مختصر التحرير [64]


الحلقة مفرغة

قال: [ والسبع متواترة ] يعني: القراءات السبع متواترة، أي: نقلت بالتواتر، لكنها في الحقيقة بالنسبة للعالم الإسلامي متفرقة، تجد من الناس من يقرأ بقراءة فلان، ومن الناس من يقرأ بقراءة فلان، لكن لو قرأ الإنسان بالقراءات كلها فلا حرج، بل نرى من الأفضل والسنة أن يتعلم الإنسان هذه القراءات السبع ليكون محيطاً بها؛ لأن الأفضل أن تقرأ مرة بهذه القراءة، ومرة بهذه القراءة؛ لأن الكل سنة ثابت عن رسول لله صلى الله عليه وسلم، ولكن مع هذا إذا شق عليك أو خفت من الفتنة فاقرأ بقراءة واحدة، قراءة البلد الذي تعيش فيه؛ لأننا لو جاء إنسان من المغرب وأراد أن يقرأ بقراءة ورش عندنا وحوله عامة لما مكنوه من هذا، ولو جاء بالمصحف الذي يقرأ به والمكتوب على قاعدة المغرب لمزقوه، لأن العوام هوام؛ لأن الكتابة تختلف اختلافاً بيناً، أظنهم لا يجعلون على القاف نقطتين، يجعلون عليه نقطة واحدة، فإذا قال مثلاً العامي وجاء بالمصحف: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] وإذا هي: فل، لا يملك نفسه أبداً، يقول: هذا الكتاب محرف، ثم يمزقه، فالعوام إذا كان هناك شيء يشكل -وخصوصاً في هذا لأنه عقيدة وقرآن- ينبغي -إن لم نقل يجب- أن يتجنبه الإنسان.

يقول المؤلف: (السبع متواترة) يعني: منقولة بالتواتر ولله الحمد، ينقلها الصغير عن الكبير حتى وصلت إلينا، لم تختلف كما اختلفت الصحف السابقة.

صحة الصلاة بما وافق مصحف عثمان رضي الله عنه

قال: [ ومصحف عثمان أحد الحروف السبعة، فتصح الصلاة بما وافقه ].

مصحف عثمان أحد الحروف السبعة، يشير إلى ما ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: ( أنزل القرآن على سبعة أحرف )، فما هذه الأحرف؟ الأحرف ليست هي القراءات السبع، القراءات السبع في حرف واحد وهو حرف قريش، لكن الحروف السبعة حروف لغات، وكان العرب في أول الإسلام لا يتمكن الإنسان من أن يغير لهجته، صعب عليه كما هو الواقع اليوم، الآن لو تذهب إلى جنوب المملكة وجدت عندهم لهجة، ولا يستطيعون أن يتكلموا بلغة أهل القصيم، وأهل القصيم أيضاً لا يستطيعون، فمن أجل التيسير على الأمة رخص الله عز وجل في أن يقرأه الناس على حسب لغاتهم، لكن المعنى لا يختلف.

وبقي الأمر كذلك حتى كانت خلافة عثمان رضي الله عنه، فبدأ الناس في الأقطار يقرءونها على هذه الأحرف فحصلت فتنة، فأشير على عثمان رضي الله عنه أن يجمع الناس على حرف واحد، فجمع الناس على حرف واحد وهو حرف قريش، أي: لغة قريش.

والحمد لله أن الله وفق أمير المؤمنين لهذا العمل؛ لأنه لو بقي إلى اليوم كان النزاع السابق الذي في القرن الأول سيكون في القرن الأخير أشد وأكثر، لكن من رحمة الله بهذه الأمة ومن حمايته وحفظه لكتابه أن يسر الله على يد هذا الخليفة الراشد أن يجمع على حرف واحد، فجمع، والله أعلم.

وما ذكرنا أن من الرحمة وإقامة الحجة على الأمة أن الله سخر أو أن الله هدى الخليفة الراشد عثمان رضي الله عنه لجمعه على حرف واحد، أي: على لغة قريش، ولهذا قال: (أحد الحروف السبعة) والباقي؟

نقول: الباقي الآن مجهول، ولا يمكن أن يقرأ بأي حرف منه؛ لأن القرآن لا يمكن أن يعتمد إلا إذا نقل نقلاً متواتراً، أو خبر آحاد صحيح، وهذا لا يمكن في القراءات السبع، بل في القراءات الست؛ لأنها ذهبت من حين ما أحرق عثمان المصاحف رضي الله عنه، إلا المصحف العثماني، فذهبت ونسيت.

يقول: [ فتصح الصلاة بما وافقه وصح وإن لم يكن من العشرة ] يعني: تصح الصلاة بكل قراءة وافقت مصحف عثمان وصح سنده..

فكل ما وافق وجه النحو وكان للرسم احتمال يحوي

وصح إسناداً هو القرآن فهذه الثلاثة الأركان

أي: هذه الأركان الثلاثة لصحة القراءة: أن يكون موافقاً للمصحف العثماني في النحو، يعني: في الإعراب، والثاني: أنه يحتوي للفظ كله، والثالث: أن يصح نقله.

وعلى كل حال القراءات السبع محفوظة والقراءات العشر محفوظة، فما وافقها وإن كان بسند آخر فإنه صحيح.

حكم قراءات الآحاد التي لا توافق الرسم العثماني

قال: [ والسبع متواترة .. إلخ ]، ثم قال: [ وغير متواتر وهو ما خالفه ليس بقرآن، ولا تصح به ].

يعني: وكذلك القرآن غير متواتر، وهو ما نقل بخبر الآحاد، هذا الغير متواتر يقول ليس بقرآن، وظاهر كلامه: ولو صح سنده.

أحياناً تصح القراءة عن صحابي لكن ليست موافقة لمصحف عثمان ، فيقول المؤلف: إنه ليس من القرآن، فلا تصح الصلاة به، ومن ذلك قراءة عبد الله بن مسعود في كفارة الأيمان: (فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام متتابعة) فإن كلمة: (متتابعة) من قراءة عبد الله بن مسعود وليست متواترة؛ لكنها صحيحة، فيقول المؤلف: إن هذا ليس بقرآن ولا تصح الصلاة به؛ لأنه ليس من القرآن المتواتر.

وذهب بعض العلماء إلى أنه من القرآن وتصح الصلاة به، فإنه إذا كانا ننسب الحديث القدسي إلى الرسول عليه الصلاة والسلام ثم إلى الله وهو من أخبار الآحاد، فكذلك القرآن ولا سيما إذا كان من قراءة عبد الله بن مسعود ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أوصانا باتباع قراءته، فقال: ( من أراد أن يقرأ القرآن غضاً كما أنزل -أو قال طرياً كما أنزل- فليقرأ بقراءة ابن أم عبد )، يعني: عبد الله بن مسعود ، فإذا صح السند إلى عبد الله بن مسعود أنه قرأ بهذه القراءة فالقول الراجح أنه قرآن، وأن الصلاة تصح به لأنه قرآن صح إلى عبد الله بن مسعود ، لكن المؤلف يرى أن ما خرج عن القراءات السبع ولم يوافقها فليس بقرآن؛ لأنها هي التي نقلت إلينا نقلاً متواتراً.

قال: [ وما صح منه حجة ].

وهذا من الغرائب.. ما صح من غير المتواتر فهو حجة يحتج به في الأحكام، بل ويحتج به في العقائد؛ لأنه صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا قد يقول قائل: إنه تناقض، كيف نحتج به ونقول: ليس بقرآن؛ لأن الاحتجاج به فرع عن كونه قرآناً؟

ولكنهم أجابوا بأن القرآن يحتاج إلى تواتر؛ لأن الله قال: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر:9]، وخبر الآحاد عند أكثر المتكلمين لا يفيد إلا الظن، والظن يوجب العمل وإن كانوا أيضاً لا يحتجون به في العقيدة.

ولكن الصحيح أن هذا القول -أعني أنه يحتج به- حجة على من قال إنه لا تصح القراءة به، لأننا نقول: إذا جعلتموه حجة فإنه يلزم من هذا أن تصح القراءة به، وهذا هو الصحيح أنه حجة وأنها تصح القراءة به إذا صح.

قال: [ وتكره قراءته ] وهذا من العجائب، شيء يكون حجة علينا عند الله وهو يكره أن يقرأ، يقولون: لأنه إذا صحت القراءة به ثبت معناه، أما اللفظ فلا نقرأ به، والصحيح أن القراءة به لا تكره؛ لأنه صح سنده إلى من قرأ به إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

قال: [ ومصحف عثمان أحد الحروف السبعة، فتصح الصلاة بما وافقه ].

مصحف عثمان أحد الحروف السبعة، يشير إلى ما ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: ( أنزل القرآن على سبعة أحرف )، فما هذه الأحرف؟ الأحرف ليست هي القراءات السبع، القراءات السبع في حرف واحد وهو حرف قريش، لكن الحروف السبعة حروف لغات، وكان العرب في أول الإسلام لا يتمكن الإنسان من أن يغير لهجته، صعب عليه كما هو الواقع اليوم، الآن لو تذهب إلى جنوب المملكة وجدت عندهم لهجة، ولا يستطيعون أن يتكلموا بلغة أهل القصيم، وأهل القصيم أيضاً لا يستطيعون، فمن أجل التيسير على الأمة رخص الله عز وجل في أن يقرأه الناس على حسب لغاتهم، لكن المعنى لا يختلف.

وبقي الأمر كذلك حتى كانت خلافة عثمان رضي الله عنه، فبدأ الناس في الأقطار يقرءونها على هذه الأحرف فحصلت فتنة، فأشير على عثمان رضي الله عنه أن يجمع الناس على حرف واحد، فجمع الناس على حرف واحد وهو حرف قريش، أي: لغة قريش.

والحمد لله أن الله وفق أمير المؤمنين لهذا العمل؛ لأنه لو بقي إلى اليوم كان النزاع السابق الذي في القرن الأول سيكون في القرن الأخير أشد وأكثر، لكن من رحمة الله بهذه الأمة ومن حمايته وحفظه لكتابه أن يسر الله على يد هذا الخليفة الراشد أن يجمع على حرف واحد، فجمع، والله أعلم.

وما ذكرنا أن من الرحمة وإقامة الحجة على الأمة أن الله سخر أو أن الله هدى الخليفة الراشد عثمان رضي الله عنه لجمعه على حرف واحد، أي: على لغة قريش، ولهذا قال: (أحد الحروف السبعة) والباقي؟

نقول: الباقي الآن مجهول، ولا يمكن أن يقرأ بأي حرف منه؛ لأن القرآن لا يمكن أن يعتمد إلا إذا نقل نقلاً متواتراً، أو خبر آحاد صحيح، وهذا لا يمكن في القراءات السبع، بل في القراءات الست؛ لأنها ذهبت من حين ما أحرق عثمان المصاحف رضي الله عنه، إلا المصحف العثماني، فذهبت ونسيت.

يقول: [ فتصح الصلاة بما وافقه وصح وإن لم يكن من العشرة ] يعني: تصح الصلاة بكل قراءة وافقت مصحف عثمان وصح سنده..

فكل ما وافق وجه النحو وكان للرسم احتمال يحوي

وصح إسناداً هو القرآن فهذه الثلاثة الأركان

أي: هذه الأركان الثلاثة لصحة القراءة: أن يكون موافقاً للمصحف العثماني في النحو، يعني: في الإعراب، والثاني: أنه يحتوي للفظ كله، والثالث: أن يصح نقله.

وعلى كل حال القراءات السبع محفوظة والقراءات العشر محفوظة، فما وافقها وإن كان بسند آخر فإنه صحيح.