لقاء الباب المفتوح [141]


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فهذا هو اللقاء الحادي والأربعون بعد المائة من لقاءات الباب المفتوح، الذي يتم كل يوم خميس، وهذا هو يوم الخميس الثالث من شهر رجب عام 1417هـ لنبدأ هذا اللقاء بما هو العادة بتفسير آية من كتاب الله عز وجل.

تفسير قوله تعالى: (إن المتقين في جنات وعيون)

قال تعالى: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ [الذاريات:15] فهذه الجملة خبرية، مؤكدة (بإن) إِنَّ الْمُتَّقِينَ [الذاريات:15] والمتقون: هم الذين اتقوا عذاب الله عز وجل بطاعته -بامتثال أمره واجتناب نهيه- فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ [الذاريات:15] جنات جمع جنة، وجمعت باعتبار أنواعها وأصنافها، وقد جاءت في القرآن مفردة مثل قوله: وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا [الزخرف:72] وجاءت -أيضاً- مجموعة فهي مفردة باعتبار الجنس، ومجموعة باعتبار النوع، و(عيون): جمع عين وهي: الأنهار الجارية، وقد ذكر الله تعالى أنها أربعة أنواع: أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفّىً [محمد:15].

تفسير قوله تعالى: (آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين)

قال تعالى: آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ [الذاريات:16] قوله: آخذين: هذه حال من الضمير المستتر بالخبر، أي: حال كونهم آخذين ما آتاهم ربهم، أي: ما أعطاهم من النعيم، وهذه الآية كالآية التي في سورة الطور: فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ [الطور:18] أي: ما أعطاهم الله من النعيم في هذه الجنات، ثم بين السبب الذي وصلوا به إلى هذا فقال: إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ [الذاريات:16].

كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ : أي: في الدنيا مُحْسِنِينَ أي: قائمين بطاعة الله على الوجه الذي يرضاه الله عز وجل -وقد سبق- بل وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: (الإحسان: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك) هذا الإحسان في العبادة، أما الإحسان في معاملته للخلق، فإن أجمع ما يقال فيه، ما قاله النبي عليه الصلاة والسلام: (من كان يحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم والآخر، وليأتي إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه)، هذا هو الإحسان إلى الناس: أن تعامل الناس بما تحب أن يعاملوك به، من حسن خلق وطلاقة الوجه، وكف الأذى، وبذل الندى، إلى غير ذلك مما هو معروف، فهؤلاء المحسنون في عبادة الله، محسنون إلى عباد الله، كانوا قبل ذلك، أي: قبل أن يأخذوا ما آتاهم الله من النعيم محسنين.

تفسير قوله تعالى: (كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون)

ثم فصل نوعاً من هذا الإحسان فقال: كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ [الذاريات:17] (ما) قيل: إنها زائدة في اللفظ، لكنها ليست زائدة في المعنى، وأن التقدير: كانوا قليلاً يهجعون، أي: لا ينامون إلا قليلاً، وماذا يصنعون في هذه اليقظة؟ يصنعون ما ذكره الله في سورة المزمل: إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ [المزمل:20].

هم لا يسهرون على اللهو واللغو أو يستيقظون على مثله، ولكنهم يقل نومهم للتفرغ لطاعة الله عز وجل.

تفسير قوله تعالى: (وبالأسحار هم يستغفرون)

قال تعالى: وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ [الذاريات:18] (الأسحار) جمع سحر وهو آخر الليل، (هم يستغفرون) الله، أي: يسألون الله المغفرة، وهذا من حسن عملهم وعدم إعجابهم بأنفسهم، وكونهم يشعرون بأنهم وإن اجتهدوا فهم مقصرون فيستغفرون الله بعد فعل الطاعة، جبراً لما حصل فيها من خلل، وأنتم تعلمون أنه يشرع في نهاية العبادات أن يستغفر الإنسان ربه مما قد يكون فيها من خلل، فبعد الصلاة يستغفر الإنسان ربه ثلاثاً، وبعد الحج قال الله تعالى: فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ * ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [البقرة:198-199].

فهم يسألون المغفرة بعد تهجدهم وقيامهم وسهرهم في طاعة الله، خوفاً من أن يكون هناك تقصير وهذا مما يدل على معرفتهم بأنفسهم وأنهم يرون أنفسهم مقصرين، خلافاً لما يفعله بعض الناس اليوم إذا تعبد لله بأدنى عبادة شمخ بنفسه وأدل على الله تعالى بها، وظن أنه من عباد الله الصالحين، صحيح أن الإنسان ينبغي أن يرجو ربه إذا أنعم عليه بالطاعة أن الله يقبلها، لكن كونه يرى أنه قد أتم كل شيء، هذا يخشى عليه أن يحبط عمله وهو لا يشعر.

تفسير قوله تعالى: (وفي أموالهم حق للسائل والمحروم)

قال تعالى: وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ [الذاريات:19] في أموالهم كلها، سواء الأموال الزكوية أو غير الزكوية فيها حق للسائل والمحروم، إذا أتاهم سائل أعطوه، إذا رأوا محروماً -أي: ممنوعاً من الرزق وهو الفقير- أعطوه، فمالهم قد أعدوه لما يرضي الله عز وجل من السؤال والمحرومين، وغير ذلك من الإنفاق، المهم من الإنفاق المشروع، إذاً هم يقومون بطاعة الله، تهجد في الليل واستغفار وبذل للمال، لكن من غير سرف ولا مخيلة.

ونقتصر على هذا؛ حتى نتفرغ للأسئلة ؛ ولأنه سنبدأ في آيات جديدة ليست من الموضوع الذي نحن بصدده.

قال تعالى: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ [الذاريات:15] فهذه الجملة خبرية، مؤكدة (بإن) إِنَّ الْمُتَّقِينَ [الذاريات:15] والمتقون: هم الذين اتقوا عذاب الله عز وجل بطاعته -بامتثال أمره واجتناب نهيه- فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ [الذاريات:15] جنات جمع جنة، وجمعت باعتبار أنواعها وأصنافها، وقد جاءت في القرآن مفردة مثل قوله: وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا [الزخرف:72] وجاءت -أيضاً- مجموعة فهي مفردة باعتبار الجنس، ومجموعة باعتبار النوع، و(عيون): جمع عين وهي: الأنهار الجارية، وقد ذكر الله تعالى أنها أربعة أنواع: أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفّىً [محمد:15].




استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة اسٌتمع
لقاء الباب المفتوح [63] 3395 استماع
لقاء الباب المفتوح [146] 3352 استماع
لقاء الباب المفتوح [85] 3317 استماع
لقاء الباب المفتوح [132] 3297 استماع
لقاء الباب المفتوح [8] 3281 استماع
لقاء الباب المفتوح [13] 3262 استماع
لقاء الباب المفتوح [127] 3118 استماع
لقاء الباب المفتوح [172] 3092 استماع
لقاء الباب المفتوح [150] 3039 استماع
لقاء الباب المفتوح [47] 3034 استماع