اللقاء الشهري [67]


الحلقة مفرغة

الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله الله تعالى على حين فترة من الرسل، وانطماس من السبل، أرسله بدين كامل منظم للخلق في عباداتهم ومعاملاتهم وأخلاقهم وأحوالهم، فبلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، حتى في آخر حياته عليه الصلاة والسلام وهو يوصي أمته: (الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم) فلم يدع وقتاً ولا لحظة إلا وهو يرشد أمته للخير، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

أما بعد:

فهذا هو اللقاء الشهري الذي يتم في الجامع الكبير في مدينة عنيزة ، يتم في هذه الليلة ليلة خمس وعشرين من شهر جمادى الأولى عام (1420هـ).

فنسأل الله عز وجل الذي يسر مثل هذه اللقاءات أن يجعلها لقاءات مباركة نافعة، اللهم اجعلها لقاءات مباركة نافعة لنا ولإخواننا المستمعين ولإخواننا الذين يسمعون.

وما دمنا في استقبال عام دراسي جديد كما ذكر ذلك أخونا الشيخ/ حمود بن عبد العزيز الصايغ وهو معلوم، فإن من الأجدر والأولى أن نتكلم فيما ينبغي أن نستقبل هذا العام الجديد به.

فنقول: هذا العام كغيره من الأعوام يدخل حقل التعلم الصغار والكبار، من أولى ابتدائي إلى آخر الجامعة والدراسات العليا، كل واحد منهم كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (كلكم يغدو -يخرج في الغداة- فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها).

إن علينا في استقبال هذا العام أن نلاحظ الملاحظات الآتية:

إخلاص النية لله عز وجل في الدراسة

أولاً: ما الذي جاء بنا إلى حقل التعليم من مدرسة أو معهد أو جامعة؟ هل نحن جئنا لننال حظاً من الدنيا، أو جئنا لننال حظاً من الدين؟ يختلف الناس: فبعض الناس لا يأتي إلا من أجل أمر الدنيا، وبعض الناس يأتي لأمر الدين، ليتعلم أمور الدين فيقيم نفسه ثم يقيم غيره، ولا غرو ولا عجب في هذا؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه) وهذا مثال وإلا فجميع الأعمال على هذا المنوال.

الذي يريد أن يتعلم الدين ليعمل به ويعلم الناس هل يفوته شيء من العلم؟

الجواب: لا. والذي يتعلم للدنيا إن لم يفته شيء من العلم وصار كالأول فقد اختلفا اختلافاً عظيماً في الثواب والأجر، لذلك أحث إخواني طلبة العلم أن تكون نيتهم خالصةً لله، وأعني بذلك: طلبة العلم الشرعي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من طلب علماً مما يبتغى به وجه الله يريد عرضاً من الدنيا لم يرح رائحة الجنة) والعياذ بالله! وتأمل قوله: (مما يبتغى به وجه الله) لأن العلوم أنواع، والعلوم التي يبتغى بها وجه الله هي العلوم الشرعية التي يحيا بها دين الله عز وجل، أما الأمور الدنيوية كعلوم الحساب والهندسة وما أشبهها فهذه للدنيا من أصلها وفرعها. فعليك -يا أخي- بالإخلاص لله عز وجل في طلب العلم.

وقد يقول بعض الناس: إنكم إذا قلتم هذا منعتمونا من دخول المدارس والمعاهد والجامعات التي تمشي على النظام ويتدرج فيها الإنسان حتى يصل إلى الغاية؛ لأن كثيراً من الناس يريدون أن يقرءوا ليأخذوا الشهادة، فما الحل؟ أنترك هذه المدارس ونقول: عليكم بالدراسة في المساجد وفي البيوت أما هذه المدارس والمعاهد والجامعات فاتركوها، أم نصحح النية ونقرأ في هذه الجامعات؟ أيهما أولى؟ الثاني وهو أن نصحح النية، وكيف نصحح النية؟

من المعلوم في الوقت الحاضر أن الإنسان لا يمكن أن يرتقي إلى مكان ومنـزلة ينفع بها الناس إلا إذا كان معه شهادة، ولهذا إذا قال: ليس معي شهادة، ركلوه، فإذا طلبت العلم في هذه المدارس والمعاهد والجامعات من أجل أن تنال الشهادة التي ترتقي بها إلى مكان تنفع الناس به، فهذه النية نية صحيحة يثاب عليه العبد، فأنت -يا أخي- ادخل المدارس والمعاهد والجامعات بنية أنك تريد شهادة تتمكن بها من نفع الناس .. تكون مديراً .. تكون وزيراً .. تكون أستاذاً؛ لأنه لا توجد مرتبة كهذه إلا إذا كان لديك شهادة.

التحلي بالأخلاق الفاضلة

ثانياً: أحث طالب العلم على التخلق بالأخلاق الفاضلة؛ لأنه لا فائدة للعلم إلا أن تعمل به، ولهذا قال الله عز وجل: ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ [القلم:1] وهذا العلم: مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ * وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ * وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم:2-4].

فلا بد أن يكون طالب العلم على خلق فاضل، أسأل الله أن يهديني وإياكم لأحسن الأخلاق والأعمال .. حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق) احرص كل الحرص على حسن الخلق، ومن حسن الخلق أنك إذا لقيت صاحبك فسلم عليه، قل: سلام عليك؛ لأن هذا من الأخلاق الفاضلة، وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على الأخلاق الفاضلة وعلى السلام بالذات، فقال في حق المسلم على أخيه: (إذا لقيته فسلم عليه) وقال صلى الله عليه وسلم: (والله لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا أخبركم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم) أظهروه وأعلنوه وأكثروا منه.

ولقد كان بعض السلف يدخل إلى السوق ليسلم على الناس .. كيف يدخل ليسلم؟! أليس الناس يدخلون السوق ليربحوا؟ الجواب: بلى. وهذا يدخل ليربح، لأنه إذا سلم مرة كان له عشر حسنات، وهذا ربح عظيم. فمن الخلق أن تسلم على من لقيت من المسلمين، وأما من غير المسلمين فلا تسلم عليهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن نبدأ اليهود والنصارى بالسلام وغيرهم كذلك.

فإذا قال قائل: إذا لقيت شخصاً هو أصغر مني فهل أبدؤه بالسلام، أم أقول: أنا أحق منه أن يبدأني بالسلام؟

أقول أيها الإخوة: لا تأخذك العزة بالإثم فتقول: أنا الأكبر لي الحق، فقد كان من خلق النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يبدأ من لقيه بالسلام، مع أنه أشرف الخلق وأعظم الخلق حقاً على الخلق ومع ذلك يبدأ من لقيه بالسلام، لا تقل: أنا أكبر منه، ابدأ أنت ولك الأجر ولك الأسوة الحسنة برسول الله صلى الله عليه وسلم. فالسلام إذن من الأخلاق الفاضلة، ومن السنن الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

مسألة: هل يكفي من السلام أن تقول: مرحباً وأهلاً؟ لا يكفي؛ لأن الله تعالى ذكر السلام، وقال نبيه صلى الله عليه وسلم: (إذا لقيته فسلم عليه)، وكذلك لا يكفي أن ترد على من سلم عليك وتقول: أهلا وسهلاً بأبي فلان، بل لا بد أن تقول: وعليك السلام، ثم ترحب.

مساعدة الإخوان

من الأخلاق الفاضلة التي ينبغي لطالب العلم أن يتصف بها: مساعدة إخوانه إن احتاجوا للمساعدة، سواء كان في مال يقرضه إياه، أو في طعام يحمله له، أو في ورقة يعينه على نقلها، المهم أن تعينه كلما احتاج إلى معونتك؛ لأن ذلك صدقة -كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (تعين الرجل في دابته فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعه صدقة) فاحرص على نفع إخوانك، واعلم أن الجزاء من جنس العمل، فإذا أحسنت إلى إخوانك أحسن الله إليك، وأيهما أعظم: أن تحسن أنت إلى أخيك، أو أن يحسن الله إليك؟ الثاني أعظم، وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: (الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه) أي: أن عون الله للإنسان كعونه لأخيه. ولا تظن أن طلب المعونة إنما يجاب إذا كان من زملائك، لا تظن هذا، بل هذا وغيره أيضاً، حتى من الجيران، فلو أن أحداً طلب منك أن تعينه فأعنه؛ فإن الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.

المثابرة في طلب العلم والمصابرة عليه

ومما ينبغي لطالب العلم إذا كان يريد العلم حقيقة: أن يثابر على العلم، أي: يداوم عليه ويصبر ولا يمل؛ لأن العلم صعب، والعلم إن أعطيته كلك أدركت بعضه، وإن أعطيته بعضك لم تدرك منه شيئاً، فاجتهد في المراجعة، واجتهد في المناقشة مع إخوانك بنية الوصول إلى الحق، اجتهد في تعاهد ما حفظت من العلم، وإذا قرأت تاريخ العلماء رحمهم الله تعجبت: كيف كانوا يصبرون هذا الصبر على طلب العلم؟! مع أنه ليس هناك كهرباء، ولا أدوات كتابية سهلة، الأشياء في ذلك الوقت كانت صعبة، ومع ذلك كانوا يبقون كل الليل يراجعون على قنديل يكادون لا يبصرون ما يقرءون، لكنهم جادون؛ لأنهم يعلمون أنهم في جدهم وطلبهم للعلم كالمجاهدين في سبيل الله عز وجل، ليس عملاً ضائعاً بل هو كالجهاد في سبيل الله، واسمع إلى قول الله تبارك وتعالى: وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً [التوبة:122] (ينفروا) أي: في الجهاد، (كافة) لا يمكن هذا؛ لأنه لو نفروا كافةً في الجهاد لتعطلت شعائر الإسلام، فلهذا قال: فَلَوْلا نَفَرَ [التوبة:122] ومعنى (لولا): هلَّا: فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ [التوبة:122] أي: وقعدت طائفة .. لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ [التوبة:122] من الذين يتفقهون في الدين: النافرون أم القاعدون؟ القاعدون .. لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ [التوبة:122] فانظر كيف جعل الله التفرغ لطلب العلم معادلاً للجهاد في سبيل الله.

إذاً: أنت يا طالب العلم مجاهد في سبيل الله، وحاجة الناس إلى العلم أشد من حاجتهم إلى الجهاد؛ لأن الجهاد في ناحية خاصة وعمل خاص، لكن العلم في كل نواحي الحياة، العلم يعرف الإنسان بعقيدته في ربه عز وجل .. يعرف كيف يتطهر، وكيف يتوضأ، وكيف يصلي، وكيف يزكي، وكيف يصوم، وكيف يحج، وكيف يجاهد. والعلماء هم ورثة الأنبياء، وذلك في العبادة والخلُق والمعاملة والدعوة، إذا قاموا بهذا فقد ورثوا الأنبياء، أما العالم الذي لا يعمل بعلمه فليس بوارث للأنبياء، ولكن اعلم أنك ربما تطلب العلم وتتساهل في العمل به، لكن كلما طلبت العلم ازددت رغبةً فيما عند الله وحينئذٍ تعمل بالعلم، ولهذا قال بعض أهل العلم: طلبنا العلم لغير الله فأبى أن يكون إلا لله. سبحان الله! فالعلم الشرعي كله خير، فاعمل به تفز بربحه.

أولاً: ما الذي جاء بنا إلى حقل التعليم من مدرسة أو معهد أو جامعة؟ هل نحن جئنا لننال حظاً من الدنيا، أو جئنا لننال حظاً من الدين؟ يختلف الناس: فبعض الناس لا يأتي إلا من أجل أمر الدنيا، وبعض الناس يأتي لأمر الدين، ليتعلم أمور الدين فيقيم نفسه ثم يقيم غيره، ولا غرو ولا عجب في هذا؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه) وهذا مثال وإلا فجميع الأعمال على هذا المنوال.

الذي يريد أن يتعلم الدين ليعمل به ويعلم الناس هل يفوته شيء من العلم؟

الجواب: لا. والذي يتعلم للدنيا إن لم يفته شيء من العلم وصار كالأول فقد اختلفا اختلافاً عظيماً في الثواب والأجر، لذلك أحث إخواني طلبة العلم أن تكون نيتهم خالصةً لله، وأعني بذلك: طلبة العلم الشرعي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من طلب علماً مما يبتغى به وجه الله يريد عرضاً من الدنيا لم يرح رائحة الجنة) والعياذ بالله! وتأمل قوله: (مما يبتغى به وجه الله) لأن العلوم أنواع، والعلوم التي يبتغى بها وجه الله هي العلوم الشرعية التي يحيا بها دين الله عز وجل، أما الأمور الدنيوية كعلوم الحساب والهندسة وما أشبهها فهذه للدنيا من أصلها وفرعها. فعليك -يا أخي- بالإخلاص لله عز وجل في طلب العلم.

وقد يقول بعض الناس: إنكم إذا قلتم هذا منعتمونا من دخول المدارس والمعاهد والجامعات التي تمشي على النظام ويتدرج فيها الإنسان حتى يصل إلى الغاية؛ لأن كثيراً من الناس يريدون أن يقرءوا ليأخذوا الشهادة، فما الحل؟ أنترك هذه المدارس ونقول: عليكم بالدراسة في المساجد وفي البيوت أما هذه المدارس والمعاهد والجامعات فاتركوها، أم نصحح النية ونقرأ في هذه الجامعات؟ أيهما أولى؟ الثاني وهو أن نصحح النية، وكيف نصحح النية؟

من المعلوم في الوقت الحاضر أن الإنسان لا يمكن أن يرتقي إلى مكان ومنـزلة ينفع بها الناس إلا إذا كان معه شهادة، ولهذا إذا قال: ليس معي شهادة، ركلوه، فإذا طلبت العلم في هذه المدارس والمعاهد والجامعات من أجل أن تنال الشهادة التي ترتقي بها إلى مكان تنفع الناس به، فهذه النية نية صحيحة يثاب عليه العبد، فأنت -يا أخي- ادخل المدارس والمعاهد والجامعات بنية أنك تريد شهادة تتمكن بها من نفع الناس .. تكون مديراً .. تكون وزيراً .. تكون أستاذاً؛ لأنه لا توجد مرتبة كهذه إلا إذا كان لديك شهادة.

ثانياً: أحث طالب العلم على التخلق بالأخلاق الفاضلة؛ لأنه لا فائدة للعلم إلا أن تعمل به، ولهذا قال الله عز وجل: ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ [القلم:1] وهذا العلم: مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ * وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ * وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم:2-4].

فلا بد أن يكون طالب العلم على خلق فاضل، أسأل الله أن يهديني وإياكم لأحسن الأخلاق والأعمال .. حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق) احرص كل الحرص على حسن الخلق، ومن حسن الخلق أنك إذا لقيت صاحبك فسلم عليه، قل: سلام عليك؛ لأن هذا من الأخلاق الفاضلة، وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على الأخلاق الفاضلة وعلى السلام بالذات، فقال في حق المسلم على أخيه: (إذا لقيته فسلم عليه) وقال صلى الله عليه وسلم: (والله لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا أخبركم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم) أظهروه وأعلنوه وأكثروا منه.

ولقد كان بعض السلف يدخل إلى السوق ليسلم على الناس .. كيف يدخل ليسلم؟! أليس الناس يدخلون السوق ليربحوا؟ الجواب: بلى. وهذا يدخل ليربح، لأنه إذا سلم مرة كان له عشر حسنات، وهذا ربح عظيم. فمن الخلق أن تسلم على من لقيت من المسلمين، وأما من غير المسلمين فلا تسلم عليهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن نبدأ اليهود والنصارى بالسلام وغيرهم كذلك.

فإذا قال قائل: إذا لقيت شخصاً هو أصغر مني فهل أبدؤه بالسلام، أم أقول: أنا أحق منه أن يبدأني بالسلام؟

أقول أيها الإخوة: لا تأخذك العزة بالإثم فتقول: أنا الأكبر لي الحق، فقد كان من خلق النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يبدأ من لقيه بالسلام، مع أنه أشرف الخلق وأعظم الخلق حقاً على الخلق ومع ذلك يبدأ من لقيه بالسلام، لا تقل: أنا أكبر منه، ابدأ أنت ولك الأجر ولك الأسوة الحسنة برسول الله صلى الله عليه وسلم. فالسلام إذن من الأخلاق الفاضلة، ومن السنن الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

مسألة: هل يكفي من السلام أن تقول: مرحباً وأهلاً؟ لا يكفي؛ لأن الله تعالى ذكر السلام، وقال نبيه صلى الله عليه وسلم: (إذا لقيته فسلم عليه)، وكذلك لا يكفي أن ترد على من سلم عليك وتقول: أهلا وسهلاً بأبي فلان، بل لا بد أن تقول: وعليك السلام، ثم ترحب.

من الأخلاق الفاضلة التي ينبغي لطالب العلم أن يتصف بها: مساعدة إخوانه إن احتاجوا للمساعدة، سواء كان في مال يقرضه إياه، أو في طعام يحمله له، أو في ورقة يعينه على نقلها، المهم أن تعينه كلما احتاج إلى معونتك؛ لأن ذلك صدقة -كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (تعين الرجل في دابته فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعه صدقة) فاحرص على نفع إخوانك، واعلم أن الجزاء من جنس العمل، فإذا أحسنت إلى إخوانك أحسن الله إليك، وأيهما أعظم: أن تحسن أنت إلى أخيك، أو أن يحسن الله إليك؟ الثاني أعظم، وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: (الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه) أي: أن عون الله للإنسان كعونه لأخيه. ولا تظن أن طلب المعونة إنما يجاب إذا كان من زملائك، لا تظن هذا، بل هذا وغيره أيضاً، حتى من الجيران، فلو أن أحداً طلب منك أن تعينه فأعنه؛ فإن الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.


استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة اسٌتمع
اللقاء الشهري [24] 3292 استماع
اللقاء الشهري [34] 3026 استماع
اللقاء الشهري [41]رقم2 3002 استماع
اللقاء الشهري [25] 2941 استماع
اللقاء الشهري [29] 2937 استماع
اللقاء الشهري [58] 2837 استماع
اللقاء الشهري [33] 2805 استماع
اللقاء الشهري [60] 2786 استماع
اللقاء الشهري [7]1،2 2672 استماع
اللقاء الشهري [50] 2646 استماع