خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/162"> الشيخ محمد بن صالح العثيمين . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/162?sub=8855"> فتاوى نور على الدرب
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
فتاوى نور على الدرب [385]
الحلقة مفرغة
السؤال: يستفسر عن قوله تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ [ص:23]، الآية؟
الجواب: بمناسبة السؤال عن تفسير هذه الآية الكريمة أود أن أوجه كلمة إلى إخواني المسلمين فأقول: إن الله سبحانه وتعالى قد بين الحكمة من إنزال القرآن على محمدٍ صلى الله عليه وسلم حيث قال: كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [ص:29]، فبين الله تعالى الحكمة من إنزال القرآن في شيئين؛ الأول: تدبر الآيات، وهو تفهمها ليصل الإنسان إلى معناها، والثاني: التذكر بما فيها، وهو الاتعاظ والعمل بما دلت عليه تصديقاً للأخبار، وامتثالاً للأحكام، وهذا هو الذي كان عليه الصحابة رضي الله عنهم، فقد كانوا لا يتجاوزون عشر آيات حتى يتعلموها وما فيها من العلم والعمل، فتعلموا من كتاب الله القرآن: العلم والعمل جميعاً، وهذا ينطبق على جميع الأمة إلى يوم القيامة، وإنني أحث إخواني المسلمين على تفهم كتاب الله وتدبره، والسؤال عن معناه، ومطالعة كتب أهل العلم الموثوق بتفسيرهم إذا كان يستطيع أن يصل إلى المعنى بهذه المطالعة، حتى يذوق طعم القرآن، ويعرف عظمة القرآن، أما قراءة القرآن بدون فهم معناه، فلا شك أن فيها خيراً كثيراً، وأجراً عظيماً، فإن من قرأ القرآن فله بكل حرفٍ منه عشر حسنات، لكن تمام ذلك والفائدة العظيمة الكبيرة هو بتحقيق ما أنزله الله من أجله، وهو التدبر والاتعاظ.
ثم ليعلم أن هذا القرآن الكريم إذا حمله الإنسان فهو كما قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (حجة لك أو عليك )، فإن قمت بواجبك من تصديق الأخبار والعلم بالأحكام وقبول ذلك بانشراح وطمأنينة، كان حجةً لك، وإن كان الأمر بخلاف ذلك، كان عليك من الحجة بقدر ما فرطت فيه، أو اعتديت، ومن المعلوم أن الإنسان لو طلب منه تنفيذ ما في كتابٍ مرسوم من جهةٍ من الجهات، لكان يقرأ هذا الكتاب ويستفهم عن معناه، حتى يتمكن من تطبيقه والعمل به، فكيف بالكتاب العظيم النازل من عند الله عز وجل، الذي كلف الله عباده العمل به، كيف لا يدري الإنسان عن معناه، ولا يتفهم، ولا يستفهم، ولا يبالي؟! هذا في الحقيقة تفريط كبير.
أما ما يتعلق بالسؤال عن الآية التي ذكرها في قوله: إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ [ص:23]، فهذه في سياق قصةٍ وقعت على نبي الله داود، فإن الله سبحانه وتعالى ذكر هذه القصة في قوله: وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ * إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ [ص:21-22].. إلخ، فذكر الله هذه القصة مصدراً لها بالاستفهام الدال على التشويق، وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ [ص:21]، أي: دخلوا من السور لا من الباب؛ لأن الباب كان مغلقاً، والمحراب مكان العبادة، وليس هو الذي نعرفه الآن طاق القبلة، ولكنه مكان العبادة ولو كان حجرة مدورة أو مربعة، المهم أنهم لما تسوروا عليه الجدار فدخلوا عليه، فزع منهم؛ لأن ذلك على خلاف العادة، وما خرج عن العادة فطبيعة البشر تقتضي أن يفزع منه، ولا سيما في مثل هذه الصورة، فقالوا له: لا تَخَفْ خَصْمَانِ [ص:22]، يعني: نحن خصمان، بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ [ص:22]، ثم ذكروا القصة: إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ [ص:23]، والنعجة: هي الواحدة من الشياه، فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ [ص:23]، أي: غلبني في خطابه لقوته وفصاحته وبيانه، فقال له داود: لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ [ص:24]، فحكم له داود عليه الصلاة والسلام دون أن يسمع من خصمه، وطريقة الحكم أن لا يحكم الحاكم حتى ينظر ما لدى الخصم، قال الله تعالى: وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ [ص:24]، أي: أيقن أننا اختبرناه بهذه الخصومة، وذلك أنه عليه الصلاة والسلام اشتغل بالعبادة الخاصة عن الحكم بين الناس، فأغلق الباب دونهم، والحاكم ينبغي له أن يكون فاتحاً بابه لمن يأتيه من الخصوم حتى يحكم بينهم، وأيضاً حكم للخصم دون أن يسمع حجة خصمه، وأيضاً تعجل بذلك -أي: بالحكم- قبل سؤال الخصم من أجل أن يرجع إلى عبادته، فعلم عليه الصلاة والسلام أن الله اختبره بهذا، فخر راكعاً وأناب تائباً إلى الله عز وجل، قال الله تعالى: فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ [ص:25].
وما يروى في هذه القصة من أن داود عليه الصلاة والسلام رأى زوجة رجلٍ فأعجبته، فتحيل على الوصول إليها بأن أمره أن يخرج في الغزو ليقتل فيأخذ زوجته، فهذا كذب لا يليق بأدنى واحدٍ من الناس عقلاً وأمانة، فكيف بنبي الله داود عليه الصلاة والسلام؟! وهذه القصة مما دسه اليهود على بعض الناس حتى فسر بها كلام الله عز وجل، فلا يجوز لأحد أن ينزل الآية على ذلك، ولا أن يروي هذا للناس إلا إذا كان يريد أن يبين أنها ضعيفة وباطلة، فهذا لا بأس به، بل هو واجب، لأن الناس قد اشتهر عند كثيرٍ منهم أن هذه القصة هي ما ذكرت، من أن داود أعجبته زوجة رجلٍ من الناس، فتحيل على رجل بأن بعثه للغزو فيقتل فيأخذ زوجته من بعده، وهذا كذبٌ لا يجوز ذكره إلا لمن أراد أن يبين أنه كذب.
السؤال: فضيلة الشيخ! ونحن نتحدث عن عظمه هذا القرآن العظيم، لا شك أن لتلاوة القرآن الكريم آداب يجب أن يتحلى بها القارئ والمستمع، حدثونا عن هذا مأجورين؟
الجواب: نعم. من آداب قراءة القرآن: أن يخلص الإنسان نيته لله تعالى بتلاوته، فينوي بذلك التقرب إلى الله سبحانه وتعالى، حتى لو أراد مع ذلك أن يثبت حفظه إذا كان حافظاً، فإن هذه نيةٌ صالحة لا تنافي الإخلاص لله عز وجل.
ومن الآداب: أن يستحضر الثواب الذي رتب على تلاوة القرآن ليكون محتسباً بذلك على ربه عز وجل، راجياً ثوابه مؤملاً مرضاته.
ومن الآداب أيضاً: أن يكون متطهراً؛ وذلك لأن القرآن من أشرف الذكر، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام في رجلٍ سلم عليه فلم يرد عليه السلام حتى توضأ، قال: (إني لست على وضوء، فأحببت أن لا أذكر الله إلا على طهارة )، ولكن إن كان الإنسان جنباً فإنه لا يجوز أن يقرأ القرآن إلا إذا قرأ شيئاً يريد به الذكر، وهو من القرآن، فلا بأس، أو يريد به الدعاء وهو من القرآن فلا بأس، فلو قال: بسم الله الرحمن الرحيم يريد بذلك البسملة والتبرك بذكر بسم الله، لا يريد التلاوة، فلا بأس بهذا، ولو قال: رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ [آل عمران:8]، يريد بذلك الدعاء لا القراءة فلا بأس، أما إذا كان يريد القراءة فإن القرآن لا تحل قراءته للجنب، وأما من به حدث أصغر فيجوز أن يقرأ القرآن، لكن لا يمس المصحف؛ لأن المصحف لا يمسه إلا طاهر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الكتاب الذي كتبه إلى عمرو بن حزم: (أن لا يمس القرآن إلا طاهر )، والمراد بالطاهر: الطاهر من الحدثين الأصغر والأكبر، ولقول الله تعالى حين ذكر الوضوء والغسل والتيمم، قال: مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ [المائدة:6]، فدل هذا على أن الإنسان قبل الوضوء والغسل والتيمم غير طاهر، وأما من قال: إنه لا يجوز مس المصحف إلا لطاهر، واستدل بقوله تعالى: لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ [الواقعة:79]، فاستدلاله بهذه الآية ضعيف؛ لأن المراد بالمطهرون في الآية الكريمة الملائكة، ولو أراد بالمطهرون، الذين هم على طهارة لقال: إلا المتطهرون أو إلا المطهرون، كما قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ [البقرة:222]، أما من قال: إنه يجوز أن يمس المصحف بدون طهارة مستدلاً بالبراءة الأصلية، وأنه لا دليل على ذلك، وحمل قوله صلى الله عليه وسلم في حديث عمرو بن حزم: (أن لا يمس القرآن إلا طاهر )، على أن المراد بالطاهر المؤمن؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (إن المؤمن لا ينجس )، فجوابه عن ذلك ضعيف؛ لأنه ليس من عادة النبي عليه الصلاة والسلام أن يعبر عن المؤمن بالطاهر، وإنما يعبر عن المؤمن بالإيمان، والواجب حمل خطاب المتكلم على المعهود في كلامه الغالب فيه، لا على أمرٍ لا يقع في كلامه إلا نادراً.
وعلى كل حال فمن آداب قراءة القرآن: أن يكون الإنسان متطهراً.
قال بعض أهل العلم: ومن آداب قراءة القرآن: أن يتسوك عند قراءة القرآن لتنظيف فمه وتطهيره بالسواك، حيث تمر الحروف من هذا الفم، فيحسن أن لا تمر إلا من طريقٍ مطهر.
ومن آداب قراءة القرآن: أن يقرأ بتدبر وتمهل وخشوع بقدر ما يستطيع، فأما حدر القرآن والسرعة فيه فإن كان يؤدي إلى إسقاط الحروف، فإن ذلك حرام؛ لأنه يخرج الكلمات عن صورتها، والحروف عن صورتها، وإن كان لا يؤدي إلى إسقاط الحروف، فإن ذلك لا بأس به، سواءٌ قرأه بالتجويد أو بغير تجويد؛ لأن قراءته بالتجويد من باب تحسين الصوت، وليس من باب الأمر الواجب، فإن حسن صوته بالقرآن بالتجويد فهذا خير، وإن لم يفعل فلا إثم عليه.
أما بالنسبة لاستماع القرآن، فإن من الآداب أن يكون المستمع منصتاً متابعاً للقارئ؛ لقول الله تعالى: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الأعراف:204]، ولا ينبغي للإنسان أن يقرأ القرآن عنده وهو غافلٌ لاهٍ، أو متحدثٌ مع غيره، بل الأفضل والأولى أن يستمع وينصت لتناله الرحمة، وكذلك لا ينبغي للإنسان أن يقرأ القرآن عند قومٍ يرى أنه لا تعجبهم القراءة في ذلك الوقت؛ لأنه في هذا يشق عليهم ويحملهم ما لا يستطيعون، لكن إن رأى منهم محبةً لقراءته أو طلبوا منه ذلك، فهذا طيب، أن يقرأ فيعمر المكان بقراءة القرآن، أما أن يرهقهم بالقراءة وهم لا يريدونها في هذا المكان أو في هذا الوقت، فهذا ليس بجيد، ولا ينبغي للإنسان أن يفعل، ولذلك لم يكن النبي عليه الصلاة والسلام يرهق أصحابه بقراءة القرآن كلما جلس معهم، بل كان عليه الصلاة والسلام يراعي أحوالهم، ويفعل ما يرى أنه أصلح لهم في دينهم ودنياهم، وأنت إذا قرأت على قومٍ لا يحبون قراءة القرآن في هذا المكان، أو في هذا الزمن، فربما تحملهم على كراهة القرآن فيأثمون وتأثم أنت؛ لأنك أنت السبب، ولكن يقرأ القرآن ما ائتلفت عليه القلوب، وأحبته.
ومن آداب القرآن للقارئ والمستمع: إذا مر بآية سجدة أن يسجد، فإن السجود عند آية السجود من السنن المؤكدة، حتى قال بعض أهل العلم: إن السجدة واجبة، ولكن القول الراجح أنها -أعني سجدة التلاوة- ليست بواجبة، إن سجد فقد فعل خيراً، وإن ترك فلا شيء عليه؛ لأنه ثبت في الصحيح عن عمر رضي الله عنه: أنه قرأ على المنبر آية السجدة في سورة النحل، فنزل وسجد، ثم قرأها في الجمعة الأخرى فلم يسجد، وقال: إن الله لم يفرض علينا السجود إلا أن نشاء، لكن إن شئنا سجدنا، وإن شئنا لم نسجد، قال ذلك بمحضرٍ من الصحابة رضي الله عنهم، فالسجود للتلاوة سنة وليس بواجب.
السؤال: في رمضان يكثر القراء لكتاب الله عز وجل، وهذا طيب، وفضله كبير وعظيم، ولكن بعد رمضان قد يهجر هذا القرآن حتى يأتي رمضان الآخر، ويبقى على الرفوف، فماذا تنصحوننا وتنصحون المسلمين بهذا؟
الجواب: ننصح إخواننا المسلمين ولا سيما حفظة القرآن أن يتعهدوا القرآن بالتلاوة؛ لينالوا الأجر، ويكونوا بارتباط مع كلام الله عز وجل، وأن لا يدعوا وقتاً من أوقاتهم إلا ولهم فيه خير من قولٍ أو عمل، وأحث إخواني حفاظ القرآن على تعهده؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بذلك، فقال: (تعاهدوا القرآن، فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفلتاً من الإبل في عقلها )، فينبغي لحفظة القرآن أن لا يهملوه، لأن إهماله والإعراض عنه حتى ينسى قد يكون فيه إثمٌ كبير.
وهنا مسألة أحب أن أنبه عليها، وهي: أن بعض الشباب يتهيب من حفظ القرآن، ويقول: أنا لا أحفظه لأنني أخشى أن أنساه فأكون على إثم، وهذا لا شك أنه من وساوس الشيطان وتثبيطه عن الخير، فأنت يا أخي ما دمت في زمن الشباب، احفظ القرآن، وتعاهده، واستعن بالله عليه، واحرص على ثباته في قلبك، وإذا نسيت آيةً مع الاجتهاد فلا إثم عليك إطلاقاً، فقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى ذات ليلة وقرأ ونسي آيةً من القرآن، فذكره بها أبي بن كعب بعد الصلاة، فقال: (هلا كنت ذكرتنيها )، ومر برجلٍ يقرأ القرآن، فقال: (يرحم الله فلاناً لقد ذكرني آيةً كنت أنسيتها ).
فالحاصل: أن الإنسان إذا اجتهد وحفظ القرآن وتعاهده ثم نسي منه ما نسي فلا إثم عليه بلا شك، فعليك أيها الشاب أن تتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وأن تستعين بالله عز وجل على حفظ كتابه سبحانه وتعالى، وأن تبدأ بحفظ القرآن، وأن تحفظ أوقاتك من إضاعتها بلا فائدة، وفي بلادنا -ولله الحمد- حلقات كثيرة من حلق تعليم القرآن حفظاً ونظراً، فنسأل الله تعالى أن يعم بها جميع بلاد الإسلام، وأن ينفع بها عباده المؤمنين.
السؤال: يبلغ من العمر الخامسة والعشرين، ويقول: بأنني دائماً مريض، وجسمي نحيف جداً، وحالتي الصحية غير جيدة، ورغم هذا فأنا أمارس جميع الشعائر الدينية إلا الصوم، فإنه يتعبني جداً، وإذا أردت أن أصوم قال لي أبي: لا تصم خشيةً على صحتي ورحمةً بي، فماذا أفعل يا فضيلة الشيخ؟ فأنا أعيش في حيرةٍ وقلق وخوف من الله، فماذا يجب علي في مثل هذه الحالة؟ هل عليّ الصيام وأنا غير قادر أم علي الكفارة أفتونا بهذا؟
الجواب: أسأل الله أن يعافيك، وأن يقويك على العبادة، وإذا كنت لا تستطيع أن تصوم رمضان، ويشق ذلك عليك كثيراً، فأطعم عن كل يومٍ مسكيناً؛ لأن هذا هو الواجب على من كان لا يستطيع الصوم لسببٍ لا يرجى زواله، وأنت على الوصف الذي ذكرت من هذا الصنف، فأطعم عن كل يومٍ مسكيناً، ولا تشق على نفسك بالصوم، وأما إذا كنت تستطيع أن تصوم ولكنك تحتاج إلى راحة بالنهار، فصم وأرح نفسك بالنهار، ولا تعمل إلا ما يجب عليك عمله، كشهود الجماعة في المساجد، واستعن بالله عز وجل، وإذا كنت لا تستطيع أن تصوم في أيام الصيف لطول ولشدة الحر في النهار، ولكنك تستطيع أن تصوم في أيام الشتاء، فلا بأس أن تنتظر حتى تصوم في الشتاء.