مختصر التحرير [29]


الحلقة مفرغة

تعريف الحكم الشرعي

ثم قال المؤلف: [فصل: الحكم الشرعي مدلول خطاب الشرع].

تعرفون أن هذا الكتاب أصول الفقه، والفقه هو معرفة الأحكام الشرعية العملية، إذاً لا بد أن نعرف ما هو الحكم؟ يقول: (فصل: الحكم الشرعي مدلول خطاب الشرع)، وكلمة (الشرعي) قيد؛ لأن هناك حكماً عقلياً وحكماً عادياً، فالحكم العقلي مدلول العقل، أي: ما دل عليه العقل، والحكم العادي ما دلت عليه العادة، أقبلت إلى مسجد ووجدت عنده سيارات كثيرة خلاف العادة تحكم بأن فيه محاضرة، أو جنازة؛ لأن العادة أن الناس لا يتجمعون إلا لمثل ذلك.

شرب إنسان شراباً مسهلاً للبطن، نقول: هذا الشراب مسهل بحكم العادة.

والعقل له أحكام كثيرة، كدلالة الأثر على المؤثر، والحادث على المحدث، وما أشبه ذلك، فالمؤلف رحمه الله بقوله: (الشرعي) أخرج حكم العقل والعادة.

وقوله: (مدلول خطاب الشرع) كلمة (الشرع) هذه مصدر والمراد بها اسم الفاعل، أي: مدلول خطاب الشارع، ولا مشرع إلا الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم، فما دل عليه خطاب الله ورسوله فهو حكم شرعي، والخطاب قول يفهم منه من سمعه شيئاً مفيداً مطلقاً.

لو قال المؤلف رحمه الله: قول أو فعل لكان أولى؛ لأننا نتكلم بالحكم الشرعي، والحكم الشرعي قد يثبت بالخطاب وقد يثبت بالفعل، فصلاة الصحابة خلف الرسول عليه الصلاة والسلام قياماً وأشار إليهم أن اجلسوا، وهذا لا شك أنه حكم شرعي، ثابت بإشارة؛ لكن المؤلف رحمه الله لما قال: (خطاب الشرع) أراد أن يبين الخطاب من حيث المعنى اللغوي، وأما من حيث المعنى الشرعي فالخطاب أعم من القول، قد يكون بالقول وقد يكون بالفعل، ويأتي إن شاء الله وقت نتكلم عليه.

تعريف الخطاب

وما هو الخطاب؟ قال: [والخطاب: قول يفهم منه من سمعه شيئًا مفيدًا مطلقًا].

هذا الخطاب (قول) فخرج به الفعل، فأفعال الرسول عليه الصلاة والسلام لا تسمى خطاباً، لكن قد دلّ الخطاب على أن النبي صلى الله عليه وسلم التي فعلها على سبيل التعبد مشروعة لنا بمقتضى الخطاب الذي دل على ذلك.

وقول المؤلف: (يفهم منه من سمعه شيئًا مفيدًا مطلقًا) خرج بهما إذا لم يكن مفيداً، فإنه لا يسمى خطاباً، مثل: قول النحويين: ديز مقلوب زيد، فهذا لا يسمى خطاباً؛ لأنه لا يفيد.

وقوله: (مطلقاً) يعني: على أي وجه من أوجه الإفادة سواء أفاد نفياً أو إيجاباً، وسواء أفاد كلاماً -يعني: جملة خبرية- أم لم يفد، المهم أن كل شيء يفيد فإنه خطاب.

كلام الله الأزلي

قال: [ويسمى به الكلام في الأزل في قول].

أي: يسمى بالخطاب الكلام في الأزل في قول، وفي قول: لا يسمى به، وهذه المسألة وهي الكلام في الأزل فيها خلاف بين العلماء، وهذه تتعلق بالعقائد، هل كلام الله عز وجل أزلي بمعنى أنه تكلم في الأزل ولا يمكن أن يتجدد له كلام، أو أن كلام الله أزلي من حيث الجنس ولكنه حادث من حيث الآحاد والأفراد؟ يرى بعض العلماء أن كلام الله أزلي، ويرى بعضهم أنه أزلي الجنس، وبعض الأفراد حادثة، وهذا القول هو المتعين، فالله عز وجل لم يزل ولا يزال موصوفاً الكلام، أي: أنه يتكلم، لكن كلامه متعلق بمشيئته، فآحاد الكلام تحدث إذا اقتضت الحكمة الإلهية أن يتكلم تكلم، ويدل على هذا أدلة كثيرة، منها: أن الله تعالى يعبر بالشيء الماضي عن أمرٍ وقع، مثل قوله: وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ [آل عمران:121] ، وهذا واضح أن هذه الآية كانت بعد الغزو، بعد أن غدا يبوئ للمؤمنين مقاعد للقتال، ومثل قوله: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ [المجادلة:1] ؛ لأن هذه الآية واضحة في أن الله تكلم بهذا بعد أن تكلمت المرأة واشتكت إلى زوجها، لا يقال: لعله قاله بلفظ الماضي لتحقق وقوعه، وأنه تكلم به في الأزل فيما مضى، لكن عبر فيما مضى عنه بالماضي لتحقق وقوعه؛ لأننا نقول: هذا خلاف الأصل، بل في الآية ما يمنعه، قال: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ، وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا [المجادلة:1]، (يسمع) فعل مضارع يدل على الحال، يعني: في حال التحاور الله تعالى يسمع، وكيف يسمع تحاوراً لم يكن، فالصواب المتعين: أن الله سبحانه وتعالى يتكلم متى شاء بما شاء، وأفراد الكلام حادثة، ولا مانع من أن نقول: (حادثة)، يعني: أن الله تعالى يحدثها إذا اقتضت حكمته أن يتكلم بها.

ثم قال المؤلف: [فصل: الحكم الشرعي مدلول خطاب الشرع].

تعرفون أن هذا الكتاب أصول الفقه، والفقه هو معرفة الأحكام الشرعية العملية، إذاً لا بد أن نعرف ما هو الحكم؟ يقول: (فصل: الحكم الشرعي مدلول خطاب الشرع)، وكلمة (الشرعي) قيد؛ لأن هناك حكماً عقلياً وحكماً عادياً، فالحكم العقلي مدلول العقل، أي: ما دل عليه العقل، والحكم العادي ما دلت عليه العادة، أقبلت إلى مسجد ووجدت عنده سيارات كثيرة خلاف العادة تحكم بأن فيه محاضرة، أو جنازة؛ لأن العادة أن الناس لا يتجمعون إلا لمثل ذلك.

شرب إنسان شراباً مسهلاً للبطن، نقول: هذا الشراب مسهل بحكم العادة.

والعقل له أحكام كثيرة، كدلالة الأثر على المؤثر، والحادث على المحدث، وما أشبه ذلك، فالمؤلف رحمه الله بقوله: (الشرعي) أخرج حكم العقل والعادة.

وقوله: (مدلول خطاب الشرع) كلمة (الشرع) هذه مصدر والمراد بها اسم الفاعل، أي: مدلول خطاب الشارع، ولا مشرع إلا الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم، فما دل عليه خطاب الله ورسوله فهو حكم شرعي، والخطاب قول يفهم منه من سمعه شيئاً مفيداً مطلقاً.

لو قال المؤلف رحمه الله: قول أو فعل لكان أولى؛ لأننا نتكلم بالحكم الشرعي، والحكم الشرعي قد يثبت بالخطاب وقد يثبت بالفعل، فصلاة الصحابة خلف الرسول عليه الصلاة والسلام قياماً وأشار إليهم أن اجلسوا، وهذا لا شك أنه حكم شرعي، ثابت بإشارة؛ لكن المؤلف رحمه الله لما قال: (خطاب الشرع) أراد أن يبين الخطاب من حيث المعنى اللغوي، وأما من حيث المعنى الشرعي فالخطاب أعم من القول، قد يكون بالقول وقد يكون بالفعل، ويأتي إن شاء الله وقت نتكلم عليه.

وما هو الخطاب؟ قال: [والخطاب: قول يفهم منه من سمعه شيئًا مفيدًا مطلقًا].

هذا الخطاب (قول) فخرج به الفعل، فأفعال الرسول عليه الصلاة والسلام لا تسمى خطاباً، لكن قد دلّ الخطاب على أن النبي صلى الله عليه وسلم التي فعلها على سبيل التعبد مشروعة لنا بمقتضى الخطاب الذي دل على ذلك.

وقول المؤلف: (يفهم منه من سمعه شيئًا مفيدًا مطلقًا) خرج بهما إذا لم يكن مفيداً، فإنه لا يسمى خطاباً، مثل: قول النحويين: ديز مقلوب زيد، فهذا لا يسمى خطاباً؛ لأنه لا يفيد.

وقوله: (مطلقاً) يعني: على أي وجه من أوجه الإفادة سواء أفاد نفياً أو إيجاباً، وسواء أفاد كلاماً -يعني: جملة خبرية- أم لم يفد، المهم أن كل شيء يفيد فإنه خطاب.




استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة اسٌتمع
مختصر التحرير [69] 3200 استماع
مختصر التحرير [54] 3187 استماع
مختصر التحرير [70] 3078 استماع
مختصر التحرير [33] 2823 استماع
مختصر التحرير [36] 2820 استماع
مختصر التحرير [47] 2753 استماع
مختصر التحرير [23] 2741 استماع
مختصر التحرير [45] 2739 استماع
مختصر التحرير [4] 2688 استماع
مختصر التحرير [34] 2621 استماع