هذا الحبيب يا محب 54


الحلقة مفرغة

يقول الله في سورة آل عمران: إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ [آل عمران:112]، أي: كتبت عليهم الذلة والمسكنة لا تفارقهم (إلا بحبل من الله)، فإذا اعتصموا بالله وآمنوا به ودخلوا في دينه الإسلام زال الذل والمسكنة عنهم. أو (حبل من الناس) كمعاهدة، وكما هو حبل أوروبا الآن في يد اليهود، ولو انقطع هذا الحبل وقالوا لنا كما قال هتلر: اقتلوهم، لنزل بهم من الذل والمسكنة ما أخبر الله تعالى به.

إذاً: حبل الله هو الإسلام، فإذا أسلموا انتهى الذل والمسكنة، أما إذا كان هناك دولة قوية أو دول سُحرت واستُخدت في نصرتهم، فهم أقوياء بهم أعزة لا بأنفسهم وذاتهم، وهذا كلام الله العزيز.

يبقى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لتقاتلن اليهود ثم لتسلطن عليهم فتقتلوهم، حتى يقول الشجر والحجر: يا مسلم! هذا يهودي ورائي فاقتله، إلا شجر الغرقد فإنه من شجر يهود ). والحديث في صحيح مسلم.

الآن جيوشنا العربية والإسلامية باستثناء هذا الجيش المسلم لا تقام فيهم الصلاة، ويلعبون القمار، ويأكلون ما يأكلون من الحرام .. وقل ما شئت، ويكفرون كفراً إلى عنان السماء، ولا يغضب أحد لذلك، فلو قاتلنا اليهود هل يكذب الشجر والحجر ويقول: يا مسلم! وذاك ما أسلم لله شيئاً، أسألكم بالله هل يكذب الشجر؟ أينطق بقدرة الله وإعلامه ثم يكذب؟ شخص ما أسلم لله شيئاً لا وجهه ولا قلبه، هل يكون مسلماً؟ كيف يكذب الشجر والحجر، ويقول: ( يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله )؟!!

إذاً: أبشروا أن يوماً سيأتي يعود فيه الإسلام والمسلمون، ويتقوى اليهود وتزداد قوتهم وكثرتهم، ثم يسلطنا الجبار عليهم فنقتلهم ونتابعهم، فمن اختبأ تحت شجرة أو حجرة قالت الشجرة أو الحجرة: يا مسلم! هذا يهودي ورائي فاقتله، إلا شجر الغرقد فإنه شجرة اليهود.

وقد بلغني عن إخوان لنا أتوا من فلسطين من سنين أن شجر الغرقد محترم عند إسرائيل كما هو التفاح والعنب، والغرقد شجر فيه شوك مكروه، يوجد عندنا في الغابات، لكنهم يقدسونه؛ لأن اليهودي إذا اختبأ وراءه فإنه لا يفضحه ويقول: يا مسلم! هذا يهودي ورائي فاقتله! ولذلك اليهود في فلسطين المحتلة شجر الغرقد عندهم مبجل محترم. وهذه من أكبر الآيات الدالة على أن محمداً رسول الله.

إذاً: اليهود يقوون ويعظمون ويكثرون ويغلبوننا ويقهروننا ويذلوننا؛ لأننا فسقنا عن أمر ربنا، وخرجنا عن طاعة سيدنا، وعمّتنا الفوضى والخيانة والكذب، فأرانا الله آية من آياته، ثم لما يهدينا ونسلم إليه قلوبنا ووجوهنا في يوم ما من الأيام سنقاتل اليهود ونشفي صدورنا منهم، ويساعدنا على قتلهم الشجر والحجر، اللهم إلا شجر الغرقد.

والعجيب لم لا يؤمنون بمحمد صلى الله عليه وسلم، وعندهم الأدلة والبراهين على صدق نبوته ورسالته، بل عندهم ما لم يكن عند المسلمين؟ السبب أنهم آثروا الدنيا على الآخرة، وغرهم علماؤهم وضللوهم: و قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ [آل عمران:24]، فابقوا على دينكم حتى تظهر رايتكم وتعود مملكتكم من النيل إلى الفرات، بل من الشرق إلى الغرب كما كانت على عهد سليمان عليه الصلاة والسلام.

وسمي البقيع ببقيع الغرقد لكثرة شجر الغرقد فيه. اللهم اجعل دفن عظامنا فيه! اللهم ادفنا واقبرنا في البقيع!. لأن أهله أول من يخرج من الأرض مع نبيهم صلى الله عليه وسلم، فأول من تنشق عنه الأرض الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وأهل البقيع، وآلاف الصحابة وآلاف الصلحاء وآلاف الأولياء .. فلابد وأن تكون فيه بركة، يقول أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: ( من استطاع منكم أن يموت بالمدينة فليمت بها؛ فإني أكون له شهيداً أو شافعاً يوم القيامة )، ومن شهد له الرسول بالصلاح والإيمان هل يعذب؟ من شفع له النبي هل يبقى في الأرض؟ لا، بل يرتفع إلى السماء، ولعل هناك من يقول: هذا الحديث هل عمل به أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟ فنقول: نعم. عمل به عمر رضي الله عنه.

عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه الخليفة الراشد، الذي سن لنا التراويح، وسنها لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي في حجرته فلما فشاهده الصحابة صلوا وراءه ثلاثة أو أربعة، ثم تحدثوا بذلك، قالوا: نحن صلينا البارحة مع النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء في اليوم الثاني ثلاثة أربعة أيضاً وصاروا مجموعة، ثم في اليوم الثالث كذلك، فخرج إليهم النبي صلى الله عليه وسلم وقال: ( لولا أني خشيت أن تفرض عليكم لصليت بكم )، لكن فليصل كل على حدة، فكانوا يصلون جماعة هنا وأخرى هناك على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى عهد أبي بكر كذلك، فجاء عمر ليلة من الليالي ووجد تعدد الجماعات في المسجد، فأمر أبي بن كعب -أعلم أهل القرآن وأحفظهم- أن يصلي بالناس، فاجتمع المسجد كله وراء إمام واحد، ودخل عمر عليهم فقال: (نعمت البدعة هذه، ولكن التي تنامون عنها أفضل)، أي: صلاتك في بيتك أفضل قطعاً، فـ( صلاة المرء في بيته أفضل إلا المكتوبة ) فقط، وأي نافلة في بيتك أفضل منها في مسجد رسول الله أو في المسجد الحرام.

إن عمر مبشر بالجنة، ومن كفّر عمر كفر، والدليل أنه بعد أن انتهت معركة أحد الدامعة، في هذا الوقت وفي المساء أخذ الرسول صلى الله عليه وسلم وهو في جراحاته يزحف إلى جبل أحد حتى ارتقى عليه، وانضم إليه أبو بكر وعمر وعثمان ، فلما جلس على الجبل اضطرب، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: ( اسكن أحد ما عليك إلا نبي وصديق وشهيدان )، ومن يقول هذه سوى رسول الله؟ والله لا يقولها أحد، ولا يقدر على أن يتكلم بالغيب البعيد أحد سواه.

من هذا النبي؟ إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، والصديق من هو؟ إنه أبا بكر رضي الله عنه، والذي يسب أبو بكر ويكرهه ويكفره هل يبقى مسلماً؟ والله ما هو بمسلم، وإنه لمن المخلدين في النار، وهل يوجد من يقول بكفره؟ نعم! وما أكثر الهلكى والمرضى!. إن أبا بكر رضي الله عنه ما ترك غزوة غزاها رسول الله إلا وهو معه، ومع هذا ما كتبت له الشهادة، فمات في بيته بعد سنتين وثلاثة أشهر من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وهو خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الذي جهز جيش أسامة بعد وفاة الحبيب صلى الله عليه وسلم، وهو الذي ضرب أهل الردة، وكسر رءوس من منعوا الزكاة في شرق البلاد وغربها.

مرت به عائشة وهو في سكرات الموت، فقالت بما قال الله عز وجل من سورة ق: وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ [ق:19]، قالتها عائشة وأبوها على فراش الموت حزينة متألمة، ودفن أبو بكر الصديق إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أكرمه بهذا العطاء ربه عز وجل.

والشهيدان هما: عمر وعثمان ، وهل ماتا في فارس أو في بلاد الروم أو في إفريقيا؟ لا، إنما ماتا في المدينة، إذاً كيف يكونان شهيدين؟

إن عمر قتله مجوسي في محرابه، بعد أن خبأ خنجراً مسموماً تحت إبطه، ولما ركع المسلمون وركع عمر بهم أخرجه وطعن به عمر فوقع في المحراب، هذا المجوسي هو أبو لؤلؤة ، دفعه إلى هذا وحمله الحزب الوطني الذي يعمل في الظلام من أجل إعادة دولة الساسانيين وإرجاع تاج كسرى، فما إن سقط عرش كسرى حتى تكون حزب وطني يعمل على الانتقام من الإسلام وأهله؛ ليعيد مجد الساسانيين ودولتهم.

أيها المستمعون! هل بينكم من يرد على هذا الكلام الخرافي؟ من أين لي هذا الكلام؟

لقد كنا أيام الفتُوة والدعوة نوفد من قبل الجامعة الإسلامية للدعوة أيام العطلة في أوروبا، أو في إفريقيا، وبينما كنت يوماً في الدار البيضاء أعطيت جريدة أو مجلة فيها إعلان عن أن الدولة الإيرانية -وكان يرأسها يومئذ الشاه- أقامت ذكرى عامة على مرور ألفين وخمسمائة عام على الدولة الساسانية في جميع سفاراتها وقنصلياتها!! لا إله إلا الله! دولة مسلمة تحتفل بذكرى دولة كافرة احتفالاً رسمياً؟! أيحضر القناصلة المسلمون والسفراء ويأكلون البقلاوة في احتفال عام على التاج الساساني؟! لو أن بلداً عربياً قال: سنقيم ذكرى مرور ألفين سنة وكذا على موت أبي جهل مثلاً، هل ينظر إليه كبلد مسلم؟ أيحتفلون بذكرى أبي جهل عدو الله ورسوله ونقول: مسلمون!!

هذا الحزب الوطني يعمل إلى الآن على إعادة دولة الساسانيين -والله العظيم- وكانت أول رصاصة أطلقت منه لتحط في صدر الإسلام قتله لـعمر رضي الله عنه، ومن ثم انهد ذلك الحصن العجيب، ونزل البلاء بالعالم الإسلامي، وكان أبو لؤلؤة المجوسي عبداً مملوكاً لأحد الصحابة وهو لا يدري عن حاله.

إذاً: عمر شهيد، استشهد في المدينة النبوية.

بقي عثمان بن عفان أي: صاحب النورين، كيف فاز بهذين النورين؟ فاز بهما لأن الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم زوجه ابنته أم كلثوم رضي الله عنها وماتت، ثم زوجه رقية رضي الله عنها وماتت، فأصبح يعرف بـذي النورين ؛ لأنه تزوج بنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، أم كلثوم ورقية ، وقد دفنتا في البقيع رضي الله تعالى عنهما وأرضاهما وألحقنا بهما مسلمين، وقد مات عثمان رضي الله عنه في بيته بعد أن قتله الغوغائيون.

واسمع علامة النبوة: الرسول ثنيته مكسورة، ووجهه مجروح، ورأسه دخل المغفر فيه، يقول: ( اسكن أحد ) أي: لا تضطرب، ( ما عليك إلا نبي وصديق وشهيدان )، وتم الخبر: فـأبو بكر صديق، وعمر وعثمان ، ماتا في بيتهما وكان لليهود أثر في التآمر عليهما.

إذاً: طرد اليهود وأجلوا من المدينة، وكانوا يحلمون حلماً عجيباً، قبل ظهور النبي صلى الله عليه وسلم، كانوا يبيتون يدوكون ليلتهم يقولون: غداً يظهر النبي الخاتم وننتصر به، حتى كانوا إذا أغضبهم العربي قالوا: عما قريب يظهر النبي الخاتم ونقاتلكم وراءه، ونقتلكم قتل عاد وإرم، وقد ذكر الله تعالى هذا في سورة البقرة، قال عز وجل: وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ [البقرة:89]، ومعنى: (يستفتحون) أي: يستنصرون أنه سيأتي نبي يقاتلون وراءه العرب. فلما ظهر أنه من أولاد إسماعيل ليس من أولاد إسحاق قال بنو عمنا: يريدون أن يأخذوها فلن يأخذوها، وكفروا على علم!!

إذاً: الثالوث الأسود المكون من المجوس واليهود والنصارى، حمل راية الزعامة فيه عبد الله بن سبأ الصنعاني اليهودي، وأخذ يفتل وينسج، وجاء بالغوغاوئيين من الديار المصرية ومن الديار العراقية قائلاً: تعالوا هذا الخليفة عثمان يوزع الأموال، وينصب أبناءه وإخوانه المناصب والأمة في جوع. وهذه نغمة اشتراكية.

ومن ثم جاء الغوغائيون والماديون -والذين ما جلسوا في حجور الصالحين- من كل حدب وصوب يطالبون عثمان بأن يخلع نفسه، والأصحاب -تلامذة أبي القاسم- حاروا كيف يفعلون؟ أيسيلون الدماء في مدينة رسول الله؟ وعاشوا أياماً لا تستطيع أن تتصور كربها وأحزانها وآلامها، والغوغائيون الماديون عملاء الماسونية والصليبية والمجوسية في هياج، وكان بعد ذلك أن ذبح عثمان والمصحف بين يديه يتلوه!! وهذه هي شهادته رضي الله عنه، وإذا قلتم: غير شهيد كذبتم نبيكم، أما قال: ( اسكن أحد ما عليك إلا نبي وصديق وشهيدان

من منكم يرغب أن يكون شهيداً ولو مات في بيته؟ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من سأل الشهادة يقيناً أنزله الله منازل الشهداء ولو مات على فراشه )، فمن سأل الله أن يموت شهيداً في صدق، بلغه الله منازل الشهداء وإن مات في بيته وعلى فراشه، وهذه سهلة لكل مؤمن يسأل الله في صدق أن يرزقه إياها.

والآن: أين الجهاد؟ ليس هناك جهاد، اعبدوا الله فقط، صوموا وصلوا، فللجهاد رايته وإمامه، فإذا غزوت تحت تلك الراية وقتلت فأنت شهيد، أما ما يشيعه الخوارج الآن وتلامذتهم في العالم الإسلامي من تكفير الحكومات والعلماء وأتباعهم قائلين: الجهاد! والله ما هو إلا خروج عن ملة الإسلام، وما كان ولن يكون جهاد بدون راية وإمام يقول: اغزوا بسم الله عز وجل؛ ليفتح دور العالم ويضيئها بأنوار الإيمان والإسلام.

إذاً: اسألوا الله تعالى الشهادة يعطيكم أجرها وإن متم على فرشكم.

والذين لا يناسبهم هذا الكلام يقولون: هذا الشيخ عميل! يسموننا علماء السلطان أو السلاطين، ويتغنى بذلك الببغاوات والجهال ويرددونه.

ونعود إلى ما كنا بدأناه من أن عمر رضي الله عنه كان يتمنى أن يموت بالمدينة، فأقول: عمر رضي الله عنه كان يقول: اللهم إني أسألك موتة في بلد رسولك وشهادة في سبيلك، فتعجب منه ابنته أم المؤمنين حفصة وتقول: يا أبتاه! كيف تسأل الشهادة والموت في مدينة رسولك؟! يعني: الشهادة في ذاك الوقت تكون في حدود أوروبا الشرقية أو في شمال إفريقيا، أو فيما وراء نهر السند، فكيف تحصل على الشهادة وأنت في المدينة؟! فيقول: اسكتي يا حفصة الله واسع الفضل العظيم، ما هو شأنك أنت، دعيني أدعو الله عز وجل، واستجاب الله لـعمر واستشهد في مدينة الرسول، وقبر إلى جانبه، ففاز بها؛ فلهذا إن كنتَ صادقاً اسأل الله حتى المحال ولا تعجز فإن الله يعطيك، فقد جمع الله له بين الشهادة والموت في المدينة لـعمر رضي الله عنه.

طوفت بكم هذا التطواف لأنه في صالحنا، فلابد من الوعي والبصيرة والفهم، وما قعد بنا إلا الجهل، هو الذي أخرنا وأوقفنا هذا الموقف الذليل الرخيص أمام اليهود والشرق والغرب؛ لأننا ما عرفنا الله ولا عرفنا كيف نعبده.

قال: [أهم ما وقع من أحداث في السنة الثانية من هجرة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم: لقد تمت أحداث في السنة الثانية كالسنة الأولى من الهجرة، تسجيلها مهم في الناحية التاريخية لاسيما في قضايا النسخ التي يتوقف الحكم بها على معرفة تاريخ وقوعها، وهذه أهم الأحداث التي وقعت في هذه السنة الهجرية المباركة].

أولاً: وفاة عثمان بن مظعون

قال: [أولاً: وفاة عثمان بن مظعون أخي النبي صلى الله عليه وسلم من الرضاع، وقد دفن في البقيع، ووضع النبي صلى الله عليه وسلم حجراً على قبره وقال (أعلم به قبر أخي)] والقبر عندنا لا يرفع أكثر من شبر، ويرفع قدر شبر حتى يميز عن باقي الأرض. إذاً: القباب من قببها؟ إنهم الجهال! وإلا نحن أتباع النبي محمد صلى الله عليه وسلم القبر عندنا لا يرفع أكثر من شبر، وإذا تريد أن تعلمه بحجر لتعرفه ضع عليه حجراً، كما وضع الرسول صلى الله عليه وسلم على قبر أخيه من الرضاع حجراً.

والآن لما ترقينا أصبح الناس يضعون لوحة فيها صورة الميت على قبره، وكذلك تاريخ موته، وهل سألوا أهل العلم فأجازوا لهم هذا؟ ما سألوا أبداً، ولا يريدون أن يسألوا أو يعلموا، وكذلك بنوا القبور بالإسمنت والرخام، ويأتون بباقات الزهور كاليهود والنصارى ويضعونها على القبر، وكأنهم لا يؤمنون بأن العبد في قبره إن كان من أهل الجنة فتح له عنها وقيل له: انظر مقعدك من الجنة، فيسعد سعادة والله ما يسعدها البشر في دنياهم، إن هذا النوع من البشر كأنه لا يؤمن بعذاب القبر ولا بنعيمه ولا يعرف هذا؛ فلهذا يأتون بباقات الزهور كاليهود والنصارى، وما حملهم على هذا إلا الجهل!!

قال: [وكانت وفاته في ذي الحجة] كانت وفاة عثمان بن مظعون في ذي الحجة، الشهر الذي قبل المحرم من آخر السنة الثانية.

ثانياً: تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة الشريفة

قال: [ثانياً: تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة الشريفة] تذكرون أن النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنون صلوا ثلاث سنوات في مكة، ولم تفرض عليهم الصلاة إلا في السنة العاشرة من الهجرة، بعدما رفع النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملكوت الأعلى، منتهياً إلى سدرة المنتهى وعندها جنة المأوى، بل ارتقى إلى مستوى سمع فيه صرير الأقلام، وتأخر جبريل عنه فقال له: تقدم معي، فقال جبريل: لا، فما منا إلا وله مقام معلوم، وكلمه الله كفاحاً بلا واسطة، وسمع كلامه صلى الله عليه وسلم، وتردد عليه حتى اكتملت فرضية الصلوات الخمس.

عجب هذا! فلو قُدّر لك أن تعيش سبعة آلاف وخمسمائة عام وأنت تطلع إلى السموات السبع فلن تصل؛ لأنها سبع سماوات، سمك كل سماء فيها مسيرة خمسمائة عام، وما بين السماء والسماء مسيرة خمسمائة عام كذلك، وقد ارتقى الحبيب صلى الله عليه وسلم إلى الملكوت الأعلى من بيت أم هانئ إلى المسجد الحرام ثم إلى زمزم حيث أجريت له عملية ما كانت البشرية تحلم وقتها بعملية القلوب وشقها، وغسل بماء زمزم قلبه وحشي بالإيمان والحكمة، ثم أسري به إلى بيت المقدس في لحظات، وجمع الله له الأنبياء، فصلى بهم إماماً، فهو إمام المرسلين صلى الله عليه وسلم، ثم عرج به إلى الملكوت الأعلى، وفرضت عليه الصلوات الخمس، وبعد أن عاد تقول أم هانئ بنت أبي طالب : (ما زال فراشه دافئاً لم يبرد). إذاً: كان هذا في الشتاء وإلا كيف ظل فراشه دافئاً لم يبرد، ونحن استنبطنا هذا من قول أم هانئ ، فالمعراج كان في الشتاء لم يكن في الصيف.

ومن ارتاب في هذا فليقرأ قوله تعالى: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى [الإسراء:1]، والسري هو المشي بالليل، والعروج إلى الملكوت الأعلى دلت عليه الآيات الآتية، يقول عز وجل بعد بسم الله الرحمن الرحيم: وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى [النجم:1]، وهذه يمين، والحالف هو الله عز وجل مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى * وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى * مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى * أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى * وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى [النجم:2-15]، فالذي ينكر هذه الرحلة الإلهية السماوية كافر كافر كافر.

والقبلة تحولت من بيت المقدس إلى بيت الله في مكة، فقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنون وهم أقلية إلى الكعبة، والظاهر أنهم كانوا يستقبلون الكعبة من الجهة اليمانية، من جهة الحجر الأسود أو الركن اليماني واستمر ذلك ثلاث سنوات، ثم هاجر الحبيب صلى الله عليه وسلم وسبقه المهاجرون، فصلى إلى بيت المقدس غرب المدينة سبعة عشر شهراً، يعني: سنة وخمسة أشهر، وكان اليهود يطعنون بذلك -وتعرفون بني عمنا- ويقولون: هذا يكفرنا ويصلي إلى قبلتنا!!

المهم كان صلى الله عليه وسلم يتألم وتاقت نفسه إلى أن يستقبل الكعبة، وكانت المدينة في بدايتها، واسمع ما قدم تعالى للأحداث لتهون بعد ذلك: سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ [البقرة:142-143]، وإذا عرفتم إذاعة صوت العرب فكذلك كانت المدينة، فالمنافقون واليهود والمشركون يروجون الخبر العجب العجاب، فقدم الله هذا قبل أن يقع حتى تهدأ نفوس المؤمنين، فقد كانوا يجدون الطعن والسخرية والضحك، يقال: اليوم تحول على القبلة وغداً يتحول عن دينه أيضاً .. فقال الله عز وجل: فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ [البقرة:144] واستقر الوضع وأصبح الذي يصلي إلى بيت المقدس صلاته باطلة.

وقصة مسجد القبلتين معروفة، وقد رأينا اليوم زوار يزورونه، وسمي مسجد القبلتين لأنه الخبر جاء أهله وهم يصلون إلى بيت المقدس في صلاة العصر، فتحولوا عنه إلى الكعبة وهم يصلون. والآن تعال في أي مسجد واعمل هذا، هل يستطيع أهل المسجد أن يدوروا لك في انتظام ويستقبلوا القبلة، والله لا يستطيعون، يحتاجون إلى العسكر يدربوهم، وبهذه وحدها نعرف هبوطنا وعلو أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أسألكم بالله صفين أو ثلاثة كيف يدور الإمام ويدورون معه؟! المهم صلوا ركعتين إلى بيت المقدس وركعتين إلى الكعبة في صلاة العصر، والآن إذا لم تدربهم كالتلاميذ لا يمكن أن يتم هذا، ترى واحد يزحف وواحد يقدم وواحد يقول كيف.. وهكذا، لكن الصحابة لما أقبلوا على الله واستنارت قلوبهم هداهم الله فاستداروا كما هم عليه.

وأهل قباء بلغهم الخبر في صلاة الصبح، بأن الصحابة صلوا العشاء مع رسول الله مستقبلين للكعبة فصلوا إلى الكعبة، وهكذا استتب الأمر، وتغيظ اليهود وكربوا وانتصرت دعوة الله، والله يقول: وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [البقرة:148]، ووجهة أي: قبلة، فاليهود لهم قبلة والنصارى لهم قبلة والمسلمون لهم قبلة، وأخبر تعالى أن اليهود لا يتفقون مع النصارى على قبلتهم، وصدق الله العظيم إلى الآن هل اتفق اليهود والنصارى؟ لا، فالنصارى يصلون إلى مطلع الشمس، واليهود إلى بيت المقدس، سبحان الله العظيم! وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا [البقرة:148]، وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ [البقرة:145]، هل انتقض هذا القرآن؟ هل اتحد اليهود والنصارى على قبلة؟ لا يمكن؛ لأن الله قال: وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ [البقرة:145]، وهذه من دلائل النبوة وصدق الدعوة المحمدية.

ثالثاً: فرض صيام رمضان ونسخ صيام عاشوراء

قال: [ثالثاً: فرض صيام رمضان ونسخ صيام عاشوراء] في السنة الثانية من الهجرة كان الناس يصومون عاشوراء، فلما فرض الله رمضان تركوا عاشوراء وصاموا رمضان. وقد علمتم أن الرسول صلى الله عليه وسلم سأل اليهود عن هذا الصيام، فقالوا: هذا يوم نجا الله فيه موسى وبني إسرائيل فنحن نصومه شكراً لله، فقال: ( نحن أحق بموسى منكم )، ووالله إنه لأحق، فهم مشركون ضلال، فأمر الرسول بصيام يوم عاشوراء وصام أهل المدينة من الأنصار والمهاجرين وصوموا أطفالهم حتى الرضع -الله أكبر! إنه إقبال الصادق على الله- ثم نزل قوله تعالى: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ [البقرة:185] فنسخ الله صيام عاشوراء الذي كان واجباً وبقي مستحباً، وفرض صيام رمضان، وقال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: ( لئن عشت لأصومن التاسع والعاشر )؛ فلهذا يستحب أن نصوم التاسع والعاشر من محرم، على وجه الندب والاستحباب فقط، أما الوجوب انتهى.

قال: [فنسخ وجوب صيام عاشوراء وبقي استحبابه ثابتاً بالسنة النبوية الصحيحة، وأن صيامه يكفر ذنوب سنة ماضية] الجائزة التي يُعطاها من صام يوم عاشوراء أن الله يكفِّر عنه ذنوب سنة ماضية، أما من صام التاسع من ذي الحجة فإن الله يكفِّر عنه ذنوب سنتين: الماضية والآتية، ولا تقل: كيف؟ آمن فقط بأن صيام يوم التاسع من ذي الحجة يكفِّر الله به ذنوب سنتين سنة ماضية وسنة باقية.

رابعاً: مشروعية صلاة العيد وزكاة الفطر، وأنها من سنن الإسلام الواجبة

قال: [رابعاً: مشروعية صلاة العيد وزكاة الفطر، وأنها من سنن الإسلام الواجبة] في هذه السنة -أيضاً- شرعت صلاة العيد وزكاة الفطر، وآية الأعلى تدل على هذا المعنى: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى [الأعلى:14-15]، وتزكى: أي أخرج زكاة الفطر قبل أن يذهب إلى المسجد، ثم تذكر وهو ماش إلى المسجد فكبر: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، ثم صلى صلاة العيد. من فعل هذا أفلح.

وهو دليل على مشروعية زكاة الفطر، وأنها قبل الصلاة، وأن من خرج من بيته يمشي يكبر إلى المسجد أو إلى ساحة الصلاة، ثم يصلي، والآية أعم من هذا.

خامساً: فريضة الزكاة وبيان أنصبتها وشروطها

قال: [خامساً: فريضة الزكاة وبيان أنصبتها وشروطها] فرضت الزكاة في السنة الثانية من الهجرة، وبينت شروطها التي تجب فيها، والمقادير التي إذا بلغها المال زكي.

سادساً: بيان المعاقل وجعلها في كتاب معلقاً بقراب سيف النبي

قال: [سادساً: بيان المعاقل وجعلها في كتاب معلقاً بقراب سيف النبي صلى الله عليه وسلم] والمعاقل جمع عاقلة وهي الدية، فإذا قتل شخص خطأ ووجبت عليه الدية، دفعها أعمامه وإخوانه وأبناء أعمامه وأبناء إخوانه وهؤلاء يسمون العاقلة، إي الورثة من جهة الذكور لا الإناث، يعني: عمته وخالته لا يدخلان في ذلك.

إذاً: هذا بيان العاقلة، وهي وصية مكتوبة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لـعلي بن أبي طالب ، فعندما قالوا له: أنت وصاك الرسول بالأمة، وأنت الخليفة، فقال: والله ما عندي إلا هذه، وأخرجها من قراب سيفه.

سابعاً: وفاة رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم

قال: [سابعاً: وفاة رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم] توفيت رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في السنة الثانية، وكانت تحت عثمان رضي الله عنه.

ثامناً: زواج عثمان بن عفان الخليفة الراشد بأم كلثوم بنت رسول الله

قال: [ثامناً: زواج عثمان بن عفان الخليفة الراشد بـأم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم] تزوج عثمان في السنة الثانية من بنت الرسول صلى الله عليه وسلم أم كلثوم وأمها هي خديجة بنت خويلد رضي الله عنها [بعد وفاة أختها رقية رضي الله عنهما وأرضاهما] أي: لما ماتت رقية زوجه الرسول صلى الله عليه وسلم أختها بعد فترة من الزمن.

تاسعاً: وصول زينب بنت رسول الله مهاجرة من مكة إلى المدينة

قال: [تاسعاً: وصول زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم مهاجرة من مكة إلى المدينة النبوية] في السنة الثانية من الهجرة جاءت زينب مهاجرة من مكة إلى المدينة، وقد كانت عند أبي العاص بن الربيع .

عاشراً: إسلام أبي العاص بن الربيع

قال: [عاشراً: إسلام أبي العاص بن الربيع ] زوج زينب [ورد رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه زوجته زينب رضي الله عنها] كما درسنا.

الحادي عشر: تزوج علي رضي الله عنه بـفاطمة بنت رسول الله

قال: [الحادي عشر: تزوج علي رضي الله عنه بـفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم] في السنة الثانية أيضاً تزوج علي بـفاطمة كما تزوج عثمان بـأم كلثوم .

الثاني عشر: أول صلاة عيد وأضحيته

قال: [الثاني عشر: أول صلاة عيد وأضحيته كانت في هذه السنة؛ إذ صلى بهم الرسول صلى الله عليه وسلم وضحى، وضحى أصحابه من أهل اليسار معه] صلاة عيد الأضحى وصلاة عيد الفطر كانت في السنة الثانية.

الثالث عشر: الآية النبوية المتمثلة في إخبار النبي عن قاتل علي بن أبي طالب أنه أشقى الناس

قال: [الثالث عشر: آية نبوة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم إذ قال: ( ألا أخبركم بأشقى الناس رجلين؟ )] و(ألو) تعرفونها، فهي معروفة عندنا، فالأولاد الصغار يقولون: ألو ألو، فمن أين (ألو) هذه؟ هل وجدت مع التلفون هكذا؟ لقد سبق القرآن بها قبل عشرات القرون: فـ(ألا) أداة استفتاح وتنبيه، ينبه بها المخاطب رجاله [( قالوا: بلى يا رسول الله! قال: أحيمر ثمود عاقر الناقة )] وثمود قوم صالح في الشمال، ومن عقر الناقة منهم كان أحيمراً، يعني: وجهه أحمر، يقال له: قدار بن سالف [( والذي يضربك يا علي على هذه -ووضع يده على رأسه- حتى تبتل هذه -ووضع يده على لحيته- )] والذي قتل علياً خارجي من الخوارج، قال: علي كافر! كيف يحكم أبا موسى الأشعري وعمرو بن العاص ، والله يقول: إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ [يوسف:67]، وهذه الأغنية هي التي يتغنى بها خوارج اليوم أيضاً. وهي آية من آيات النبوة [وكان الأمر كما أخبر إذ ضرب علياً أحد الخوارج على رأسه فقتله] في الكوفة.

وقلنا إنه قتله؛ لأنه يعتقد أن علياً كافر؛ لأنه حكَّم في قضيته مع معاوية أبا موسى الأشعري وعمرو بن العاص والحكم إنما هو لله، وهذه الأغنية ما زالت حية إلى الآن! قالوا: إن الحكَّام كفار؛ لأنهم لا يحكِّمون الله، والعلماء وافقوهم فهم كفار أيضاً، وأنتم أيها الشعوب رضيتم وسكتم فأنتم كفار كذلك، فلم يبق مؤمن على وجه الأرض إلا هم، يعني فقط الذي يكفر الناس هو المسلم!

يا عباد الله! يخبر الرسول عن هذه الحادثة قبل أربعين سنة من مقتل علي رضي الله عنه، وأن أشقى رجل في الدنيا مع الأحيمر قدار بن سالف هو قاتل علي رضي الله عنه.

والله تعالى أسأل أن يلهمنا رشدنا، وأن يعلمنا ما جهلنا، وأن يرضى عنا كما رضي عن أصحاب رسولنا.

وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه ..