خطب ومحاضرات
هذا الحبيب يا محب 110
الحلقة مفرغة
الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.
أما بعد:
ها نحن مع أحداث السنة التاسعة من هجرته صلى الله عليه وسلم، ومع هذه النتائج والعبر التي استقيناها واستنتجناها من تلك الوفود التي وفدت عليه صلى الله عليه وسلم في تلك الأيام.
قال: [عبر ونتائج:
إن لهذه المقطوعة من السيرة العطرة نتائج وعبراً نجملها في الآتي:
أولاً: وفد بني أسد] واستفدنا منه [حرمة العيافة، والكهانة، وضرب الحصى] إذ نهاهم صلى الله عليه وسلم ومنعهم منه.
ثانياً: وفد بليّ] واستفدنا منه [من مات على غير دين الإسلام فهو في النار] مهما كان وكيفما كان.
[ثالثاً: فضل الضيافة، وأنها ثلاثة أيام، وكل معروف صدقة] استفدناها من ذلك الوفد.
[رابعاً: وفد تميم: الإسلام يعلو ولا يُعلى عليه.
خامساً: وفد عبد القيس: الإيمان اعتقاد وقول وعمل، وفضل الحلم والأناة.
سادساً: وفد بني حنيفة] فائدته [بيان ردة مسيلمة الكذاب وادعائه الكاذب في النبوة.
سابعاً: وفد رسل ملوك حمير] أخذنا منه [بيان أصول الدين، وحكم الجزية وممن تؤخذ، وبيان مقدارها. مشروعية قول: مرحباً وأهلاً].
[ثامناً: وفد عُذرة: بيان آية النبوة المحمدية إذ أخبرهم بغيب فكان كما أخبر صلى الله عليه وسلم] كذلك [ليس على المسلم ذبائح تذبح إلا الأضحية] فقط.
[تاسعاً: وفد ذي مرّة] قال واستفدنا منه [بيان آية النبوة إذ دعا لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغيث] وقد قحطوا [فسقوا في نفس اليوم.
عاشراً: وفد سعد بن بكر: فيه بيان كرامة ضمام وفضله إذ أسلمت قبيلته كلها بدعوته.
الحادي عشر: وفد الأزد: فيه بيان أن لكل قول حقيقة، وبيان عشرين خصلة هي جماع الخير كله] كما مر بنا.
[الثاني عشر: وفد طيء] فيه [فضل زيد الخيل] الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: زيد الخير [وفوزه برضا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه وتعديل اسمه بـزيد الخير] بدل زيد الخيل .
قال: [وسابع أحداثها] سابع أحداث السنة التاسعة من هجرة الحبيب صلى الله عليه وسلم:
[حج أبي بكر الصديق بالناس
وفي أواخر شهر ذي القعدة من هذه السنة سنة تسع خرج أبو بكر الصديق بإذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أميراً على الحج] أمَّره على الحج في السنة التاسعة من الهجرة [ومعه عشرون بدنة] من الإبل [لرسول الله صلى الله عليه وسلم] بعث بها لتنحر في الحرم المكي [وله هو] أي: أبو بكر [خمسون بدنة، وكان] رضي الله عنه [في ثلاثمائة رجل من أهل المدينة] حجاج المدينة يومها كانوا ثلاثمائة رجل.
[فلما كان بذي الحليفة (آبار علي) على سبعة أميال من المدينة أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم في أثره علي بن أبي طالب ] رضي الله عنه [وأمره] أي: أمر علياً [بقراءة سورة براءة على المشركين] في مكة وفي عرفات ومنى.
[فعاد أبو بكر] من ذي الحليفة [إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، وقال: ( يا رسول الله! أنزل فيَّ شيء؟ )] يعني: لعل الله أنزل فيَّ شيئاً فأنا لست أهلاً لهذه المهمة، أو غير صالح لهذه الإمارة [( قال: لا ولكن لا يبلغ عني إلا أنا أو رجل مني )] يعني: هذه الرسالة لا يستطيع حملها وإبلاغها إلا أنا أو واحد من أسرتي [( ألا ترضى يا
قال: [فنادى يوم الأضحى قائلاً: (لا يحجن بعد العام مشرك، ولا يطوفن بالبيت عريان)] إذ كان المشركون منهم من يطوف عارياً، وسر ذلك: أنهم يقولون: الذي لا يملك ثياب الحمس -وهم أشراف مكة- لا يطوف بثيابه؛ لأنه عصى الله عز وجل فيها فلا يصح له أن يطوف بها، فإما أن يأخذ من الحمس، وإما أن يطوف عرياناً.
وهي عادة جاهلية استمروا عليها زمناً، ثم جاء الإسلام وإعلان رسول الله صلى الله عليه وسلم على لسان علي بن أبي طالب : (ألا لا يحجن بعد العام مشرك)، يعني: هذا العام لا بأس فلا ترجعوا، أما في العام المقبل فلا يحج المشرك قط ولا يدخل الحرم، ولا يطوفن بالبيت عريان.
قال: [ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فأجله إلى مدته] يعني: من كان بينه وبين الرسول عهد مدته سنة أو أكثر -مثلاً- فهو على مدته [ورجع المشركون، فلام بعضهم بعضاً وقالوا: ما تصنعون وقد أسلمت قريش؟ فأسلموا] خير لكم، فانتشر الإسلام، وأسلموا.
قال: [نتائج وعبر:
إن لهذه المقطوعة من السيرة العطرة نتائج وعبراً نوجزها فيما يلي:
[أولاً: فرض الحج يسقط بالعجز] لقول الله تعالى: مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا [آل عمران:97] [وهو] أيضاً [على التراخي لا على الفور] وهذا الذي عليه الجمهور، ولكن من قدر يجب أن يعجل بالحج ولا يؤخره، أما العاجز فهو غير مكلف حتى يزول عجزه.
ومعنى على الفور: أن كل من بلغ وجب عليه أن يحج. لكن قد يكون متأهلاً للحج ويؤثر زواجه.. أو يؤثر رحلته في تجارة إلى كذا.. المهم أننا نقول: على من استطاع الحج أن يبادر به ولا نقول على الفور؛ لأن الحج فرض في السنة السادسة وما حج الرسول صلى الله عليه وسلم إلا في السنة العاشرة، وهذا أبو بكر وثلاثمائة من المدينة حجوا في السنة التاسعة [إذ لم يحج مع أبي بكر] رضي الله عنه [سوى ثلاثمائة رجل مع وفرة الرجال والنساء بالمدينة يومئذ.
ثانياً: مشروعية تعيين أمير للحج] لا بد للملك أو للسلطان أن يعين أميراً يحج بالمسلمين، وهذه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إذ عين أبا بكر أميراً على الحج، فلا تحج الأمة فوضى بدون أمير.
[ثالثاً: فضيلة كل من أبي بكر وعلي رضي الله عنهما] فـأبو بكر أمَّره الرسول وولاه القيادة، وعلي أرسله بمهمة لا يستطيعها إلا هو نيابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
[رابعاً: مشروعية سوق الهدي، وإرساله مع تخلف المُهدِي عن الحج] فالرسول بعث بتلك البدن مع أبي بكر وهو في المدينة، فيجوز لأي مؤمن أن يرسل هديه وهو ليس بحاج من اليمن أو الشام أو المدينة أو غيرها؛ إذ العبرة بإرسال الهدي ليأكله الحجاج والفقراء والمساكين.
[خامساً: حرمة دخول الحرم على المشركين والكافرين] حرمة دخول الحرم المكي على المشركين والكافرين مطلقاً، بدليل: (ولا يحج بعد العام مشرك) [ووجوب ستر العورة في الطواف] كانت المرأة تطوف وهي واضعة يدها على فرجها تقول:
اليوم يبدو كله أو بعضه وما بدا منه فلا أحله
وزالت تلك الجاهلية وعاداتها، فالطواف لا بد فيه من ستر العورة كالصلاة، ومن طاف عارياً فطوافه باطل، لكن لو سقط بعض إزاره وتلافى على الفور فلا بأس إن شاء الله.
[سادساً: شرف مركز قريش بين العرب إذ العرب تبع لها] بدليل: ما إن دخلت قريش في الإسلام حتى توافدت الوفود على الرسول صلى الله عليه وسلم تعلن عن إسلامها.
قال: [أهم أحداث السنة التاسعة من هجرة الحبيب صلى الله عليه وسلم.
لقد وقعت في هذه السنة أحداث تاريخية هامة يحسن ذكر طرف منها إزاء النقاط الآتية:
أولاً: بعث الرسول صلى الله عليه وسلم جرير بن عبد الله البجلي إلى ذي الخلصة، فهدمها] وهذا حدث جليل! فلم يكن صنماً فقط بل قبة وبناية وتمثال، فهدمها رضي الله عنه وأرضاه.
[ثانياً: فيها] أي: في هذه السنة التاسعة [توفي إبراهيم ابن الرسول صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثمانية عشر شهراً ودفن بالبقيع] وأمه مارية القبطية المصرية رضي الله عنها وأرضاها.
[ثالثاً: فيها طلع جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم والناس حوله في المسجد في صورة رجل] طلع كما يطلع النهار والفجر والرسول يعلم أصحابه الكتاب والحكمة ويزكيهم، فإذا بجبريل يطلع عليهم في صورة دحية بن خليفة الكلبي رضي الله عنه وأرضاه [وسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان والإسلام والإحسان وعن أمارات الساعة] فحديث جبريل هذا الذي نكرره كان في السنة التاسعة من هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم.
[رابعاً: فيها بعث النبي صلى الله عليه وسلم المصدقين إلى كافة أنحاء البلاد التي أسلم أهلها] والمصدقون هم الذي يجبون الزكوات، أو الذين يأتون بالصدقات، وكان ذلك في السنة التاسعة فقط لا قبلها.
[خامساً: فيها توفيت أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وغسلتها أسماء بنت عميس ] زوجة الصديق [و صفية بنت عبد المطلب رضي الله عنهن] أجمعين.
[سادساً: فيها توفي رأس النفاق عبد الله بن أبي ابن سلول] عليه لعائن الله [وصلى عليه الرسول صلى الله عليه وسلم] صلاة الجنازة [ثم نهاه الله عن الصلاة على المنافقين مطلقاً بقوله: وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ [التوبة:84]] والرسول إنما صلى عليه رحمة بولده عبد الله؛ إذ كان من خيرة الأصحاب، فقال: يا رسول الله! صل على أبي، فاستجاب له، ولكن الله لم يأذن بهذا بعد ذلك، وأنزل تعالى: وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا [التوبة:84]، ومن هنا لا يصح أن نصلي على كافر قط، سواء كانت صلاة غائب أو حاضر، فلا تصح الصلاة إلا على مسلم فقط.
[سابعاً: فيها توفي النجاشي ] أصحمة [وصلى عليه الرسول والمؤمنون بالمدينة صلاة الغائب رحمه الله رحمة واسعة] بلغ الرسول صلى الله عليه وسلم الخبر بالوحي الإلهي أن النجاشي قد مات، فخرج مع رجاله في طرف المسجد وصلوا عليه صلاة الغائب.
السنة العاشرة من هجرة الحبيب صلى الله عليه وسلم.
قال: [ ودخلت السنة العاشرة من هجرة الحبيب صلى الله عليه وسلم.
وكان من أول أحداثها:
بعث النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى بني الحارث بن كعب بنجران] في الجنوب.
[في هذه السنة العاشرة بعث النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد على رأس سرية] والسرية عدد من المجاهدين يسرون بالليل [بعثه إلى بني الحارث بن كعب بنجران، وأمره أن يدعوهم إلى الإسلام ثلاثاً] أي: ثلاثة أيام [فإن أجابوا أقام فيهم وعلمهم شرائع الإسلام، وإن لم يفعلوا قاتلهم.
فخرج رضي الله عنه إليهم منفذاً لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودعاهم إلى الإسلام فأجابوا وأسلموا فأقام فيهم يعلمهم، وكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاباً يعلمه فيه بإسلامهم.
ولما قضى فترة تعليمهم عاد إلى المدينة ومعه وفد منهم، من بين أفراده قيس بن الحصين بن يزيد بن قينان ويزيد بن عبد المدان .. وغيرهما، فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم عادوا إلى ديارهم وأرسل إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن حزم يعلمهم شرائع الإسلام، ويأخذ صدقاتهم (زكواتهم) وكتب معه كتاباً، وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمرو بن حزم على نجران].
[نتائج وعبر:
إن لهذه المقطوعة من السيرة العطرة نتائج وعبراً هي كالآتي:
أولاً: وجوب الدعوة إلى الإسلام] وهذا الواجب ليس واجباً على الصحابة فقط بل حتى علينا نحن، فأينما وجد كفر وكافرون وجب على المسلمين دعوتهم إلى الإسلام.
[ثانياً: وجوب تعليم من دخل في الإسلام شرائع الإسلام.
ثالثاً: وجوب نصب الولاة في البلد الذي يدخل في الإسلام أو ذمة المسلمين].
وبالمناسبة: علمتم الرسالة التي كتبناها كدعوة خير إنسانية عامة، خاطبنا فيها كل كافر أبيض كان أو أصفر بأسلوب بسيط أدبي حكيم، لا يزعج الكافر ولا يغضبه أبداً، وطالبنا المسئولين بأن يترجموا هذه الرسالة إلى سبع لغات حية، وأن يساهم فيها أهل اليسار والمال من المسلمين لتطبع وتنشر في تلك البلاد، وتوضع بأيدي الجاليات المقيمة هناك؛ إذ لا يخلو بلد الآن من مسلمين ومساجد وصلاة تقام في العالم بأسره، فتوزع تلك الرسالة بأدب طول العام.
وقلت: نظراً إلى أن الله عز وجل أراحنا الآن، فنحن لسنا في حاجة إلى أن نرسي سفننا على شواطئ بلاد الكفار، ولا نركب طائراتنا ونحمل صواريخنا ورجالنا لنقاتلهم أبداً، فالباب أصبح مفتوحاً، ولم يبق إلا أن نقوم بهذه الدعوة، ولكن -كما قدمنا- بنظام، كم مرة تسمعون ونقول: أين الرابطة؟ الواجب أن تُكون لجنة عليا يساهم فيها كل بلد إسلامي، هذه اللجنة أول خطوة تخطوها هي أن تفرض على كل مسلم ديناراً في السنة لأداء فريضة الجهاد؛ وبذلك تكون لها ميزانية من أكبر الميزانيات في العالم؛ إذ عندنا ألف مليون مسلم، ثم ترسل اللجنة إلى كل قارة من يعد الجاليات الموجودة ويقدرها، وبعد ذلك يرسلون علماء ربانيين إلى تلك الجاليات يربونهم التربية الإسلامية ويورثون فيهم الفضائل والكمالات؛ حتى إذا نظر إليهم الكفار انجذبوا إليهم ومشوا وراءهم، وتقوم اللجنة بالكتاب والمعلم وبناء المسجد، ونكون بذلك قد نشرنا الإسلام، وأدينا واجب الجهاد.
والآن مع الرسالة التي بعثت بها إلى ثمانية عشر متأهلاً لها في المملكة، ونحن ننتظر -والله- أن تترجم إلى اللغات الحية: البريطانية والفرنسية والألمانية والروسية واليابانية والصينية، وتطبع كميات منها بالملايين وترسل إلى تلك الجاليات بالتي هي أحسن، وعندها -والله- ليدخلن في الإسلام أعداد لا نعرف عددهم، ونكون برأنا ذمتنا، ولسنا في حاجة إلى قتال أبداً، فقد أراحنا الله منه.
ولا يجوز لنا أن نرسي سفننا على إيطاليا ونقاتلها لأن الإسلام أصبح فيها، فالمساجد موجودة، وقد سمحوا للناس بالدعوة إلى الله، بينما قبل أيام كانت البلاد كلها ظلام وكفر فكنا نرسي سفننا على الشاطئ ونراسلهم بسفارة بيننا وبينهم، فنقول: هل تدخلون في الإسلام؟ فإن قالوا: لا، نقول لهم: هل تسمحون لنا بأن ندخل نعلم الناس الإسلام؟ فإن قالوا: نعم دخلنا، وإن قالوا: لا قاتلناهم حتى نخضعهم لقبول دعوة الإسلام، والآن أراحنا الله والحمد لله، وكل هذا من تدبير العزيز الحكيم، فلم يبق إلا أن نقوم بالدعوة على علم وبصيرة ونظام كامل، ونؤدي هذا الواجب لينتشر الإسلام في العالم، والله تعالى أسأل أن يحقق هذا.
معاشر المؤمنين! يا أولياء الله! ولايتكم لله تتحقق بحب ما يحب وكره ما يكره، فهيا مع هذه المحاب.
أولاً: حبك لقاء ربك عز وجل بعد الموت، ولا نقول لك: تمنَّ الموت يا عبد الله! واطلبه الآن، لا أبداً، فأنت تعبد الله وتذكره، لكن نقول لك: أحبب لقاء الله بعد موتك ولا تكرهه؛ فإن من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، فالولي لله يحب لقاء الله ويفرح به ويُسر، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه )، وأحلف بالله أن أي عبد أبيض كان أو أسود يحب لقاء الله إلا أحب الله لقاءه.
إذاً: عليك أن تكثر من الصالحات حباً في الله الذي أحبها، ورغبة في لقائه يوم يجمع الله الخلائق ويكرم أولياءه برضاه عنهم وإدخالهم دار السلام، وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن حب لقاء الله وعدمه يتمان للعبد عند الموت وسكراته، فالعبد الصالح ولي الله عز وجل يبشر برضوان الله وكرامته فيحب لقاءه ويفرح به، وأما الكافر والمنافق والفاجر والفاسق والظالم عدو الله فإنه يبشر بعذاب الله وعندها يكره لقاء الله بالموت والعياذ بالله، فاحذر يا طالب ولاية الله من الكفر والشرك والفسق والظلم وكل موجبات غضب الرب تعالى؛ حتى تصبح محباً للقاء ربك يوم تلقاه.
المحبوب الثاني: أحبب التوبة من كل ذنب، فإن الله تعالى يحب توبة العبد إذا تاب من أي ذنب اقترفه؛ وذلك لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره وقد أضله في أرض فلاة ) أي: فقده في أرض فلاة.
تأمل هذا المثل الذي بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيان مقدار حب الرب تعالى لتوبة العبد، وهو أن يكون للإنسان راحلة يركبها فيفقدها في صحراء قاحلة قاتلة ثم يجدها، فانظر كيف تكون فرحة هذا العبد؟ تكون عظيمة، إلا أن فرحة الله بتوبة العبد أعظم منها وأكثر، فاذكر هذا يا طالب ولاية الله، وكلما أذنبت ذنباً بادر بالتوبة النصوح لتتحقق لك ولاية ربك عز وجل.
وصلِّ اللهم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين..
استمع المزيد من الشيخ ابو بكر الجزائري - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
هذا الحبيب يا محب 115 | 4084 استماع |
هذا الحبيب يا محب 111 | 4080 استماع |
هذا الحبيب يا محب 7 | 3824 استماع |
هذا الحبيب يا محب 47 | 3819 استماع |
هذا الحبيب يا محب 126 | 3695 استماع |
هذا الحبيب يا محب 102 | 3682 استماع |
هذا الحبيب يا محب 9 | 3650 استماع |
هذا الحبيب يا محب 32 | 3574 استماع |
هذا الحبيب يا محب 99 | 3489 استماع |
هذا الحبيب يا محب 48 | 3472 استماع |