خطب ومحاضرات
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صفة الصلاة - حديث 336-339
الحلقة مفرغة
بسم الله الرحمن الرحيم.
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين, وسلم تسليماً كثيراً.
أما أحاديثنا فأولها: حديث فضالة بن عبيد رضي الله عنه، قال: ( سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً يدعو في صلاته لم يحمد الله تعالى، ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: عجل هذا، ثم دعاه فقال: إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه, ثم ليصل على النبي صلى الله عليه وسلم, ثم يدعو بما شاء ) .
تخريج الحديث
وأيضاً أخرج الحديث الثلاثة كما يقول المصنف، أخرجه أبو داود رحمه الله في سننه في كتاب الصلاة باب الدعاء.
وأخرجه الترمذي في كتاب الدعوات، في آخر الجامع له, باب ما جاء في جامع الدعوات عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح. كما أشار إليه المؤلف, وصححه الترمذي .
وأخرجه النسائي أيضاً في كتاب السهو, باب التمجيد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
فهؤلاء هم الثلاثة.
وأخرجه أيضاً أحمد في مسنده , وابن حبان كما في كتاب الإحسان في ترتيب صحيح ابن حبان , وهذا دليل على تصحيحه له، كما أشار المصنف أيضاً, والحاكم في مستدركه وقال في أحد المواضع: صحيح على شرط مسلم , وقال في موضع آخر: صحيح على شرطهما، يعني: الشيخين: البخاري ومسلم، وأقره الذهبي في الموضعين.
وممن أخرجه أيضاً: الإمام إسماعيل القاضي في جزء له لطيف مطبوع بعنوان: فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم , وهو من تحقيق الشيخ محمد ناصر الدين الألباني , وقد حسن الشيخ الألباني الحديث في حواشيه وتعليقاته على ذاك الكتاب, وسيأتي التعقيب على ذلك.
وكذلك أخرجه الطبراني في معجمه الكبير , والطحاوي في مشكل الآثار , والبيهقي في سننه, وابن خزيمة في صحيحه .. وغيرهم.
وبناءً على هذا التخريج يتبين أن الحديث صححه جماعة من العلماء, منهم:
الترمذي حيث قال: حسن صحيح، ابن خزيمة ، ابن حبان ، الذهبي احتمالاً، حيث أقر الحاكم على ذلك, وفي إقراراته للحاكم واعتمادها كلام يطول.
وممن صححه أيضاً: الألباني في تعليقاته على فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وعلى كل حال فالحديث صحيح, ورجال إسناده ثقات رجال الصحيح، ما عدا عمرو بن مالك الجمبي، وهو ثقة، روى له أصحاب السنن, فحديثه صحيح , وقد ذكر بنسبته هكذا الجمبي في عدد من مخارج الحديث التي أسلفت.
فـعمرو بن مالك هذا ثقة روى له أصحاب السنن, وقد ورد مصرحاً بنسبته في عدد من المخارج؛ فانتفى الاحتمال, وقد ظنه الشيخ الألباني حفظه الله تعالى آخر؛ فحسن الحديث بناء على ذلك .
معاني ألفاظ الحديث
وأورد أحد الإخوة سؤالاً: ألا يجوز أن يكون الأمر هذا حصل في دعاء القنوت, وأن النبي صلى الله عليه وسلم سمعه في دعاء القنوت؟
فكيف يجاب على هذا الإيراد؟
أن النبي صلى الله عليه وسلم لما علم الحسن بن علي دعاء القنوت- وقد سبق- وهو حديث حسن رواه الترمذي وأبو داود .. وغيرهم لم يذكر له أنه يبدأ بحمد الله والثناء عليه، والصلاة والسلام على رسوله صلى الله عليه وسلم, وإنما علمه دعاء القنوت: ( اللهم اهدنا فيمن هديت.. )إلى آخر الدعاء السابق.
فهذا يبعد أن يكون المقصود دعاء القنوت.
ثم مما يؤيد ويرشح ويرجح أن المقصود القعود للتشهد، قوله عليه الصلاة والسلام: ( إذا صلى أحدكم ), فإن الإنسان يقال له: صلى، إذا انتهى من صلاته أو أوشك على نهايتها, وهذا أليق وألصق بالتشهد الأخير من غيره .
حكم التشهد في الصلاة والجلوس له وأقوال العلماء فيه
القول الأول: أن التشهد والجلوس له فرض لا تصح الصلاة إلا به
إذاً: هؤلاء الأئمة ذهبوا إلى فرضية التشهد والقعود له؛ واحتجوا بأدلة، منها:
حديث ابن مسعود رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا صلى أحدكم، فليقل: التحيات لله والصلوات والطيبات..) إلى آخر الحديث, وقد مضى.
ووجه الدلالة من هذا الحديث: أن فيه أمراً من النبي صلى الله عليه وسلم للمصلي بأن يقول ذلك: (إذا صلى أحدكم فليقل) فهذا أمر؛ لأنه فعل مضارع دخلت عليه لام الأمر, فهي من صيغ الأمر عند الأصوليين, وظاهر الأمر يدل على الوجوب، إذا لم توجد قرينة تصرفه عن ذلك؛ فدل هذا على أنه واجب، خاصة وأنه في مسألة من المسائل التعبدية, والتعبد مبناه على الاتباع والتوقيف.
هناك وجه آخر للدلالة في حديث ابن مسعود وهو قوله: (فإذا قال ذلك فقد تمت صلاته) دليل على أنه إن لم يقله فإن صلاته ناقصة, ولكن ينبغي أن يعلم أن قوله: (إذا قال ذلك فقد تمت صلاته) من قول ابن مسعود رضي الله عنه, وليس من قول النبي صلى الله عليه وسلم.
وجه ثالث في حديث ابن مسعود وهو قوله: ( كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد: السلام على الله من عباده.. ) إلى آخر الحديث.
هذا دليل على أن التشهد قد فرض عليهم, وهذا أيضاً يدل على ما كان يذهب إليه ابن مسعود رضي الله عنه .. وغيره، ممن ينقل عنهم هذا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم, فإنه جاء به بلفظ الجمع؛ لقوله: (كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد). طيب. وهذا أيضاً اجتهاد من ابن مسعود رضي الله عنه.
ومن الأوجه أيضاً وهو الرابع في حديث ابن مسعود أن الرسول صلى الله عليه وسلم علم ابن مسعود التشهد، وأمره أن يعلمه الناس، كما في رواية أحمد رحمه الله ورضي الله عنه, وقد أشار إليها المصنف, وكونه أمره أن يعلمه الناس وعلمه إياه، قد يدل بظاهره على وجوب تعلمه وتعليمه وقراءته في الصلاة، هذا الدليل الأول.
الدليل الثاني: حديث الباب، حديث فضالة. ووجه الدلالة منه قوله: ( إذا صلى فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه ), وهذا التحميد المقصود به والله أعلم: التشهد، (التحيات)؛ لما فيها من البداءة بحمد الله: ( التحيات لله والصلوات والطيبات ), والثناء على الله تعالى بما هو أهله؛ فهذا دليل على وجوبه؛ لأنه أمر به. وقال: (فليبدأ) وأنكر على تاركه؛ فدل على أنه واجب وفرض في الصلاة لا تصح إلا به.
الدليل الثالث: حديث ابن عباس رضي الله عنه: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد، كما يعلمنا السورة من القرآن ), وقد سبق, وهو يدل بظاهره أيضاً على الوجوب؛ لشدة عناية الرسول صلى الله عليه وسلم به، وتعليمه لأصحابه, وتحفيظهم إياه، كما يحفظهم السورة من القرآن, ولو لم يكن متعبداً بألفاظه مأموراً بفعله في الصلاة، لما كان بهذه المنزلة، والله تعالى أعلم.
الدليل الرابع: حديث أبي موسى رضي الله عنه: ( ليكن من قول أحدكم: التحيات الطيبات الصلوات لله ), والحديث في صحيح مسلم وهو طويل, وفي أوله قصة.
المهم قوله: ( وليكن من قول أحدكم: التحيات الصلوات الطيبات لله ) فهذا أمر. (وليكن) صيغة أمر تدل على الوجوب.
هذا القول الأول وهذه أدلته.
القول الثاني: وجوب القعود دون التشهد
أولاً: حديث المسيء في صلاته، وجه الدلالة من الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر للمسيء صلاته الأمر بقراءة التحيات، ولم يعلمه إياها؛ فدل على عدم وجوبه, وهذا في الواقع لا دلالة فيه؛ لأن الحديث ساكت عن هذا الأمر, وسكوته عنه لا يدل على وجوب ولا على غيره, والوجوب قد يؤخذ من أدلة أخرى, وقد سكت النبي صلى الله عليه وسلم في حديث المسيء صلاته عن بعض الأشياء, كتعليم النية مثلاً ونحوها، مما هو واجب بالاتفاق في الصلاة, فحديث المسيء صلاته يدل على الأمر بما ذكر في ذلك الحديث, لكنه لا يدل على عدم الأمر بما لم يذكر.
إذاً: هو يدل على الأمر بما ذكر في حديث المسيء, لكنه لا يدل على الأمر بما لم يذكر.
الدليل الثاني: ما رواه أبو داود والترمذي من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا قعد الإمام في آخر صلاته، ثم أحدث قبل أن يتشهد، فقد تمت صلاته ), والحديث رواه أبو داود والترمذي والبيهقي .. وغيرهم, فلو صح لكان دليلاً على عدم وجوب التشهد؛ لأنه ما دام أحدث قبل أن يتشهد وتمت صلاته، دل على عدم وجوبه, ولكن يجاب عن هذا -الذي لو صح لكان دليلاً- بأجوبة أهمها: أن الحديث ضعيف، ويضعف الحديث بثلاثة أوجه:
الوجه الأول: أن الحديث مضطرب, فقد جاء في بعض ألفاظه: (قبل أن يتشهد), وفي بعضها: (قبل أن يسلم), هذا وجه.
الوجه الثاني: أن في سند الحديث عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي , وهو من الصالحين، ولكنه ضعيف في الحديث عند الجمهور؛ فلا يحتج بحديثه.
الثالث: الانقطاع في سند الحديث, فإن فيه بكر بن سوادة الراوي عن عبد الله بن عمرو بن العاص , وهو لم يلقه.
فالحديث إذاً منقطع, وهو بهذه الأوجه كلها ضعيف، فضلاً عن مخالفته ومعارضته للأحاديث الأخرى الصحيحة, والتي لعل من أقواها ما سبق معنا: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم شكا إليه الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة, فقال النبي صلى الله عليه وسلم .. ) ماذا قال؟
قال: ( فلا يخرج حتى يسمع صوتاً، أو يجد ريحاً )؛ فدل على أن الإنسان لو وجد في صلاته شيئاً أو أحس بشيء، يعني: تيقن من خروج شيء منه، من حدث، كان فرضاً عليه أن يخرج من صلاته, فهذا الحديث إذاً منكر في متنه, ضعيف في سنده.
وجه الاستشهاد واضح؛ لأن حديث عبد الله بن عمرو بن العاص لو صح كان دليلاً على أن التشهد غير واجب؛ بدليل أن الإنسان لو أحدث قبله فقد تمت صلاته.
احتج بعضهم- خاصة بعض الأحناف- بالرواية الأخرى: (قبل أن يسلم) طيب.
إذاً: هذا أهم ما احتجوا به، وقد استدلوا ببعض الآثار, منها أثر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه بمعنى حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، وقد رواه البيهقي .. وغيره, وضعفه البيهقي، ونقل بإسناده أيضاً تضعيفه عن الإمام أحمد : أن هذا الأمر لا يصح موقوفاً على علي رضي الله عنه.
القول الثالث: عدم وجوب التشهد والقعود
وثانياً: قولهم: إن التشهد الأول، والذكر في الركوع والسجود ليس بواجب، هذا فيه نظر, والدليل قام على وجوبه كما سبق بيانه .
خلاصة مسألة حكم التشهد والقعود له وبيان القول الراجح
خلاصة المسألة السابقة إذاً: أن في مسألة التشهد الأخير ثلاثة أقوال:
الأول : أن التشهد الأخير والقعود له فرض لا تصح الصلاة إلا به؛ بدليل حديث ابن مسعود، وابن عباس، وأبي موسى، وفضالة بن عبيد .
القول الثاني : أن القعود للتشهد الأخير فرض بقدر التشهد، ولا تجب فيه قراءة التشهد, ومن أدلتهم حديث المسيء صلاته, وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص .
القول الثالث : أنه لا يجب القعود للتشهد ولا قراءة التشهد أيضاً, واستدلوا بما سبق: حديث المسيء، وحديث ابن عمرو بن العاص خاصة رواية: (ثم أحدث قبل أن يتشهد) كما استدلوا بالقياس على التشهد الأول والقعود له, وعلى ذكر الركوع والسجود.
والراجح من هذه الأقوال الثلاثة: أن القعود للتشهد الأخير واجب, وأن قراءة التشهد الأخير في ذلك القعود واجب أيضاً؛ لقوة الأدلة في ذلك وصراحتها, وعدم وجود ما يعارضها.
فوائد الحديث
ثانياً: جواز رفع الصوت بالدعاء في الصلاة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سمع هذا الرجل يدعو في صلاته؛ فدل على أن صوته مرتفع، ولم ينكر عليه.
ثالثاً: وجوب التشهد الأخير والجلوس له.
رابعاً: الإفادة من مواطن الخطأ للتصحيح والتعليم, حيث أفاد النبي صلى الله عليه وسلم من خطأ هذا الرجل في صلاته؛ فعقب بقوله: ( عجل هذا ) ليعلّم الآخرين أن هذا الرجل قد عجل في صلاته, ثم علّمه هو الآخر أيضاً.
خامساً: وجوب التشهد الأخير؛ لقوله: ( ثم ليصل على النبي صلى الله عليه وسلم ).
سادساً: جواز الدعاء بخيري الدنيا والآخرة؛ لقوله: ( ثم يدعو بما شاء ) وأطلق ولم يقيد, وهذا سيأتي شيء منه.
سابعاً: جواز قول التشهد بأي صيغة من الصيغ الواردة، وعدم تعين شيء منها، فيتشهد بتشهد ابن مسعود، أو ابن عباس، أو عائشة، أو أبي موسى، أو عمر .. أو غير ذلك؛ لأن هذا كله داخل في قوله: (فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه).
ثامناً: أن من ترك شيئاً من واجبات الصلاة جهلاً فلا إعادة عليه.
والحديث قال المؤلف رحمه الله تعالى: أخرجه أحمد والثلاثة, وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم .
وأيضاً أخرج الحديث الثلاثة كما يقول المصنف، أخرجه أبو داود رحمه الله في سننه في كتاب الصلاة باب الدعاء.
وأخرجه الترمذي في كتاب الدعوات، في آخر الجامع له, باب ما جاء في جامع الدعوات عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح. كما أشار إليه المؤلف, وصححه الترمذي .
وأخرجه النسائي أيضاً في كتاب السهو, باب التمجيد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
فهؤلاء هم الثلاثة.
وأخرجه أيضاً أحمد في مسنده , وابن حبان كما في كتاب الإحسان في ترتيب صحيح ابن حبان , وهذا دليل على تصحيحه له، كما أشار المصنف أيضاً, والحاكم في مستدركه وقال في أحد المواضع: صحيح على شرط مسلم , وقال في موضع آخر: صحيح على شرطهما، يعني: الشيخين: البخاري ومسلم، وأقره الذهبي في الموضعين.
وممن أخرجه أيضاً: الإمام إسماعيل القاضي في جزء له لطيف مطبوع بعنوان: فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم , وهو من تحقيق الشيخ محمد ناصر الدين الألباني , وقد حسن الشيخ الألباني الحديث في حواشيه وتعليقاته على ذاك الكتاب, وسيأتي التعقيب على ذلك.
وكذلك أخرجه الطبراني في معجمه الكبير , والطحاوي في مشكل الآثار , والبيهقي في سننه, وابن خزيمة في صحيحه .. وغيرهم.
وبناءً على هذا التخريج يتبين أن الحديث صححه جماعة من العلماء, منهم:
الترمذي حيث قال: حسن صحيح، ابن خزيمة ، ابن حبان ، الذهبي احتمالاً، حيث أقر الحاكم على ذلك, وفي إقراراته للحاكم واعتمادها كلام يطول.
وممن صححه أيضاً: الألباني في تعليقاته على فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وعلى كل حال فالحديث صحيح, ورجال إسناده ثقات رجال الصحيح، ما عدا عمرو بن مالك الجمبي، وهو ثقة، روى له أصحاب السنن, فحديثه صحيح , وقد ذكر بنسبته هكذا الجمبي في عدد من مخارج الحديث التي أسلفت.
فـعمرو بن مالك هذا ثقة روى له أصحاب السنن, وقد ورد مصرحاً بنسبته في عدد من المخارج؛ فانتفى الاحتمال, وقد ظنه الشيخ الألباني حفظه الله تعالى آخر؛ فحسن الحديث بناء على ذلك .
قول الراوي: (رجلاً يدعو في صلاته) هذا الرجل لم يتبين من هو, فهو مبهم لم يتبين من هو, وأما المقصود بقوله: (في صلاته) فالمقصود في قعوده للتشهد كما سبق, وما هي الحجة التي اعتمدناها في اعتبار أن المقصود (في صلاته) يعني: في تشهده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد الله -أو بتحميد ربه- والثناء عليه, ثم ليصل على النبي صلى الله عليه وسلم ), وهذه الأشياء، وخاصة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، إنما تكون في التشهد الأخير غالباً, وتكون في التشهد الأول أيضاً, لكن موضع الدعاء هو التشهد الأخير؛ فتبين أن المقصود بالصلاة هنا، أنه قعد في التشهد الأخير من صلاته؛ لأن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لا تكون في الركوع، ولا في القيام، ولا في السجود, وإنما تكون في القعود للتشهد.
وأورد أحد الإخوة سؤالاً: ألا يجوز أن يكون الأمر هذا حصل في دعاء القنوت, وأن النبي صلى الله عليه وسلم سمعه في دعاء القنوت؟
فكيف يجاب على هذا الإيراد؟
أن النبي صلى الله عليه وسلم لما علم الحسن بن علي دعاء القنوت- وقد سبق- وهو حديث حسن رواه الترمذي وأبو داود .. وغيرهم لم يذكر له أنه يبدأ بحمد الله والثناء عليه، والصلاة والسلام على رسوله صلى الله عليه وسلم, وإنما علمه دعاء القنوت: ( اللهم اهدنا فيمن هديت.. )إلى آخر الدعاء السابق.
فهذا يبعد أن يكون المقصود دعاء القنوت.
ثم مما يؤيد ويرشح ويرجح أن المقصود القعود للتشهد، قوله عليه الصلاة والسلام: ( إذا صلى أحدكم ), فإن الإنسان يقال له: صلى، إذا انتهى من صلاته أو أوشك على نهايتها, وهذا أليق وألصق بالتشهد الأخير من غيره .
وفي الحديث مسألة، وهي: حكم قراءة التحيات في الصلاة؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: ( فليبدأ بحمد الله تعالى والثناء عليه ), مع قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا صلى أحدكم فليقل: التحيات لله والصلوات والطيبات )كما سبق؛ فما هو حكم قراءة التحيات في الصلاة؟ في المسألة أقوال:
استمع المزيد من الشيخ سلمان العودة - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب الوضوء - حديث 38-40 | 4761 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صلاة الجماعة والإمامة - حديث 442 | 4393 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب الوضوء - حديث 57-62 | 4212 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صفة الصلاة - حديث 282-285 | 4094 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الحج - باب فضله وبيان من فرض عليه - حديث 727-728 | 4045 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صلاة التطوع - حديث 405-408 | 4019 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صفة الصلاة - حديث 313-316 | 3972 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب الوضوء - حديث 36 | 3916 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب المياه - حديث 2-4 | 3898 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الحج - باب فضله وبيان من فرض عليه - حديث 734-739 | 3877 استماع |