أرشيف المقالات

أما آن لرجال الكنيسة أن يُفيقوا ؟! - أحمد عبد الرحمن النقيب

مدة قراءة المادة : 12 دقائق .




عندما قامت حركة يوليو سنة 1952م تبنـّت خيارا مُحددا ، ألا وهو التضييق على الاتجاه الإسلامي الذي تصاعد زمن وزارة السعديين الوفـدية أيـام الملكية البائـدة ، وكان من جملة قراراتها القضاء على الوقف الإسلامي ( الأهلي والخيري ) وإنشاء إدارة لتصفيته وتدويره ضمن أملاك الدولة ، وأيضا القضاء على مشيخة الأزهر كمنصب عام للمسلمين ، وربطها بالقرار السياسي لرئيس مصر ، ولم يكن هذا من قبل ، بل كان هذا المنصب لا دخل لرئيس أو ملك أي دولة به ، بل الذي يُعيّنه هم علماء الأزهر بالانتخاب .

أيضا تمّ القضاء على المنهجيّة الدينيّة الشرعية المتميّزة للأزهر الشريف ، ليكون مسخا من المدارس والجامعات المدنية ، فلا طلبته تميّزوا في العلم الشرعي ، ولا هم بزُّوا في العلم المدني ، وهذا كثير ؛ أما علماء الأزهر وموظّفوه فصاروا موظفين لدى الدولة البائدة ، لا حول لهم ولا قوة .

وهكذا تم القضاء على دور المؤسسة الدينيّة من رأسها إلى أخمص قدميها ، وتم تدوير أموالها وأوقافها ومناصبها ودرجاتها العلمية والوظيفيّة حسب عجلة القيادة السياسية في البلاد ؛ أيّـاً كان توجهها .

وكان من جملة آثار ذلك : التبعيّة المطلقة لرجال الأزهر للمؤسسة الدينية للبلاد ، سواء توجّهت إلى اليساريّة أو القومية أو تعدد المنابر ، أو - مؤخرا - الرأسمالية المتوحشة والديمقراطية العفنة ، وصاروا أبواقا تردد ما يُطلبُ منهم ، إما طلبا لعرض زائل ، أو خوفا على ضياع عرض من مال أو درجة أو منصب ، وتحكم فيهم وفي تعيينهم المؤسسة الأمنية ، وصار المشايخ أحجارا تتحرّك على رقعة الشطرنج لا حول لهم ولا قوة ...
هذا كله أفقدهم زخمهم وأصالتهم ومكانتهم في قلوب عامّة المسلمين إن في مصر ، أو في خارج مصر - وهذا غالبا - .

وفي المقابل : نجد عِدْلَ البعير ( الأقلُّ دوما ) غير المُتكافيء ، وأعني بهم النصارى في مصر ، حالهم على النقيض من ذلك ، فالدولة لم تستول ِ على أوقافهم الكنسيّة ، ولا دخل لها بتعيين القساوسة ، إنهم دولة داخل الدولة ، رأسها الأنبا الأكبر ( كيرلس زمن حركة يوليو ، وبعده شنودة ) ، وهناك مجلس من المطارنة ( المجلس الملّي أو المجمع المُقدّس !! ) ، كل مطران له اختصاصاته المالية والتربوية والإعلامية والتعليميّة والخدمية وأعمال السكرتارية والمُتابعة وجمع المعلومات الخ ...
، أيضا هناك مطران لكل مُحافظة أو عدة مُحافظات ، تحته قساوسة الكنائس في المناطق ، وتحتهم الرهبان والشمامسة وغيرهم .

إنهم نظام محكم ، ومن يُخالف التعاليم أو يتمرّدُ على سُلطة الكنيسة يُحرمُ ويُطردُ ( يُشلح ) ، وتعقدُ له المُحاكمات ، وربما يُنفى أو يُحبسُ في دير بعيد ( تحت مُسمى الرهبنة ) ، أو ربما يختفي ولا يُسمع عنه شيء ( كحال النصرانيّات اللاتي أسلمن ؛ ماريا عبد الله ووفاء قسطنطين وكاميليا شحاته نموذجا ) .

وهذا النظام يتحكّمُ فيما يُسمّى بـ : ( شعب الكنيسة ) ! إذن مصرُ بها شعبان أحدهما شعبُ الكنيسة !! وبها نظامان أحدهما النظام الكنسيُّ !! وبها مؤسـستان قضائـيـتان إحداهما القضاء الكنسيُّ !! وبها وزارتـان إحداهمـا وزارات الظل الكنسيَّة !!

إنهم وفي ظلِّ ذلك لم يكتفوا بذلك ! بل دوما يُحدِثون الفوضى ويُجعجعون بأنهم مضطهدون في مصر !! لدرجة أن هذا البرادعي جعل إحدى أمانيه أن يرى حاكم مصر نصرانيا !! ولا ننسى أبدا استقواءهم بالأمريكان لنجدتهم من أهل مصر المسلمين المتشددين ، بل ربما استقووا باليهود ! ( وقد حدث هذا في بعض المواجهات بين المسلمين والنصارى في القاهرة والإسكندرية والصعيد ، وتناقلته وسائل الإعلام بالصوت والصورة في حينه ) ، ويا ليتهم اكتفوا بذلك !! بل ترددت المعلومات عن دورهم الخبيث لنشر تعاليم المسيح ( أي الدعوة إلى دينهم ) وسط الأحياء الفقيرة المسلمة ( عزبة الهجانات بمصر ؛ نموذجا !! ) .

بل زادَ الطين بلة تردد المعلومات عن محاولاتهم الدؤوبة امتلاكَ الأسلحة المتعددة وتخزينها في بعض الأديرة ريثما يُحتاجُ إليها !! ( انظر قديما : كتاب قذائف الحق للشيخ محمد الغزالي ، ولاحقا : ما ذكره محمد سليم العوّا ، وبعده د.
محمد عمارة على قناة الجزيرة في أزمة شحنة المُتفجّرات التي ضُبطت ببورسعيد لابن وكيل مطرانية بورسعيد ، ودعوة محمد سليم العوّا قيادات الكنيسة لمُناقشته ، وهي الدعوة نفسها التي قدّمها المُذيع أحمد منصور لرجل الكنيسة القوي ( الأنبا بيشوي ) ليخرج للحوار على قناة الجزيرة ، وهذا من أول شهر 9 لسنة 2010م ، ولم يجرؤ أحد على هذا إلى الآن !!

ونلاحظ دور نصارى المهجر لا سيما في استراليا وكندا ، حيث يقومون بدور خطير في تأجيج روح عدم الإحسان بين المسلمين والنصارى ، ومَدِّ إخوانهم بالمال والمعلومات المغلوطة ، ونشر النصرانية بين الجاليات المسلمة ، والتقاط العناصر المسلمة المهزوزة لتنصيرها ثم جعلها مادة خاما للدعوة إلى النصرانيّة وضرب المسلمين في عقائدهم ، ويتمُّ هذا عبر : ( الإنترنت - القنوات الفضائية - المحطات الإذاعية الأرضية - الجمعيات التنصيريّة الخدمية - المُراسلات - العلاقات الخاصة لا سيّما بين طلبة الجامعة والعاطلين عن العمل ) ، يتمُّ هذا بمعرفة الكنيسة ورجالها دون أن يكون لهم أيُّ دور فاعل في العمل لصالح الوطن !!

وفي ظلِّ هذا الجو المُتأزّم ، وما المسلمون فيه من فقر وأزمات اجتماعية ، وفتاوى مُضطربة خلطت الحابل بالنابل ، وجعلت المسلمين حيارى !! في وسط هذه الأجواء غير المُناسبة محلّيا وإقليميا ودوليا يخرجُ علينا الرجل المُنتظر والمُطران الحديدي الأنبا بيشوي ( مطران دمياط وكفر الشيخ ، وسكرتير المجمع المقدّس بمصر !! ) ، لنـُعَدِّدَ له الآتي :

1.قوله : إن المسلمين في مصر ضيوف على الأقباط !! ، وأقول : والأقباط ليسوا هم النصارى ، بل أهل مصر الأصليين هم القبط ، كما أن سكان إيران هم الفرس ، وسكان أثيوبيا هم الحبش ، وكلمة ( قبط ) كانت قبل المسيح بمئات القرون !!

2.قوله : إن القساوسة على استعداد للاستشهاد إذا اقترب أحد من شئون الكنيسة، وهذا إثارة للطائفية ، وتقوٍّ بالباطل ، وانتفاخ للحرب ، وتطاول على الدولة أهلها من المسلمين .

3.التشكيك في القرآن ! حيث همز في مؤتمر بالفيوم بمصر في أن بعض آي القرآن كـُتبت في القرآن بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - !!

4.رفضه لأحكام القضاء ، وقوله بأن أحكام القضاء غير مُلزمة لرجال الدين المسيحي !!

5.
دوره في اختفاء اللاتي أسلمن ، لا سيما ( ماري عبد الله - وفاء قسطنطين - كاميليا شحاته ) نموذجا !!

6.مُحاكمة القساوسة والرهبان المُخالفين كنسيا ! دون اللجوء إلى أحكام الدولة !

7.رفضه الاعتذار الواضح عن أخطائه في حقِّ القرآن الكريم ، وفي حق المسلمين ، بالرغم من مُطالبة سيّده الأنبا شنوده له بذلك ( انظر المصري اليوم ، بتاريخ الإثنين 27/9/2010م ، ص/5 ) .

8.تشدده ورمي مُخالفيه بالهرطقة ( شبه الزندقة ) ، كما فعل مع الأب متى المسكين ، حيث تمّت مُحاكة رجال الكنيسة الذين عرضوا كتبه أو استشهدوا بأقواله في العظات ( انظر المصري اليوم ، بتاريخ الإثنين 27/9/2010م ، ص/16 ، مقال د.
ماجد موريس : لماذا لا يعود الأنبا بيشوي للدير ؟!! ) .

9.سيطرته على المناطق التي تُدِرُّ دخلا للكنيسة من التبرُّعات والنذور في كنائس مارجرجس بميت دمسيس ، ودميانة بالبراري ببلقاس ، وأبانوب بسمنود ، والست رفقة بسنباط ، إضافة لإيكال " شنودة " له مهمة الإشراف على عدد من مناطق الصعيد ، ورئاسته مجالس إدارة عدد من كنائس القاهرة بالأحياء الغنية ( انظر مقال د.
ماجد موريس السابق ) .

10.تعظيمه لنفسه ، حيث يوزع صوره ( 26 صورة شخصية ) في غرفة مكتبه بدمياط والبهو المؤدي لها ( المقال السابق للدكتور ماجد موريس ) .



وإذا أردتَ أن تعجب ، فاعجب من حال الشيطان ؛ إنه يوسوس في صدور الناس ، فإذا هُجـِمَ عليه بذكر الله نَكَصَ على عقبيه وولّى وَفَرَّ ، إنه تغيّر المواقف عند هجمة أهل الخير والصلاح ، وهذا ما نجدُ تماما مع هذا الموتور المُتعصّب ، فإن حاله كما أسلفتُ آنفا ، وعندما قام بعضُ أهل الفضل والنبل بالتعليق على ما ذكر ، وتناقلت وسائل الإعلام ما فاه به ، يعتذر ! اعتذارات باهتة مثل أن يقول : " نحن واخوتنا المسلمون شركاء في الوطن " ، وأن همزه في القرآن كان مجرّد تساؤل ! وأن العقائد الدينية للمصريين جميعا خط أحمر لا يجوز المساس به !!



إن الواجب الآن وفورا دون تباطؤ أو توان :

1.اعتذار المطران المُتعصّب عن اساءته للقرآن ولمُسلمي مصر - رعاها الله -

2.إعادته للدير ؛ ليُهذّبَ ويُقوّم .

3.اخضاع الأوقاف الكنسيّة للدولة أسوة بالأوقاف الإسلامية .

4.اخضاع القساوسة ورجال الدين الكنسي لقوانين البلاد ولوائحها المالية والإدارية ( أسوة برجال الدين الإسلامي ) حتى لا يكونوا دولة داخل الدولة .

5.حماية المُسلمات اللاتي أسلمن ، ومُحاكمة كل من ساعد وسهَّلَ في تسليمهنَّ أو إخفائهنَّ .

6.عدم استخدام المُصطلحات أو فعل الأفعال الجارحة مثل : استعمال مُصطلح : شعب الكنيسة ، أو تعليق الصلبان وصور ما يزعمون أنه المسيح أو العذراء أو غيرهم من القديسين والرهبان ، كما يحدث في السيارات وعلى معاصم وصدور الرجال والنساء ونحو ذلك .



أمّا كلمتي للمُسلمين ، فأقول : أفيقوا ، واتحدوا ، واعتصموا بحبل الله جميعا ، والتفوا حول أهل العلم الأثبات الأخيار ، والله يرعى المسلمين ويتولاّهم ويُثبّتُهم على الدين .

وصلى الله وسلّم وبارك على النبي محمد وعلى آله وصحبه وسلمّ .

شارك الخبر

مشكاة أسفل ٢