلهن عمات محرمات.
- وكذلك أخت الجد مُحَرمة؛ لأنها عمة، ولكنها عمة كبيرة، فعمة جدك مثل عمتك، وعمة أبيك مثل عمتك، كلهن مُحَرمات.. وسواء كان الجد قريباً أو بعيداً؛ فلا يفرق في الحكم أبداً.
- وكذلك عمة الأم محرمة عليك. وهي أخت جدك لأمك، أي: أخت أبي أمك، فأخت أبي أمك هي عمتك لأمك، فهي داخلة في العمات الْمُحَرمات؛ لعموم قوله تعالى: وَعَمَّاتُكُمْ [النساء:23].
خامساً: الخالات :-
والخالات: هن أخوات أمك من الجهات الثلاث، سواءً أكانت:
- أختها الشقيقة، فهي خالة.
- وأختها لأبيها خالة.
- وأختها لأمها خالة.
- وكذلك أخت جدتك تعتبر خالة تكشف عليها، وإن علت الجدات، فكل أخت لجدتك -لجدتك من جهة أمك- فهي خالة محرمة، فكما أن كل جدة أم محرمة، فكذلك كل أخت لجدة هي خالة محرمة.
- وكذلك خالة الأب محرمة، ومَن هي خالة أبيك؟ هي أخت أم أبيك، أي: أخت جدتك لأبيك، هذه خالة محرمة.
سادساً: بنات الأخ :-
وبنت الأخ: هي اسم لكل أنثى لأخيك عليها ولادة مباشرة، أو من جهة أمها، أو من جهة أبيها، فمثلاً:
- بنت أخيك الشقيق محرمة.
- وبنت أخيك من الأب محرمة.
- وبنت أخيك من الأم محرمة.
وإن نزلن، فمثلاً:
- بنت ابن أخيك.. أخوك عنده ولد، والولد هذا عنده بنت فهي محرمة عليك.
- وبنت بنت أخيك محرمة عليك كذلك.
وإن نزلن؛ لعموم قوله تعالى: وَبَنَاتُ الْأَخِ [النساء:23].
سابعاً وأخيراً من أنواع المحرمات بالنسب تحريماً مؤبداً: بنات الأخت :-
وبنت الأخت: هي كل امرأة انتَسَبَت إلى أختك بولادة، فكل امرأة انتسب إلى أختك بولادة فهي بنت أخت محرمة.
- فبنت أختك الشقيقة محرمة.
- وبنت أختك من أبيك محرمة.
- وبنت أختك من أمك محرمة.
- وبنت بنتِ أختك محرمة.
- وبنت ابنِ أختك محرمة.
وإن نزلن كلهن محرمات؛ لعموم قوله تعالى: وَبَنَاتُ الْأُخْتِ [النساء:23].
ثم قال الله سبحانه وتعالى: وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ ... [النساء:23].
انتقل الآن من التحريم بالنسب إلى التحريم بالسبب، والسبب هو الرضاع.. وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ [النساء:23].
فالمرأة التي أرضعتك هي أم لك، مثل أمك من جهة النسب، فالتي أرضعتك تكشف عليها مثل أمك.
وهل لها حكم بر الأم؟ الأم من الرضاع هل تُبَرُّ في الأحكام مثل الأم من النسب؟
الجواب: لا، ليست مثلها في البر، فالأم التي أرضعت ليست مثل الأم التي حملت وولدت ورعت، فلا شك أن هذه الأم التي ولدت منزلتها أعلى بكثير من الأم التي أرضعت فقط.
- وكذلك أم أمِّك التي أرضعتك.. أرضعتك امرأة ولها أم، فأمها هذه محرمة عليك، وإن علون.
القسم الذي يليه المذكور في الآية: الأخوات من الرضاعة :
وأختك من الرضاعة هي التي أرضَعَتْها أمُّك.
وكذلك: التي رَضَعْتَ أنت من أمها.
إذاً: الأخت من الرضاعة تشمل:
- المرأة التي أرضَعَتْها أمُّك.
- والمرأة التي أرضَعَتْك أمُّها.
- وكذلك بنات زوج المرضعة.
فلو أنك رضَعْتَ من امرأة، والمرأة هذه دَرَّ لبنُها بسبب الزوج، وهذا علاقتك به أنه يعتبر أبوك من الرضاعة، لأنه صاحب اللبن، الذي در اللبن بسببه، وهذا الرجل الذي هو أبوك من الرضاعة متزوج من زوجة أخرى غير التي أرضعتك، وعنده منها بنت، فهذه البنت أختك من الرضاعة.
- وكذلك لو اشتركت أنت وأنثى بالرضاع من امرأة خارجية؛ فلا شك أنها تكون أختاً لك من الرضاع، فلو أرضعتك امرأة، وأرضعت أنثى أخرى من العمارة التي تسكنون فيها، فإن هذه البنت التي رضعت أنت وإياها من هذه الجارة أختك من الرضاع، وهذه المرأة التي أرضَعَتْ لا هي أمك ولا هي أمها، لكن ما دام أنك اشتركتَ أنتَ وهذه الفتاة بالرضاع من امرأة أيَّاً كانت، أمها أو أمك، أو جارة من الجيران، فإنك تكون بذلك أخاً لها من الرضاع.
- وهنا مسألة: متى يكون الشخص له أب من الرضاعة، وليس له أم من الرضاعة؟!
إذا كان رجل له زوجتان، رضعتَ من إحداهما رضعتَين -مثلاً- ومن الأخرى ثلاث رضعات، فصار المجموع خمس رضعات من لبن رجل واحد، من لبنٍ دَرَّ بسبب رجل واحد، فماذا يكون لك هذا الرجل؟ أبوك من الرضاع، وإحدى زوجتيه ماذا تكون لك؟ لا شيء، والزوجة الأخرى لا شيء، فهل تكشف على زوجتيه؟ لا؛ لأنها ليست أماً بالرضاع، لأن الرضاع لا بد أن يكون خمس رضعات فأكثر في خلال السنتين الأوْلَيَين؛ فإذا كان الرضاع خمس رضعات فأكثر في خلال السنتين الأوْلَيَين؛ صار رضاعاً له أحكامه.
إذاً: في هذه الحالة يكون لك أب من الرضاع، ولا يكون لك أم من الرضاع.
نأتي إلى تكملة لموضوع الرضاع لم ينص عليها في الآية؛ لكن نُصَّ عليها في الحديث، وهي قوله صلى الله عليه وسلم: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب).
فإذا أرضعتك امرأة فإنها تصبح أمك من الرضاع.
- وأمها جدتك بالرضاع.
- وأختها خالتك بالرضاع.
- وبناتها أخواتك بالرضاع.
- وبنات ابنها بنات أخيك من الرضاع.
- وبنات بنتها بنات أختك من الرضاع.
كلهن محرمات عليك، (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب).
ولذلك المرضعة تُنَزَّل منزلة الأم، وكل امرأة حَرُمت من النسب حَرُم مثلها من الرضاع؛ كالعمة، والخالة، والبنت، وبنت الأخ، وبنت الأخت، وهكذا، (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب).
وزوج المرضعة صاحب اللبن، يكون أبوك من الرضاع.
- وأخوه عمك من الرضاع.
- وأخته عمتك من الرضاع.
- وأبوه جدك من الرضاع.
- وأبو الأب أبو جدك من الرضاع، وهكذا... وإن علوا.
- وأمُّ صاحب اللبن جدتك بالرضاع.
- وأمُّ أمِّه كذلك وإن علون.
- وأولاد صاحب اللبن، ولو من امرأة أخرى غير التي أرضعتك إخوانك من الرضاع.
- وبنات صاحب اللبن ولو من امرأة أخرى غير التي أرضعك، أخواتك بالرضاع.
- وإذا كان لصاحب اللبن ابن، وهذا الابن له بنت، فإنها تكون بنت أخيك من الرضاع.
- فإذاً: أولاد صاحب اللبن ولو من امرأة أخرى: إخوة وأخوات من الرضاعة، وأولادهم -أبناء وبنات- يكونون لك أبناء وبنات أخ وأخت من الرضاع.
استمع المزيد من الشيخ محمد صالح المنجد - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
اقتضاء العلم العمل | 3615 استماع |
التوسم والفراسة | 3614 استماع |
مجزرة بيت حانون | 3544 استماع |
الآثار السيئة للأحاديث الضعيفة والموضوعة [2،1] | 3500 استماع |
اليهودية والإرهابي | 3429 استماع |
إن أكرمكم عند الله أتقاكم | 3429 استماع |
حتى يستجاب لك | 3396 استماع |
المحفزات إلى عمل الخيرات | 3376 استماع |
ازدد فقهاً بفروض الشريعة | 3350 استماع |
الزينة والجمال | 3340 استماع |