برنامج دين ودنيا .. حقوق الأبناء على الآباء


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أيها المشاهدون الكرام! أينما كنتم وحيثما كنتم؛ أحييكم بتحية الإسلام، فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

وأهلاً ومرحباً بكم معنا إلى لقاءٍ جديد من برنامجكم دين ودنيا.

الذرية بلا شك عزيزة غالية، فهي قطع الأكباد وثمار القلوب، وعماد الظهور وقرة العيون وزينة الحياة، ثم هي بعد ذلك أمانة من الله سامية يضعها بين أيدي العباد ليرعوها حق رعايتها، ويصونها حق صيانتها، ولكن الآباء في العهود الأخيرة أهملوا أبناءهم إهمالاً شنيعاً، لا نقول: أهملوهم في الطعام والثياب والفراش والسكن، فذلك قدر من العيش ميسور للناس مع اختلاف في الأحوال والأشكال، ولكنهم أهملوهم فيما هو أهم وأعظم وأخطر وأكبر؛ أهملوهم في تقويم نفوسهم وتطهير أرواحهم وتدعيم أخلاقهم، في تنشئتهم على الدين والعبادة، وفي ضرب القدوة الصالحة لهم، وفي تحديد الطريق المستقيم أمامهم، ومن هنا خرج الأولاد بلا هدفٍ ولا إيمان، وبلا رصيد من عزيمةٍ أو أخلاق، فتفرقت بهم السبل وتوزعتهم الأهواء، وتقسمتهم الأخطاء وعاشوا في دنياهم بأفئدة هواء: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم:6].

أيها الإخوة! كم يطيب لنا وكم يسرنا أن يكون معنا في هذه الحلقة أو الندوة المباركة صاحب الفضيلة الشيخ/ محمد بن صالح المنجد إمام وخطيب جامع عمر بن عبد العزيز بـالخبر نتلقى اتصالاتكم ورسائلكم عبر هاتف البرنامج وناسوخه، والذي يظهر بين الفينة والأخرى، وأذكر هنا برقم الناسوخ (4425016).

أرحب بك صاحب الفضيلة فمرحباً بك في برنامج دين ودنيا.

الشيخ: حياكم الله، أهلاً وسهلاً.

المقدم: بارك الله فيك.

الشيخ: الله يحييك.

المقدم: أقول: من ثمرات الزواج إنجاب الأولاد، والذين هم -أعني: الأولاد- قبل ذلك نعمة من الله سبحانه وتعالى يمن بها على من يشاء من عباده، يقول الله عز وجل: الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً … ) [الكهف:46] أقول: ولا ريب أن هذه النعمة إنما تثمر ثمرتها، وتؤتي أكلها بإذن ربها متى ما قام الآباء بالحقوق الواجبة تجاه أبنائهم، فهل لنا صاحب الفضيلة أن نتعرض على طبيعة تلك الحقوق، مثلاً: حقوق الأولاد عند الولادة كيف تكون حقوقهم؟

الشيخ: الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على محمد بن عبد الله خاتم النبيين والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين، أيها الإخوة والأخوات .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأحييكم في هذه الحلقة، وأسأل الله تعالى أن يرزقنا جميعاً الإخلاص والعلم النافع والعمل الصالح.

وقد سبق الحديث عن حقوق الوالدين ونتحدث -أيضاً- عن حقوق الأولاد كما تفضل أخي حفظه الله، وحق الولد على أبيه حقٌ عظيم وعندما نقول: الولد، فإنه يشمل الذكر والأنثى، إنه حقٌ من قبل الولادة بل من قبل الزواج عندما يختار له أمه التي ستربيه: (فاظفر بذات الدين تربت يداك) ... (تزوجوا الودود الولود) ودعاء: رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ [آل عمران:38] وعند إتيان الزوجة يسمي الله سبحانه وتعالى، الولد له حق في الحياة فهو يخرج من بطن أمه ولذلك لا يجوز إسقاطه ولا قتله، لا قبل الولادة ولا بعد الولادة .. وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ [الإسراء:31] أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك من أكبر الكبائر: وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ [التكوير:8-9] الجاهلية التي كانت تأخذ الأم عند الولادة إلى حفرة فالقابلة تستلم المولود، فإن كان ذكراً أبقوه وإن كانت أنثى طموا عليها التراب، عوضتنا الشريعة بشيء عظيم في استقبال البنات: (من كان له ثلاث بنات فصبر عليهن وأطعمهن وسقاهن وكساهن من جزته -أي: من غناه وماله- كن له حجاباً يوم القيامة من النار).

من حقوق الولد في بطن أمه أنه لا يجوز للحامل أن تتناول أي شيء يضعفه أو يشوهه، بل ينبغي أن تتقوى لتغذيته.

هذه المرأة التي أتي بها لما ثبت عليها الزنا لترجم، النبي عليه الصلاة والسلام لأجل حق الولد أبقاها ولم يرجمها حتى تضع، ثم حتى ترضع، وحتى فطمته، وفي يده كسرة خبز، ثم بعد ذلك كان الرجم، هذا الجنين إذا سقط له دية عند الاعتداء عليه.

هذه الزوجة التي ينبغي أن تراعى عند الحمل لأجل المولود، فعليك -يا أيها الزوج- بمراعاتها عند الوحام وغيره، إنها قضية مهمة، النسب من حقوق الولد.

إن إثبات النسب حقٌ لله، وحقٌ للطفل وللأب والأم، هذا النسب الذي يصونه عن الضياع والتشرد، الولاية، الإرث في الصغر، له حقوق كثيرة بسبب النسب، فلا يجوز لأب مسلم أن ينفي ولده دون بينة.

من الأمثال القبيحة التي توجد عند بعض العامة أن يقول: هذا ولدي إن صدقت أمه. ما هذا الكلام؟

كذلك لا يجوز للإنسان أن يدعي من ليس ولداً له ويضيفه إلى نسبه، ثم يستقبل المولود استقبالاً كريماً بالبشارة وكذلك يؤذن في أذنه اليمنى، فيسمع الولد شهادة التوحيد، يحنك بالتمر المعجون، يحلق رأسه، يدهن بالزعفران.

إن من حقوق الابن أن يسمى اسماً حسناً، النبي عليه الصلاة والسلام سمى الحسن والحسين، وحسَّن على التسمية بعبد الله وعبد الرحمن وسمى بنتاً جميلة، وأخرى حسانة، هذه التسمية في اليوم الأول أو في اليوم السابع كلاهما لا بأس به وفي أي يومٍ آخر، وهنا نرى يا أخي الكريم، والإخوة المشاهدين أشياء عجيبة تحدث في قضية التسمية عندما يسمي بعض الناس أولادهم من ذكور وإناث أسماء عجيبة.. أسماء جاهلية.. أسماء مبغوضة شرعاً، ودعنا الآن من قضية الأسماء المعبدة لغير الله المنتشرة، وأشياء لا تليق بالله عند بعض الأعاجم كعاشق الرحمن ونحوه! والأسماء المكروهة شرعاً مثل: فتنة .. فاتن .. هيام، هذا اسم مرض يصيب الإبل، واحد اتصل على الخطوط ليحجز؛ قال: عندي امرأة، قال: ما اسمها؟ قال: لحظة، فانتظر موظف الخطوط، ثم قال: ما اسمها يا أخي، قال: لحظة، فانتظر مرة أخرى، ثم قال الموظف: عندنا ناس، قال: يا أخي اسمها: لحظة. ثم آخر يقول: ما اسم الراكبة؟ قال: اسمها فضيحة، قال: يا أخي! تكلم، لا حرج، قال: اسمها فضيحة، قال: نحن إخوان.. ثم تبين أن اسم البنت فضيحة، وهذا شخص جاءته خمس بنات، فجاءه توأم بنات، ماذا سماهما؟ اسم الحدث الريح الذي يخرج من الدبر فعله وفعيلة، على وزن فعلة وفعلية.

المقدم: هذه أسماء غريبة جداً، وحتى يحاول أن يجعل لها أصلاً ويقول: هذه موجودة في اللغة العربية ارجع إلى القاموس.

الشيخ: ولو رجع إلى القاموس ربما لا يعرف شيئاً ولا يعرف كيف يستخدم القاموس أصلاً، وآخر من كرهه للبنات توعد زوجته لما جاءت بالبنت السادسة سماها مغضوبة. واحد يسمي فوطة ومسفوطة، وهذه أسماء حقيقية.

ثم بعد ذلك نسمع ونقرأ في الجرائد واحد من كرهه لزوجته لما جاءه ذكر وأنثى سمى البنت جهنم والابن عزرائيل، ثم يقولون: ما وجدنا في القانون ما يمنع التسمية بهذا .. إذا كان القانون لا يحمي المغفل، الشريعة تحمي المغفل، عندنا خيار الغبن، وخيار العيب، الشريعة تحمي الولد والمولود والوالدة والأب، الشريعة تحمي الناس، الله سبحانه وتعالى أنزلها هكذا، ثم قضية التشبه بأسماء الكفار في بعض الأسماء: روزا، كريستين، ليندا، ديانا، جاكلين، ماري، مادونا، هذه أسماء موجودة، وقد كنت ألقيت محاضرة في مدرسة خاصة للبنات، أعطيتهم أسئلة جاءت الإجابات وكل واحدة مكتوب الاسم الأول، تصور يا أخي بنت مسلمة مكتوب نانسي، لماذا هل الأسماء الإسلامية، عائشة، هل سمعنا أن الكفار يسمون أولادهم عائشة وفاطمة، وحفصة، مثلاً، ونورة وجوهرة، هل يسمون بالأسماء الإسلامية، انتهت الأسماء الطيبة حتى نسمي بأسماء القوم، هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ [آل عمران:119] فلما تسمون بأسمائهم، ثم أسماء رخوة، بدلاً من زينب زيزي، بدلاً من فاطمة فيفي، وهكذا أسماء أعجمية مثل: نيفين .. ناريمان، لماذا لا نسمي الأسماء الصحيحة؟ هناك ارتباط بين الاسم والمسمى، أسماء عباد الله الصالحين، أسماء الأنبياء.

أيها الإخوة! الأب عندما يسمي لابد أن يقلب الاسم من جميع الوجوه وينظر هل يليق الاسم بالمولود، وإذا كبر هل يليق به إذا صار به جداً أو صارت جدةً.

المقدم: الحقيقة أن الأسماء -ولله الحمد- مجاناً وليست بمال، فوسع الله عز وجل دائرة الأسماء قال: إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ [النجم:23] فهي كثيرة، لكن دعني أطرح هذا التساؤل يا شيخ محمد: هل التسمية من حق الأب أم أنها من حق الأم؛ لأننا لربما أحياناً يلوح في سماء البيت سحابة غضب وزمجرة لماذا لم تسم على اسم أمي؟ والثاني يقول: لماذا لم تسم على اسم والدتي، أنا أحق وهكذا؟

الشيخ: أما التسمية شرعاً فإنها من حق الأب لأنه سيضاف إلى اسمه وينسب إليه كما نص على ذلك العلماء، ولذلك الأم لا تنازع الأب حقه، وعلى الأب ويستحب للأب وينبغي على الأب أن يشاور الأم في هذه القضية، ويأخذ رأيها، هي حملته وتعبت فيه، وتحملت آلام المخاض والوضع فيراعي أيضاً حالها.

ومن الطرائف أن أباً أصر على اسم ابنه فيصل، والأم أصرت على طلال، وأهله معه، وأهلها معها، والولد يعيش إلى الآن باسمين فيصل وطلال، يجب أن نعلم أن هذه التسمية حق للأب شرعاً وهو يراعي زوجته.

قضية العقيقة؛ العقيقة سنة مستحبة من فوائدها فك ربطة الشيطان، تسلط الشيطان على المولود لحديث: (كل غلام مرتهن بعقيقته) مرتهن، فهو مربوط، الشيطان عليه تسلط فإذا ذبحت العقيقة، وإذا لم يكن الأب قادراً -الحمد لله- هي سنة وليست بواجبة، ثم الحلق وبعض الناس ربما يقول: هذه المنطقة لينة في رأس الولد أنا أخشى عليه من الضرر، فنقول: انتق حلاقاً جيداً.

الختان من حق الولد فيترتب له عليه مصالح كثيرة في صغره وفي كبره.

ومن القضايا التي تكون في مسألة الصغر الرضاع الذي ينبغي للأم ألا تهمله، لا بحجة أن شكلها سيسوء، والمحافظة على شكل الصدر، تهمل الرضاع، وتنتقل بالولد إلى ما يضره، وكذلك بعض الآباء ربما الأم ترضع الولد الآن وفي وقت رضعته يقول: اتركي الولد وتعالي إلي، وهذا من حق الولد أن يرضع، فهذه مسائل مهمة عند الولادة ينبغي مراعاتها من حقوق المولود في الإسلام.

المقدم: أحسن الله إليكم، أحياناً يتفق الزوجان فتقول المرأة الزوجة: أنا أسمي البنات، ويقول هو: أنا أسمي الأولاد، وهذا حل وسط كما يقولون، طيب ماذا عن حقوق الأولاد عند النشأة يعني: لربما يتساءل البعض يقول: لي أولاد كيف أنشئهم التنشئة الصالحة وما حقوقهم عليَّ؟

الشيخ: أما بالنسبة لهذه القضية الخطيرة والمهمة التي نهمل فيها كثيراً -أيها الإخوة! والأخوات- أن هذا الولد من ذكر وأنثى أمانة بيد الأبوين، هذه نفس تحتاج إلى صيانة، 90% من التعليم بالعادات يكتسب في الصغر، في الخمس السنوات الأولى تكتسب أشياء كثيرة.. قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم:6].

إن الغصون إذا قومتها اعتدلت     ولا يلين إذا قومته الخشبُ

قد ينفع الأدب الأحداث في مهلٍ     وليس ينفع في ذي الشيبة الأدبُ

يجب أن تكون القضية منذ البداية، تعليم ومراعاة الحاجات العبودية والحاجات النفسية، وأيضاً قيامٌ بحق هذه الروح في التهذيب والتربية إيمانياً وصلة بالله .. ُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ [لقمان:13].. يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ [لقمان:17].. يا بني وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ [لقمان:17] وهكذا يعلمه التوحيد وضده الشرك، والصلاة والعبادات، لقمان يعلم ولده وهذا النبي عليه الصلاة والسلام يقول: (يا غلام! احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة) وهكذا يقول للآخر عندما يرى يده تطيش في الصحفة: (يا غلام! سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك).

ينبغي -أيها الإخوة- أن نقوم بقضية التعليم والتربية والتأديب للأولاد، في قديم الزمان كان عند الناس رجل اسمه مؤدب، يؤدب الأولاد، يرتاد الأب المساجد مع الأولاد، يقوم معهم بصلة الرحم، يعلم البنت الحجاب منذ الصغر، وليس إذا بلغ تفاجأ بالأوامر، الأذكار يقولها بصوت مسموع ليحفظه الأولاد: اصطحابهم عند أفعال الخير .. إلحاقهم بتحفيظ القرآن .. التحدث أمامهم بالعربية الفصحى .. توطيد العلاقات بالعائلات الطيبة لإيجاد بيئة ينشأ فيها أولاد المتدينين معاً ويتأثرون بالجو الذي لا بد أن يكون لهم.

أصدقاء الأولاد من هم؟ من يعاشرون؟ تعزيز العلاقات الطيبة، يدربون على الأعمال النافعة وعلى العادات الطيبة، يعودون على الأكل مما هو موجود، لماذا يكون عند الأولاد ترفٌ قاتل؟ يمنعون من السهر .. الأخلاق الحميدة تغرس فيهم .. كيف يكرم الضيف .. الشجاعة، بعض البادية عندهم أشياء قد تكون أفضل من المدينة.

أب يريد أن يعلم أولاده الشجاعة فقال: أنتما تسابقا إلى حوض السيارة، وقد وضع في حوض السيارة ثعباناً ميتاً، فأسرعا معاً فقفز الكبير في داخل السيارة فرأى الثعبان فخاف ورجع وهو يصرخ، الصغير وقف هنيهة ثم قلب الثعبان فوجده ميتاً فجلس وأخذ الجائزة، ثعبان كان قد قتله ووضعه، وأنا أضرب مثال فقط، ويعود الولد ألا يخشى الظلام، لا يخشى قول الحق، وأنا ذكرتها طرفة؛ لأن الثعبان مقتول.

القضية في العبادة الاهتمام بالعبادات .. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .. الصبر وعدم الشكوى .. الشكوى لله.

اهتمام بإقامة حلق العلم في المنـزل .. ربط القلب بالله عز وجل، كلما صارت حادثة تربط بالله .. يحبب الولد بالله عز وجل من خلال ذكر النعم.

إذا أمرت الابن في شيء تابعه في تنفيذه، قضية المشاعر توجه مشاعر الولد الغضب الفرح الحزن لتكون أشياء شرعية، تربط العبادات بالله عز وجل أنها ليست قضية عادة وليس لأنك رأيت أباك يصلي، إحضاره مجالس الكبار، يعلم عادة شكر الناس، كيف يثني عليهم، يعاملهم بالأمر الطيب والكلام الطيب، نرى في بعض المجتمعات الإسلامية الولد الصغير يقول كلاماً طيباً، لأن أباه رباه هكذا، يقول للضيف الواحد يقول: أنتم تريدون الشاي بسكر أم بغير سكر، يخاطبه بلفظ الجماعة، لأنه هكذا علم، فرق أن يقول أنت يا كذا، أنت يا كذا ويخاطب الضيف بطريقة ساخطة، يعلمه حسب السن، لاعبه سبعاً، أدبه سبعاً، صاحبه سبعاً.

من حق الولد أن يجد أباً مربياً ناصحاً معلماً موجهاً قدوة في الخير وفي الصلاة وفي البر.

يا أخي! هذه قصة سمعتها من ولد صغير -في الأولى أو ثانية ابتدائي- أبوه لا يعرف القبلة في البيت، ولذلك الابن هذا ما رأى أباه يصلي أبداً، لما ذهب الابن إلى المدرسة رزقه الله بمدرس في الفصل، إنسان متدين يخاف الله، ويعرف أمانة الطالب الذي بين يديه، فدعاهم إلى صلاة الجماعة، حببها إليهم، وفضل صلاة الفجر، والمشي في الظلمة إلى المسجد، الولد صار عنده إقبال وانجذاب إلى الصلاة، فلما رجع للبيت، ضبط الساعة المنبه على صلاة الفجر كما علمه المدرس، فلما قام وتوضأ وذهب وفتح باب الشارع وجد في الطريق ظلاماً فخاف، ورجع، يفتح الباب ويغلقه متردد يفتح الباب ويغلقه -وهذا طبيعي في الولد يهاب الظلمة- حتى سمع شيئاً يطرق على الرصيف، إنه عكاز جد صاحبه أحمد في الحارة يمشي يذكر الله، فمر من أمام باب البيت، فتشجع الغلام وخرج مع هذا الشايب ورافقه كظله إلى المسجد وصلى ثم انتظر الشايب حتى يرجع فرجع معه، ثم توالت الأيام على هذا الحال.

في يوم من الأيام أبو الولد دخل البيت ووجد الولد يصرخ ويبكي بكاءً حاراً قال: ما لك يا ولد؟ فسكت، ما لك يا ولد؟ يلح عليه، في النهاية الابن تكلم، قال: جد جارنا أحمد مات، قال: وماذا يعني أن جد جارك مات؟ من يكون جد جارك؟ لماذا تبكي عليه؟! الولد سكت، قال أبوه: أهو أبوك؟! قال: يا ليت الذي مات أنت وليس هو -تجرأ الولد- الأب انصدم من هذه الكلمة، قال: يا ولدي! ماذا تقول؟ قال: هذا العجوز كنت أذهب معه إلى المسجد، هذا كان نعم الرفيق لي في الظلمة، أنت ما رأيتك في البيت تركع لله ركعة. فكانت كلمة هذا الصغير سبباً في هداية أبيه لطريق الحق والمحافظة على الصلاة.

من حق الولد أن يجد في البيت أباً يعقل، وليس أباً ذاهب العقل بالمسكرات والمخدرات، والأم المسكينة تداري الموضوع، والولد يقول: ماذا يشرب أبي؟ ولماذا يشرب كثيراً؟ وما هذا؟ وتقول له: ماء، ويقول: والدي يحب الماء؟! والأسئلة تتوالى، يدخل وهو سكران، يسب ويلعن ويشتم الزوجة والأولاد، كم مرة طلق الأم المسكينة وهي لا تدري تعيش معه بالحلال أم بالحرام؟ وهذا الآخر السكران الذي يخرج أغلب الأوقات ما يغيب عن عقله أكثر مما يفيق، الأولاد محرومون من رؤيته، هو ينزوي في الغرفة يشرب، الأولاد يضيعون، عندنا في الحي أولاد لأب من هذا النوع يمشون يطوفون على البيوت يسألون الناس، بنت عمرها اثنا عشرة سنة بشكلها تطرق الباب تسأل الناس يمدون أيديهم للناس؛ لأن أباهم يشرب الخمر، المال كله ذهب في المسكرات والسفريات القريبة والبعيدة، سألت الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله قلت: يا شيخ! الآن المجاهرة بالمعصية إثمها عظيم، الذي يسر غير المجاهر، قلت له: الأب إذا جاهر داخل البيت، إذا عمل المنكر أمام أولاده عمل أي منكر أمام أولاده، هل يعتبر مجاهراً أم لأنه داخل البيت يعتبر مسراً، قال الشيخ: أعوذ بالله! أعوذ بالله! هذه أعظم من المجاهرة، هذه مجاهرة وإساءة تربية، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (كل أمتي معافى إلا المجاهرين).

من حق الولد أن يلعب، تصور أن طفلاً يقول: أبي لا يشتري لنا ألعاباً، لماذا؟ أبوه في شركة محترمة وراتبه كبير، لكن تذهب في المسكرات .. في المحرمات .. في السفريات، والنبي صلى الله عليه وسلم قبَّل الحسن والحسين، ترك ابنه يرتحله كما ترتحل الدابة، والآخر يلعب فوق ظهره، حتى في السجود ترك لهم المجال، يذهب خصيصاً لزيارة ولده الرضيع إبراهيم، عندما كان يرتضع يذهب لزيارته، ويذهب خصيصاً لزيارة الحسن، ويطرق الباب ينتظر حتى فاطمة تلبس الحسن، ويخرج إليه يمد يده، فالحفيد يمد يده، فيحضنه في حجره ويقبله ويجلع له لسانه .. علاقة .. عاطفة .. محبة .. حتى عائشة لما انتقلت إلى النبي عليه الصلاة والسلام بألعابها سمح لها أن تلعب؛ لأنها كانت صغيرة في السن، تلبية حاجة الولد في الألعاب، لكن أي ألعاب؟ البلاستيشن .. ألعاب صلبان! أي ألعاب؟! الفئة السحرة! وتطير على مكنسة! الموسيقى! أي ألعاب؟! التي فيها نساء بملابس شبه عارية! أي ألعاب التي يلعب بها؟! ألعاب هادفة وليست ألعاباً مدمرة للنفس والأخلاق.

المقدم: الله يبارك فيكم أنا قلت: كم من أناس كانت هدايتهم على أيدي أبنائهم، ولله در بعض الآباء الواعين الفاضلين يأتي إلى غرفة أبنائه في الليل ويصلي فيها ركعتين أو ما كتب الله عز وجل فينظر الأبناء إلى أبيهم وقد ركع في غرفتهم يعني ممارسة عملية تطبيقية، فيكون هذا أدعى إلى الاقتداء به.

هذا الأخ يوسف الحيدان يقول: ما رأيكم يا شيخ محمد بما نعايشه ونشاهده في ميدان التربية والتعليم حينما ندرس حالة طالب بئيس حزين هزيل نجد أن أمه مطلقة، ويعيش مع والده، ووالده يمنعه من مشاهدة أمه إذا لم يحقق كذا وكذا في الدراسة، فهل من توجيه لهذا النوع من الآباء؟

أيضاً تساؤل جيد من أبي نواف يقول: أنا شاب متزوج وعندي أطفال، ولقد رزقني الله بطفلٍ ولكن أبي أجبرني على أن يكون اسم الطفل مثل اسمه، رغم أن اسم والدي فيه شيء من الغلظة والقسوة، أنا أحياناً أرفض وإذا صرحت في الرفض يقول أبي: أنت عاق، فهل هذا من العقوق وما نصيحتك لوالدي، وإذا لم أسم وهجرني ما الحكم في ذلك رغم أني أريد أن أسمي أسماءً جيدة مثل عبد الله وغيره من الأسماء التي فيه تعبيد لله تعالى، ويقول: والأسماء التي عندنا مثل: مطعش.. اشبيد.. سدك.. مسرف؟

أنا معي إبراهيم الطلحة ثم أعود إليك لتعلق، وأيضاً لنأتي على قضية النفقة وحقوق النفقة وما يتعلق بها؛ لأن هناك أناس ربما يفهمون موضوع النفقة مائة وثمانين درجة، أفهام متخالفة ومتباينة.

الأخ إبراهيم! السلام عليكم.

السائل: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

المقدم: حياكم الله..

السائل: مساكم الله بالخير جميعاً..

المقدم: مساك الله بالخير أهلاً وسهلاً.

السائل: أشكرك -يا شيخ عبد المحسن - على هذه الجودة المباركة.

المقدم: الله يبارك فيك.

السائل: نحن في مستشفى الأمل بحكم أني رئيس الشئون الدينية فيه، فهناك نعاني بشدة من إهمال الآباء في أبنائهم، حتى أوقعتهم في شباك المخدرات، وأصبح الكثير من الشباب يعاني أو يكل السبب الكبير للآباء، وهناك بعض العناصر من جراء الجلسات الفردية مع بعض المدمنين أو بعض الشباب، هناك بعض الأمور التي أوقعت بعض الشباب في المخدرات وقد جلست مع أحد الشباب وعمره تقريباً سبعة عشر عاماً، فتكلمت معه بخصوص كيف وقع في المخدرات، فيذكر لي أن سبب وقوعه في المخدرات أول وقت كان في الابتدائية -في سادس ابتدائي- بدءوا وقعوا بالمخدرات من سادس ابتدائي، فسألته عن والده ما كان يراقبك؟ كيف كنت تخرج؟ قال: والله كان هناك إهمال كبير من الوالد، وعدم المراقبة من المنزل هذه أيضاً من الأسباب التي أوقعت كثيراً من الشباب في المخدرات، أيضاً أب من الآباء يقول: أنا السبب في إدمان ابني قلت: كيف ذلك؟ قال: أنا أعطيه المال ولا أراقبه، وكل ما أراد من مال أعطيته، والآن هذه هي النتيجة؛ الوقوع في المخدرات.

أيضاً من السفر للخارج وهذه النقطة مهمة -يا شيخ عبد المحسن - وخاصة أنها تكثر في الإجازات الصيفية فبعد الإجازات الصيفية نستقبل أكبر عدد من المدمنين فهذه من أهم النقاط..

أيضاً: التفرقة بين الأبناء هذه التفرقة بين الأبناء يصاب الابن بأمراض نفسية تقوده إلى الوقوع في المخدرات أيضاً.

أيضاً الدعاء على الأبناء هذه قضية يجب الانتباه لها. الإهمال من الصغار الآن بعض الآباء يأتينا -يا شيخ عبد المحسن - ويقول: أتمنى أن يهتدي ابني وأن يترك هذه المشاكل ...، فإذا هو من الصغر مهمل، فكيف يريد النشء الآن وفي هذا السن أن يلحق به..

أيضاً: ممارسة المعاصي أمام الأبناء وهذه ذكرها الشيخ وهي مهمة أيضاً.

آخر شيء -يا شيخ!-: منظر عجيب في أحد أقسام الشرطة، امرأة طردها ابنها وهي كبيرة في السن، والضابط تكلم مع ابنها في الهاتف قال: لا أريدها، وهي أيضاً رفضت أن تذهب إليه قالت: إنه يضربني!! وهي امرأة كبيرة في السن!! أسأل الله جل وعلى أن يبارك فيكم جميعاً.

المقدم: شكراً جزاك الله خيراً.

المقدم: السؤال طبعاً يقول الأخ يوسف الحيدان: إن هناك ما نعايشه في ميدان التربية والتعليم حينما ندرس حالة طالب بئيس لأن أمه مطلقة وهو يعيش مع والده ووالده يمنعه من مشاهدة أمه إذا لم يحقق كذا وكذا في الدراسة.

الشيخ: بالنسبة للسؤال الأول هذا ليس من حق الأب أن يمنع الابن من رؤية أمه حتى لو اختار، قال العلماء: لو أن عند الطلاق في الذكر إذا بلغ سبع سنين يخير بين أبيه وأمه، والبنت طبعاً ستذهب إلى أبيها؛ لأنها طبعاً ستخطب منه، لو أن الابن اختار الأب والابن غير رأيه إلى الأم يجوز أن يذهب إليها، لو اختار الأم ثم غير رأيه إلى الأب، يجوز أن يذهب إليه، ولو اختار الأب لا يجوز أن يمنعه من زيارة أمه، ولو اختار الأم لا يجوز أن تمنعه من زيارة أبيه، وهذه من المشكلات الكبيرة حتى القضاة يعانون منها مع بعض الناس.

وأما بالنسبة لقضية تسمية الأب لابنه باسم أبيه، فهذا طيب إذا كان اسم الأب طيباً، أما إذا كان اسم الأب قبيحاً فالابن ليس ملزماً أن يضع عنواناً لولده عنواناً قبيحاً إلى أن يموت؛ لأن الاسم هذا يلصق بالولد حتى يموت.

أما بالنسبة لقضية حقوق الولد في العاطفة والرحمة كنت قد تكلمت عن موضوع النبي صلى الله عليه وسلم مع الحسن والحسين، والأطفال عموماً وكيف النبي عليه الصلاة السلام قصر الصلاة مراعاة لمشاعر الأم ومراعاة للطفل كذلك، ينبغي أن يكون هناك عاطفة.

من الأشياء المفقودة -أيها الإخوة والأخوات- في علاقة الآباء والأمهات في الأولاد قضية العاطفة، العاطفة مفقودة لا يوجد الحنان الكافي، الولد مع الخادمة، الولد يسكت على يد الخادمة، ولا يسكت إذا حضنته أمه، من كثرة الإهمال وترك الأم للأولاد، والأب كذلك مشغول وحتى لو جاء يمكن أن يقتصر كلامه على الزجر والتهديد والوعيد.

هناك أبيات لطيفة قالها أحد الشعراء المسلمين يعبر فيها عن هذه العاطفة لما ودع أسرته وأولاده؛ سافروا في الصيف وبقي هو في البيت ورجع بعد وداعهم، يقول الشاعر رحمه الله:

أين الضجيج العذب والشغبُ     أين التدارس شابه اللعبُ

أين الطفولة في توقدها     أين الدمى في الأرض والكتبُ

أين التشاكصٌ دونما غرضٍ          أين التشاكي ما له سببُ

أين التسابق في مجاورتي     شغفاً إذا أكلوا وإن شربوا

يتزاحمون على مجالستي     والقرب مني حيثما انقلبوا

فنشيدهم "بابا" إذا فرحوا     ووعيدهم "بابا" إذا غضبوا

وهتافهم "بابا" إذا ابتعدوا     ونجيهم "بابا" إذا اقتربوا

بالأمس كانوا ملء منزلنا     واليوم ويح اليوم قد ذهبوا

إني أراهم أينما التفتت     نفسي وقد سكنوا وقد وثبوا

في كل ركنٍ منهم أثرٌ     وبكل زاوية لهم صخبُ

في النافذات زجاجها حطمـوا     في الحائط المدهون قد ثقبوا

في الباب قد كسروا مزالـجه     وعليه قد رسموا وقد كتبوا

في الصحن فيه بعض ما أكلوا     في علبة الحلوى التي نهبوا

في الشطر من تفاحة قضمـوا     في فضلة الماء التي سكبوا

إني أراهم حيث ما اتجهت          عيني كأسراب القطا سربوا

دمعي الذي كتمته جلداً     لما تباكوا عندما ركبوا

حتى إذا ساروا وقد نزعوا     من أضلعي قلباً بهم يجبُ

ألفيتني كالطفل عاطفة     فإذا به كالغيث ينسكبُ

قد يعجب العذال من رجـلٍ     يبكي ولو لم أبك فالعجبُ

هيهات ما كل البكا خـورٌ     إني وبي عزم الرجال أبُ

القضية في الاهتمام بالأولاد، قضية النـزهة إلى الأماكن الحلال المباحة، هذا يشتكي يقول: أبي لا يأخذنا إطلاقاً، لا إلى فسحة ولا إلى نزهة، أمي مرة سألته قالت له: إلى أين تذهب يا أبا فلان؟ قال: أنفه الغنم وأطلق أرجلها، الآن أطلق أرجل الغنم وهو إذا سأله ... ثم قال: سمعنا مرة -عنده بقر في مزرعة- أنه أتى بطبيب بيطري للبقر بأربعمائة ريال قال: ونحن نحيا ونموت ونمرض ونقوم، ولا يذهب بنا ولو مرة إلى المستشفى، يقول: دبروا أنفسكم!!

التحذير من التدليل الزائد للأبناء

العاطفة -يا إخوان ويا أخوات- لا تعني التدليل الزائد؛ لأن من المصائب التي نحن فيها الآن قضية التدليل الزائد للأولاد، أي شيء يريد أعطيته، ما معنى أن تذهب بنت إلى طبق خيري أو يوم مفتوح في المدرسة معها ثلاثمائة ريال، تشتري بها الطبق الخيري أو اليوم المفتوح، هذا كم ستصرف البنت في العادة، ولو اشترت قوالب الكيك فأين ترمى؟! ثم كسر نفوس الطالبات اللاتي ليس عندهن هذه القدرة، هذا التدليل الزائد.. وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ [النساء:5] ثم نكسر بها قلوب الفقراء.

هذا شخص عنده خمس بنات، سبحان الله! تولد له البنت تحمل الأم تضع ذكراً يموت، ثم تلد بنتاً ثم تحمل بذكر ويموت، خمس مرات، لما جاءه الذكر الأخير وعاش؛ فتن به.. أعطاه كل شيء.. أعطاه الأموال، حتى قال ذات مرة لمن حوله: أي شيء تريدونه عن طريق ولدي هذا، الذي يأتي عن طريق ولدي هذا أنا أنفذ مباشرة، وفي النهاية الولد فسد، سرق من مال أبيه أخذ من هنا، نهب منه، الأب الآن يشتكي.. يعض أصابع الندم على هذه التربية التي حصلت، وعقوق، وارتفع ضغط أبيه وأصيب بالأمراض وشاب رأسه من وراء هذه القضية.

إذاً قضية كل شيء نعطي الأولاد، أي شيء نعطي الأولاد، يا أخي دعهم مرة يتعلمون العمل، إذا كنت ستعطيهم قل لها: إذا نظفت المطبخ وغسلت الأواني أعطيتك كذا، دربها قليلاً يمكن أن تذهب إلى زوج وما عنده خادمة، وهي لا تعرف شيئاً في البيت أبداً، ويعطيها مكافأة مالية، قل له: قص الزرع واغسل الحوش، وأعطه مالاً، درَّب الأولاد على قضية العمل ويأخذون مقابلاً عليها، لا مانع.

الحذر من الشدة في التأديب

المشكلة في قضية التأديب -يا شيخ عبد المحسن - هنا بعض الآباء والأمهات يسرفون يعني: يمكن أن يقشر سلك الكهرباء ويضرب فيه، يقول لي ولد من الأولاد: أنا أبي لا يضرب بسلك عادي، بل يقشره ويضربني به، أو يضعني على غرفة على السطح في البرد وما عندي لحاف ولا يوجد أكل. طبعاً لماذا؟ لأن أمه تطلقت وتزوج بأخرى وامرأة الأب اضطهدت.

واحد آخر يقول: أنا أكبر أولاد أبي وأمي مطلقة، وأبي أبيض وتزوج امرأة بيضاء وجاء له أولاد بيض وأنا أمي سمراء وجئت أنا أسمر والآن لا يكاد يتعرف عليَّ ولا يعترف بي، لماذا؟ يقول: لماذا لونك أسمر؟ يا أخي! سبحان الله! الله الذي خلقه هكذا، يعني: ما ذنب الولد في قضية اللون، ينبغي ألا نمزق الأولاد عاطفياً، فتمزيق الأولاد عاطفياً من المصائب.

المدرسة في رياض الأطفال تقول: تكلمت عن موضوع ففوجئت ببنت صغيرة في الروضة تقول لي: هل يصح أن الأب يضرب الأم؟ فقلت لها: لا. لكن هي تسرعت في الجواب، فقالت: لكن أنا (بابا) يضرب (ماما) دائماً في البيت.

فإذاً تمزيق الولد عاطفياً يحدث نتيجة الصراع بين الأبوين العلني الذي يمكن أن يكون ضرباً، كذلك من التمزيق العاطفي أن الولد لا يجد أمه في البيت، بل يجدها خراجة ولاجة.

هي الأخلاق تنبت كالنبـات     إذا سقيت بماء المكرماتِ

تقوم إذا تعاهدها المربي     على ساق الفضيلة مثمراتِ

ولم أر للمكارم من محلٍ     يهذبها كحضن الأمهاتِ

وهل يرجى لأطفال كمالٌ          إذا ارتضعوا ثدي الناقصاتِ

من حق الابن أن يرى أباه وأمه أمامه.

ليس اليتيم من انتهى أبواه من     هم الحياة وخلفاه ذليلا

إن اليتيم هو الذي تلقى له     أماً تخلت أو أباً مشغولا

العاطفة -يا إخوان ويا أخوات- لا تعني التدليل الزائد؛ لأن من المصائب التي نحن فيها الآن قضية التدليل الزائد للأولاد، أي شيء يريد أعطيته، ما معنى أن تذهب بنت إلى طبق خيري أو يوم مفتوح في المدرسة معها ثلاثمائة ريال، تشتري بها الطبق الخيري أو اليوم المفتوح، هذا كم ستصرف البنت في العادة، ولو اشترت قوالب الكيك فأين ترمى؟! ثم كسر نفوس الطالبات اللاتي ليس عندهن هذه القدرة، هذا التدليل الزائد.. وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ [النساء:5] ثم نكسر بها قلوب الفقراء.

هذا شخص عنده خمس بنات، سبحان الله! تولد له البنت تحمل الأم تضع ذكراً يموت، ثم تلد بنتاً ثم تحمل بذكر ويموت، خمس مرات، لما جاءه الذكر الأخير وعاش؛ فتن به.. أعطاه كل شيء.. أعطاه الأموال، حتى قال ذات مرة لمن حوله: أي شيء تريدونه عن طريق ولدي هذا، الذي يأتي عن طريق ولدي هذا أنا أنفذ مباشرة، وفي النهاية الولد فسد، سرق من مال أبيه أخذ من هنا، نهب منه، الأب الآن يشتكي.. يعض أصابع الندم على هذه التربية التي حصلت، وعقوق، وارتفع ضغط أبيه وأصيب بالأمراض وشاب رأسه من وراء هذه القضية.

إذاً قضية كل شيء نعطي الأولاد، أي شيء نعطي الأولاد، يا أخي دعهم مرة يتعلمون العمل، إذا كنت ستعطيهم قل لها: إذا نظفت المطبخ وغسلت الأواني أعطيتك كذا، دربها قليلاً يمكن أن تذهب إلى زوج وما عنده خادمة، وهي لا تعرف شيئاً في البيت أبداً، ويعطيها مكافأة مالية، قل له: قص الزرع واغسل الحوش، وأعطه مالاً، درَّب الأولاد على قضية العمل ويأخذون مقابلاً عليها، لا مانع.

المشكلة في قضية التأديب -يا شيخ عبد المحسن - هنا بعض الآباء والأمهات يسرفون يعني: يمكن أن يقشر سلك الكهرباء ويضرب فيه، يقول لي ولد من الأولاد: أنا أبي لا يضرب بسلك عادي، بل يقشره ويضربني به، أو يضعني على غرفة على السطح في البرد وما عندي لحاف ولا يوجد أكل. طبعاً لماذا؟ لأن أمه تطلقت وتزوج بأخرى وامرأة الأب اضطهدت.

واحد آخر يقول: أنا أكبر أولاد أبي وأمي مطلقة، وأبي أبيض وتزوج امرأة بيضاء وجاء له أولاد بيض وأنا أمي سمراء وجئت أنا أسمر والآن لا يكاد يتعرف عليَّ ولا يعترف بي، لماذا؟ يقول: لماذا لونك أسمر؟ يا أخي! سبحان الله! الله الذي خلقه هكذا، يعني: ما ذنب الولد في قضية اللون، ينبغي ألا نمزق الأولاد عاطفياً، فتمزيق الأولاد عاطفياً من المصائب.

المدرسة في رياض الأطفال تقول: تكلمت عن موضوع ففوجئت ببنت صغيرة في الروضة تقول لي: هل يصح أن الأب يضرب الأم؟ فقلت لها: لا. لكن هي تسرعت في الجواب، فقالت: لكن أنا (بابا) يضرب (ماما) دائماً في البيت.

فإذاً تمزيق الولد عاطفياً يحدث نتيجة الصراع بين الأبوين العلني الذي يمكن أن يكون ضرباً، كذلك من التمزيق العاطفي أن الولد لا يجد أمه في البيت، بل يجدها خراجة ولاجة.

هي الأخلاق تنبت كالنبـات     إذا سقيت بماء المكرماتِ

تقوم إذا تعاهدها المربي     على ساق الفضيلة مثمراتِ

ولم أر للمكارم من محلٍ     يهذبها كحضن الأمهاتِ

وهل يرجى لأطفال كمالٌ          إذا ارتضعوا ثدي الناقصاتِ

من حق الابن أن يرى أباه وأمه أمامه.

ليس اليتيم من انتهى أبواه من     هم الحياة وخلفاه ذليلا

إن اليتيم هو الذي تلقى له     أماً تخلت أو أباً مشغولا

المقدم: يا شيخ محمد! هذه أم معاذ، وتساؤلها طيب تقول: كلامكم عن أهمية النـزهة وعلى الأخلاق الحسنة والاستفادة والتربية على شرع الله تعالى، لكن إذا كان الأب غير صالحٍ والأم مستقيمة على شرع الله؛ فماذا تعمل؟ تقول: فقد لاحظت أن أبنائي بدت تصرفاتهم تكون طبقاً لتصرفات أبيهم، فهل أبين لهم خطأ أبيهم؟ أم أنفصل عنه أنا وأبنائي؟

وهذه يبدو أنها أيضاً كذلك، تقول: بعض الأمهات تتدخل في شئون ابنتها الخاصة، بحجة أنها أمها، وتدخل الأم في هذه الأمور قد يسبب للبنت بعض الإحراج، فهل هذا من حق الأم؟ وهل يجب على البنت إخبار أمها بذلك؟

بعض الأمهات -هداهن الله- تكون أخلاقها مع الناس طيبة ولسانها عذباً، ولكن مع أبنائها على العكس من ذلك، أرجو توجيه نصيحة لمثل هذه الأم؟

بعض الأمهات حينما تحدثها ابنتها بحديث تحدث به جدتها أو عمتها، رغم أن هذا الحديث قد يكون مشكلة بينها وبين زوجها، أو شيئاً من أمورها الخاصة، فما موقف الابنة في هذه الحالة؟

إذا سمحت لي معي عبد العزيز الحسن الزهراني من مكة وقد عودنا بمداخلات طيبة.

السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

السائل: تحية ببراعة الكبار تشوبها براعة الصغار تنطلق إلى العاصمة الحبيبة الرياض .

المقدم: الله يبارك فيك ويحييك.

السائل: أستاذي الكريم موضوعكم جد طويل ولا أظن أن حلقة واحدة أو حلقتين ستكفي هذا الموضوع الطويل والهام في مجتمعنا، لكنني أسأل وبسرعة حول التنشئة على كتاب الله ومرة في الواقع حدث هذا الأمر أمامي حينما سأل أحد الضيوف ابنة صغيرة عن سورة قصيرة، فقالت: لا أحفظ هذه الأغنية!! أيضاً الجرأة العجيبة على الآباء وتعليم الأبناء الجرأة على الآباء حتى أنهم يقولون: قم اضربني!! أو قم تكلم عليَّ! أو قم ابصق في وجهي!! وهذه أشياء فعلاً تعود الطفل على العقوق منذ نعومة أظفاره.

ما نراه الآن على القنوات الفضائية الغريبة من برامج خاصة تحث على طرائق غريبة وعجيبة في تربية الأطفال تبث باللغة العربية، وربما ببعض اللهجات المحببة، وتحث على ما يسمى بالتربية الجنسية، أريد من الدكتور أن يقدم لنا نصيحة في مثل هذه المواضيع وشكر الله لكم..

المقدم: شكر الله لك وجزاك الله خيراً على هذه الإطلالة الطيبة.

حكم بقاء الزوجة مع زوجها الفاسق

المقدم: السؤال الماضي، أم معاذ تقول: لاحظت أن بعض أبنائي تكون تصرفاته تطابق تصرفات أبيه، فهل أبين لهم أخطاءه؟

الشيخ: نعم. السؤال بالنسبة لقضية الأب إذا كان فاسقاً مقصراً في أموره الدينية ما دام الأب مسلماً لم يرتكب ناقضاً من نواقض الإسلام كسب الدين أو الاستهزاء ببعض أحكام الشريعة أو ترك الصلاة بالكلية ونحو ذلك، فيجوز للمرأة أن تبقى معه، وهنا تواجه المرأة بين بقائها مع هذا الزوج الفاسق بما فيه وبين قضية الطلاق، لا بد بالحكمة ودراسة وتأخذ رأي أهلها والعقلاء في العائلة لكي تقرر هل تستمر أو تبقى، فإذا وجدت أن مفاسد الطلاق أكبر بقيت تتحمل وتذود أطفالها ما استطاعت عن هذا الفساد، وتعلمهم الحق ولو قالت لهم: أبوكم مقصر وانصحوه، لا مانع، لكن لابد أن ينصحوه بأدب؛ لأنه وإن كان مشركاً فإن له حقاً كما تقدم.

وأما بالنسبة لتدخل الجدة في تربية الأحفاد أو تدخل الجد في تربية الأحفاد هذه قضية مشاهدة، التدخل أحياناً قد يكون حميداً وهنا في هذه الحالة نقره ونفرح به والجد والجدة لهما مسئولية وليس فقط مسئولية، بل أحياناً بعض المشكلات -يا إخوان- بعض مشكلات الجد والجدة يتقنان حلها في الأحفاد أكثر من الأبوين، وخصوصاً في قضية التعامل مع الولد، أحياناً إذا بلغوا استمالة الولد عن قرناء السوء ونحو ذلك، وأحياناً تكون العاطفة والعلاقة تجذب الولد عن شرور إلى جده وجدته فينبغي أن تغتنم هذه العلاقة بالتوجيه الجيد.

وأما إذا كان التدخل تدخلاً غير جيد من الجد والجدة وهذا يحدث ويقول: أبي يخرب عليَّ تربيتي لولدي، والبنت تقول: أمي تخرب علي تربيتي لولدي، فهنا ينبغي مراعاة الأمر؛ لأنه أب وأم، وهنا في هذه الحالة أحياناً قد لا يستطيع الأب أن يخطئ الجد أمام الحفيد، لكن إذا رجع إلى البيت حاول أن يتدارك الموضوع ويتلافاه، يعني: العملية عملية مداراة، لأن هذا أبوه وهذه أمة.

خطورة مشاهدة الفضائيات

النقطة التي أشار إليها الأخ الكريم الذي اتصل من مكة ، وهو في الحقيقة أثار نقاطاً مهمة جداً وخصوصاً أثر الفضائيات والبرامج المدبلجة والأشياء المترجمة، والأشياء الغربية، يعني: من حقوق الولد على الأب أن يجنبه الشرور، ولا أعظم من أن تضع له دشاً أو تضع له هذه الأطباق.. يا أخي! الآن أبلغونا أن بعض القنوات انفك تشفيرها، صارت قضية الزنا علانية، ثم ماذا نتوقع؟ أن يقع الأخ على أخته، ماذا نتوقع؟ أن يتجهوا إلى الفواحش، الجريمة الكبيرة في تركهم هكذا، ثم قال: أنا أعطيتهم كل المحتاج، أو وضعت جهاز تلفزيون لكل ولد في غرفة ووضعت هاتفاً لكل بنت في غرفتها، يعني: شاشة بهذه الطبق وهاتف وجوال.

إذاً ماذا نتوقع، إلى أين تتجه؟ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كلكم راعٍ وكلكم مسئول) والله قال قبل ذلك: قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً [التحريم:6] صار هذا لا يقي أهله ولا نفسه ناراً، هذا يجلب النار لنفسه ولأولاده، أنريد أن نتجه إلى الغرب بما فيه من القرف وجميع الرذائل؟! قننوا ستة عشر سنة إباحة الشذوذ، يعني إلى أين سنصل؟ لم يعد هناك خوف من الله، ولا مراقبة لله!! أين الذين يرجون الله واليوم الآخر؟




استمع المزيد من الشيخ محمد صالح المنجد - عنوان الحلقة اسٌتمع
اقتضاء العلم العمل 3611 استماع
التوسم والفراسة 3608 استماع
مجزرة بيت حانون 3529 استماع
الآثار السيئة للأحاديث الضعيفة والموضوعة [2،1] 3496 استماع
اليهودية والإرهابي 3424 استماع
إن أكرمكم عند الله أتقاكم 3424 استماع
حتى يستجاب لك 3393 استماع
المحفزات إلى عمل الخيرات 3370 استماع
ازدد فقهاً بفروض الشريعة 3347 استماع
الزينة والجمال 3335 استماع