استوصوا بالتائبين خيراً


الحلقة مفرغة

الحمد لله العزيز الوهاب، غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب، لا إله إلا هو، إليه أدعو وإليه متاب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد خير من استغفر وأناب، وعلى آله وصحبه أولو الأيدي والألباب، وعلى من سار على نهجه واقتفى سنته إلى يوم الحساب.

أيها الإخوة: نحن نعيش في وقت نشهد فيه رجعة من المسلمين إلى الله واضحة، وكثير من الناس صاروا ما بين تائب وأوَّاب، وتيمم كثير منهم شطر المسجد والمحراب، يريدون المغفرة من ربهم ويواصلون قرع الأبواب، والدعاة إلى الله في مواقفهم من هؤلاء التائبين العائدين إلى ربهم يحتاجون إلى تعلم الحكمة وكيفية الخطاب، فكان لابد لاستقبال هؤلاء التائبين الجدد من إعداد العدة والأخذ بالأسباب.

وقد سبق أن تكلمنا في لقاء منفصل عن التوبة وأهميتها وعوائقها، وكيف تزال هذه العوائق، ونحن نتكلم الآن في لقاء موجه إلى الدعاة إلى الله أكثر من غيرهم عن هذه المسألة.

ونحن نعلم -أيها الإخوة- أن الحديث عن موضوع التوبة حديث ذو شجون، فإن آثام الناس في هذا العصر قد كثرت، وتبين لكثير من المخطئين خطأهم وذنوبهم، وأرادوا أن يرجعوا إلى الله عز وجل، والتوبة فيها تجديد لمعاني أسماء الله وصفاته في النفس، فإنه يتبين في قلب التائب من معاني أسماء الله: التواب، الكريم، الواسع، الغفار، الغفور، الرحمن، الرحيم، ومن صفاته: أنه غافر الذنب، وقابل التوب سبحانه وتعالى.

وموضوع التوبة بالنسبة للصالحين موضوع مهم، فإن الكثير يطرق موضوع التوبة بالنسبة للمذنبين العصاة، ولا يطلق موضوع التوبة بالنسبة للصالحين والدعاة إلى الله إلا قليلاً، علماً بأن الجميع يحتاج هذا الموضوع من أكبر صالح إلى أكبر مذنب.

وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر يستغفر الله ويتوب إليه في اليوم والليلة أكثر من سبعين مرة، فما بالنا نحن العبيد المقصرون؟! وماذا يكون حالنا في هذا الميزان، ونحن نرى رسولنا صلى الله عليه وسلم كان يفعل ما يفعل؟!

وموضوع التوبة بالنسبة للصالحين له مجالات متعددة، فإن هذا الصالح كان في يوم من الأيام مذنباً، ثم تاب إلى الله وأصبح صالحاً، ولكن هذه الفترة التي مضت من عمره كان فيها منغمساً في أوحال الذنوب والمعاصي، ثم أحدث التوبة بعد ذلك، هذه الفترة التي مضت دون توبة عاجلة، وتأخرت توبته سنوات، ثم صلح حاله بعد ذلك، هذه التوبة تحتاج إلى توبة من تأخير التوبة.

لأننا في كثير من الأحيان نذنب، أو نكون قد أذنبنا في فترات ماضية، ولكن لم نتب إلا بعدها بسنوات، إذاً.. فهذا التأخير الحاصل بالنسبة للتوبة هو ذنب مستقل يحتاج إلى توبة، وكذلك فإن هناك كثيراً من الأمراض التي تنتاب بعض الصالحين مثل: غرور العبادة، والتألي على الله عز وجل، والاستكبار في الأرض، ومشاهدة بعض الناس لأعمالهم الصالحة، ودخول الرياء على الكثيرين حتى من الصالحين، وحب الرئاسة والظهور من الأمراض التي لا يسلم منها إلا النادر من الناس.

التوبة مهمة لأصلح الصلحاء كأكبر الفجار

والذي يظن أن موضوع التوبة هو مهم فقط بالنسبة للعصاة المذنبين أرباب الفواحش والمنكرات.. إنسان مخطئ جداً؛ لأننا في كل يوم نقصر في حق الله عز وجل، وقد لفت شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله النظر إلى مسألة مهمة فقال: إن الذنوب تحصل في نوعين: ترك الواجبات، وفعل المحرمات.

وكثير من الناس الذين يبدو على ظاهرهم الالتزام بهذا الدين والعمل له؛ يتركون أشياء من الواجبات، فهم قد لا يقعون في منكرات وفواحش، لكنهم يتركون أشياء من الواجبات، وهذا الترك يحتاج إلى توبة، وهذا التقصير لابد من استدراكه بالاستغفار والندم، والعزم على المواصلة، والسير إلى الله سيراً حثيثاً.

وكثير من الذين يشتغلون بالدعوة إلى الله عز وجل يصابون بآفات وأمراض أثناء سيرهم في الطريق؛ من أنواع البرود والتقهقر والتراجع، وغيبة تخرج مخرج جرح وتعديل ليست عند الله شيئاً، وطعن بعضهم في بعض، والذي يحصل في قلوب بعضهم من التكبر على خلق الله هو في الحقيقة مرضٌ مزمن وخطير يحتاج إلى توبة.

أضف إلى ذلك احتقار بعض الصالحين لبعض المذنبين، والنظر إليهم بعين النقص؛ مع أنهم ربما يكونون في حالة ندم ترتفع معها أعمال قلوبهم في بعض الأحيان، لتكون أحسن من أعمال قلوب بعض الصالحين الذين حصل في نفوسهم هذا الكبر والغرور والاحتقار لخلق الله، وسنضرب لذلك أمثلة ونسوق عليها أدلة يتبين فيها حجم هذه المشكلة.

التوبة العامة وأهميتها

أيها الإخوة: إن التوبة من أنواع الذنوب، سواء كانت ترك واجبات أو فعل محرمات مثل الاستفراغ والقيء الذي يتقيؤه المريض لإخراج ما في بطنه من أنواع العفن والمواد الضارة بالجسم، وكذلك هي مثل الترياق والدواء المستخدم ضد السموم، هذه لفتة عن أهمية التوبة.

أضف إلى ذلك أن كثيراً من المسلمين لا يتوبون توبة عامة، لكن إذا أذنب ذنباً تاب منه بالذات، فإذا نظر إلى امرأة أجنبية في السوق قال: أستغفر الله وأتوب إليه، لكنه ينسى التوبة العامة غير المرتبطة بذنب معين، وهذه هي التوبة التي كان صلى الله عليه وسلم يكثر أن يتوب منها، وهذه التوبة العامة يغفل عنها حتى الدعاة إلى الله عز وجل، وعن تجديدها في كل حين ووقت.

ألا ترى أن المسلم قد يذنب ذنباً وهو لا يرى أنه قد أذنب! ألا ترى للدعاء الذي يقول فيه المسلم: (اللهم إني أستغفرك مما أعلم ومما لا أعلم) لأننا في كثير من الأحيان نقع في ذنوب دون أن نشعر أننا قد وقعنا فيها.

وكذلك قد يكون الإنسان واقعاً في بدعة من البدع يظنها عملاً صالحاً، ثم يتبين له بعد ذلك أنها عمل غير صالح، وأنها مخالفة لفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله وهديه وسنته، هذا الرجل لا يشعر عندما فعل تلك الأعمال أنه اقترف ذنوباً ليست فواحش ولا كبائر في نظره، لكن بعد ذلك عندما يشعر أنه كان يعبد الله على غير بصيرة في بعض المسائل فهو محتاج إلى توبة من هذه النوعية أيضاً.

وقد يتلطخ الإنسان ببعض أمور الجاهلية وإن نشأ بين أهل علم ودين، وأذكر هذه الملاحظة لكثير من الإخوان الذين يعيشون في بعض البيئات الصالحة، فإنهم بالرغم من معيشتهم في وسط أناس صالحين، وبين أهل علم ودين، إلا أنهم لا يسلمون من الوقوع في بعض المعاصي والتلطخ بها، والشيطان يدخل على الصالحين من عدة مداخل، وقد يدخلهم في أنواع من البدع.

ولذلك لابد من تجديد التوبة حتى لهؤلاء، ولذلك فإننا نقول أيضاً في هذا المقام: إن بعض الصالحين قد يتركون واجبات لا يعلمون وجوبها، وبعد ذلك يكتشف أن هذه الأشياء واجبة، وأنه كان قد تركها في الماضي جهلاً، وليس كل الناس يعذرون بجهلهم، لأننا نقول: الشخص الذي يعيش في بيئة فيها أهل العلم فالواجب أن يسألهم، فكونه يكتشف أنه كان قد ترك واجبات وهو لا يعلم أنها واجبات، ووقع في محرمات وهو لا يعلم أنها محرمات، نقول له: لماذا لا تسأل وتفكر بالسؤال؟ لماذا كنت تسير هكذا مع التيار دون تحقيق وتمحيص؟ أليس هذا قد يكون ذنباً يحتاج إلى التوبة والاستغفار؟

تأخير التوبة إصرار على الذنب

واعلموا أيها الإخوة أن المسلم الذي يؤخر التوبة إلى أمد معين هو مصر على الذنب، فبعض الناس يقول: إذا جاء رمضان فسوف أتوب، وهو عازم على التوبة في رمضان، ولكنه رجل مذنب مصر على الذنب، ويطلق عليه أنه يصر على الذنب؛ لأن المفروض عليه المبادرة بالتوبة ولا يجوز تأخيرها إلى أمد معين، ولكن كثيراً من الناس عندهم هذا المبدأ وهذا المفهوم يقول: عندما يأتي رمضان سأتوب إن شاء الله توبة كاملة، ويقول بعضهم: سأذهب إلى العمرة وأتوب، ولن أعمل بعدها أي عمل سيء، وبعضهم يقول: إلى الحج وبعد الحج سأتوب.

وما يدريه أنه سيعيش إلى رمضان أو الحج؟! هذا أولاً، وثانياً: لو عاش إلى رمضان أو الحج أليس هذا التأخير الذي تأخره في التوبة ذنباً يستحق التوبة أيضاً ولو تاب في رمضان أو الحج؟! لكن هذا التأخير هو إصرار يحتاج إلى توبة، وكون الإنسان يعزم على التوبة بعد فترة من الزمن لا يعفيه من الذنب، ولا ينفعه عند الله عز وجل في هذا الموضوع.

وكذلك فإن التوبة تحدث في النفس من الآثار الحسنة في الاندفاع نحو الطاعات أموراً كثيرة، وتجعل الإنسان المسلم يحس بالتقصير، ويحس بأنه دائماً لا يفعل ما يجب عليه من الحقوق تجاه ربه، وهذا الشخص الذي يستشعر النقص دائماً يستمر في الأعمال الصالحة؛ لأنه يعلم علم اليقين أنه مهما عمل من الأعمال الصالحة فإنه لا يزال مقصراً، ولو أنه فكر في هذه الأعمال الصالحة من الصلوات والزكوات والعبادات، وطلب العلم، والدعوة إلى الله، ثم وزنها ببعض نعم الله عليه مثل السمع والبصر والفؤاد، لوجد أنها لا تساوي شيئاً.

فإذا كنا مهما عبدنا الله لن نؤدي شكر النعم فقط، فكيف بالواجبات التي أوجبها علينا؟!

بعض الصالحين قد يقع في أخطاء في حقوق إخوانه المسلمين، أو قراباته أو جيرانه، فهذا عليه ألا ينسى الدعاء والاستغفار لهم بظهر الغيب؛ لأن ذلك يعوض هذا التقصير في الحقوق تجاههم.

ونحن بشر لا نسلم من التقصير، قد تكون أنت تطلب العلم وتدعو إلى الله عز وجل، ومع ذلك أنت مقصر في حقوق أقربائك، وقد تكون أخطأت في الموازنة بين الواجبات المترتبة عليك، لذلك يكون الاستغفار لمن قصرت في حقه من عباد الله والدعاء له من الأشياء التي تنفع في إصلاح ذلك النقص والخلل.

التوبة من التقصير والخلل

ونأتي الآن إلى بيان نوع آخر من أنواع التوبة التي يحتاج إليها الصالحون، ألا وهو التوبة من التقصير والخلل الذي يحدث في عباداتهم، فلو أنك أتيت بأصلح الناس حالاً، ثم قلت له: هل ترى بأنك قد خشعت في جميع صلواتك؟ وهل ترى بأنك قد جاهدت الشيطان -في الصلاة فقط- حق الجهاد؟ وهل ترى بأنك في الحج لم تؤذ أحداً من عباد الله البتة في الزحام ونحوه؟ وهل ترى بأنك قد قمت بهذا العمل بالضبط كما هو الواجب فيه، أم أن الخلل والتقصير ملازم لي ولك في جميع أعمالنا الصالحة؟

فإذاً لابد من توبة أيضاً من هذه التقصيرات الحادثة في الأعمال الصالحة.

والذي يظن أن موضوع التوبة هو مهم فقط بالنسبة للعصاة المذنبين أرباب الفواحش والمنكرات.. إنسان مخطئ جداً؛ لأننا في كل يوم نقصر في حق الله عز وجل، وقد لفت شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله النظر إلى مسألة مهمة فقال: إن الذنوب تحصل في نوعين: ترك الواجبات، وفعل المحرمات.

وكثير من الناس الذين يبدو على ظاهرهم الالتزام بهذا الدين والعمل له؛ يتركون أشياء من الواجبات، فهم قد لا يقعون في منكرات وفواحش، لكنهم يتركون أشياء من الواجبات، وهذا الترك يحتاج إلى توبة، وهذا التقصير لابد من استدراكه بالاستغفار والندم، والعزم على المواصلة، والسير إلى الله سيراً حثيثاً.

وكثير من الذين يشتغلون بالدعوة إلى الله عز وجل يصابون بآفات وأمراض أثناء سيرهم في الطريق؛ من أنواع البرود والتقهقر والتراجع، وغيبة تخرج مخرج جرح وتعديل ليست عند الله شيئاً، وطعن بعضهم في بعض، والذي يحصل في قلوب بعضهم من التكبر على خلق الله هو في الحقيقة مرضٌ مزمن وخطير يحتاج إلى توبة.

أضف إلى ذلك احتقار بعض الصالحين لبعض المذنبين، والنظر إليهم بعين النقص؛ مع أنهم ربما يكونون في حالة ندم ترتفع معها أعمال قلوبهم في بعض الأحيان، لتكون أحسن من أعمال قلوب بعض الصالحين الذين حصل في نفوسهم هذا الكبر والغرور والاحتقار لخلق الله، وسنضرب لذلك أمثلة ونسوق عليها أدلة يتبين فيها حجم هذه المشكلة.

أيها الإخوة: إن التوبة من أنواع الذنوب، سواء كانت ترك واجبات أو فعل محرمات مثل الاستفراغ والقيء الذي يتقيؤه المريض لإخراج ما في بطنه من أنواع العفن والمواد الضارة بالجسم، وكذلك هي مثل الترياق والدواء المستخدم ضد السموم، هذه لفتة عن أهمية التوبة.

أضف إلى ذلك أن كثيراً من المسلمين لا يتوبون توبة عامة، لكن إذا أذنب ذنباً تاب منه بالذات، فإذا نظر إلى امرأة أجنبية في السوق قال: أستغفر الله وأتوب إليه، لكنه ينسى التوبة العامة غير المرتبطة بذنب معين، وهذه هي التوبة التي كان صلى الله عليه وسلم يكثر أن يتوب منها، وهذه التوبة العامة يغفل عنها حتى الدعاة إلى الله عز وجل، وعن تجديدها في كل حين ووقت.

ألا ترى أن المسلم قد يذنب ذنباً وهو لا يرى أنه قد أذنب! ألا ترى للدعاء الذي يقول فيه المسلم: (اللهم إني أستغفرك مما أعلم ومما لا أعلم) لأننا في كثير من الأحيان نقع في ذنوب دون أن نشعر أننا قد وقعنا فيها.

وكذلك قد يكون الإنسان واقعاً في بدعة من البدع يظنها عملاً صالحاً، ثم يتبين له بعد ذلك أنها عمل غير صالح، وأنها مخالفة لفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله وهديه وسنته، هذا الرجل لا يشعر عندما فعل تلك الأعمال أنه اقترف ذنوباً ليست فواحش ولا كبائر في نظره، لكن بعد ذلك عندما يشعر أنه كان يعبد الله على غير بصيرة في بعض المسائل فهو محتاج إلى توبة من هذه النوعية أيضاً.

وقد يتلطخ الإنسان ببعض أمور الجاهلية وإن نشأ بين أهل علم ودين، وأذكر هذه الملاحظة لكثير من الإخوان الذين يعيشون في بعض البيئات الصالحة، فإنهم بالرغم من معيشتهم في وسط أناس صالحين، وبين أهل علم ودين، إلا أنهم لا يسلمون من الوقوع في بعض المعاصي والتلطخ بها، والشيطان يدخل على الصالحين من عدة مداخل، وقد يدخلهم في أنواع من البدع.

ولذلك لابد من تجديد التوبة حتى لهؤلاء، ولذلك فإننا نقول أيضاً في هذا المقام: إن بعض الصالحين قد يتركون واجبات لا يعلمون وجوبها، وبعد ذلك يكتشف أن هذه الأشياء واجبة، وأنه كان قد تركها في الماضي جهلاً، وليس كل الناس يعذرون بجهلهم، لأننا نقول: الشخص الذي يعيش في بيئة فيها أهل العلم فالواجب أن يسألهم، فكونه يكتشف أنه كان قد ترك واجبات وهو لا يعلم أنها واجبات، ووقع في محرمات وهو لا يعلم أنها محرمات، نقول له: لماذا لا تسأل وتفكر بالسؤال؟ لماذا كنت تسير هكذا مع التيار دون تحقيق وتمحيص؟ أليس هذا قد يكون ذنباً يحتاج إلى التوبة والاستغفار؟

واعلموا أيها الإخوة أن المسلم الذي يؤخر التوبة إلى أمد معين هو مصر على الذنب، فبعض الناس يقول: إذا جاء رمضان فسوف أتوب، وهو عازم على التوبة في رمضان، ولكنه رجل مذنب مصر على الذنب، ويطلق عليه أنه يصر على الذنب؛ لأن المفروض عليه المبادرة بالتوبة ولا يجوز تأخيرها إلى أمد معين، ولكن كثيراً من الناس عندهم هذا المبدأ وهذا المفهوم يقول: عندما يأتي رمضان سأتوب إن شاء الله توبة كاملة، ويقول بعضهم: سأذهب إلى العمرة وأتوب، ولن أعمل بعدها أي عمل سيء، وبعضهم يقول: إلى الحج وبعد الحج سأتوب.

وما يدريه أنه سيعيش إلى رمضان أو الحج؟! هذا أولاً، وثانياً: لو عاش إلى رمضان أو الحج أليس هذا التأخير الذي تأخره في التوبة ذنباً يستحق التوبة أيضاً ولو تاب في رمضان أو الحج؟! لكن هذا التأخير هو إصرار يحتاج إلى توبة، وكون الإنسان يعزم على التوبة بعد فترة من الزمن لا يعفيه من الذنب، ولا ينفعه عند الله عز وجل في هذا الموضوع.

وكذلك فإن التوبة تحدث في النفس من الآثار الحسنة في الاندفاع نحو الطاعات أموراً كثيرة، وتجعل الإنسان المسلم يحس بالتقصير، ويحس بأنه دائماً لا يفعل ما يجب عليه من الحقوق تجاه ربه، وهذا الشخص الذي يستشعر النقص دائماً يستمر في الأعمال الصالحة؛ لأنه يعلم علم اليقين أنه مهما عمل من الأعمال الصالحة فإنه لا يزال مقصراً، ولو أنه فكر في هذه الأعمال الصالحة من الصلوات والزكوات والعبادات، وطلب العلم، والدعوة إلى الله، ثم وزنها ببعض نعم الله عليه مثل السمع والبصر والفؤاد، لوجد أنها لا تساوي شيئاً.

فإذا كنا مهما عبدنا الله لن نؤدي شكر النعم فقط، فكيف بالواجبات التي أوجبها علينا؟!

بعض الصالحين قد يقع في أخطاء في حقوق إخوانه المسلمين، أو قراباته أو جيرانه، فهذا عليه ألا ينسى الدعاء والاستغفار لهم بظهر الغيب؛ لأن ذلك يعوض هذا التقصير في الحقوق تجاههم.

ونحن بشر لا نسلم من التقصير، قد تكون أنت تطلب العلم وتدعو إلى الله عز وجل، ومع ذلك أنت مقصر في حقوق أقربائك، وقد تكون أخطأت في الموازنة بين الواجبات المترتبة عليك، لذلك يكون الاستغفار لمن قصرت في حقه من عباد الله والدعاء له من الأشياء التي تنفع في إصلاح ذلك النقص والخلل.




استمع المزيد من الشيخ محمد صالح المنجد - عنوان الحلقة اسٌتمع
اقتضاء العلم العمل 3611 استماع
التوسم والفراسة 3608 استماع
مجزرة بيت حانون 3529 استماع
الآثار السيئة للأحاديث الضعيفة والموضوعة [2،1] 3496 استماع
اليهودية والإرهابي 3424 استماع
إن أكرمكم عند الله أتقاكم 3424 استماع
حتى يستجاب لك 3393 استماع
المحفزات إلى عمل الخيرات 3370 استماع
ازدد فقهاً بفروض الشريعة 3347 استماع
الزينة والجمال 3335 استماع