اللقاء الشهري [44]


الحلقة مفرغة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فإن كل تاجر ينظر في سجلات تجارته عند انتهاء السنة المالية لينظر ماذا ربح، ماذا خسر، ماذا فاته من الربح، هل يمكن تعويضه أم لا؟

وإننا في آخر هذا العام (عام 1417هـ) نسأل الله تعالى أن يختمه لنا بخير، وأن يعفو عنا ما قصرناه في واجب، ويغفر لنا ما انتهكناه من محرم.

أيها الإخوة! إن الواجب أن ينظر الإنسان في عامه الماضي ماذا صنع، هل أدى الواجب كما ينبغي أم قصر فيه؟ هل اجتنب المحرم وابتعد عنه أم وقع فيه؟

فإن كان مفرطاً في الواجب فإن عليه أن يتداركه ما دام في زمن الإمهال، ليفكر هل كان قد أتم طهارته .. قد أتم صلاته .. قد أتم صيامه .. قد أتم زكاته .. قد أتم حجه، لينظر في ذلك، ربما يكون على الإنسان شيء من صيام رمضان فيقول: الأمد أمامي، ولي أن أؤخره إلى أن يبقى من شهر شعبان مقدار ما علي من الأيام، وهذا لا بأس به ولكن الحزم كل الحزم أن يبادر بقضاء الصيام الذي عليه لأنه لا يدري ماذا يعرض له، فربما يصاب بمرض لا يستطيع معه أن يصوم، وربما يموت فلا يقضى عنه، فلينظر.

محاسبة النفس على أداء الزكاة

كذلك لينظر في ماله، هل أحصاه إحصاءً تاماً دقيقاً؟ هل حاسب نفسه وكأن الفقراء شركاء له؟ بل هل حاسب نفسه وكأن أهل الديون شركاء له في ماله؟ لينظر هذا لأنه إذا أخل بالواجب في الزكاة فإنه يخشى عليه أن يدخل في قول الله تبارك وتعالى: وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [آل عمران:180] ولقد قال ابن القيم رحمه الله -وناهيك به علماً وفقهاً- قال: إن الإنسان إذا تهاون في إخراج زكاته حتى مات فإنها لا تبرأ ذمته ولو أخرجها الورثة من ماله بعده. لأنه صمم على أنه لن يخرج الزكاة في حال حياته، وماذا يغني عنه أن يخرج عنه ورثته بعد موته؟ فلذلك طهر مالك! طهر نفسك بإخراج الزكاة الواجبة ولا تتهاون بها! لا تفرط فيها! فإنها هي قرينة الصلاة في كتاب الله عز وجل.

محاسبة النفس على الحج

فكر كذلك في الحج! هل أنت أتيت بالحج على حسب ما أوصاك به رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حيث قال: (خذوا عني منساككم) هل أخذت المناسك كما فعلها الرسول عليه الصلاة والسلام، أم أنك تهاونت فيها، ورأيت كأنها طقوس تفعلها أو تخرج بدلاً منها من فدية أو هدي؟ إن كثيراً من الناس يخلون بالحج إخلالاً عظيماً حتى يجعلونه كأنه طقوس لا فائدة منها ولا طهارة للقلب بها، ولا يشعر الإنسان فيها بالراحة الروحية بل كأنها أشياء يفعلها فعلاً مادياً فقط.

محاسبة النفس على أداء الديون ومعاملة الأهل

عليك أن تحاسب نفسك: هل أديت ما يجب عليك لمن يعاملك؟ هل أديت الدين الذي في ذمتك غير مؤجل وأنت قادر عليه؟ إنك إن أخرت الوفاء فأنت في ظلم إلى أن تتوفى، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (مطل الغني ظلم) فكل لحظة تمر على شخص عليه دين حال ولم يخرجه فإنه يكون به ظالماً، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة).

فكر يا أخي في معاملتك أهلك: هل أنت قمت بواجب الزوجة؟ هل أنت عاشرتها بالمعروف أم جعلتها كأمة مستامة لا تبالي بها ولا يهمك القيام بحقها بل ضيعتها وأضعتها؟

فكر في أولادك: هل قمت بحقهم في وجوب الرعاية .. في منعهم عن المحرمات .. في حملهم على الواجبات؟ كل هذا يجب أن نحاسب أنفسنا عليه.

فكر: هل قمت بحق إخوانك المسلمين؟ هل تفشي السلام أو تهجر؟

فكر في نفسك: هل كذبت يوماً من الدهر في عامنا الماضي؟ هل نصحت في المعاملة؟ أشياء وأشياء كثيرة نفرط فيها ونهمل ولا نحاسب أنفسنا عليها، مع أن التجار وهم أصحاب الأموال الفانية تجدهم يدققون جداً في نهاية العام.

الأيام ثلاثة

أما في المستقبل، فالعام المستقبل لا ندري ما الله صانع فيه، أيامنا ثلاثة: يوم مضى بما فيه ولا يمكن تداركه، ويوم مستقبل لا ندري ما الله صانع فيه، كما قال الله عز وجل: وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً [لقمان:34] ويومنا الحاضر أوله مضى وآخره لم يأت بعد ولا ندري ماذا يكون فيه.

إذاً علينا أن نعد أنفسنا للمستقبل بعزيمة صادقة، ورغبة في الخير كاملة حتى نتلقى ونستقبل عامنا الجديد بجد وإخلاص وطاعة لله عز وجل.

وليعلم -أيها الإخوة- أن هذه الدنيا ليست دار مقام حتى يحرص الإنسان على إكمال ترفه فيها، إنها دار ممر، إنها دار عمل صالح، لكنها والله أطيب دار لمن عمل صالحاً، أطيب دار بالنسبة للآخرين وإلا فالآخرة خير وأبقى لا شك، لكن لو سألنا سائل: من أطيب الناس عيشاً في هذه الدنيا؟ لقلنا: هو الذي آمن وعمل صالحاً، كما قال ربنا عز وجل: مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [النحل:97].

كذلك لينظر في ماله، هل أحصاه إحصاءً تاماً دقيقاً؟ هل حاسب نفسه وكأن الفقراء شركاء له؟ بل هل حاسب نفسه وكأن أهل الديون شركاء له في ماله؟ لينظر هذا لأنه إذا أخل بالواجب في الزكاة فإنه يخشى عليه أن يدخل في قول الله تبارك وتعالى: وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [آل عمران:180] ولقد قال ابن القيم رحمه الله -وناهيك به علماً وفقهاً- قال: إن الإنسان إذا تهاون في إخراج زكاته حتى مات فإنها لا تبرأ ذمته ولو أخرجها الورثة من ماله بعده. لأنه صمم على أنه لن يخرج الزكاة في حال حياته، وماذا يغني عنه أن يخرج عنه ورثته بعد موته؟ فلذلك طهر مالك! طهر نفسك بإخراج الزكاة الواجبة ولا تتهاون بها! لا تفرط فيها! فإنها هي قرينة الصلاة في كتاب الله عز وجل.

فكر كذلك في الحج! هل أنت أتيت بالحج على حسب ما أوصاك به رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حيث قال: (خذوا عني منساككم) هل أخذت المناسك كما فعلها الرسول عليه الصلاة والسلام، أم أنك تهاونت فيها، ورأيت كأنها طقوس تفعلها أو تخرج بدلاً منها من فدية أو هدي؟ إن كثيراً من الناس يخلون بالحج إخلالاً عظيماً حتى يجعلونه كأنه طقوس لا فائدة منها ولا طهارة للقلب بها، ولا يشعر الإنسان فيها بالراحة الروحية بل كأنها أشياء يفعلها فعلاً مادياً فقط.

عليك أن تحاسب نفسك: هل أديت ما يجب عليك لمن يعاملك؟ هل أديت الدين الذي في ذمتك غير مؤجل وأنت قادر عليه؟ إنك إن أخرت الوفاء فأنت في ظلم إلى أن تتوفى، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (مطل الغني ظلم) فكل لحظة تمر على شخص عليه دين حال ولم يخرجه فإنه يكون به ظالماً، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة).

فكر يا أخي في معاملتك أهلك: هل أنت قمت بواجب الزوجة؟ هل أنت عاشرتها بالمعروف أم جعلتها كأمة مستامة لا تبالي بها ولا يهمك القيام بحقها بل ضيعتها وأضعتها؟

فكر في أولادك: هل قمت بحقهم في وجوب الرعاية .. في منعهم عن المحرمات .. في حملهم على الواجبات؟ كل هذا يجب أن نحاسب أنفسنا عليه.

فكر: هل قمت بحق إخوانك المسلمين؟ هل تفشي السلام أو تهجر؟

فكر في نفسك: هل كذبت يوماً من الدهر في عامنا الماضي؟ هل نصحت في المعاملة؟ أشياء وأشياء كثيرة نفرط فيها ونهمل ولا نحاسب أنفسنا عليها، مع أن التجار وهم أصحاب الأموال الفانية تجدهم يدققون جداً في نهاية العام.