شرح ألفية ابن مالك [37]


الحلقة مفرغة

تعريف الاستثناء

الاستثناء مأخوذ من الثني وهو العطف، لأن فيه رجوعاً إلى كلام سابق، فكأنك انعطفت إلى الكلام السابق.

وهو في الاصطلاح: إخراج ما لولاه لدخل في الكلام بـ(إلا) أو إحدى أخواتها.

مثال ذلك: حفظ الطلبة الدرسَ، فهذا يفيد أن كل الطلبة حفظوا الدرس، فتقول: إلا زيداً، وزيد من الطلبة فأخرجت زيداً من الحكم السابق بـ(إلا).

وقوله: (أو إحدى أخواتها) أي: مثل "سوى وغير وحاشا".

النحويون لا يعتنون بمعنى الاستثناء وشروط الاستثناء وما إلى ذلك، وإنما يعتني به البلاغيون أو الأصوليون، فالنحويون يقولون: ما علينا إلا إصلاح اللسان، فالنحوي يخبرك بالذي ينصب والذي لا ينصب بعد إلا.

والمؤلف رحمه الله بيَّن ذلك بياناً كافياً في كلمات قيل إنها معقدة، والظاهر من الشرح أنها لم تكن معقدة.

الاستثناء مأخوذ من الثني وهو العطف، لأن فيه رجوعاً إلى كلام سابق، فكأنك انعطفت إلى الكلام السابق.

وهو في الاصطلاح: إخراج ما لولاه لدخل في الكلام بـ(إلا) أو إحدى أخواتها.

مثال ذلك: حفظ الطلبة الدرسَ، فهذا يفيد أن كل الطلبة حفظوا الدرس، فتقول: إلا زيداً، وزيد من الطلبة فأخرجت زيداً من الحكم السابق بـ(إلا).

وقوله: (أو إحدى أخواتها) أي: مثل "سوى وغير وحاشا".

النحويون لا يعتنون بمعنى الاستثناء وشروط الاستثناء وما إلى ذلك، وإنما يعتني به البلاغيون أو الأصوليون، فالنحويون يقولون: ما علينا إلا إصلاح اللسان، فالنحوي يخبرك بالذي ينصب والذي لا ينصب بعد إلا.

والمؤلف رحمه الله بيَّن ذلك بياناً كافياً في كلمات قيل إنها معقدة، والظاهر من الشرح أنها لم تكن معقدة.

يقول المؤلف: (ما استثنت الا مع تمام ينتصب):

ما: اسم موصول بمعنى الذي.

واستثنت: بمعنى أخرجت بالاستثناء.

وإلا: فاعل استثنت، وجعلت همزتها همزة وصل من أجل الحفاظ على وزن البيت.

مع تمام: حال من (إلا).

وقوله ينتصب: الجملة خبر (ما) في قوله: (ما استثنت).

ومعناه: أن الذي تستثنيه إلا مع التمام ينتصب.

ومعنى التمام وجود ركني الجملة قبل إلا، وهما الفعل والفاعل، أو الفعل ونائب الفاعل، أو المبتدأ والخبر، يعني: إذا جاءت إلا بعد جملة تامة فما بعدها يكون منصوباً.

وبقي عليه قيد واحد لم يذكره لكنه يفهم مما يأتي بعد، وهو الإيجاب، فما استثنت إلا مع تمام وإيجاب فإنه يجب نصبه.

ومعنى الإيجاب: ألا يكون مسبوقاً بنفي أو شبهه، مثاله: قام القوم إلا زيداً.

قام: فعل ماض.

القوم: فاعل.

وبهذا تمت الجملة، وهي موجبة، أي مثبتة غير منفية، فيجب نصب ما بعد إلا.

لو قلت: قام القوم إلا زيدٌ. لقلنا: لا يجوز.

قال تعالى: فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ [البقرة:249] (فشربوا منه) جملة تامة موجبة جاء المستثنى بعدها منصوباً (إلا قليلاً).

إذاً: يشترط لنصب المستثنى بعد إلا شرطان:

1- تمام الجملة.

2- وكون الكلام موجباً.

أمثلة: جاء الرجال إلا عمراً، قرأت الكتاب إلا ورقةً، أضيئت اللمبات إلا واحدة، الناس هالكون إلا المؤمنين، جاء القوم إلا سيارةً.

ما دام الكلام تاماً ولم يسبق بنفي أو شبهه فما بعد إلا منصوبة.

يقول المؤلف: (ما استثنت الا مع تمام ينتصب):

ما: اسم موصول بمعنى الذي.

واستثنت: بمعنى أخرجت بالاستثناء.

وإلا: فاعل استثنت، وجعلت همزتها همزة وصل من أجل الحفاظ على وزن البيت.

مع تمام: حال من (إلا).

وقوله ينتصب: الجملة خبر (ما) في قوله: (ما استثنت).

ومعناه: أن الذي تستثنيه إلا مع التمام ينتصب.

ومعنى التمام وجود ركني الجملة قبل إلا، وهما الفعل والفاعل، أو الفعل ونائب الفاعل، أو المبتدأ والخبر، يعني: إذا جاءت إلا بعد جملة تامة فما بعدها يكون منصوباً.

وبقي عليه قيد واحد لم يذكره لكنه يفهم مما يأتي بعد، وهو الإيجاب، فما استثنت إلا مع تمام وإيجاب فإنه يجب نصبه.

ومعنى الإيجاب: ألا يكون مسبوقاً بنفي أو شبهه، مثاله: قام القوم إلا زيداً.

قام: فعل ماض.

القوم: فاعل.

وبهذا تمت الجملة، وهي موجبة، أي مثبتة غير منفية، فيجب نصب ما بعد إلا.

لو قلت: قام القوم إلا زيدٌ. لقلنا: لا يجوز.

قال تعالى: فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ [البقرة:249] (فشربوا منه) جملة تامة موجبة جاء المستثنى بعدها منصوباً (إلا قليلاً).

إذاً: يشترط لنصب المستثنى بعد إلا شرطان:

1- تمام الجملة.

2- وكون الكلام موجباً.

أمثلة: جاء الرجال إلا عمراً، قرأت الكتاب إلا ورقةً، أضيئت اللمبات إلا واحدة، الناس هالكون إلا المؤمنين، جاء القوم إلا سيارةً.

ما دام الكلام تاماً ولم يسبق بنفي أو شبهه فما بعد إلا منصوبة.

ترجيح الإتباع على النصب في الجملة التامة المنفية

قال المؤلف رحمه الله تعالى: (وبعد نفي او كنفي انتخب، إتباع ما اتصل وانصب ما انقطع) النفي إما بما أو بلا، والذي كالنفي هو النهي والاستفهام، وانتخب بمعنى اختير.

والذي اختير هو إتباع ما اتصل،أي: أن يكون تابعاً لما قبل إلا في الإعراب، فإن كان الذي قبل إلا مرفوعاً فهو مرفوع، وإن كان منصوباً فهو منصوب، وإن كان مجروراً فهو مجرور.

قوله: (إتباع ما اتصل وانصب ما انقطع) ما هو المنقطع والمتصل في الاستثناء؟

يقولون: إذا كان المستثنى من جنس المستثنى منه فهو متصل، وإذا كان من غير جنسه فهو منقطع.

فهمنا من كلام المؤلف أنه إذا كان الكلام تاماً مسبوقاً بنفي أو شبهه فلا يخلو إما أن يكون المستثنى متصلاً أو منقطعاً؛ فإن كان متصلاً فالمختار إتباعه بما سبق إلا، وإن كان منقطعاً وجب نصبه، ولهذا قال: (وانصب ما انقطع) وانصب: فعل أمر، والأمر للوجوب.

فإذا قلت: ما قام القوم إلا زيد. فهو تام منفي، فالمختار الإتباع وهو رفع المستثنى (زيد) تبعاً للمستثنى منه (القوم)، لأن الاستثناء متصل، ويجوز النصب على الاستثناء لكنه مرجوح.

ما: نافية.

قام: فعل ماض.

أحد: فاعل.

إلا: أداة استثناء.

زيدٌ: بدل من أحد.

ما قرأت في كتاب إلا شرح ابن عقيل :

ما: نافية.

قرأت: فعل وفاعل.

في: حرف جر.

كتاب: اسم مجرور.

إلا: أداة استثناء.

شرحِ ابن عقيل : شرحِ: بدل من كتاب مجرور، وعلامة جرة الكسرة الظاهرة في آخره، وهو مضاف وابن مضاف إليه، وابن مضاف وعقيل مضاف إليه.

وإذا قلت: ما قرأت كتاباً إلا شرحَ ابن عقيل .

فاللفظ لا يختلف؛ لكن هل تقول إن (شرحَ) منصوب على الاستثناء أو منصوب على البدلية؟ كلاهما جائزان، لكن الراجح البدلية، لأن الاستثناء متصل والجملة تامة منفية.

وجوب نصب المستثنى في الاستثناء المنقطع عند غير تميم

والحاصل أنه إذا كان الكلام تاماً موجباً وجب نصب المستثنى على كل حال.

وإن كان الكلام تاماً منفياً ففيه تفصيل: فإن كان الاستثناء متصلاً جاز النصب على الاستثناء، وجاز الإتباع وهو المختار.

وإن كان الاستثناء منقطعاً وجب النصب، ومن أمثلة هذا القسم الأخير: ما قام القوم إلا حماراً. فيجب النصب لأن (إلا) بمعنى (لكن) فالمعنى: ما قام القوم لكنَّ حماراً قام، فيقولون: الاستثناء المنقطع تكون فيه (إلا) بمعنى لكن، ولكن تنصب المبتدأ اسماً لها.

قال المؤلف: (وعن تميم فيه إبدال وقع) أي: التميميون يقولون: يجوز أن تجعل المنقطع منصوباً على الاستثناء وأن تجعله تابعاً على البدلية، يعني: لا يفرقون بين المتصل والمنقطع إلا في الترجيح، فهم يرجحون الإبدال في المتصل ويرجحون النصب في المنقطع، فالفرق بينهم وبين الحجازيين أن الحجازيين يوجبون النصب في المنقطع وهؤلاء يرجحونه.

والدليل على أنهم يرجحونه أنه قال: (وعن تميم فيه إبدال) أي: وإلا فالراجح عندهم النصب على الاستثناء.

ترجيح نصب المستثنى إذا تقدم في الجملة التامة المنفية

قوله:

(وغير نصب سابق في النفي قد يأتي ولكن نصبه اختر إن ورد)

غير: مبتدأ، وجملة "قد يأتي" خبره.

وقوله: (وغير نصب سابق في النفي قد يأتي) غير نصب السابق هو الإتباع.

والنفي قد تقدم، يقول المؤلف: وغير نصب سابق في حال النفي قد يأتي ولكن نصبه اختر إن ورد، يعني: دون الإتباع.

وقوله: (غير نصب سابق في النفي) متعلقة بـ(يأتي) والمعنى: قد يأتي في النفي غير نصب السابق.

مثاله: ما قام الناس إلا زيداً. فالمستثنى هنا متأخر، وإذا تأخر المستثنى في الاستثناء التام المنفي فالمختار الإتباع مثلما قال: (وبعد نفي أو كنفي انتخب إتباع ما اتصل)، أما إذا سبق المستثنى في التام المنفي فإنه يجوز الإتباع ويجوز النصب وهو معنى قوله: (وغير نصب سابق في النفي قد يأتي) وغير النصب هو الإتباع، ولكن النصب أرجح، ولذا قال: (ولكن نصبه اختر إن ورد).

فكأن المؤلف يقول: بعد نفي أو كنفي انتخب إتباع ما اتصل ما لم يسبق المستثنى المستثنى منه.

مثاله: ما قام إلا زيداً الناسُ، فهنا "زيد" سابق، فغير نصبه قد يأتي وهو الإتباع، لكن نصبه أولى كما في المثال.

والإتباع أن تقول: ما قام إلا زيدٌ الناس.

وإعرابه:

ما: نافية.

قام: فعل ماض.

إلا: أداة حصر.

زيدٌ: فاعل.

الناس: بدل، لكن بعضهم يقول: بدل مقلوب، وأصله: ما قام الناس إلا زيدٌ، وبعضهم يقول: بدل كل من بعض، وأن بدل الكل من البعض وارد في اللغة العربية، ومنه قول الشاعر:

رحم الله أعظماً دفنوها بسجستان طلحة الطلحات

فطلحة الطلحات بدل من (أعظماً) والأعظم إنما هي جزء منه، لكنه بدل كل من بعض.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: (وبعد نفي او كنفي انتخب، إتباع ما اتصل وانصب ما انقطع) النفي إما بما أو بلا، والذي كالنفي هو النهي والاستفهام، وانتخب بمعنى اختير.

والذي اختير هو إتباع ما اتصل،أي: أن يكون تابعاً لما قبل إلا في الإعراب، فإن كان الذي قبل إلا مرفوعاً فهو مرفوع، وإن كان منصوباً فهو منصوب، وإن كان مجروراً فهو مجرور.

قوله: (إتباع ما اتصل وانصب ما انقطع) ما هو المنقطع والمتصل في الاستثناء؟

يقولون: إذا كان المستثنى من جنس المستثنى منه فهو متصل، وإذا كان من غير جنسه فهو منقطع.

فهمنا من كلام المؤلف أنه إذا كان الكلام تاماً مسبوقاً بنفي أو شبهه فلا يخلو إما أن يكون المستثنى متصلاً أو منقطعاً؛ فإن كان متصلاً فالمختار إتباعه بما سبق إلا، وإن كان منقطعاً وجب نصبه، ولهذا قال: (وانصب ما انقطع) وانصب: فعل أمر، والأمر للوجوب.

فإذا قلت: ما قام القوم إلا زيد. فهو تام منفي، فالمختار الإتباع وهو رفع المستثنى (زيد) تبعاً للمستثنى منه (القوم)، لأن الاستثناء متصل، ويجوز النصب على الاستثناء لكنه مرجوح.

ما: نافية.

قام: فعل ماض.

أحد: فاعل.

إلا: أداة استثناء.

زيدٌ: بدل من أحد.

ما قرأت في كتاب إلا شرح ابن عقيل :

ما: نافية.

قرأت: فعل وفاعل.

في: حرف جر.

كتاب: اسم مجرور.

إلا: أداة استثناء.

شرحِ ابن عقيل : شرحِ: بدل من كتاب مجرور، وعلامة جرة الكسرة الظاهرة في آخره، وهو مضاف وابن مضاف إليه، وابن مضاف وعقيل مضاف إليه.

وإذا قلت: ما قرأت كتاباً إلا شرحَ ابن عقيل .

فاللفظ لا يختلف؛ لكن هل تقول إن (شرحَ) منصوب على الاستثناء أو منصوب على البدلية؟ كلاهما جائزان، لكن الراجح البدلية، لأن الاستثناء متصل والجملة تامة منفية.

والحاصل أنه إذا كان الكلام تاماً موجباً وجب نصب المستثنى على كل حال.

وإن كان الكلام تاماً منفياً ففيه تفصيل: فإن كان الاستثناء متصلاً جاز النصب على الاستثناء، وجاز الإتباع وهو المختار.

وإن كان الاستثناء منقطعاً وجب النصب، ومن أمثلة هذا القسم الأخير: ما قام القوم إلا حماراً. فيجب النصب لأن (إلا) بمعنى (لكن) فالمعنى: ما قام القوم لكنَّ حماراً قام، فيقولون: الاستثناء المنقطع تكون فيه (إلا) بمعنى لكن، ولكن تنصب المبتدأ اسماً لها.

قال المؤلف: (وعن تميم فيه إبدال وقع) أي: التميميون يقولون: يجوز أن تجعل المنقطع منصوباً على الاستثناء وأن تجعله تابعاً على البدلية، يعني: لا يفرقون بين المتصل والمنقطع إلا في الترجيح، فهم يرجحون الإبدال في المتصل ويرجحون النصب في المنقطع، فالفرق بينهم وبين الحجازيين أن الحجازيين يوجبون النصب في المنقطع وهؤلاء يرجحونه.

والدليل على أنهم يرجحونه أنه قال: (وعن تميم فيه إبدال) أي: وإلا فالراجح عندهم النصب على الاستثناء.