حقيقة التطرف


الحلقة مفرغة

قصيدة في مدح الشيخ سلمان:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:

يا قائد الركب لي في ركبكم أمل     أنـزل بربك من في القلب قد نـزلوا

انـزل بربك من في القلب مسكنهم     وبالفؤاد لهم في ساحه نـزل

أنـزل بربك من دموا مدامعنا     شوقاً إليهمفما جفّت لنا مقل

أنـزل بربك من أبقوا لنا طللاً     نشكو إليه النوى حتى اشتكى الطلل

أنخ بربك ركباً كنت آمله     عودي علينا فديت النفس يا إبل

رحماك يا ركب بي فإنني رجل     لم يشجه قط ذكر الدار والغزل

ولست صباً يذيب الهجر أضلعه     أو أنني من كئوس الوصل أنثمل

وما سبتني دنيا لا بقاء لها     أو دل غانية أو أعين نجل

كلا! فديتك إن القلب يسكنه     أهل الفضيلة إن قالوا وإن فعلوا

فمنهم شيخنا سلمان من فخرت     به الشباب وخافت رأيه الدول

ومن أقر له بالفضل معترفاً     رجال أمته شاب ومكتمل

قد أنحلت جسمه بالهمّ أمته     فعاد كالسيف يحدو عزمه الأمل<
في أن يعيد إلى الإسلام عزته ما زاره كلل أو شابه ملل

تبدو على وجهه آثار فكرته     هم على ظهره من فوقه ثقل

فلم ير الشيخ ضحاكاً ولا هزلاً     كيف السرور وقلب الشيخ يشتعل

وهمه الدين والإسلام دعوته     عدوه الكفر والخذلان والكسل

بيضٌ فعائله جدٌ عزائمه     كثرٌ فضائله لم تحصها جمل

أخلاقه كرم أفعاله ورع     حياته عمل في إثره عمل

نهاره دعوة وعظ وتبصرة     وليله دمعة لله تنهمل

إنا رجالك يا سلمان فامض بنا     أنى أردت فأنت القدوة المثل

إنا رجالك مهما قال حاسدكم     إنا رجالك لو سبوا ولو عذلوا

إنا رجالك لو قالوا زبانية     أو ذاك منحرف أو ذاك معتدل

هذي مجالسهم غرقى بخمرهم     هذي سجونهم قد عمها الوجل

هذي صحائفهم ملأى بوحلهم     هذي منابرهم فليعتل السفل

إنا لنا خطنا نمشي عليه كما     للكافرين صنوف الزيغ والسبل

متطرفون نعم لله خالقنا     وكذا أصولية بالله تتصل

إنا اهتدينا بنور الله خالقنا     فكيف يصرفنا عن نوره هبل

عذراً فديتك إني قد مدحتكم     حقاً وصدقاً وإني منكم خجل

فخذ بفضلك ترباً واحث في وجهي     فالترب من يدكم يا شيخنا حلل

إن الحمد لله نحمد ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

أيها الإخوة..مضى ذلك اليوم يوم عاشوراء, المبارك الذي كان يوماً من أيام الله تعالى, حيث نجى الله فيه موسى وقومه، وأهلك فرعون وقومه: إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ [الحجر:75] ونسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم ممن صامه وتقبل منه صيامه, إنه على كل شيء قدير.

في هذه الليلة -ليلة الحادي عشر من شهر الله المحرم من سنة (1413هـ)- ينعقد هذا المجلس المبارك في هذا المسجد في حي الإسكان بمدينة جدة, وقد طلب إليّ المقدم -غفر الله له- بعدما قرأ قصيدته أن أحثو في وجهه التراب, من قبِلَ أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بذلك، ولكن عذري أنه لا يوجد هاهنا تراب, والواجب يسقط مع العجز, ولكنني أحثو في وجهه وفي وجوهكم دعوات أسأل الله تعالى ألا يحجبها.

فأقول: اللهم أعطنا ولا تحرمنا، وأعنا ولا تعن علينا، وانصرنا على من ناوءنا, ووفقنا لما يرضيك عنا, اللهم أصلح سرنا وعلانيتنا, وظاهرنا وباطننا, اللهم تولَّ أمرنا, اللهم اهدنا سبل السلام، وأخرجنا من الظلمات إلى النور, اللهم إنا نسألك إيماناً صادقاً وعلماً نافعاً, وعملاً صالحاً متقبلاً, ورزقاً حلالاً واسعاً.

ثم أقول: كما قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: [[اللهم اجعلني خيراًَ مما يظنون، واغفر لي ما لا يعلمون]] فإنني لا أقر ما ذكره المقدم ولا أوافق عليه, وقد طلبت منه وهمست إليه حذف بعض الأبيات على الأقل, لكنه اعتذر وأصر، فإنه مسئول عما قال, وأقول: هذا وإن كنت أعلم أن مدحه ومدح غيره لا ينفعني شيئاً ولا يضرني شيئاً أيضاً, فأما إنه لا ينفعني فإنما الإنسان بعمله, وأما إنه لا يضرني -إن شاء الله- فإنني أعلم في نفسي من الجهل والنقص والظلم ما جعلني لا ألتفت إلى ما يقوله عني الآخرون, -ولله الحمد- فلا أخشى على نفسي من شيء، وأنا أعلم أن فيها من المعايب ما لا تعلمون وما لا يعلمون, ويكفيني أني أعلم أن الذي مدحني لو علم من نفسي ما أعلم منها لما قال الذي قال, ولكنه قال ما قال أخذاً بالظاهر, والله تعالى يغفر لي وله.

أما بعــد:

فعنوان هذه المحاضرة هو: حقيقة التطرف، ولقد عولج هذا الموضوع كثيراً بأسماء شتى، سواء في محاضرات أم دروس, أم في كتب قديمة أو جديدة, ولعلي أذكر من الكتب القديمة التي عالجت جانباً من هذا الموضوع, كتاب الإمام الشيخ ابن تيمية رحمه الله: اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم، فقد عالج فصولاً من ذلك في غلو اليهود والنصارى وغلو هذه الأمة.

أما من المعاصرين فإنني أشيد بكتاب ضخم صدر أخيراً بعنوان: الغلو في الدين في حياة المسلمين المعاصرة، للأستاذ عبد الرحمن اللويحق, وهذا الكتاب هو بحق من أنفس وأحسن وأجمع ما كتب في موضوع الغلو, وسأتحدث في هذا الموضوع في نحو ست نقاط.

لماذا نناقش هذا الموضوع؟ وما مناسبة طرحه في هذه الظروف بالذات؟

الغلو واقع لا شك فيه

فأقول: أولاً: لأن الغلو أو ما يسمونه بالتطرف أحياناً هو واقع لا شك فيه, ولا يمكن تجاهله، وليس يجوز أن يكون انـزعاجنا هو من الحديث عن الأخطاء أو المشاكل بل يجب أن يكون انـزعاجنا من وجود الأخطاء, أو من وجود المشاكل في المجتمع المسلم, ولهذا لست أرى حرجاً قط في نقد مظاهر الانحراف في المجتمع الإسلامي, بل وفي نقدها علانية وأمام المسلمين خاصتهم وعامتهم, وفي الحديث الذي رواه مسلم يقول النبي صلى الله عليه وسلم: {الدين النصيحة} والنصيحة تقتضي أن يصارح بعضنا بعضاً بأخطائنا وعيوبنا, سواء كانت أخطاء الخاصة أم أخطاء العامة, اللهم إلا أن تكون تلك الأخطاء أخطاء شخصية فحينئذٍ ينبغي أن تكون النصيحة فيها بينك ويبن الشخص الذي صدر منه الخطأ.

الخوض فيه بغير علم

ثانياً: هذا الموضوع تناوله الكثير, تحدث عنه الغرب الكافر، وأطلق مصطلح: الأصولية، وتحدث عنه العلمانيون عبر أجهزة الإعلام من صحافة وغيرها, وأطلقوا مصطلح: التطرف, وتحدث عنه غير المتخصصين سواء كانوا في المراكز العلمية أم في أجهزة الإعلام أم في غيرها, فوجب على حملة العلم الشرعي أن يتناولوا هذا الموضوع أيضاً.

ولعلي أذكر لكم نموذجاً واحداً فقط ممن يتحدثون في مثل هذه الأمور, قبل يومين قرأت في جريدة الحياة, مقابلة مع إحدى المغنيات الشهيرات وهي في فرنسا, تتجول في مسارحها ونواديها للتحكيم في بعض المسابقات الفنية, فسألوها أخيراً عن أنه هناك بعض الفنانات والممثلات يعتزلن الغناء والتمثيل والفن باعتقاد أنه محرم؟ فقالت هي: أبداً الفن ليس بحرام، وعمره ما كان حراماً! فهذه فتوى نشرت بالخط العريض، تدل على أنه تكلم في مثل هذه الأمور كل واحد, وحق على أهل الإسلام وحملة الدعوة أن يتكلموا عنه.

أحرام على بلابله الدوح     حلال للطير من كل جنس<

تجدد حدوثه

ثالثاً: أن هذا الموضوع يتجدد عرضه مع كل حدث, فمثلاً عند مقتل الرئيس المصري السابق طرحت قضية ما يسمى بالتطرف على أوسع نطاق, ثم سكتت قليلاً, ثم في أحداث أفغانستان طرحت, في سقوط الاتحاد السوفيتي طرحت, في أحداث الخليج طرحت, في قيام الانقلاب لثورة الانقاذ في السودان طرحت, في أحداث الجزائر وهكذا أصبحت تطرح بكل مناسبة, ويتسامع الناس بهذا, وربما يكون الكثير من عامة الناس يأخذون معلوماتهم عن هذا الموضوع من خلال أجهزة الإعلام.

فأقول: أولاً: لأن الغلو أو ما يسمونه بالتطرف أحياناً هو واقع لا شك فيه, ولا يمكن تجاهله، وليس يجوز أن يكون انـزعاجنا هو من الحديث عن الأخطاء أو المشاكل بل يجب أن يكون انـزعاجنا من وجود الأخطاء, أو من وجود المشاكل في المجتمع المسلم, ولهذا لست أرى حرجاً قط في نقد مظاهر الانحراف في المجتمع الإسلامي, بل وفي نقدها علانية وأمام المسلمين خاصتهم وعامتهم, وفي الحديث الذي رواه مسلم يقول النبي صلى الله عليه وسلم: {الدين النصيحة} والنصيحة تقتضي أن يصارح بعضنا بعضاً بأخطائنا وعيوبنا, سواء كانت أخطاء الخاصة أم أخطاء العامة, اللهم إلا أن تكون تلك الأخطاء أخطاء شخصية فحينئذٍ ينبغي أن تكون النصيحة فيها بينك ويبن الشخص الذي صدر منه الخطأ.

ثانياً: هذا الموضوع تناوله الكثير, تحدث عنه الغرب الكافر، وأطلق مصطلح: الأصولية، وتحدث عنه العلمانيون عبر أجهزة الإعلام من صحافة وغيرها, وأطلقوا مصطلح: التطرف, وتحدث عنه غير المتخصصين سواء كانوا في المراكز العلمية أم في أجهزة الإعلام أم في غيرها, فوجب على حملة العلم الشرعي أن يتناولوا هذا الموضوع أيضاً.

ولعلي أذكر لكم نموذجاً واحداً فقط ممن يتحدثون في مثل هذه الأمور, قبل يومين قرأت في جريدة الحياة, مقابلة مع إحدى المغنيات الشهيرات وهي في فرنسا, تتجول في مسارحها ونواديها للتحكيم في بعض المسابقات الفنية, فسألوها أخيراً عن أنه هناك بعض الفنانات والممثلات يعتزلن الغناء والتمثيل والفن باعتقاد أنه محرم؟ فقالت هي: أبداً الفن ليس بحرام، وعمره ما كان حراماً! فهذه فتوى نشرت بالخط العريض، تدل على أنه تكلم في مثل هذه الأمور كل واحد, وحق على أهل الإسلام وحملة الدعوة أن يتكلموا عنه.

أحرام على بلابله الدوح     حلال للطير من كل جنس<

ثالثاً: أن هذا الموضوع يتجدد عرضه مع كل حدث, فمثلاً عند مقتل الرئيس المصري السابق طرحت قضية ما يسمى بالتطرف على أوسع نطاق, ثم سكتت قليلاً, ثم في أحداث أفغانستان طرحت, في سقوط الاتحاد السوفيتي طرحت, في أحداث الخليج طرحت, في قيام الانقلاب لثورة الانقاذ في السودان طرحت, في أحداث الجزائر وهكذا أصبحت تطرح بكل مناسبة, ويتسامع الناس بهذا, وربما يكون الكثير من عامة الناس يأخذون معلوماتهم عن هذا الموضوع من خلال أجهزة الإعلام.

مصطلح, التطرف: كلمة وردت في العنوان, وهذا في الواقع مصطلح صحفي, وإن كان صحيحاً من حيث اللغة, وهو يعني أخذ الشيء بالطرف, لكنه ليس من الألفاظ الشرعية, فهو لم يرد في القرآن ولا في السنة النبوية, وإنما هو مصطلح صحفي، أكثر من يستخدمه العلمانيون غالباً, دون أن يلتزموا بالموضوعية في هذا المصطلح, فهم لم يحددوا أولاً ما هو التطرف؟ وما معنى التطرف؟! بل ولا يريدون أن يحددوا له معنىً, ويريدون أن يبقى لفظ التطرف لفظاً غامضاً سيالاً فضفاضاً، يحاولون إلصاقه في خصومهم، سواء كانت خصومة سياسية، أو فكرية، أو شرعية، أو دينية، أو حتى خصومة شخصية أحياناً, وهم أيضاً لا يريدون أن يكون لهذا المصطلح معنىً خاص حتى يسهل عليهم تقليبه كيف شاءوا.

فهم اليوم يَصِفُون به هذه الجهة, وغداً يَصِفُون به تلك الجهة, واليوم يصفون هؤلاء بالتطرف وغداً يبعدونه عنهم ويصفونهم بالاعتدال, لماذا؟! لأن لفظ التطرف لفظ غامض فضفاض في استخدامه.

توظيف مصطلح التطرف

ففي نظر هؤلاء -مثلاً- يمكن يوظف مصطلح التطرف أحياناً في مواجهة المواقف السياسية, فالذين ينتقدون الصلح مع إسرائيل هم متطرفون, ولذلك وجدنا مجلة الوطن العربي تنبز منظمة حماس الإسلامية الفلسطينية، تنبزها بأنها منظمة متطرفة, لماذا؟! لأن موقفها من قضية السلام موقف واضح وصريح، فهي ترفضه وتعتبر أن المشاركة في مؤتمر السلام خيانة لقضية الأمة الإسلامية.

وبالأمس القريب كانت منظمة حماس عند هؤلاء وغيرهم رمزاً من رموز المقاومة الوطنية الناضجة, التي تقاوم الاحتلال الصهيوني الغاشم, هكذا كانت عباراتهم, فبين عشية وضحاها تحولت من منظمة وطنية ومنظمة مقاومة تحولت إلى منظمة متطرفة.

وهكذا يبرز جانب التحالف الجديد بين العلمانيين الذين كانوا بالأمس في موقف المعارضة في الغالب فتحولوا اليوم أمام خطر ما يسمونه هم وغيرهم بالتطرف الديني, تحولوا إلى موقف التحالف مع القوى الأخرى, مع السلطات ومع الغرب ومع غيرهم, وسأزيد هذه النقطة وضوحاً في النقطة التي بعدها.

ً فقد يوظف التطرف أحياناً أو ما يسمى بذلك في مواجهة بعض المواقف السياسية.

وأحياناً يوظف في مواجهة بعض المواقف السلوكية, ففي نظر العلمانيين مثلاً من الصحفيين وغيرهم, الذي يلتزم بالسنة في صلاته وفي لباسه، في تجنبه للمحرمات وفي حجاب زوجته، في سواكه، في تجنبه للربا، في تجنبه للفحش، في تجنبه للغناء هذا يعتبر عندهم محسوباً على المتطرفين, وكثيراً ما ترسم الكاركاتيرات في الصحف السافرة عن أصحاب اللحى الطويلة وأصحاب الثياب القصيرة, فكأن هذا عندهم هو رمز التطرف, فمثلاً في جريدة صوت الكويت, لا حياها الله, رسمت في أحد أعدادها رجلاً له لحية كبيرة، وكأنها كيس كبير يحمله, وهذه اللحية مرسومة على شكل مسدسات, إشارة إلى أنه إنسان إرهابي, وفي يده جريدة تعلن اغتيال رئيس المجلس الأعلى في الجزائر بوضياف، وهذا الرجل يقول: اللهم احمنا من الإرهاب، فهذه سخرية؛ وفي عدد آخر من الجريدة نفسها صورت إنساناً كثيف الحاجبين جداً, وشاربه محلوق, ولحيته ضخمة طويلة تصل إلى نصف الساق تقريباً, وثوبه قصير, وفي يده مسبحة, وهذه المسبحة عبارة عن عقود من القنابل, تصوّر! فترتسم في ذهن السذج والبسطاء والمغفلين هذه الصورة بالإرهاب والتطرف والعنف وبرفض الحوار, دون أن يتحدثوا، ودون أن يستخدموا أسلوب النقاش الهادئ العلمي الموضوعي الذي يتحدثون عنه, لكن من خلال صورة بذيئة, غير مؤدبة، وهذا غريب!

وبطبيعة الحال فإن الموسومين بما يسمونه بالتطرف لا شك أن منهم من يلتزم بالمظاهر الإسلامية, فيعفي لحيته أو يقصر ثوبه لكننا نعرف الخلفية التي يستخدمها أولئك الصحفيون وهم يتحدثون أو يرسمون, ونحن لا نعرفها من باب الرجم بالغيب فالغيب لله, ولكن نعرفها من مواقف أخرى واتجاهات ومناهج يحاولون أن يجروا كل دعاة الإسلام لتصنيفهم تحت عنوان التطرف!

ومن ثم يحذرون المجتمعات من خطورتهم, فمثلاً جريدة الشرق الأوسط ومع الأسف أنها محسوبة على هذه البلاد, تعتبر الجبهة الإسلامية في الجزائر أصوليين متطرفين, وأهل السودان أصوليين متطرفين, وأهل اليمن أصوليين متطرفين, وأهل الأردن أصوليين متطرفين, بل وكثيراً من أهل هذا البلد أصوليين متطرفين, وحزب النهضة في تونس أصوليين متطرفين, في نظر جريدة الشرق الأوسط, ولهذا قال أحد الكاتبين في جريدة المدينة: إن الشرق الأوسط صورت ما يسمى بالجماعات الإسلامية كلها, وكأننا نعيش في غابة من الوحوش! لا هم لها إلا القتل والتفجير والحرب والتدمير وغير ذلك.

وأقول: هذا الوصف الذي أطلقته خضراء الدمن على الجماعات الإسلامية وعلى دعاة الإسلام لم تظفر به كل المجتمعات البشرية, حتى اليهود لم تصف مجتمعاتهم بذلك, بل وصفت مجتمعات اليهود بأن فيها صقوراً وحمائم, وأن فيها معتدلين, وأن فيها منادين للسلام, ولم تصف الصرب الذين دمروا المسلمين في البوسنة والهرسك، لم تصفهم بهذا الوصف قط, ولم تصف الصليبيين في العالم بذلك, ولا الشيعة ولا حزب البعث ولا غيرها.

وقد حشرت في هذا تناقضات تمتد ما بين النواب الأردنيين الذين دخلوا البرلمان الحكومي, والجبهة القومية في السودان, التي يقول "مورفي" وهو مراسل إحدى الصحف الأمريكية في الشرق الأوسط عن أحد زعماء الجبهة في السودان: إنه منظر إسلامي فذ, لكنه أصولي يعرف جيداً كيف يستغل الظروف ويستخدمها لصالحه، وهو قادر على التأقلم مع الواقع, ويرضى بمهادنة الأنظمة بدون أن يتخلى عن مطالبه، ولاحظوا الألفاظ, ثم يقول: إن الترابي -وهو المقصود بالحديث السابق- بدأ يعلم تلاميذه شكلاً آخر من أصولية الإسلام, يمكنهم من التعايش مع الآخرين والتأقلم مع المتغيرات, والتطورات, ويجنبهم العزلة في الوقت الذي يلتزمون بالخطوط العريضة في أفكارهم.

أولاً: لا أحد يستطيع أن يمدح الترابي ولا غيره بأفضل من هذا الكلام, بأنه محافظ على أصوله ومبادئه، ومع ذلك عنده قدرة على التأقلم مع الظروف والمتغيرات ومع الآخرين, وأسلوب الحوار والنقاش الهادف, هذا أولاً.

ثانياً: هذه شهادة من رجل نصراني غربي يحمل في الغالب عداوة النصارى للمسلمين, ومع ذلك وصف الرجل أنه يتأقلم مع الظروف, وأنه يحسن معايشة الأوضاع، فكيف تأتي صحف كـالشرق الأوسط أو غيرها, لتصفهم بالتطرف والأصولية.

كما حشرت الشرق التجمع اليمني بقيادة الشيخ عبد المجيد الزنداني ضمن المتطرفين, واعتبرت أن التجمعات والمخيمات التربوية العلمية التي تقام في اليمن مراكز لتخريج المتطرفين, وتدريب الإرهابيين, دون أن تقدم على ذلك دليلاً واحداً, ونسيت هذه الجريدة أنها تتكلم عن واقع لا يبعد عنا سوى كيلوا مترات قليلة، وأن التحقق من هذه الأقوال والأخبار أمر ميسور, لكن في حمى العداوة الشخصية والسياسية نسيت كل شيء وأصبحت تتكلم في مثل هذا الأسلوب.

كما شمل هذا اللفظ حزب النهضة التونسي, وهو من أكثر الاتجاهات الإسلامية تسامحاً, بل ورخاوة في أفكاره ومصطلحاته وفي علاقاته.

أما الجماعات الإسلامية في مصر, فحدث ولا حرج, بل حتى المجاهدين الأفغان صنفوا الآن ضمن المتطرفين, وخرجت علينا مطبوعات عدة تحذر منهم, ومن الشباب العربي المسلم العائد من هناك, أصوات تحذر من هؤلاء، لم نسمعها يوماً من الأيام تحذر من الشباب العائد من بانكوك ومن يحمل جرثومة الإيدز, في صحف محلية في هذا البلد, ومع الأسف أن يتورط في هذا الأمر مطبوعات وصحف محلية كان يجب عليها على الأقل أن تجامل العلم وأهل العلم في هذه البلاد التي هي محط أنظار المسلمين في كل مكان.

فمقصودي من هذا الاسترسال أن أقول: إن هذه الصحف وهذه الوجوه لا تتحدث عن فئة بعينها, لا, ولكنها تتذرع بالحديث عن التطرف لشفاء غليلها، والتنفيس عن أحقادها وعداوتها من حملة رسالة الإسلام, حتى ولو كانوا معتدلين، بل حتى لو كانوا مفرطين متساهلين.

وقد يوظف لفظ التطرف أحياناً في مواجهة مواقف سياسية أو سلوكية، وقد يوظف أحياناً في مواقف عقائدية مبدئية, فمثلاً الذي يطلق على النصارى لفظ كفار يعتبر عند بعضهم متطرفاً, والذي يتحدث عن الحكم الإسلامي والدولة الإسلامية يعتبر متطرفاً, لماذا؟! لأن هؤلاء يقولون الإسلام لم يطبق أبداً, حتى في عهد الخلفاء الراشدين, وهذا كلام فرج فودة, في كتابه: الحقيقة الغائبة، الذي دفع حياته ثمناً لهذا الكتاب, يقول ما معناه: إن الإسلام حلم وخيال, ولم يطبق على محك الواقع يوماً من الدهر, وذلك فالذين ينادون بالحكم الإسلامي, وتطبيق الشريعة الإسلامية هم من المتطرفين, والذي يدعو إلى مخالفة المشركين في هديهم وسلوكهم وأعمالهم وأعيادهم هو من المتطرفين, والذي ينادي بتصحيح عقائد المسلمين وأحوالهم وأخلاقهم على ضوء الكتاب والسنة هو من المتطرفين, وهو من الذين يدعون إلى الحجر على العقول وتعطيلها.

إحدى الصحف -مثلاً- نشرت أيضاً كاركاتيراً هو عبارة عن صورة لرجل ملتحٍ وضع خده على يده يفكر, فبصر به أحد أقاربه ممن يسمونه بالمتطرفين, فجاء إلى أمير الجماعة -كما يقولون- يقول له: إن فلاناً قد وضع خده على يده -بمعنى أنه قد بدأ يفكر- ومن فكر كفر، فأنا أقترح تصفيته جسدياً -يعني قتله- وهم بذلك يريدون أن يرسلوا إلى القارئ والمشاهد رسالة وهي أن هؤلاء لا يفكرون ويحجرون على العقول, وأنهم يتعاملون دائماً وأبداً مع خصومهم بأسلوب القتل والإرهاب والتصفية الجسدية.

أصل مصطلح الأصولية

أما الغرب فإنه يستخدم بدلاً من لفظ التطرف لفظ الأصولية, وهو في الأصل مصطلح نصراني يطلق على أحد المجموعات النصرانية, التي تلتزم بحرفية الكتاب المقدس عندهم التزاماً صارماً, وقد نشأت في ظروف وأوضاع خاصة, وقد حاول هؤلاء أن يبحثوا عن أوجه شبه بين هذه الفئة من النصارى وبين دعاة الإسلام أو بعضهم, ومن ثم نقلوا المصطلح إلى الشرق, وهو مصطلح غربي له ظروفه وملابساته الخاصة, وإن كانت الصحف العلمانية لا تتورع عن شيء في بث أحقادها, فإنها تستخدم كل مصطلح وتعده وسيلة أو سلاحاً ضد دعاة الإسلام.

وقد أصدر سماحة الوالد الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز بياناً منذ زمن نشر في الصحف, يحذر فيه من هذا المصطلح، ويبين ما يقصد به, ويدعو إلى تجنبه وإلى العدل في الأقوال والأفعال.

إذاً قد يطلق لفظ التطرف وقد يطلق لفظ الأصولية وكلها كلمات باطلة أريد بها باطل.

ففي نظر هؤلاء -مثلاً- يمكن يوظف مصطلح التطرف أحياناً في مواجهة المواقف السياسية, فالذين ينتقدون الصلح مع إسرائيل هم متطرفون, ولذلك وجدنا مجلة الوطن العربي تنبز منظمة حماس الإسلامية الفلسطينية، تنبزها بأنها منظمة متطرفة, لماذا؟! لأن موقفها من قضية السلام موقف واضح وصريح، فهي ترفضه وتعتبر أن المشاركة في مؤتمر السلام خيانة لقضية الأمة الإسلامية.

وبالأمس القريب كانت منظمة حماس عند هؤلاء وغيرهم رمزاً من رموز المقاومة الوطنية الناضجة, التي تقاوم الاحتلال الصهيوني الغاشم, هكذا كانت عباراتهم, فبين عشية وضحاها تحولت من منظمة وطنية ومنظمة مقاومة تحولت إلى منظمة متطرفة.

وهكذا يبرز جانب التحالف الجديد بين العلمانيين الذين كانوا بالأمس في موقف المعارضة في الغالب فتحولوا اليوم أمام خطر ما يسمونه هم وغيرهم بالتطرف الديني, تحولوا إلى موقف التحالف مع القوى الأخرى, مع السلطات ومع الغرب ومع غيرهم, وسأزيد هذه النقطة وضوحاً في النقطة التي بعدها.

ً فقد يوظف التطرف أحياناً أو ما يسمى بذلك في مواجهة بعض المواقف السياسية.

وأحياناً يوظف في مواجهة بعض المواقف السلوكية, ففي نظر العلمانيين مثلاً من الصحفيين وغيرهم, الذي يلتزم بالسنة في صلاته وفي لباسه، في تجنبه للمحرمات وفي حجاب زوجته، في سواكه، في تجنبه للربا، في تجنبه للفحش، في تجنبه للغناء هذا يعتبر عندهم محسوباً على المتطرفين, وكثيراً ما ترسم الكاركاتيرات في الصحف السافرة عن أصحاب اللحى الطويلة وأصحاب الثياب القصيرة, فكأن هذا عندهم هو رمز التطرف, فمثلاً في جريدة صوت الكويت, لا حياها الله, رسمت في أحد أعدادها رجلاً له لحية كبيرة، وكأنها كيس كبير يحمله, وهذه اللحية مرسومة على شكل مسدسات, إشارة إلى أنه إنسان إرهابي, وفي يده جريدة تعلن اغتيال رئيس المجلس الأعلى في الجزائر بوضياف، وهذا الرجل يقول: اللهم احمنا من الإرهاب، فهذه سخرية؛ وفي عدد آخر من الجريدة نفسها صورت إنساناً كثيف الحاجبين جداً, وشاربه محلوق, ولحيته ضخمة طويلة تصل إلى نصف الساق تقريباً, وثوبه قصير, وفي يده مسبحة, وهذه المسبحة عبارة عن عقود من القنابل, تصوّر! فترتسم في ذهن السذج والبسطاء والمغفلين هذه الصورة بالإرهاب والتطرف والعنف وبرفض الحوار, دون أن يتحدثوا، ودون أن يستخدموا أسلوب النقاش الهادئ العلمي الموضوعي الذي يتحدثون عنه, لكن من خلال صورة بذيئة, غير مؤدبة، وهذا غريب!

وبطبيعة الحال فإن الموسومين بما يسمونه بالتطرف لا شك أن منهم من يلتزم بالمظاهر الإسلامية, فيعفي لحيته أو يقصر ثوبه لكننا نعرف الخلفية التي يستخدمها أولئك الصحفيون وهم يتحدثون أو يرسمون, ونحن لا نعرفها من باب الرجم بالغيب فالغيب لله, ولكن نعرفها من مواقف أخرى واتجاهات ومناهج يحاولون أن يجروا كل دعاة الإسلام لتصنيفهم تحت عنوان التطرف!

ومن ثم يحذرون المجتمعات من خطورتهم, فمثلاً جريدة الشرق الأوسط ومع الأسف أنها محسوبة على هذه البلاد, تعتبر الجبهة الإسلامية في الجزائر أصوليين متطرفين, وأهل السودان أصوليين متطرفين, وأهل اليمن أصوليين متطرفين, وأهل الأردن أصوليين متطرفين, بل وكثيراً من أهل هذا البلد أصوليين متطرفين, وحزب النهضة في تونس أصوليين متطرفين, في نظر جريدة الشرق الأوسط, ولهذا قال أحد الكاتبين في جريدة المدينة: إن الشرق الأوسط صورت ما يسمى بالجماعات الإسلامية كلها, وكأننا نعيش في غابة من الوحوش! لا هم لها إلا القتل والتفجير والحرب والتدمير وغير ذلك.

وأقول: هذا الوصف الذي أطلقته خضراء الدمن على الجماعات الإسلامية وعلى دعاة الإسلام لم تظفر به كل المجتمعات البشرية, حتى اليهود لم تصف مجتمعاتهم بذلك, بل وصفت مجتمعات اليهود بأن فيها صقوراً وحمائم, وأن فيها معتدلين, وأن فيها منادين للسلام, ولم تصف الصرب الذين دمروا المسلمين في البوسنة والهرسك، لم تصفهم بهذا الوصف قط, ولم تصف الصليبيين في العالم بذلك, ولا الشيعة ولا حزب البعث ولا غيرها.

وقد حشرت في هذا تناقضات تمتد ما بين النواب الأردنيين الذين دخلوا البرلمان الحكومي, والجبهة القومية في السودان, التي يقول "مورفي" وهو مراسل إحدى الصحف الأمريكية في الشرق الأوسط عن أحد زعماء الجبهة في السودان: إنه منظر إسلامي فذ, لكنه أصولي يعرف جيداً كيف يستغل الظروف ويستخدمها لصالحه، وهو قادر على التأقلم مع الواقع, ويرضى بمهادنة الأنظمة بدون أن يتخلى عن مطالبه، ولاحظوا الألفاظ, ثم يقول: إن الترابي -وهو المقصود بالحديث السابق- بدأ يعلم تلاميذه شكلاً آخر من أصولية الإسلام, يمكنهم من التعايش مع الآخرين والتأقلم مع المتغيرات, والتطورات, ويجنبهم العزلة في الوقت الذي يلتزمون بالخطوط العريضة في أفكارهم.

أولاً: لا أحد يستطيع أن يمدح الترابي ولا غيره بأفضل من هذا الكلام, بأنه محافظ على أصوله ومبادئه، ومع ذلك عنده قدرة على التأقلم مع الظروف والمتغيرات ومع الآخرين, وأسلوب الحوار والنقاش الهادف, هذا أولاً.

ثانياً: هذه شهادة من رجل نصراني غربي يحمل في الغالب عداوة النصارى للمسلمين, ومع ذلك وصف الرجل أنه يتأقلم مع الظروف, وأنه يحسن معايشة الأوضاع، فكيف تأتي صحف كـالشرق الأوسط أو غيرها, لتصفهم بالتطرف والأصولية.

كما حشرت الشرق التجمع اليمني بقيادة الشيخ عبد المجيد الزنداني ضمن المتطرفين, واعتبرت أن التجمعات والمخيمات التربوية العلمية التي تقام في اليمن مراكز لتخريج المتطرفين, وتدريب الإرهابيين, دون أن تقدم على ذلك دليلاً واحداً, ونسيت هذه الجريدة أنها تتكلم عن واقع لا يبعد عنا سوى كيلوا مترات قليلة، وأن التحقق من هذه الأقوال والأخبار أمر ميسور, لكن في حمى العداوة الشخصية والسياسية نسيت كل شيء وأصبحت تتكلم في مثل هذا الأسلوب.

كما شمل هذا اللفظ حزب النهضة التونسي, وهو من أكثر الاتجاهات الإسلامية تسامحاً, بل ورخاوة في أفكاره ومصطلحاته وفي علاقاته.

أما الجماعات الإسلامية في مصر, فحدث ولا حرج, بل حتى المجاهدين الأفغان صنفوا الآن ضمن المتطرفين, وخرجت علينا مطبوعات عدة تحذر منهم, ومن الشباب العربي المسلم العائد من هناك, أصوات تحذر من هؤلاء، لم نسمعها يوماً من الأيام تحذر من الشباب العائد من بانكوك ومن يحمل جرثومة الإيدز, في صحف محلية في هذا البلد, ومع الأسف أن يتورط في هذا الأمر مطبوعات وصحف محلية كان يجب عليها على الأقل أن تجامل العلم وأهل العلم في هذه البلاد التي هي محط أنظار المسلمين في كل مكان.

فمقصودي من هذا الاسترسال أن أقول: إن هذه الصحف وهذه الوجوه لا تتحدث عن فئة بعينها, لا, ولكنها تتذرع بالحديث عن التطرف لشفاء غليلها، والتنفيس عن أحقادها وعداوتها من حملة رسالة الإسلام, حتى ولو كانوا معتدلين، بل حتى لو كانوا مفرطين متساهلين.

وقد يوظف لفظ التطرف أحياناً في مواجهة مواقف سياسية أو سلوكية، وقد يوظف أحياناً في مواقف عقائدية مبدئية, فمثلاً الذي يطلق على النصارى لفظ كفار يعتبر عند بعضهم متطرفاً, والذي يتحدث عن الحكم الإسلامي والدولة الإسلامية يعتبر متطرفاً, لماذا؟! لأن هؤلاء يقولون الإسلام لم يطبق أبداً, حتى في عهد الخلفاء الراشدين, وهذا كلام فرج فودة, في كتابه: الحقيقة الغائبة، الذي دفع حياته ثمناً لهذا الكتاب, يقول ما معناه: إن الإسلام حلم وخيال, ولم يطبق على محك الواقع يوماً من الدهر, وذلك فالذين ينادون بالحكم الإسلامي, وتطبيق الشريعة الإسلامية هم من المتطرفين, والذي يدعو إلى مخالفة المشركين في هديهم وسلوكهم وأعمالهم وأعيادهم هو من المتطرفين, والذي ينادي بتصحيح عقائد المسلمين وأحوالهم وأخلاقهم على ضوء الكتاب والسنة هو من المتطرفين, وهو من الذين يدعون إلى الحجر على العقول وتعطيلها.

إحدى الصحف -مثلاً- نشرت أيضاً كاركاتيراً هو عبارة عن صورة لرجل ملتحٍ وضع خده على يده يفكر, فبصر به أحد أقاربه ممن يسمونه بالمتطرفين, فجاء إلى أمير الجماعة -كما يقولون- يقول له: إن فلاناً قد وضع خده على يده -بمعنى أنه قد بدأ يفكر- ومن فكر كفر، فأنا أقترح تصفيته جسدياً -يعني قتله- وهم بذلك يريدون أن يرسلوا إلى القارئ والمشاهد رسالة وهي أن هؤلاء لا يفكرون ويحجرون على العقول, وأنهم يتعاملون دائماً وأبداً مع خصومهم بأسلوب القتل والإرهاب والتصفية الجسدية.

أما الغرب فإنه يستخدم بدلاً من لفظ التطرف لفظ الأصولية, وهو في الأصل مصطلح نصراني يطلق على أحد المجموعات النصرانية, التي تلتزم بحرفية الكتاب المقدس عندهم التزاماً صارماً, وقد نشأت في ظروف وأوضاع خاصة, وقد حاول هؤلاء أن يبحثوا عن أوجه شبه بين هذه الفئة من النصارى وبين دعاة الإسلام أو بعضهم, ومن ثم نقلوا المصطلح إلى الشرق, وهو مصطلح غربي له ظروفه وملابساته الخاصة, وإن كانت الصحف العلمانية لا تتورع عن شيء في بث أحقادها, فإنها تستخدم كل مصطلح وتعده وسيلة أو سلاحاً ضد دعاة الإسلام.

وقد أصدر سماحة الوالد الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز بياناً منذ زمن نشر في الصحف, يحذر فيه من هذا المصطلح، ويبين ما يقصد به, ويدعو إلى تجنبه وإلى العدل في الأقوال والأفعال.

إذاً قد يطلق لفظ التطرف وقد يطلق لفظ الأصولية وكلها كلمات باطلة أريد بها باطل.




استمع المزيد من الشيخ سلمان العودة - عنوان الحلقة اسٌتمع
أحاديث موضوعة متداولة 5135 استماع
حديث الهجرة 5026 استماع
تلك الرسل 4179 استماع
الصومال الجريح 4148 استماع
مصير المترفين 4126 استماع
تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة 4053 استماع
وقفات مع سورة ق 3980 استماع
مقياس الربح والخسارة 3931 استماع
نظرة في مستقبل الدعوة الإسلامية 3875 استماع
التخريج بواسطة المعجم المفهرس 3840 استماع