فتاوى نور على الدرب [505]


الحلقة مفرغة

السؤال: البعض من الناس يقومون بتقصير ثيابهم إلى ما فوق الكعب، ولكن السراويل تبقى طويلة فما الحكم في ذلك؟

الجواب: قبل أن أجيب على هذا السؤال أحب أن أذكر إخواني المسلمين بنعمة الله علينا بما أنزل علينا من اللباس، قال الله تعالى: يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا [الأعراف:26]، فاللباس المواري للسوءات هو اللباس الضروري، والريش هو اللباس الكمالي، وكلاهما قد أنعم الله به علينا في هذه البلاد ولله الحمد والمنة، نسأل الله تعالى أن يرزقنا شكر هذه النعمة حتى تدوم وتزيد، يقول الله عز وجل: يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ [الأعراف:26] ، وهذا إشارة إلى أنه يجب علينا أن نستعمل هذا اللباس الذي أنزله الله علينا على وجه تحصل به تقوى الله عز وجل.

ومن ذلك أن نتجنب في لباسنا ما حرم علينا من تنزيل اللباس إلى ما تحت الكعب، أي: كعب الرجل، فإن تنزيل اللباس إلى ما تحت كعب الرجل كبيرة من كبائر الذنوب؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم توعد على ذلك، فإن جره الإنسان خيلاء فإن الله لا ينظر إليه يوم القيامة ولا يزكيه وله عذاب أليم، وإن نزل عن الكعب لغير خيلاء فإن ما أسفل من الكعبين ففي النار، صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

ولا فرق في هذا بين الثوب أو السروال أو المشلح، كل ما يلبس لا يجوز للإنسان أن ينزله أسفل من الكعبين، هذا في الرجال.

أما النساء فإنهن مأمورات بأن ينزلن ثيابهن حتى تستر أقدامهن، وقد رخص النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة أن تنزل ثوبها إلى ذراع يكون وراءها من أجل أن تستر أقدامها عن الناظرين.

إذاً: الشرع الإسلامي يوجب على المرأة أن تنزل من الثياب ما يحرمه على الرجال، لكن مع الأسف الأمر انقلب رأساً على عقب، فتجد طفلاً وطفلة يمشيان في السوق، الطفل ثوبه إلى كعبه، والطفلة ثوبها إلى ما فوق الركبة، يعني عكسنا الآداب الإسلامية تماماً، وهذا مما يخشى منه أن تنزل بنا عقوبة، نحن لا نقول: إن الصغيرة التي دون السبع لا يحل أن تكشف ساقها، لكننا نقول: تعويد البنت على هذا اللباس القصير يرفع عنها الحياء، ويوجب لها أن تستمرئ هذا اللباس القصير، وأن يكون هذا من دأبها إذا كبرت، الآن تجد أن الحضارة عند بعض الناس أن يكون لباس المرأة قصيراً، ولباس الرجل طويلاً، أليس هذا قلباً للحقائق الإسلامية؟ أليس هذا مما يوجب الخوف على هذه الأمة أن تستمرئ المعاصي، ولا سيما الكبائر في تنزيل ثياب الرجال إلى ما تحت الكعبين، ثم تستمرئ معصية أخرى، ثم أخرى، ثم أخرى، حتى يخشى أن نقع جميعاً في قوله تعالى: وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [الأنفال:25].

وإنني بهذه المناسبة وإن لم يكن لها ذكر في السؤال أود أن أحذر أخواتي المسلمات، وأولياء أمورهن من التسرع والتسابق إلى أنواع هذه الألبسة التي ترد علينا من الخارج، والتي توجد في المجلات الأجنبية التي ملأت محلات الخياطة، حتى إذا وقفت المرأة على المحل عرض عليها من هذه الأزياء ما يخالف فطرتها ودينها، وما يوجب أن تتشبه بأعداء الله الذين جاءت منهم هذه المجلات، وتسمى عند النساء الفردة، فأنا أحذر أخواتي المسلمات من النظر في هذه المجلات، وأقول للمسئولين عنهن: إنكم مسئولون عنهن أمام الله، وإنه لا يحل لكم أن تمكنوهن من اقتناء هذه المجلات أو النظر فيها، ثم أقول مرةً ثانية: إنكم مسئولون عن أموالكم التي تبذلونها لهؤلاء النساء، كلما جاءت موضة جديدة تركت الموضة الأولى -ولو لم تكن لبستها- إلى الموضة الجديدة فضاع المال، بل حتى وإن كانت الأموال من النساء فامنعوهن من هذا التصرف الذي أدنى ما نقول فيه: إنه إسراف، وقد قال الله تبارك وتعالى: وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ [الأنعام:141] ، أسأل الله سبحانه وتعالى أن يهدي أمتنا، ورعاتها، ورعيتها، ذكورها وإناثها، صغارها وكبارها إلى ما كان عليه نهج هذه الأمة في سلفها الصالح، إنه على كل شيء قدير.

السؤال: عند وضعي للدهون على بشرتي هل يجوز أن أغسل وجهي للوضوء؟

الجواب: وضع الدهون على البشرة التي يجب غسلها في الطهارة ينقسم إلى قسمين:

القسم الأول: دهون لا يكون لها قشر، لكن لها أثر على الجلد بحيث إذا مر الماء من فوقها تمزق يميناً وشمالاً، فهذه لا تؤثر؛ لأنها لا تمنع من وصول الماء إلى البشرة.

والثاني: ما له طبقة تبقى على الجلد تمنع وصول الماء فهذه لا بد من إزالتها قبل الوضوء إذا كانت على أعضاء الوضوء؛ لقول الله تبارك وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ [المائدة:6]، ومعلوم أنه إذا كان على هذه الأعضاء طبقة مانعة من وصول الماء إليها فإنه لا يقال: إنه غسلها بل غسل ما فوقها.

ولهذا قال العلماء رحمهم الله: من شروط صحة الوضوء إزالة ما يمنع وصول الماء إلى البشرة، لكن ما يوضع على الرأس من الحناء وشبهه لا يضر إذا مسحت عليه المرأة؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان ملبداً رأسه في حجة الوداع، وتلبيد الرأس يمنع من مباشرة الماء عند المسح للشعر؛ ولأن طهارة الرأس طهارة مخففة بدليل أنه لا يجب غسله، بل الواجب مسحه حتى وإن كان الشعر خفيفاً، بل حتى وإن لم يكن على الرأس شعر فإن طهارته خفيفة ليست إلا المسح؛ فلهذا سمح فيه فيما يوضع عليه؛ ولهذا جاز للرجل أن يمسح على العمامة، مع أنه بإمكانه أن يرفعها ويمسح رأسه، لكن هذا من باب التخفيف، وكذلك على قول كثير من العلماء: إنه يجوز للمرأة أن تمسح على خمارها الملفوف من تحت ذقنها.

السؤال: هل يجوز استعمال المعجون في نهار رمضان؟

الجواب: نعم يجوز للصائم في رمضان وغيره أن يستعمل المعجون بشرط ألا يصل إلى حلقه، ولكن كما نعلم جميعاً أن المعجون له نفوذ سريع يصل إلى الحلق، وقد لا يتحكم فيه الإنسان، فلهذا نرى أن الأفضل ألا يستعمله الصائم؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم لـلقيط بن صبرة : ( بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً ) لئلا تفضي المبالغة في الاستنشاق إلى نزول الماء من خياشيمه إلى حلقه أو إلى جوفه، فالأولى ألا يستعمل الإنسان هذا المعجون في حال الصيام، وإن استعمله وتمكن من ضبطه بحيث لا ينزل إلى جوفه، ولا يصل إلى حلقه فلا بأس.

السؤال: ما حكم القيام بصلاة التسابيح أو التسبيح؟ وهل هي بدعة؟ وإذا كانت ليست ببدعة فما صفتها؟

الجواب: القول الراجح في صلاة التسبيح: أنها ليست بسنة؛ وذلك لأن حديثها لم يثبت كما قال ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وقال: إنه لم يستحبها أحد من الأئمة، ومعلوم أنها لو صحت لكانت مشهورة بين الخلق معلومةً بينهم لوجهين:

الوجه الأول: خروجها عن المألوف في الصلوات، والعادة أن الخارج عن المألوف يتوافر النقل فيه ويتناقله الناس لغرابته.

والثاني: أنه رتب على ذلك ثواب عظيم، فلا يمكن أن تفرط الأمة في هذا العمل الذي هذا ثوابه ولا تتناقله تناقلاً يوجب بيانه وشهرته، وعلى هذا فلا ينبغي أن يصلي الإنسان صلاة التسبيح؛ لعدم ثبوتها عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومن المعلوم للجميع ولطلبة العلم أن العبادات لا تشرع إلا إذا تيقنا أنها جاءت من عند الله أو من عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أو غلب على ظننا ذلك غلبةً راجحة.

السؤال: هل يجوز لنا أن نقرأ القرآن عند المقابر؟

الجواب: القرآن تجوز قراءته في كل وقت وفي كل مكان؛ لأنه من ذكر الله، وقد قالت عائشة رضي الله عنها: ( كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يذكر الله على كل أحيانه )، إلا أن أهل العلم استثنوا ما إذا كان الإنسان قاعداً على قضاء حاجته من بول أو غائط فإنه لا يقرأ القرآن؛ لأن هذه الحال غير مناسبة لقراءة القرآن، وعلى هذا فيجوز للإنسان أن يقرأ القرآن وهو في المقبرة، وهو في السوق يمشي، وهو في المسجد، ويجوز للإنسان أن يقرأ القرآن وحوله امرأة حائض، بل قد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتكئ في حجر أم المؤمنين عائشة فيقرأ القرآن وهي حائض.

لكن تقصد الخروج إلي المقابر والقراءة هناك هذا هو البدعة، فإن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولا خصوصية لقراءة القرآن في المقبرة حتى يذهب الإنسان إلى المقبرة ليقرأه فيها، فقراءة القرآن في المقابر إن كان الإنسان خرج إلى المقبرة من أجل أن يقرأ القرآن هناك فهو بدعة، وإن كان خرج إلى المقبرة للسلام على أهل القبور أو في تشييع جنازة وهو يقرأ القرآن هناك فإنه لا بأس به.

السؤال: لقد علمت بأن الذي يصلي وحده خلف الصف مع الجماعة لا يجوز، ولكن كيف يكون إذا كان المصلي خلف صف الجماعة ومعه شخص لم يبلغ الحلم أي: أنه غير بالغ، هل يجوز ذلك، ماذا يفعل المصلي في هذا الوقت؟

الجواب: صلاة المنفرد خلف الصف في صلاة الجماعة تنقسم إلى قسمين: قسم صحيح، وقسم غير صحيح.

أما القسم الصحيح فهو ما إذا وجد الصف تاماً فإنه في هذه الحال يجوز أن يصلي وحده؛ وذلك لأنه إذا لم يصل وحده فاتته الجماعة، إذا لم يأته أحد يقوم معه قبل أن تفوت الجماعة، وهو إذا لم يصل وحده فإما أن يجذب أحد من الصف الذي أمامه، وإما أن يتقدم فيقف مع الإمام، وكلا ذلك غير مشروع، أما سحبه أحداً من الصف المتقدم فإنه لا يجوز؛ وذلك لأن فيه جناية على المسحوب، ونقلاً له من المكان الفاضل إلى المكان المفضول، ثم إنه قد يشوش عليه صلاته، فإن بعض الناس يكون سريع التأثر، فيشوش عليه تشويشاً بالغاً، ثم إنه يفتح فرجةً في الصف فيقطع صفاً بعد صلته، ثم إنه يوجب أن يتحرك الصف من اليمين، أو من الشمال، أو من اليمين والشمال لسد هذه الفرجة، فهذه أربع مفاسد في جذب من يجذبه إليه.

وأما تقدمه مع الإمام فهذا إن لم يأت من القبلة إذا كان في قبلة المسجد باب لزم أن يتخلل الصفوف فيؤذي أهل الصفوف، وقد ( رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يتخطى رقاب الناس في يوم الجمعة فقال: اجلس فقد آذيت ).

ثم إذا تقدم وصلى مع الإمام خالف في ذلك السنة، فإن السنة أن يكون الإمام وحده في مكانه؛ لأنه إمام، فإذا قام معه آخر صار الآخر كأنه إمام ثان، ولا يرد على هذا أن أبا بكر رضي الله عنه حين شرع يصلي في الناس ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم فصف إلى يسار أبي بكر ، لا يرد على هذا؛ لأن أبا بكر قد شرع في الصلاة ولا يمكنه أن يتأخر؛ لأن الصف متراص، فلم يبق إلا أن يبقى في مكانه، ثم إذا تقدم وصف مع الإمام، ثم جاء آخر بعده ووجد الصف تاماً فقلنا: تقدم فصاروا اثنين مع الإمام، ثم جاء ثالث وقلنا: تقدم، لزم من ذلك أن يكون صف تام مع الإمام، وما وراء الناس ليس فيه أحد.

لذلك نقول: إذا جاء الإنسان ووجد الصف تاماً فلا حرج عليه أن يقف وحده ويصلي وحده، وقد قال الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، وقال: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286].

وأما إذا قام معه صبي مميز وصلى معه فالصواب أن ذلك جائز، وأن مصافة الصبي كمصافة البالغ؛ لأن أنس بن مالك رضي الله عنه صف مع يتيم خلف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في صلاة النفل، والأصل أن ما ثبت في صلاة النفل ثبت في صلاة الفرض إلا بدليل؛ ولأن هذا الصبي عاقل تصح منه الصلاة، فصلاته صحيحة، فيكون هذا البالغ لم يقم وحده خلف الصف بل معه من تصح صلاته، فالصواب أن مصافة الصبي في الفريضة والنافلة سواء وأنها جائزة، ويزول بها الانفراد.

السؤال: أثناء تناول الطعام قد يتناول الإنسان البعض من الطعام باليد اليسرى، فما الحكم في ذلك؟

الجواب: الأكل باليد اليسرى، والشرب باليد اليسرى، والأخذ باليد اليسرى، والإعطاء باليد اليسرى، كل هذه الأربعة خلاف السنة، فالأكل يكون باليمين، والشرب يكون باليمين، والأخذ من الغير يكون باليمين، وإعطاء الغير يكون باليمين، هذه هي السنة، لكن الأكل بالشمال، والشرب بالشمال محرم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا يأكل أحدكم بشماله، ولا يشرب بشماله، فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله )، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الأكل بالشمال والشرب بالشمال، وعلل هذا النهي بأنه من فعل الشيطان، وهذا يؤكد اجتناب الأكل بالشمال والشرب بالشمال، وما أدري لأخي المسلم إذا خير بين أن يكون متبعاً للشيطان في خطواته في أكله وشربه متشبهاً به في أكله وشربه، أو متبعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهديه وإرشاده، لا أدري إذا خير بين ذلك أيهما يختار، ومن المعلوم أن كل مؤمن سوف يختار اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم، والأخذ بتوجيهاته صلوات الله وسلامه عليه.

وعلى هذا فنقول: يحرم على الإنسان أن يأكل بشماله أو يشرب بشماله، وإذا كان حراماً فالحرام على القاعدة الشرعية لا يحل إلا للضرورة، والضرورة مثل أن تكون اليد اليمني مشلولة، أو تكون اليد اليمنى مكسورة، أو تكون اليد اليمنى محترقة، أو ما أشبه ذلك من الأمور التي يتعذر معها الأكل باليمين أو الشرب باليمين.

وأما ما يفعله بعض الناس عند الأكل من الشرب بشماله تنزهاً وخوفاً من تلويث الإناء، فإن هذا لا يبرر للإنسان أن يشرب بشماله، أولاً: لأن تلويث الإناء قد يكون وقد لا يكون، ومن الممكن أن يمسك الإنسان الإناء إذا كان كأساً من أسفله بين إبهامه وسبابته، ومن الممكن أن يضعه على راحته حتى يوصله إلى فمه، ثم يسنده باليد اليسرى لئلا ينكفئ، وإذا قلنا: إن هذا لا يمكن وتلوث، فبماذا يتلوث؟ هل يتلوث بنجاسة؟

يتلوث بطعام طاهر طيب يمكن غسله فيما بعد، ثم إن الناس في الوقت الحاضر حيث أنعم الله عليهم تجد عند كل واحد منهم كأساً خاصاً به، إما من الورق، أو من غير الورق، ومع ذلك يتهاون بعض الناس فيأخذ الكأس ويشرب بالشمال، ولا أظن أحداً يتهاون هذا التهاون وهو يعلم أن الأكل بالشمال حرام، والشرب بالشمال حرام؛ لأن المؤمن لا يريد أن يوقع نفسه فيما حرم الله عليه؛ ولأن العالم يعلم أن الحرام لا يجوز إلا للضرورة؛ لذلك أنصح إخواننا المسلمين عموماً من التورط في هذا الأمر والتساهل فيه، وهو الأكل بالشمال أو الشرب بالشمال، وأقول لهم: احتسبوا الأجر عند الله، اقتدوا بالنبي عليه الصلاة والسلام، خذوا بتوجيهاته إذا كنتم تحبون أن تردوا حوضه، يوم القيامة وتشربوا منه، نسأل الله تعالى أن يوردنا جميعاً حوضه ويسقينا منه شربةً لا نظمأ بعدها أبداً.