خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/35"> الشيخ محمد صالح المنجد . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/35?sub=16019"> خطب عامة
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
ألفاظ العامة المخالفة للشريعة
الحلقة مفرغة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [الأحزاب:70-71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
إخواني في الله: لقد جاء الإسلام بحفظ اللسان، ونهى القرآن عن أشياء ذميمة، مما تتحرك به ألسنة الناس لفحشها وكبرها عند الله عز وجل، وأمر اللسان من الأمور الخطيرة؛ لأنه أسرع الأعضاء حركة وأسهلها، فإنه لا شيء أسرع ولا أسهل حركة من اللسان، ولهذا كان الزلل بهذا العضو وهذه الجارحة من الجوارح من أعظم الزلل وأكبره عند الله عز وجل.
ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما علَّم معاذاً رضي الله تعالى عنه حديثاً جليلاً فيه وصايا جامعة، قال له في آخر الحديث: (وهل يكب الناس في النار على وجوههم -أو قال: على مناخرهم- إلا حصائد ألسنتهم) فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أكبر الأسباب التي تكب الناس في النار وترميهم فيها هو حصائد هذه الألسنة، ونتائج الكلام.
وقال صلى الله عليه وسلم مهدداً ومتوعداً في الحديث الصحيح الذي رواه مالك رحمه الله والإمام أحمد، عن بلال بن الحارث مرفوعاً: (وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى، ما يظن أن تبلغ ما بلغت -أي: لا يقدر خطورتها، ولا يظن أنها ستبلغ به عذاباً شديداً- فيكتب الله عليه بها سخطه إلى يوم القيامة) بسبب هذه الكلمة.
وأيضاً فإن المسألة أخطر من ذلك، ويبين رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الخطورة بقوله في الحديث الصحيح الذي رواه الترمذي عن أبي هريرة مرفوعاً: (إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يرى بها بأساً، يهوي بها سبعين خريفاً في النار) فهذا المتكلم لا يرى فيها بأساً، ويظن أنه لا شيء فيها، ولكنها في الحقيقة تهوي به سبعين خريفاً في نار جهنم، ولذلك كان لا بد من المحافظة على هذا اللسان وجعل المجال الذي يستعمل فيه مجال خير وإصلاح ودعوة إلى الله وطلب العلم وذكر الله عز وجل.
نحن -أيها الإخوة- في هذا المقام نتكلم عن قضية مهمة، وهذه القضية لو أنك تأملت معي في ألفاظ العامة اليوم، من الأمثال ونحوها، لوجدت أن في ألفاظ العامة وأمثالهم أموراً مستشنعة، وبشعة، وبعضها يخالف العقيدة ويمسها مساساً سيئاً، وبعض هذه الأشياء ورد فيها النهي الصريح، وبعضها إذا تأملت فيها عرفت مصدر الخطر وعظم الأمر.
وسوف نضرب بعض الأمثلة على ما يتداوله العامة اليوم في كلامهم من الأمور المستبشعة المخالفة للعقيدة أو للأدب الإسلامي على الأقل.
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (لا يقول أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، اللهم ارزقني إن شئت، وليعزم في المسألة، فإنه يفعل ما يشاء سبحانه وتعالى) ولذلك ما يفعله بعض الناس من قولهم: اللهم اغفر لي إن شئت، فهذا لا يجوز.
وكذلك -أيها الإخوة- بعض الناس يقول عند الحلف مثلاً، أو إذا أراد أن يعزم على نفسه في مسألة يقول: أنا بريء من الإسلام لو فعلت كذا، أو يقول: ترى أنا يهودي لو فعلت كذا، أو أنا نصراني أو كافر لو فعلت كذا، يريد أن يمنع نفسه من الوقوع في هذا الأمر بعزم وقوة، وهذا خطير جداً، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الصحيح الذي رواه النسائي عن بريدة رضي الله عنه: (من قال: إني بريء من الإسلام، فإن كان كاذباً فهو كما قال، وإن كان صادقاً لم يعد إلى الإسلام سالماً) سيناله شيء من الخدش في العقيدة الذي سببه هذا الكلام؛ ولذلك ينبغي إذا أراد الإنسان أن يعزم في مسألةٍ من الأمور أو يبين للناس بأنه لم يفعل هذا الكلام فإنه لا يستخدم مثل هذه الألفاظ البشعة المخالفة للعقيدة، كونك ترفض أن تعمل أمراً من الأمور هذا لا يعني أن تعرض نفسك للخروج من الدين، أو تقول: بأنك يهودي أو نصراني، من المسميات التي تطلق على الأمم الكافرة.
بعض الناس في حلفهم يحلف بغير الله تعالى، فتجد أن بعضهم يحلف بالأمانة مثلاً، ويقول: والأمانة ما أفعل كذا، أو شخص يحلف الآخر يقول: بأمانتك حصل كذا وكذا، أو بالأمانة حصل كذا وكذا ... إلخ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الصحيح: (من حلف بالأمانة فليس منا) وبعضهم يقول: بذمتك ما حصل كذا وكذا، أو بذمتي ما حصل كذا، أو وحياة أبي ما حصل كذا، أو وحياتي وحياتك ما حصل كذا.. إلخ.
أو يقسم بشرفه هذه كلها من الأمور المحرمة: (من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك) كما قال الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم.
وبعضهم يحلف بالنبي فيقول: والنبي أعطني الشيء الفلاني، والنبي ما حصل كذا، فهذا أيضاً حرام لا يجوز، حتى ولو كان نبي الله صلى الله عليه وسلم، لأننا مع احترامنا لرسول الله عليه الصلاة والسلام فإننا لا نرفعه فوق منـزلته التي أنزله الله إياها.
بعض الناس يقول في عباراته أشياء من الشرك؛ كقوله مثلاً: لولا فلان ما حصل كذا.. لولا الله وفلان ما حصل كذا، وهذا خطأ، وإنما الصحيح أن يقول: لولا الله ثم فلان، وبعضهم يقول: أنا بالله وبك، أو أنا في جوار الله وجوارك، أو أنا في وجه الله ووجهك، كما يقع من البعض، أو يقول: أنا في حسب الله وحسبك، أو يقول: أنا متوكل على الله وعليك، أو أنا معتمد على الله وعليك، هذا كله محرم، لا بد أن يقول: أنا معتمد على الله ثم عليك، أو يقول: أنا متوكل على الله ثم عليك في فعل القضية الفلانية.
وكذلك لما جاء أحد الصحابة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال له (ما شاء الله وشئت، قال: أجعلتني لله نداً -أجعلتني لله شريكاً، أساويت مشيئتي بمشيئة الله- قل: ما شاء الله وحده).
كذلك يقع كثير من الناس في عبارات فيها سب الدهر، يقول مثلاً: يا خيبة الدهر، ويقول صلى الله عليه وسلم: (لا يقولن أحدكم: يا خيبة الدهر، فإن الله هو الدهر).
وبعض الناس يقول: الله يلعن الساعة التي صار فيها كذا وكذا، ويلعن السنة التي صار فيها كذا وكذا، هذه ساعة سيئة التي حصل فيها كذا وكذا، هذا زمن تعيس الذي حصل فيه كذا وكذا، وهذا يؤدي كله إلى سب الدهر، والله تعالى هو خالق الدهر، فسبُّك للساعة أو اليوم أو السنة أو الدهر أو الزمان، يرجع إلى من؟ يرجع إلى الله الخالق لهذا الدهر وهذه الساعة وهذه السنة، لذلك لا بد من الحذر حذراً شديداً في هذا الأمر.
بعض الناس يستغيثون في عباراتهم بالمخلوقين، فيقول مثلاً: بجاه النبي أفعل كذا، أو يسأل الناس يقول: بجاه النبي لا بد أن تتغدى عندي، هذا السؤال بجاه النبي صلى الله عليه وسلم وهو أحد المخلوقين بل هو أعظم المخلوقين قاطبةً منافٍ للسؤال بالله عز وجل، فإن الله تعالى يقول: وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأعراف:180]، وقال: وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا [الأعراف:180] لو أردت أن تدعو لا تقل: بحق الولي الفلاني، بحق النبي، بجاه النبي، وإنما قل: اللهم إني أسألك بأنك أنت الله الواحد الأحد، اللهم إني أسألك بأنك أنت الله المنان ... إلى آخره.
تقول هذه الأسماء الحسنى التي وردت لله عز وجل في القرآن والسنة، بأنك على كل شيء قدير، اللهم إني أسألك بأنك رحمان الدنيا والآخرة ورحيمهما ارحمني، إنك أنت الغفار اغفر لي: وهكذا، تسأل الله بأسمائه الحسنى، أما أن تسأل بأسماء المخلوقين أو بحق النبي الفلاني أو الولي الفلاني، أو كما يفعل بعض الجهلة يستغيثون بغير الله، أو بعضهم يستغيث بالجن، ويقع هذا في بعض القبائل وبعض الأماكن أنه يقول: يا جن! افعلوا به كذا وكذا، أو يا جن! خذوه، أو يصرخ في الوادي خذوه، يقصد صاحباً له أو عدواً صارت بينه وبينه مشكلة، فيقول: يا جن! افعلوا به كذا، هذا كله من الأمور المحرمة التي لا تجوز.
كذلك يقع في ألفاظ بعض العامة مغالاة في المخلوقين ورفعهم فوق منـزلتهم رفعاً لا يجوز مطلقاً في الشريعة الإسلامية؛ كتسييد بعض الناس، أو كتسييد أي واحد من الناس، كقولهم: سيدي فلان، أو يا سيدي فلان، هذا حرام لا يجوز، وأعظمه عندما يكون نداءً للمنافق أو الكافر أو الفاجر أو المبتدع أو العاصي الفاسق بقولك له: يا سيدي، هذا حرام أيضاً لا يجوز (لا تقولوا للمنافق: يا سيد، فإن قلتم ذلك فقد أغضبتم ربكم).
ولذلك ما يقع عند بعض الناس من الكتابة على الرسائل أو الخطابات، السيد فلان، أو في الفواتير التجارية: السادة شركة كذا وكذا، هذا أيضاً منهي عنه، وإنما تقول: المكرم كذا، فلان كذا، حضرة فلان كذا، لكن لا تغال ولا تطلق ألقاب المدح على من ليس بأهل، كأن تخاطب الفاسق بهذه الأشياء، ينبغي أن نبتعد عن هذه الألفاظ.
رد الإسلام تحيات الجاهلية وتهنئاتها وتسمياتها ومسمياتها وعاداتها، لأن الإسلام يحرص على تميز المسلم وابتعاده عن مشابهة الكفرة وأحوال الجاهلية.
من عقيدة الإسلام التميز عن سائر ألوان البدع والكفر والجاهليات، فالإسلام يحرص على أن يبرز المسلم بين الناس بروزاً صحيحاً لا لبس فيه من شرك ولا بدعة، يحرص الإسلام على أن المسلم يكون متميزاً بأخلاقه وعقيدته وشكله ومظهره عن سائر أمم الكفر وفرق الضلال.
ولذلك نهى الإسلام عن التشبه بالنصارى، ونهى عن التشبه بالكفار، ونهى عن التشبه بالأعاجم، ومن ضمن هذه الأشياء نهيه عن تحية المسلمين بعضهم لبعض بتحيات الجاهلية، فلذلك نهى صلى الله عليه وسلم المسلم أن يقول لأخيه: أنعم صباحاً، أو أنعمت صباحاً، وما شابه ذلك من الألفاظ؛ لأنها من تحيات الجاهلية، وإنما يقول الإنسان المسلم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أو يقول: مرحباً وأهلاً، كما قال صلى الله عليه وسلم: (مرحباً بابنتي
ولذلك نهى الإسلام عن أن يهنئ الناس المتزوج بقولهم: بالرفاء والبنين كما يحدث اليوم، وتطبع هذه الكلمة على بطاقات التهنئة ودعوات وولائم الأعراس، فإنهم يقولون: بالرفاء والبنين، أو بالرفاه والبنين، ورسول الله صلى الله عليه وسلم نهى في الحديث الصحيح عن هذا النوع من التهنئة، لماذا؟
أما كلمة الرفاء: فإنها تعني الالتحام والمقاربة والوئام وهذا لا إشكال فيه، أن تدعو للمتزوجين بالمقاربة والوئام والتوافق.
ولكن الإشكال في قولهم: بالبنين، لماذا أيها الإخوة؟ لأن العرب كانوا يكرهون البنات، وكانوا يئدون البنات وهن أحياء، وكانوا ينسبون البنات لله عز وجل: وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ [النحل:58] ولذلك كان إذا جاء أحدهم البنت تمنى موتها، وإذا أتى لجاره بنت تمنى له أن تموت البنت.. وهكذا.
ولذلك كانوا يقولون في تهنئتهم بالزواج: بالرفاء والبنين، أي: الذكور وألا يجيئك إناث، ولذلك حرَّم هذا القول في الإسلام ونهي عنه، وإنما تقول مهنئاً للمتزوج أو المتزوجة: (بارك الله لكما، وبارك عليكما، وجمع بينكما في خير) وكم يود الإنسان المسلم إذا فتح بطاقة من هذه البطاقات، أو تهنئة من هذه التهنئات بدلاً من أن يجد بالرفاء والبنين أو بالرفاه والبنين كما هي تهنئة الجاهلية، يجد مثلاً: (بارك الله لكما، وبارك عليكما، وجمع بينكما في خير).
لا بد أن نتميز عن الكفار وأهل الجاهلية في ألفاظنا وعباراتنا وتحياتنا وتهنئة بعضنا لبعض.
يقع أيضاً في ألفاظ العامة الدعاء بطول العمر والبقاء، فتجد أحدهم يقول: أطال الله بقاءك، أو أطال عمرك، أو أدام الله أيامك، أو عشت ألف سنة.. وهكذا.
هذا اللفظ مكروه، ولما سئل الإمام أحمد عن الدعاء بطول العمر؟ كرهه، وقال: إنه أمر قد فرغ منه، أي: أن عمر هذا الرجل قد كتب وهو في بطن أمه، كتب هذا العمر وانتهى وفرغ منه قبل أن يلد الرجل، فما فائدة أن تقول: أطال بقاءك، أو أطال عمرك، أو دامت أيامك، أو عشت كذا آلاف السنين.. إلى آخر ذلك من الأشياء المستحيلة.
أو يقول بعضهم في جواب على كلمة حياك الله، يقول: أبقاك الله، وكلمة أبقاك الله كلمة مكروهة، لماذا؟ لأنه لا بقاء إلا لله، كل الناس سيموتون ويفنون: كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرَامِ [الرحمن:27] ولذلك يكره أن تقول: أبقاك الله، أو أدامك الله؛ لأن الله لن يديم أحداً ولن يبقي أحداً، كل الناس سيموتون.
فلننتبه -أيها الإخوة- لهذه الألفاظ المشكلة أو المكروهة أو المحرمة، وتحذير الناس منها.
وكذلك ما يفعل البعض في تعازيهم عندما يقولون: البقية في حياتك!
هذه لفظة منكرة، لو كان هناك بقية هل مات الرجل؟ لو كان هناك بقية في عمر الرجل الذي مات هل كان سيموت؟ لا. ولذلك عندما تقول: البقية في حياتك، وهذه العبارة قد يقصد بها بقية عمر ذلك الرجل الذي انقطع، بقيته في حياتك أنت، وهذه لفظة منكرة مستبشعة فلا يقول شخص لآخر: البقية في حياتك، فأما إن قصد: بقية الخير وبقية البركة، فهذا لا إشكال فيه، ولكن كثير من الناس إنما يقصدون بهذه اللفظة بقية عمر الميت في حياتك أنت، وهذه مسألة غير جائزة، والدعاء فيها غير صحيح.
ويقع في ألفاظ العامة كذلك: رجاؤهم وتعلقهم بغير الله عز وجل، فتجد أحدهم في لحظة الحرج ولحظة الشدة، واللحظة التي يكون فيها في خطر محقق، يقول للآخر: أرجوك رجاءً حاراً، رجاءً خاصاً كذا وكذا من ألفاظ الترجي ألا تفعل كذا، وافعل كذا، بينما من المفروض أن يتوجه في هذه الحالة إلى الله تعالى لأنه هو الذي يرجى وحده عز وجل؛ لإزالة الضر وكشف الكربة وإزالة الخطر، وإن كان لا بد فيقول: أرجو الله ثم أرجوك، مثلاً.
وهذه اللفظة (أرجوك) ليست محرمة إن لم يرجوه في عمل لا يقدر عليه إلا الله، إذا قال: أرجوك يا دكتور أن تشفي مريضي، هذا حرام وشرك؛ لأن الله هو الذي يشفي، أما لو قال: أرجوك -يا فلان- أن تذهب بهذه الحاجة إلى جيراننا، هذا لا إشكال فيه.
لكن الرجاء الذي يكون في مجال أو في قضية لا يقدر عليها إلا الله فهو شرك بالله تعالى، ولهذا تجد بعض الأمهات الفارغات قلوبهن من الإيمان والتوحيد، وبعض الآباء الذين استزلهم الشيطان، إذا ذهبوا بولدهم وحالته خطيرة إلى الطبيب، يقول له: يا دكتور! أرجوك أنقذ الولد، فمن الذي ينقذ الولد؟ ومن الذي يشفي الولد؟ إنه الله.
أيها الإخوة .. يقع في ألفاظنا وعباراتنا تساهلات شنيعة تؤدي إلى قضايا خطيرة إذا اعتقدها الإنسان تخرجه من الملة، ونحن عندما نقول هذه التحذيرات لا نقول: إن كل من تلفظ بها كافر. حتى لو كانت العبارة نفسها كفر، لماذا؟
لأن كثيراً من القائلين لا يقصدونها، لا يقصد المعنى، لا يعتقد بقلبه أن الطبيب هو الذي يملك الشفاء من دون الله.
يعتقد أن الله يشفي ولكن هذه الأخطاء لا يسكت عنها مع ذلك، كون الناس الآن يقعون فيها بغير قصد أو بنية حسنة لا يعني أن نقول لهم: لا بأس استمروا على هذه الألفاظ لا. لا بد أن نحذر ونصحح هذه الألفاظ، حتى لو ما قصدنا المعنى لا بد أن تكون ألفاظنا صحيحة، لا تكون ألفاظنا شركية أو موهمة أو فيها اشتباه؛ لا بد أن تكون ألفاظاً واضحة دالة على التوحيد.
وفقنا الله وإياكم لقول الحق وعمل الحق، وأن نكون من أهل الحق، وصلى الله على نبينا محمد.
الحمد لله لا إله إلا هو وحده لا شريك له الكبير المتعال، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله سيد الأبرار، صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً.
(حكم مقولة: (شاءت الأقدار أو الظروف
(حكم مقولة: (هذا الطائر وهبته الطبيعة كذا وكذا
أيها الإخوة! عندما ننسب الوهب للطبيعة نكون قد وقعنا في عين ما تكلم به الشيوعيون وأهل الإلحاد الذين يعتقدون أن الطبيعة خلقت هذا الكون وخلقت هذه الحيوانات وخلقت الأرض والسماوات تعالى الله عن هذا القول علواً كبيراً.
وهذا يكون من تأثر كثير من هؤلاء المثقفين كما يسمون بكتب الكفار الملاحدة التي كتبت وسبكت عباراتها بألفاظ الإلحاد والشرك، التي انطوت عليها قلوب أولئك الناس الذين لا يؤمنون بالله رباً، ولا بمحمد نبياً، ولا بالإسلام ديناً، ولذلك ينبغي عند نقل عباراتهم من هذه الكتب أن يحرص الإنسان المسلم على أن ينقل العبارات بصيغة إسلامية، وعلى أن يؤديها إلى السامعين تأدية تتقيد بالتوحيد وما يرضي الله عز وجل، وكذلك ما يرد في بعض هذه الكتب التي تسمى كتباً علمية من القوانين والقواعد المخالفة للتوحيد، مثل قولهم: إن المادة لا تفنى ولا تستحدث، هكذا يقولون، في علم الفيزياء مثلاً.
وهذه القاعدة مخالفة للتوحيد، ومخالفة لقضية خلق الله للمادة، وأنه لم يكن هناك شيء، فخلق الله تعالى السماوات والأرض وخلق العرش وخلق الحيوانات وخلق الآدميين وخلق سائر ما يدب في الأرض والسماوات، والله تعالى قادر على أن يفني هذه الأشياء كلها ويرجعها إلى العدم إلى لا شيء مرة أخرى كما كانت.
فلذلك قولهم: إن المادة لا تفنى ولا تستحدث، إنما هو من الوقوع في هذا الشرك المنافي للتوحيد، وهذا الكفر والضلال، ولذلك يجب على من درس شيئاً من هذه المواد، أن يبين لطلاب المسلمين وأبناء المسلمين خطأ هذه المعتقدات والقواعد الفاسدة.
حكم مقولة: (عباد الشمس)
ماذا يسمي العامة هذا النبات؟
يسمونه: عباد الشمس، أو عبادة الشمس، وهذا اسم خطير، يقولون: إن هذا النبات يعبد الشمس، هذه الألفاظ ليست سهلة، ولكن مع ذلك فهي شائعة حتى في الأشياء الدقيقة، مثل تسمية الأزهار وغيرها.
لا بد أن ننتبه إلى هذه القضايا المخالفة للتوحيد.
حكم قول: (مطرنا بنوء كذا)
ويقع عند بعض العامة أيضاً، أنه إذا نزل المطر بكثافة وأغرق أشياء يقولون: هذه قطرة ما وزنت، تعال الله عن ذلك، إن الله تعالى يقول: وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ [الرعد:8]، وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ [الحجر:21] لا شيء ينـزل من السماء بلا حساب ولا وزن، إن الله تعالى عنده خزائن هذه الأشياء ينزلها كيف يشاء، إن حصل غرق فهذا ابتلاء من الله، وعقاب لبعض عباد الله.
حكم قول: (ما صدقت على الله أن يحدث كذا)
هذه العبارات من العبارات المشكلة والموهمة، لماذا؟ لأنه قد يكون معنى ما صدقت على الله مثلاً، يكون معناها: أن هذا القائل يشك في قدرة الله، ما صدقت على الله أن يفعل كذا، كان يشك في قدرة الله ثم حصل، هذا احتمال، واحتمال آخر: أن يكون في هذه العبارة سوء ظن بالله.. كيف ذلك؟ كأن هذا القائل يقول: ما ظننت أن الله يخلص هذه المشكلة، أو ينهي هذه المشكلة، ولكن حصل، هذا يعني سوء الظن بالله عز وجل، وإن كان كثير من الذين يقولون هذه العبارة لا يعنون المعنى الفاسد والباطل، لكن لا بد من التصحيح، تقول مثلاً: ما صدقت أن يحدث كذا، ما ظننت أن يحدث كذا، لماذا تضيف عليها كلمة (على الله) وتقول: ما صدقت على الله، فتقع في هذه الإشكالات والعبارات الموهمة.
حكم قول: (الله يسأل عن حالك)
أقول: الله عز وجل يعلم العلم كله، لا يحتاج إلى سؤال عن أحد، وتجد هؤلاء يقولون: الله يسأل عن حالك، كأنها عبارة يريدون أن يكرمون بها الشخص الآخر الذي سأل عن حالهم، وهذه عبارة خاطئة تخالف المفهوم الصحيح للعقيدة.
حكم قول: (الله على ما يشاء قدير)
هذه العبارة من الذرائع التي ينبغي أن تسد، وإنما نقول: إن الله على كل شيء -شائه أو لم يشئه-.
على كل شيء قدير؛ لأن بعض الناس يفهمون أن الله فيفهم على ما لا يشاء ليس بقدير.
أيها الإخوة: يقع بعض الناس في ألفاظ مثل قولهم: شاءت الظروف، أو شاءت الأقدار، فتجده يقول: ثم شاءت الظروف أن يحدث كذا وكذا، وشاءت الظروف أن أجد فلاناً في مكتبه.. وهكذا، وهذا أيضاً من الأشياء المخالفة للتوحيد، فإنك لا بد أن تقول في كلامك: وشاء الله أن أجد فلاناً في مكانه، وشاء الله أن يقف لي على الطريق فلان الفلاني، وشاء الله أن يحدث كذا وكذا، فتنسب المشيئة إلى الله وحده سبحانه وتعالى.