خطب ومحاضرات
شرح العقيدة الطحاوية [81]
الحلقة مفرغة
قال الشارح رحمه الله: [وقوله: ( ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا نفرط في حب أحد منهم، ولا نتبرؤ من أحد منهم، ونبغض من يبغضهم وبغير الخير يذكرهم، ولا نذكرهم إلا بخير، وحبهم دين وإيمان وإحسان، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان).
يشير الشيخ رحمه الله إلى الرد على الروافض والنواصب، وقد أثنى الله تعالى على الصحابة هو ورسوله صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم، ووعدهم الحسنى كما قال تعالى: وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة:100].
وقال تعالى: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا [الفتح:29] إلى آخر السورة، وقال تعالى: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ [الفتح:18]، وقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْض [الأنفال:72] إلى آخر السورة، وقال تعالى: لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [الحديد:10]، وقال تعالى: لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ * وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [الحشر:8-10] وهذه الآيات تتضمن الثناء على المهاجرين والأنصار، وعلى الذين جاءوا من بعدهم يستغفرون لهم ويسألون الله ألا يجعل في قلوبهم غلاً لهم، وتتضمن أن هؤلاء هم المستحقون للفيء، فمن كان في قلبه غل للذين آمنوا ولم يستغفر لهم لا يستحق في الفيء نصيباً بنص القرآن.
وفي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (كان بين
هذا ابتداء الكلام في فضل الصحابة رضي الله عنهم، وسبب الكلام في الصحابة أنه وجد طوائف يطعنون في الصحابة ويضللونهم ويبدعونهم ويرمونهم بالنفاق ويرمونهم بالردة، ويتبرءون منهم بل ويشتمونهم ويلعنونهم قديماً وحديثاً، وهؤلاء الطوائف فرقتان:
الروافض والنواصب؛ فالروافض: هم الذين يغلون في علي وذريته من أهل البيت فقط، ويزيدون في حبهم، وأما بقية الصحابة أو أكثرهم فإنهم يكفرونهم، أما النواصب: فهم الذين يضللون علياً وذريته أو من كان قريباً منهم، ويميلون إلى بني أمية أو إلى من والاهم، وسموا نواصب؛ لأنهم نصبوا العداوة لأهل البيت، ولكن الرافضة هم الذين كثروا وظهر تمكنهم فيما هم فيه، فأصبحوا ينتشرون في الأرض وتقوى شوكتهم.
ثناء الله على الصحابة
ووصف الله الصحابة بقوله: تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ [الفتح:29] سيماهم التي هي علامة على وجوههم من كثرة سجودهم، ( ركعاً سجداً ) دائماً يشتغلون بالركوع والسجود، وهذا دليل على أن من أخل بهذا الوصف وترك الركوع والسجود والصلاة فإنه مخالف لطريقة الصحابة، ومخالف لطريقة الأمة.
ووصفهم الله بأنهم ( يبتغون فضلاً من الله ورضواناً ) أي: يطلبون فضله ورضوانه.
ووصفهم في آخر الآية بقوله: كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّار [الفتح:29]، نقول لمن أبغضهم: إنهم قد أغاظوك، فأنت داخل في هذه الآية، فكل من أبغضهم قد صار في قلبه غيظ عليهم، وحقد وشنئان وبغضاء شنيعة لهم، لذلك نصفه بأنه داخل في هذه الآية، فمن أغاظه الصحابة فهو كافر، الله تعالى يقول: ( ليغيظ بهم الكفار ) فالمبغض لهم الذي أغاضه ما من الله به عليهم، من هؤلاء الكفار.
وقد مدح الله تعالى الصحابة بالسبق في قوله تعالى: وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ [التوبة:100] والسابقون يعني: المتقدمون من المهاجرين الذين أسلموا بمكة قبل الهجرة بعشر سنين وبثلاث عشرة سنة، ومن الأنصار الذين أسلموا قبل الهجرة بسنة أو سنتين أو أسلموا بعد الهجرة، ومن الذين اتبعوهم بإحسان يعني: ساروا على نهجهم واتبعوهم إلى يوم القيامة، مدح الله الجميع بقوله: وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْه [التوبة:100]، وهذا فضل كبير أن رضي الله عنهم ورضوا عنه، وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَار [التوبة:100] وما أعظمها من كرامة.
كذلك أيضاً مدحهم بالآيات التي في آخر سورة الأنفال فقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّه [الأنفال:72] آمنوا إيماناً ثابتاً راسخاً في قلوبهم، وهاجروا من بلادهم التي هي بلاد كفر إلى بلاد الإسلام، وجاهدوا بالأموال، وجاهدوا بالأنفس، بذلوا كل ما يملكونه من الأموال، وبذلوا أنفسهم في سبيل الله، هؤلاء هم المهاجرون، وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا [الأنفال:72] أي: الأنصار الذين آووا إخوانهم ونصروهم أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْض [الأنفال:72]، ثم قال بعد ذلك: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا [الأنفال:74] مدحهم بأنهم المؤمنون حقاً، ثم قال بعد ذلك: وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا [الأنفال:75] أي: المتأخرون الذين آمنوا في آخر الأمر وهاجروا وجاهدوا فَأُوْلَئِكَ مِنْكُم [الأنفال:75] وما أعظمها من مزايا لهؤلاء الصحابة، ولكن الرافضة قوم لا يعقلون.. قوم لا خلاق لهم.
وقال الله تعالى في سورة الحديد: لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَل [الحديد:10] يعني: السابقون الذين أنفقوا وقاتلوا -سواءً من المهاجرين أو الأنصار- قبل الفتح، يعني: قبل صلح الحديبية الذي فتح الله به على المؤمنين أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْد وَقَاتَلُوا [الحديد:10] يعني: بعد الفتح، ولكن يقول الله تعالى وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى [الحديد:10] وعد الله المتقدم منهم والمتأخر بالحسنى، وهو الثواب الكبير والثواب العظيم.
وكذلك لما ذكر الله تقسيم الفيء في سورة الحشر، ذكر أن أول من يستحقه هؤلاء الفقراء من المهاجرين الذين هاجروا بأنفسهم وتركوا ديارهم، وتركوا أموالهم وعشائرهم وأهليهم ونجوا بأنفسهم الَّذِينَ أُخْرِجُوا [الحشر:8] لما ضيق عليهم هربوا، أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ [الحشر:8] لماذا؟ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ [الحشر:8] ثم قال في الأنصار: وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِم [الحشر:9] أي: هؤلاء الأنصار يحبون المهاجرين؛ لأنهم إخوانهم وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا [الحشر:9] لو أعطي المهاجرون ما أعطوا من الفيء ومن الغنائم ما غضب أولئك الأنصار، بل يوافقون على ذلك وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ [الحشر:9] أي: يقدم الأنصار إخوانهم من المهاجرين على أنفسهم وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ [الحشر:9] أي: جوع وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [الحشر:9]، ثم قال: وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِم [الحشر:10] سواءً كانوا آخر الصحابة الذين أسلموا بعد الفتح، أو الذين جاءوا بعدهم إلى يوم القيامة، هؤلاء منهم بشرط أن يدعو لهم، وأن يقولوا: (ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا)، ومن كان في قلبه غل وحقد وبغض وشنئان وغضب عليهم، فإنه بريء منهم، ولأجل ذلك استنبط العلماء أن الذين في قلوبهم غل على الصحابة وحقد عليهم ولا يدعون لهم بقولهم: (ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان)؛ فليسوا من أهل الفيء ولا يستحقون أن يعطوا من بيت المال؛ وذلك لحقدهم على المسلمين وبالأخص الصحابة رضي الله عنهم.
وقد اشتهر أن هؤلاء الرافضة يبغضون الصحابة ويدعون عليهم ويشتمونهم، ولكن ذلك لا يضر الصحابة بل فيه خير لهم؛ لأنهم قد ختم على أعمالهم وانتهت أعمارهم، وحصلوا على ما حصلوا عليه من الثواب، وتستمر لهم الحسنات من هؤلاء الذين يسبونهم، روي عن بعض السلف أنه قال: ما أرى الناس ابتلوا بسب الصحابة إلا ليجري عليهم عملهم، أي: ليكون عمل الصحابة مستمراً غير منقطع، فيأخذون من حسنات هؤلاء الذين يسبونهم، وكأنهم لما حقدوا عليهم ورأوا أنهم ضلال وكفار عاد الضلال والكفر على هؤلاء والعياذ بالله، ودخلوا في قوله تعالى: لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ [الفتح:29].
تفاضل الصحابة رضوان الله عليهم
فالله لم يستثن أحداً من أهل البيعة، ولهذا ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال: (لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة) أي: كلهم من أهل الجنة، وسمعنا أنه صلى الله عليه وسلم قال للمتأخرين من الصحابة كالذين أسلموا بعد صلح الحديبية أو في سنة ثمان وما بعدها: (لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه) المد: ربع الصاع، والنصيف: نصف المد، أي: لو أن أحدكم أنفق نفقة من الذهب مثل هذا الجبل الذي يضرب به المثل في عظمه وضخامته ما بلغ مد أحدهم، سواءً من طعام أو نحوه، فكيف بمن أنفقوا أكثر أموالهم أو كلها في سبيل الله رضي الله عنهم وأرضاهم.
تزكية الله عز وجل لسائر الصحابة
وزكاهم بقوله تعالى: وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ [التوبة:100].
وزكاهم بقوله: لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَة [التوبة:117].
وزكاهم بقوله تعالى: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ [الفتح:18]. فعلم الله أن قلوبهم مؤمنة الإيمان الصادق.
وزكاهم بقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [الأنفال:72] والآيات كثيرة كما تقدم، وإذا كان الله تعالى هو الذي زكاهم فلابد أن هذه التزكية لها أثرها، بمعنى: أنهم عدول، وأنه لا يطعن فيهم طاعن، فمن طعن فيهم فقد كذب خبر الله، ولا شك أن من كذب خبر الله تعالى وكذب ما جاء من عند الله يعتبر كافراً، حيث إنه خالف كلام الله، وطعن فيما أخبر الله به، فالله تعالى يعلم ما كان وما يكون، ويعلم بإيمانهم ويطلع على ما في قلوبهم، ولهذا قال: فعلم ما في قلوبهم علم الله أن قلوبهم مطمئنة بالإيمان، فإذاً: الذين طعنوا فيهم يطعنون في الله تعالى وأنه لم يعلم أنهم سوف يرتدون، وهذا هو معتقد الرافضة، فهم يقولون: إن هذه الفضائل التي ذكروا بها كانت قبل أن يرتدوا، وبطل مفعولها بعد أن ارتدوا، فهم بذلك يكفرون أجلاء الصحابة، وعليه فهم يطعنون فيما أخبر الله به، ولازم قولهم أن الله لم يعلم ما في قلوبهم.
الصحابة خير الناس بعد الأنبياء
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة)، ولما قال لأصحابه: (إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة، قالوا: الله أكبر! فقال: إني لأرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة.).
وقد زكاهم الله بقوله: ثُلَّةٌ مِنَ الأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِنَ الآخِرِينَ [الواقعة:13-14] يراد بالأولين -على الصحيح- الأولون من هذه الأمة، أي: الصحابة، فذكر أن الأكثر من السابقين الأولين هم من القرن الأول الذين هم الصحابة، وكذلك من تبعهم وسار على نهجهم.
حب الصحابة رضي الله عنهم جميعاً من الإيمان، ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للأنصار: (لا يحبهم إلا مؤمن، ولا يبغضهم إلا منافق) ومعلوم أن المهاجرين أقدم من الأنصار، وأفضل منهم، والله تعالى يقدم ذكرهم على الأنصار في القرآن، ومع ذلك فالأنصار لهم ميزتهم ولهم فضلهم، ولهم مكانتهم في السبق والفضل، كذلك أيضاً قد أثنى الله تعالى على جميع الصحابة كقوله تعالى: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَه [الفتح:29] فلم يخص الله بعضهم، بل قال: ( والذين معه ) أي: كل الذين يجاهدون معه، والذين يجالسونه، والذين يصلون معه، كلهم مدحهم الله بقوله: أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ [الفتح:29] هذا وصف لهم، وينبغي أن يكون هذا الوصف في أتباعهم، وهو أن تكون أيها المسلم! شديداً على الكفار رحيماً بالمؤمنين ( أشداء على الكفار ) يعني: تبغضهم وتمقتهم وتحقر شأنهم وتغلظ لهم القول، وتتبرأ من طريقتهم، وتجاهدهم بما تستطيع من أنواع الجهاد، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِم [التوبة:73] فوصف الله الصحابة بأنهم أشداء على الكفار، وكأنه يمدح الذين كانوا على هذه الطريقة في الشدة على الكفار، ومدحهم بأنهم رحماء بينهم، أي: يرحم بعضهم بعضاً، وما أجله من وصف أن يكون المؤمن رحيماً بإخوانه مشفقاً عليهم، محباً لهم؛ لأنهم مسلمون وهو مسلم.
ووصف الله الصحابة بقوله: تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ [الفتح:29] سيماهم التي هي علامة على وجوههم من كثرة سجودهم، ( ركعاً سجداً ) دائماً يشتغلون بالركوع والسجود، وهذا دليل على أن من أخل بهذا الوصف وترك الركوع والسجود والصلاة فإنه مخالف لطريقة الصحابة، ومخالف لطريقة الأمة.
ووصفهم الله بأنهم ( يبتغون فضلاً من الله ورضواناً ) أي: يطلبون فضله ورضوانه.
ووصفهم في آخر الآية بقوله: كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّار [الفتح:29]، نقول لمن أبغضهم: إنهم قد أغاظوك، فأنت داخل في هذه الآية، فكل من أبغضهم قد صار في قلبه غيظ عليهم، وحقد وشنئان وبغضاء شنيعة لهم، لذلك نصفه بأنه داخل في هذه الآية، فمن أغاظه الصحابة فهو كافر، الله تعالى يقول: ( ليغيظ بهم الكفار ) فالمبغض لهم الذي أغاضه ما من الله به عليهم، من هؤلاء الكفار.
وقد مدح الله تعالى الصحابة بالسبق في قوله تعالى: وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ [التوبة:100] والسابقون يعني: المتقدمون من المهاجرين الذين أسلموا بمكة قبل الهجرة بعشر سنين وبثلاث عشرة سنة، ومن الأنصار الذين أسلموا قبل الهجرة بسنة أو سنتين أو أسلموا بعد الهجرة، ومن الذين اتبعوهم بإحسان يعني: ساروا على نهجهم واتبعوهم إلى يوم القيامة، مدح الله الجميع بقوله: وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْه [التوبة:100]، وهذا فضل كبير أن رضي الله عنهم ورضوا عنه، وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَار [التوبة:100] وما أعظمها من كرامة.
كذلك أيضاً مدحهم بالآيات التي في آخر سورة الأنفال فقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّه [الأنفال:72] آمنوا إيماناً ثابتاً راسخاً في قلوبهم، وهاجروا من بلادهم التي هي بلاد كفر إلى بلاد الإسلام، وجاهدوا بالأموال، وجاهدوا بالأنفس، بذلوا كل ما يملكونه من الأموال، وبذلوا أنفسهم في سبيل الله، هؤلاء هم المهاجرون، وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا [الأنفال:72] أي: الأنصار الذين آووا إخوانهم ونصروهم أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْض [الأنفال:72]، ثم قال بعد ذلك: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا [الأنفال:74] مدحهم بأنهم المؤمنون حقاً، ثم قال بعد ذلك: وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا [الأنفال:75] أي: المتأخرون الذين آمنوا في آخر الأمر وهاجروا وجاهدوا فَأُوْلَئِكَ مِنْكُم [الأنفال:75] وما أعظمها من مزايا لهؤلاء الصحابة، ولكن الرافضة قوم لا يعقلون.. قوم لا خلاق لهم.
وقال الله تعالى في سورة الحديد: لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَل [الحديد:10] يعني: السابقون الذين أنفقوا وقاتلوا -سواءً من المهاجرين أو الأنصار- قبل الفتح، يعني: قبل صلح الحديبية الذي فتح الله به على المؤمنين أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْد وَقَاتَلُوا [الحديد:10] يعني: بعد الفتح، ولكن يقول الله تعالى وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى [الحديد:10] وعد الله المتقدم منهم والمتأخر بالحسنى، وهو الثواب الكبير والثواب العظيم.
وكذلك لما ذكر الله تقسيم الفيء في سورة الحشر، ذكر أن أول من يستحقه هؤلاء الفقراء من المهاجرين الذين هاجروا بأنفسهم وتركوا ديارهم، وتركوا أموالهم وعشائرهم وأهليهم ونجوا بأنفسهم الَّذِينَ أُخْرِجُوا [الحشر:8] لما ضيق عليهم هربوا، أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ [الحشر:8] لماذا؟ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ [الحشر:8] ثم قال في الأنصار: وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِم [الحشر:9] أي: هؤلاء الأنصار يحبون المهاجرين؛ لأنهم إخوانهم وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا [الحشر:9] لو أعطي المهاجرون ما أعطوا من الفيء ومن الغنائم ما غضب أولئك الأنصار، بل يوافقون على ذلك وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ [الحشر:9] أي: يقدم الأنصار إخوانهم من المهاجرين على أنفسهم وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ [الحشر:9] أي: جوع وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [الحشر:9]، ثم قال: وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِم [الحشر:10] سواءً كانوا آخر الصحابة الذين أسلموا بعد الفتح، أو الذين جاءوا بعدهم إلى يوم القيامة، هؤلاء منهم بشرط أن يدعو لهم، وأن يقولوا: (ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا)، ومن كان في قلبه غل وحقد وبغض وشنئان وغضب عليهم، فإنه بريء منهم، ولأجل ذلك استنبط العلماء أن الذين في قلوبهم غل على الصحابة وحقد عليهم ولا يدعون لهم بقولهم: (ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان)؛ فليسوا من أهل الفيء ولا يستحقون أن يعطوا من بيت المال؛ وذلك لحقدهم على المسلمين وبالأخص الصحابة رضي الله عنهم.
وقد اشتهر أن هؤلاء الرافضة يبغضون الصحابة ويدعون عليهم ويشتمونهم، ولكن ذلك لا يضر الصحابة بل فيه خير لهم؛ لأنهم قد ختم على أعمالهم وانتهت أعمارهم، وحصلوا على ما حصلوا عليه من الثواب، وتستمر لهم الحسنات من هؤلاء الذين يسبونهم، روي عن بعض السلف أنه قال: ما أرى الناس ابتلوا بسب الصحابة إلا ليجري عليهم عملهم، أي: ليكون عمل الصحابة مستمراً غير منقطع، فيأخذون من حسنات هؤلاء الذين يسبونهم، وكأنهم لما حقدوا عليهم ورأوا أنهم ضلال وكفار عاد الضلال والكفر على هؤلاء والعياذ بالله، ودخلوا في قوله تعالى: لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ [الفتح:29].
الفضل يعم المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان، ولكن بلا شك أن الصحابة رضي الله عنهم يتفاوتون كما في قول الله تعالى في سورة الحديد: لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ [الحديد:10] يعني: صلح الحديبية وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى [الحديد:10] فنحن نفضل السابقين الذين أدركوا بيعة الرضوان التي رضي الله بها عنهم، وأنزل فيهم قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِم [الفتح:10] وذلك في صلح الحديبية تحت شجرة، حيث قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: (بايعوني)، وكانوا نحو ألف وأربعمائة وزيادة، وكلهم بايعوه على أن يقاتلوا ولا يفروا حتى ولو ماتوا، وجاء عن بعضهم قوله: إننا بايعناه على الموت، وقيل: بايعوه على ألا يفروا، وكلها متلازمة، يعني: أنا لا نفر، بل نقاتل إلى أن ينصرنا الله أو نقتل دونك، هكذا بايعوه، وصدقوا في ذلك، قال الله تعالى في وصفه لهم: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا [الأحزاب:23] صدقوا في النصرة، ووفوا بهذه البيعة، وحصل أن الله رضي عنهم، يقول تعالى: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا [الفتح:18]، ولا شك أن من رضي الله عنهم فإنهم يثبتون على هذا الرضا، ولا يمكن أن يسخط الله عليهم وقد علم أنهم أهل للرضا، إذ كيف يرضى عنهم وهو يعلم أنهم سيرتدون أو سيكفرون فيما بعد؟
فالله لم يستثن أحداً من أهل البيعة، ولهذا ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال: (لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة) أي: كلهم من أهل الجنة، وسمعنا أنه صلى الله عليه وسلم قال للمتأخرين من الصحابة كالذين أسلموا بعد صلح الحديبية أو في سنة ثمان وما بعدها: (لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه) المد: ربع الصاع، والنصيف: نصف المد، أي: لو أن أحدكم أنفق نفقة من الذهب مثل هذا الجبل الذي يضرب به المثل في عظمه وضخامته ما بلغ مد أحدهم، سواءً من طعام أو نحوه، فكيف بمن أنفقوا أكثر أموالهم أو كلها في سبيل الله رضي الله عنهم وأرضاهم.
زكى الله تعالى الصحابة بقوله: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ [الفتح:29] كل الذين معه، يعني: على الإسلام أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُم [الفتح:29] إلى آخر الآيات.
وزكاهم بقوله تعالى: وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ [التوبة:100].
وزكاهم بقوله: لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَة [التوبة:117].
وزكاهم بقوله تعالى: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ [الفتح:18]. فعلم الله أن قلوبهم مؤمنة الإيمان الصادق.
وزكاهم بقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [الأنفال:72] والآيات كثيرة كما تقدم، وإذا كان الله تعالى هو الذي زكاهم فلابد أن هذه التزكية لها أثرها، بمعنى: أنهم عدول، وأنه لا يطعن فيهم طاعن، فمن طعن فيهم فقد كذب خبر الله، ولا شك أن من كذب خبر الله تعالى وكذب ما جاء من عند الله يعتبر كافراً، حيث إنه خالف كلام الله، وطعن فيما أخبر الله به، فالله تعالى يعلم ما كان وما يكون، ويعلم بإيمانهم ويطلع على ما في قلوبهم، ولهذا قال: فعلم ما في قلوبهم علم الله أن قلوبهم مطمئنة بالإيمان، فإذاً: الذين طعنوا فيهم يطعنون في الله تعالى وأنه لم يعلم أنهم سوف يرتدون، وهذا هو معتقد الرافضة، فهم يقولون: إن هذه الفضائل التي ذكروا بها كانت قبل أن يرتدوا، وبطل مفعولها بعد أن ارتدوا، فهم بذلك يكفرون أجلاء الصحابة، وعليه فهم يطعنون فيما أخبر الله به، ولازم قولهم أن الله لم يعلم ما في قلوبهم.
استمع المزيد من الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح العقيدة الطحاوية [87] | 2715 استماع |
شرح العقيدة الطحاوية [60] | 2631 استماع |
شرح العقيدة الطحاوية [1] | 2591 استماع |
شرح العقيدة الطحاوية [79] | 2565 استماع |
شرح العقيدة الطحاوية [93] | 2472 استماع |
شرح العقيدة الطحاوية [77] | 2408 استماع |
شرح العقيدة الطحاوية [53] | 2387 استماع |
شرح العقيدة الطحاوية [99] | 2373 استماع |
شرح العقيدة الطحاوية [71] | 2336 استماع |
شرح العقيدة الطحاوية [31] | 2301 استماع |