مختصر التحرير [21]


الحلقة مفرغة

قال المؤلف رحمه الله: [إذا: تأتي لمفاجأة حرفًا، وظرفًا لمستقبل؛ لا ماض وحال، متضمنةً معنى الشرط غالبًا].

(إذا) تأتي لمفاجأة وتكون حرفاً، وهو كثير، مر علينا في التفسير: وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ [يس:37]، إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ [يس:29] نقول: هي حرف دال على المفاجأة.

وتأتي أيضاً ظرفاً لمستقبل، وهو كثير، مثل: إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ [النصر:1]، إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [يس:82].

ولا تأتي للحال ولا للماضي؛ لأن الحال له (إذاً)، والمستقبل له (إذ).

وقوله: (متضمنةً معنى الشرط غالبًا)، يعني: أنها تتضمن معنى الشرط، وهذا هو الغالب، وربما يكون المراد بها مجرد الوقت، فتقول: أجيئك إذا جاء زيد، فإن (إذا) هنا غير متضمنة معنى الشرط، بل المعنى: أجيئك وقت مجيء زيد، لكن الغالب أنها تتضمن معنى الشرط ويكون لها فعل شرط وجواب، هذا هو الغالب، لكن قد تأتي مراداً بها مطلق الوقت.

قال المؤلف: [ إذ: اسم لماض، وفي قول: ومستقبل، ظرفًا، ومفعولًا به وبدلًا منه، ولتعليل ومفاجأة حرفًا].

يعني (إذ) اسم ظرف لما مضى.

قوله: (وفي قول) إذا قال المؤلف: (وفي قول) فالقولان متساويان.

فقوله: (وفي قول: ومستقبل)، يعني: تأتي لمستقبل لكنه قليل، ومنه قوله تعالى: فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ * إِذِ الأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ * فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ [غافر:70-72] قالوا: إن (إذ) هنا بمعنى (إذا)، أي: فسوف يعلمون إذ الأغلال، يعني: إذا صارت الأغلال في أعناقهم.

وتأتي أيضاً ظرفاً، وتأتي مفعولاً به، ودائماً في مثل: وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ [الزخرف:26]، وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ [البقرة:30] نعربها مفعولاً به، يعني: اذكر إذ.. إلخ.

قوله: (وتأتي بدلاً منه)، أي: بدلاً من المفعول به، فيُذكر المفعول به أولاً ثم يؤتى بـ (إذ) بدلاً منه، فتقول مثلاً: اذكر زيداً إذ قال كذا وكذا، فتكون بدلاً من المفعول به.

قوله: (ولتعليل ومفاجأة حرفًا)، يعني: وتأتي للتعليل فتكون حرفاً، وتأتي للمفاجأة أيضاً فتكون حرفاً.

مثالها للتعليل أن تقول: أكرمتُ زيداً إذ أكرمني، أي: لأنه أكرمني.

ومثال المفاجأة ما ذكر في الشرح من قول الشاعر:

فبينما العسر إذ دارت مياسير

يعني: بينما العسر حاصل فاجأت المياسير.

معنى (لو) و(لولا)

قال المؤلف رحمه الله: [لو: حرف امتناع لامتناع، وتأتي شرطًا لماض فيصرف المضارع إليه، ولمستقبل قليلًا فيصرف الماضي إليه، ولتمن وعرض وتحضيض وتقليل ومصدري].

لو: حرف امتناع لامتناع، تقول: لو زرتني لأكرمتك، ففيه امتناع لامتناع، فإن قيل: ما الذي امتنع؟

فالجواب: يكون الجزاء هو الذي يمتنع لامتناع الشرط، فقولك: لو زرتني لأكرمتك، امتنع الإكرام لامتناع الزيارة.

قوله: (وتأتي شرطًا لماض) كالمثال الذي ذكرنا.

وقوله: (فيصرف المضارع إليه) يعني: لو وليها، فإذا قلت: لو زرتني لأكرمتك فهو ماض، فإذا قلت: لو تزورني لأكرمتك، هذا مضارع لكنه بمعنى الماضي، وهذا معنى أن يصرف المضارع إلى الماضي إذا وليها.

فقول المؤلف: (وتأتي شرطًا لماض فيصرف المضارع إليه) يعني: لو وليها مضارع فإنه يصرف إلى الماضي، فإذا قلت: لو تزورني لأكرمتك، صار كقولك: لو زرتني لأكرمتك، والاستقبال هنا ليس من الفعل ولكنه من الشرط؛ لأن الشرط يحول الماضي إلى مستقبل.

قوله: (ولمستقبل قليلًا فيصرف الماضي إليه)، ومثاله: وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ [يوسف:17].

هذا لا شك أنه ماض، لكن يقول: إنه يُصرف الماضي إلى المستقبل، وهذا في النفس منه شيء، لأن قوله: وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ [يوسف:17] الظاهر أنه فيما مضى.

قول المؤلف: (ولتمن) يعني: تأتي (لو) للتمني، مثل قوله تعالى: فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [الشعراء:102]، يتمنون أن لهم كرة، ولكن لا يحصل هذا!

قوله: (وعرض)، أي وتأتي لعرض، مثل أن تقول: لو تأتنا اليوم.

قوله: (وتحضيض) التحضيض هو العرض بشدة.

قوله: (وتقليل)، مثل حديث ( أولم ولو بشاة ).

قوله: (ومصدري)، مثل: وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ [القلم:9] يعني: ودوا أن تدهن.

أما (لولا) فيقول: [لولا: حرف يقتضي في جملة اسمية امتناع جوابه لوجود شرط]، ومثاله:

والله لولا الله ما اهتدينا

وقوله: (في جملة اسمية) هذه جملة اسمية: لولا الله ما اهتدينا، والذي امتنع انتفاء اهتدائنا لوجود الله عز وجل.

وتقول: لولا أبوك لأهنتك، هنا امتنعت الإهانة لوجود الأب.

قال: (وفي مضارعية تحضيضًا) يعني: إذا دخل على جملة فعل مضارع اقتضى التحضيض، ومثاله: قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ [القلم:28]، هذا تحضيض.

قال: [وفي ماضية] يعني إذا كان على ماض تقتضي [توبيخاً وعرضاً]، مثاله: لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ [النور:13]، هذه للتوبيخ، يعني: يوبخهم أن قالوا ما قالوا بدون أن يأتوا بشهود.

والعرض مثل: لولا جاء زيد.

وقوله: لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ [المنافقون:10] .

هذه يمكن أن تكون للعرض أو للتمني، إن جعلناها للعرض فهي مطابقة للمثال، وإن جعلناها للتمني -بمعنى: تمنى أن الله تعالى يؤخره ليصدق- لم تصح.

على كل حال! هذه المعاني يعينها السياق، فاللفظ واحد لكن يعينه السياق.