أرشيف المقالات

مع القرآن(من الأحقاف إلى الناس) - فروح وريحان وجنة نعيم

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
{فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ} :عند الاحتضار تبدأ مراسم التكريم أو الإهانة وكل امرئ حسب ما قدم لهذه الساعة , فأما إن كان من المقربين الذين سارعوا إلى الطاعات وبادروا باجتناب المنكرات وابتعدوا على كل ما يفتح لهم إلى الحرام باباً حتى لو كان مباحاً , فهؤلاء لهم البشرى والمسرات الدائمة المتواصلة وروائح الجنة العطرة والتكريم والحفاوة.وإن كان من أصحاب اليمين الذين فعلوا الطاعات واجتنبوا المحرمات فلهم السلام والأمن مطمئنين حتى لو ألموا بشيء من الذنوب دون إصرار فالله غفور رحيم.وأما أهل الضلال والتكذيب فليس لهم إلا الإهانة بما كسبت أيديهم من الضلال والاستكبار عن الحق, شرابهم من الحميم الحار ومسكنهم الجحيم عياذا بالله منهم ومن مسكنهم.هذه أصناف الناس في الدنيا والآخرة , وهذا هو الحق المبين والموعد المنتظر , فسبحان من بيده ملكوت السماوات والأرض.قال تعالى :{فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (88) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ (89) وَأَمَّا إِن كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (90) فَسَلَامٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (91) وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (92) فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍ (93) وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (94) إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ (95) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (96)} [الواقعة]قال السعدي في تفسيره:ذكر الله تعالى أحوال الطوائف الثلاث: المقربين، وأصحاب اليمين، والمكذبين الضالين، في أول السورة في دار القرار.ثم ذكر أحوالهم في آخرها عند الاحتضار والموت، فقال: { {فَأَمَّا إِنْ كَانَ} } الميت { {مِنَ الْمُقَرَّبِينَ } } وهم الذين أدوا الواجبات والمستحبات، وتركوا المحرمات والمكروهات وفضول المباحات.{ { فـ} } لهم { { رَوْحٌ} } أي: راحة وطمأنينة، وسرور وبهجة، ونعيم القلب والروح، { {وَرَيْحَانٌ} } وهو اسم جامع لكل لذة بدنية، من أنواع المآكل والمشارب وغيرهما، وقيل: الريحان هو الطيب المعروف، فيكون تعبيرا بنوع الشيء عن جنسه العام{ {وَجَنَّةُ نَعِيمٍ} } جامعة للأمرين كليهما، فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، فيبشر المقربون عند الاحتضار بهذه البشارة، التي تكاد تطير منها الأرواح من الفرح والسرور.كما قال تعالى: { {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أن لَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ } }وقد أول قوله تبارك تعالى: { {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} } أن هذه البشارة المذكورة، هي البشرى في الحياة الدنيا.{ {وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ} } وهم الذين أدوا الواجبات وتركوا المحرمات، و إن حصل منهم التقصير في بعض الحقوق التي لا تخل بتوحيدهم وإيمانهم،{ {فـ} } يقال لأحدهم: { {سَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ} } أي: سلام حاصل لك من إخوانك أصحاب اليمين أي: يسلمون عليه ويحيونه عند وصوله إليهم ولقائهم له، أو يقال له: سلام لك من الآفات والبليات والعذاب، لأنك من أصحاب اليمين، الذين سلموا من الذنوب الموبقات.{ {وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ} } أي: الذين كذبوا بالحق وضلوا عن الهدى.{ فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ } أي: ضيافتهم يوم قدومهم على ربهم تصلية الجحيم التي تحيط بهم، وتصل إلى أفئدتهم، وإذا استغاثوا من شدة العطش والظمأ { {يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا} }{ إِنَّ هَذَا } الذي ذكره الله تعالى، من جزاء العباد بأعمالهم، خيرها وشرها، وتفاصيل ذلك { لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ } أي: الذي لا شك فيه ولا مرية، بل هو الحق الثابت الذي لا بد من وقوعه، وقد أشهد الله عباده الأدلة القواطع على ذلك، حتى صار عند أولي الألباب كأنهم ذائقون له مشاهدون له فحمدوا الله تعالى على ما خصهم به من هذه النعمة العظيمة، والمنحة الجسيمة.{ {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} } فسبحان ربنا العظيم، وتعالى وتنزه عما يقول الظالمون والجاحدون علوا كبيرا.والحمد لله رب العالمين حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه.#أبو_الهيثم#مع_القرآن


شارك الخبر

المرئيات-١