خطب ومحاضرات
شرح العقيدة الطحاوية [34]
الحلقة مفرغة
قال الشارح رحمه الله تعالى: [ولا يتم إنكار الفوقية إلا بإنكار الرؤية، ولهذا طرد الجهمية النفيين، وصدق أهل السنة بالأمرين معاً، وأقروا بهما، وصار من أثبت الرؤية ونفى العلو مذبذباً بين ذلك، لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء!
وهذه الأنواع من الأدلة لو بسطت أفرادها لبلغت نحو ألف دليل، فعلى المتأول أن يجيب عن ذلك كله! وهيهات له بجواب صحيح عن بعض ذلك!
وكلام السلف في إثبات صفة العلو كثير جداً، فمنه: ما روى شيخ الإسلام أبو إسماعيل الأنصاري في كتابه الفاروق بسنده إلى مطيع البلخي : أنه سأل أبا حنيفة عمن قال: لا أعرف ربي في السماء أم في الأرض؟ فقال: قد كفر؛ لأن الله يقول: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:5] وعرشه فوق سبع سماوات.
قلت: فإن قال: إنه على العرش، ولكن يقول: لا أدري العرش في السماء أم في الأرض؟
قال: هو كافر؛ لأنه أنكر أنه في السماء، فمن أنكر أنه في السماء فقد كفر.
وزاد غيره: لأن الله في أعلى عليين، وهو يدعى من أعلى لا من أسفل. انتهى.
ولا يلتفت إلى من أنكر ذلك ممن ينتسب إلى مذهب أبي حنيفة ، فقد انتسب إليه طوائف معتزلة وغيرهم مخالفون له في كثير من اعتقاداته، وقد ينتسب إلى مالك والشافعي وأحمد من يخالفهم في بعض اعتقاداتهم، وقصة أبي يوسف في استتابته لـبشر المريسي لما أنكر أن يكون الله عز وجل فوق العرش مشهورة، رواها عبد الرحمن بن أبي حاتم وغيره.
ومن تأول (فوق) بأنه خير من عباده وأفضل منهم، وأنه خير من العرش وأفضل منه كما يقال: الأمير فوق الوزير، والدينار فوق الدرهم، فذلك مما تنفر عنه العقول السليمة، وتشمئز منه القلوب الصحيحة! فإن قول القائل ابتداءً: الله خير من عباده، وخير من عرشه. من جنس قوله: الثلج بارد، والنار حارة، والشمس أضوأ من السراج، والسماء أعلى من سقف الدار، والجبل أثقل من الحصى، ورسول الله أفضل من فلان اليهودي، والسماء فوق الأرض!! وليس في ذلك تمجيد ولا تعظيم ولا مدح، بل هو من أرذل الكلام وأسمجه وأهجنه! فكيف يليق بكلام الله الذي لو اجتمع الإنس والجن على أن يأتوا بمثله لما أتوا بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً!! بل في ذلك تنقص كما قيل في المثل السائر:
ألم تر أن السيف ينقص قدره إذا قيل إن السيف أمضى من العصا
ولو قال قائل: الجوهر فوق قشر البصل وقشر السمك! لضحك منه العقلاء؛ للتفاوت الذي بينهما، فالتفاوت الذي بين الخالق والمخلوق أعظم وأعظم، بخلاف ما إذا كان المقام يقتضي ذلك، بأن كان احتجاجاً على مبطل، كما في قول يوسف الصديق عليه السلام: أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ [يوسف:39] ، وقوله تعالى: آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ [النمل:59] ، ووَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى [طه:73]].
يبين الشارح بهذا الرد على هؤلاء المتأولين لهذه الأدلة التي يقول المصنف: إنها لو بسطت أفرادها لبلغت ألف دليل، وهم يعجزون عن أن يجيبوا عنها دليلاً دليلاً، ولذلك سلكوا في التخلص منها مسالك رديئة، فقالوا: إن معنى قوله: وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ [الأنعام:18] أي: خير من عباده،كما يقال مثلاً: هذا الطعام فوق هذا الطعام. يعني: خيراً منه، أو: هذه الشاة فوق هذا الشاة. يعني: أفضل منها، وما أشبه ذلك، فتأولوا قوله: وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ بمعنى: خير من عباده.
ولا شك أن هذا من الكلام الذي لا فائدة فيه، ومثلها الأمثلة التي ذكرها الشارح، فلا شك أنه لا مناسبة بين الخالق والمخلوق حتى يقال: إن الله خير من عباده لأمور منها:
أولاً: أنه سماهم (عباده) وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ فكيف يقال: وهو القاهر الذي هو خير منهم؟!
ثانياً: ولله المثل الأعلى لا يقال في ملك يملك الكثير من البلاد: هذا الملك خير من هذا المملوك الذي هو عبد ذليل؛ لأنه لا مناسبة بينهما، لو قال ذلك أحد لاستحق التأديب، كيف يقال: إن هذا خير من هذا مع أنه لا مناسبة ولا مقاربة بينهما؟! فكذلك لا يقال: (فوق عباده) أي: خير من عباده.
وكذلك بقية الكلام الذي سمعنا، لا شك أنه كلام بارد سامج، كقولهم: السماء فوقنا، والأرض تحتنا، والشمس حارة، أو الشمس أضوأ من السراج، لا مناسبة بينهما حتى يقال ذلك.
وضرب المصنف المثل بهذا البيت:
ألم تر أن السيف ينقص قدره إذا قيل إن السيف أمضى من العصا
صحيح أن السيف أمضى من العصا، ولكن ينقص قدر السيف إذا قيل ذلك، فلا مناسبة بينهما، فالسيف له قدره، والعصا أنقص قدرة منه.
وكذلك لو قال قائل: الجوهر -الذي هو من أنفس ما يدخر- خير من قشر البصل، أو من قشر السمك. هذا صحيح، ولكن من سمع هذا استهزأ بقائله، وقال: لا مناسبة بينهما؛ فبذلك يعرف أن هذا الكلام كلام رديء، وأنه لا مناسبة له.
ويجب أن تفسر هذه الآيات بالمعاني التي تناسبها، فيقال في الفوقية: إنها فوقية القدر، وفوقية الذات، وفوقية القهر والغلبة.
ويقال أيضاً في العلو: إن الله تعالى عالٍ بجميع أنواع العلو، ومن ذلك علو الذات.
ويقال في بقية الأدلة مثل ذلك، وهذه الأدلة بأنواعها التي لو بسطت لبلغت أفرادها ألف دليل، فلو اجتمع منها عشرة فقط لصعب التخلص منها فكيف إذا اجتمع مائة دليل؟! فكيف إذا اجتمع ما يقرب من ألف دليل؟! كيف يجيبون عنها ويتخلصون منها؟!!
إذاً: ليس لهم إلا أن يسلموا بهذه الصفة التي هي صفة العلو لله سبحانه وتعالى، ويؤمنون بأن الله هو العلي الأعلى، ويعترفون بصفاته التي منها: أنه قريب منهم، وأنه مطلع عليهم، وأن علوه وارتفاعه على خلقه لا يلزم منه غيبة ولا بعد، ولا خفاء شيء عليه كما أخبر بذلك في كتابه في قوله تعالى: وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ [يونس:61] يعني: وما يغيب عنه ويذهب عليه مثقال ذرة مما في السماوات ومما في الأرض، وكذلك قوله تعالى: وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ [الأعراف:7] أي: أنه تعالى ليس غائباً عن عباده، بل هو مطلع عليهم، سأل بعض الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: (يا رسول الله! أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه؟ فأنزل الله: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ [البقرة:186]) فعند ذلك أمرهم أن يناجوا ربهم، وأن يسألوه سراً، ولما رفع الصحابة أصواتهم مرة بالتكبير، وكانوا في سفر، فقال لهم صلى الله عليه وسلم: (أيها الناس! إنكم لا تدعون أصماً ولا غائباً، إنما تدعون سميعاً قريباً، إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته) فأمرهم أن يدعوا ربهم سراً، وأن يناجوا ربهم، ويذكروه، ويستحضروا عظمته، فإنه يعلم سرهم ونجواهم، ومتى استشعر العبد هذه الصفة التي هي صفة الفوقية والقهر والغلبة، واستشعر صفة القرب والمناجاة ونحو ذلك؛ حمله ذلك على أن يعظم ربه، وأن يعبده حق عبادته.
الأدلة العقلية على علو الله سبحانه
[وإنما يثبت هذا المعنى من الفوقية في ضمن ثبوت الفوقية المطلقة من كل وجه، فله سبحانه وتعالى فوقية القهر، وفوقية القدر، وفوقية الذات، ومن أثبت البعض ونفى البعض فقد تنقص.
وعلوه تعالى مطلق من كل الوجوه، فإن قالوا: بل علو المكانة لا المكان، فالمكانة: تأنيث المكان، والمنزلة: تأنيث المنزل، فلفظ (المكانة والمنزلة) تستعمل في المكانات النفسانية والروحانية، كما يستعمل لفظ المكان والمنزل في الأمكنة الجسمانية، فإذا قيل: لك في قلوبنا منزلة، ومنزلة فلان في قلوبنا، وفي نفوسنا أعظم من منزلة فلان، كما جاء في الأثر: (إذا أحب أحدكم أن يعرف كيف منزلته عند الله، فلينظر كيف منزلة الله في قلبه، فإن الله ينزل العبد من نفسه حيث أنزله العبد من قلبه)، فقوله: (منزلة الله في قلبه): هو ما يكون في قلبه من معرفة الله ومحبته وتعظيمه وغير ذلك، فإذا عرف أن (المكانة والمنزلة) تأنيث المكان والمنزل، والمؤنث فرع على المذكر في اللفظ والمعنى، وتابع له، فعلو المثل الذي يكون في الذهن يتبع علو الحقيقة، إذا كان مطابقاً كان حقاً، وإلا كان باطلاً.
فإن قيل: المراد علوه في القلوب، وأنه أعلى في القلوب من كل شيء. قيل: وكذلك هو، وهذا العلو مطابق لعلوه في نفسه على كل شيء، فإن لم يكن عالياً بنفسه على كل شيء كان علوه في القلوب غير مطابق، كمن جعل ما ليس بأعلى أعلى.
وعلوه سبحانه وتعالى كما هو ثابت بالسمع، ثابت بالعقل والفطرة، أما ثبوته بالعقل فمن وجوه:
أحدها: العلم البديهي القاطع بأن كل موجودين، إما أن يكون أحدهما سارياً في الآخر، قائماً به كالصفات، وإما أن يكون قائماً بنفسه بائناً من الآخر.
الثاني: أنه لما خلق العالم، فإما أن يكون خلقه في ذاته أو خارجاً عن ذاته، والأول باطل.
أما أولاً: فبالاتفاق، وأما ثانياً: فلأنه يلزم أن يكون محلاً للخسائس والقاذورات تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
والثاني: يقتضي كون العلم واقعاً خارج ذاته، فيكون منفصلاً، فتعينت المباينة؛ لأن القول بأنه غير متصل بالعالم وغير منفصل عنه غير معقول.
الثالث: أن كونه تعالى لا داخل العالم ولا خارجه يقتضي نفي وجوده بالكلية؛ لأنه غير معقول، فيكون موجوداً إما داخله وإما خارجه، والأول باطل، فتعين الثاني، فلزمت المباينة].
العلو على ثلاثة أنواع: علو الذات، وعلو القدر، وعلو القهر. وكذلك الفوقية: فوقية القدر، وفوقية القهر، وفوقية الذات. وفوقية القدر مثل أن يقال: الذهب فوق الفضة. يعني: فوقها قدراً، هذه فوقية القدر، وفوقية القهر:كأن يقال: الأمير فوق الرعية. يعني: فوقية قهر، أي: قاهراً لهم. وفوقية الذات كأن يقال: الأمير فوق الكرسي. يعني: أنه فوقه بذاته، فنثبت لله تعالى الفوقية بأنواعها، والعلو بأنواعه، وإذا أثبتنا لله فوقية الذات فإننا نثبت مع ذلك قربه ومعيته ومراقبته لعباده، وكونه لا تخفى عليه خافية، بل هو قريب منهم كما أخبر عن نفسه بقوله: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ [البقرة:186].
فالذين تأولوا أن قوله تعالى: وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ [الأنعام:18] ، وقالوا: المراد: فوقية الغلبة، واستدلوا بكلمة (القهر)، يرد عليهم بأن هذا نوع من أنواع الفوقية، وقد دل على النوع الثاني قوله تعالى: يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [النحل:50] فإن هذه الآية لا تحتمل أنها فوقية القهر، بل هي فوقية الذات. يعني: أنهم يخافون ربهم، وربهم فوقهم، ومع ذلك فهو مطلع عليهم وقريب منهم.
كذلك (العلو) قد يستعمل بمعنى: الغلبة، كما حكى الله عن فرعون أنه قال: أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى [النازعات:24] ، فأراد بالعلو هنا: الغالب. يعني: أنا الغالب، وأنا القاهر، وأنا المتصرف، وأنا المالك، فهذا نوع من أنواع العلو، فالله تعالى وصف نفسه بقوله: إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى [الليل:20] ، فنقول: (الأعلى) علو غلبة، وعلو قهر، وعلو قدر وذات، فله أنواع العلو كلها، ولا يلزم من ذلك أن يكون محتاجاً إلى شيء من مخلوقاته، بل هو غني عن العرش وما دونه كما تقدم.
وصفة العلو دل عليها العقل والفطرة، كما دل عليها النقل، فالنصوص التي وردت فيها أكثر من أن تحصر، وكلها دالة على صفة العلو، والفطرة والعقل تدل على صفة العلو عند كل عاقل، أما صفة الاستواء فدل عليها النقل، فدلت عليها النصوص والآيات الصريحة التي لا تحتمل التأويل، وقد ذكر العلماء في تفسير آيات الاستواء ما يدل على أنهم متفقون على دلالتها على العلو، حيث إنها عديت بـ(على) كما في قوله تعالى: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:5] فكلمة (على) تدل على الفوقية، أي: فوق العرش.
معاني قوله تعالى: (ثم استوى على العرش)
قال بعضهم: اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ [الأعراف:54] يعني: استقر عليه.
وقال بعضهم: (استوى على العرش): ارتفع عليه.
وقال آخرون: (استوى) يعني: علا.
وقال آخرون: (استوى) يعني: صعد. كما نظم ذلك ابن القيم في النونية بقوله لما ذكر أدلة الاستواء، وأنها سبع آيات فيها ثبوت الاستواء على العرش يقول:
وكذلك اطردت بـلا (لام) ولو كانت بمعنى (اللام) في الأذهان
لأدت بها في موضع كي يحمل الباقي عليها وهو ذو إمكان
اطردت في السبع الآيات بلفظ: (استوى)، وما منها موضع واحد جاء بـ(اللام) استولى، فالسلف فسروها بأربعة تفاسير، وذكر ذلك بقوله:
ولهم عبارات عليها أربع قد حررت للفارس الطعان
وهي استقر وقد علا وكذلك ارتفع الذي ما فيه من نكران
وكذاك قد صعد الذي هو رابع وأبو عبيدة صاحب الشيباني
يختار هذا القول في تفسيـره أدرى من الجهمي بالقرآن
وأبو عبيدة هو معمر بن المثنى من علماء اللغة فسر قوله: (استوى على العرش) أي: صعد، وكان من علماء اللغة، وذكروا أنه طرق عليه بعض أصحابه الباب، وكان في غرفة في أعلى بيته، فأطل عليهم من تحت وقال: استووا. أي: اصعدوا إلي. فدل على أن كلمة (استوى) تأتي بمعنى: صعد.
وعلى كل حال: فالاستواء دل عليه النقل، ولا يخالف العقل، وكل الأدلة تؤيد العقل، وعرف بذلك أن الاستواء قد دل عليه السمع، وأن العلو قد دل عليه النقل والعقل وهو الفطرة.
وأما تأويلات المتأولين بأن المراد: علو المكانة، أو علو المنزلة، وأن هذا مثل قولهم: فلان له مكانة في قلبي، أو له منزلة في نفسي، وفسروا العلو بعلو المكانة؛ فهذا خلاف الظاهر، وإذا قلنا: إن الله فوق عباده فلا يلزم أن يكون محتاجاً إلى شيء من مخلوقاته، بل هو لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11] .
يقول الشارح: كلمة (المكانة والمنزلة) تأنيث المكان والمنزل، وعلى هذا يكونون قد أثبتوا مكاناً ومنزلاً، وسواء كان ذلك المكان في قلوب العباد أو فوق العباد فلابد أنهم قد أثبتوه.
وذكر الشارح أن العقل دل على انفصال الخالق عن المخلوق وتميزه عنه، وأنه لا يمكن أن يكون الخالق مختلطاً بالمخلوق، فإن ذلك يلزم منه أنه محل لحلول الحوادث.
وأما قول الفلاسفة: أنه لا داخل العالم ولا خارجه، فهو قول بالنفي المحض، فالشيء الذي لا داخل العالم ولا خارجه هو المعدوم حقاً، فكأنهم لا يثبتون إلهاً تعالى الله عن قولهم، بخلاف أهل السنة الذين أثبتوا أنه فوق العالم، وأنه ليس في ذاته شيء من مخلوقاته، ولا في مخلوقاته شيء من ذاته، وأنه خلق خلقه متميزين عنه، والجميع خلقه، وهو الذي ابتدأ خلقهم وأنشأهم وقال لأحدهم: كُنْ فَيَكُونُ [البقرة:117]
، كما أخبر بذلك، فالخلق خلقه، والأمر أمره، والعباد عليهم أن يعبدوه وأن يصفوه بصفاته التي هي صفات الكمال.
الرد العقلي على من أنكر صفة العلو
وذكر محمد بن طاهر المقدسي أن الشيخ أبا جعفر الهمذاني حضر مجلس الأستاذ أبي المعالي الجويني المعروف بإمام الحرمين، وهو يتكلم في نفي صفة العلو، ويقول: كان الله ولا عرش، وهو الآن على ما كان! فقال الشيخ أبو جعفر : أخبرنا يا أستاذ عن هذه الضرورة التي نجدها في قلوبنا؛ فإنه ما قال عارف قط: يا ألله! إلا وجد في قلبه ضرورة طلب العلو، لا يلتفت يمنة ولا يسرة، فكيف ندفع هذه الضرورة عن أنفسنا؟!
قال: فلطم أبو المعالي على رأسه ونزل! وأظنه قال: وبكى! وقال: حيرني الهمذاني .. حيرني الهمذاني ! أراد الشيخ: أن هذا أمر فطر الله عليه عباده، ومن غير أن يتلقوه من المعلمين، يجدون في قلوبهم طلباً ضرورياً يتوجه إلى الله ويطلبه في العلو.
وقد اعترض على الدليل العقلي بإنكار بداهته؛ لأنه أنكره جمهور العقلاء، فلو كان بديهياً لما كان مختلفاً فيه بين العقلاء، بل هو قضية وهمية خيالية.
والجواب عن هذا الاعتراض مبسوط في موضعه، ولكن أشير إليه هنا إشارة مختصرة، وهو أن يقال: إن العقل إن قبل قولكم فهو لقولنا أقبل، وإن رد العقل قولنا فهو لقولكم أعظم رداً، فإن كان قولنا باطلاً في العقل، فقولكم أبطل، وإن كان قولكم حقاً مقبولاً في العقل، فقولنا أولى أن يكون مقبولاً في العقل، فإن دعوى الضرورة مشتركة.
فإنا نقول: نعلم بالضرورة بطلان قولكم، وأنتم تقولون كذلك، فإذا قلتم: تلك الضرورة التي تحكم ببطلان قولنا هي من حكم الوهم لا من حكم العقل، قابلناكم بنظير قولكم، وعامة فطر الناس -ليسوا منكم ولا منا- يوافقونا على هذا، فإن كان حكم فطر بني آدم مقبولاً ترجحنا عليكم، وإن كان مردوداً غير مقبول بطل قولكم بالكلية، فإنكم إنما بنيتم قولكم على ما تدعون أنه مقدمات معلومة بالفطرة الآدمية، وبطلت عقلياتنا أيضاً، وكان السمع الذي جاءت به الأنبياء معنا لا معكم، فنحن مختصون بالسمع دونكم، والعقل مشترك بيننا وبينكم.
فإن قلتم: أكثر العقلاء يقولون بقولنا. قيل: ليس الأمر كذلك، فإن الذين يصرحون بأن صانع العالم ليس هو فوق العالم وليس فوق العالم شيء موجود، وأنه لا مباين للعالم ولا حال في العالم طائفة من النظار، وأول من عرف عنه ذلك في الإسلام جهم بن صفوان وأتباعه].
سمعنا هذه الدلالة العقلية على إثبات صفة العلو، وذكروا أن صفة الاستواء دل عليها الكتاب والسنة، وأما صفة العلو فدل عليها الكتاب والسنة والفطرة: فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا [الروم:30] ، فالناس مفطورون وقلوبهم موجهة إلى السماء، لا يقدرون أن ينكروا ذلك، إذا دعا أحدهم ربه رفع رأسه، حتى ذكروا أن الدواب إذا أجدبت ترفع رءوسها إلى السماء، وهذا أيضاً دليل على أن هذه الفطرة فطرة عامة، الخلق المكلف وغيره قد فطر على الخوف والرغبة من الله تعالى وأنه فوقه، وهذا دليل فطري.
الفطرة السليمة تدل على علو الله
ولما تكلم بهذا حير الجويني ، ولم يجد بداً من أن يستسلم وقال: حيرني الهمذاني .. حيرني الهمذاني ..!
فهذه فطرة الله التي فطر الخلق عليها، ولا يستطيعون إنكارها، لكن هؤلاء الذين أنكروها بعد أن كانوا مفطورين عليها إنما أنكروها عناداً، وإلا فلا شك أن قلوبهم تميل إلى أن الله فوق، ولكنهم لما تلقوا هذه العقيدة عن أكابرهم ومشايخهم لم يجدوا بداً من الاستسلام لها وعدم الاعتراض عليها، فهذا هو السبب في كونهم ينكرون ما هو ظاهر وما هو مشهور.
وقولهم: لو كانت فطرية لاستوى الناس فيها وفي الإقرار بها، فإن الناس كلهم ذوو عقول.
الجواب: أنه قد أقر بها من بقي على فطرته، وأما من تغيرت فطرته فلا يلتفت إلى إنكاره، فهؤلاء المنكرون تغيرت فطرتهم؛ بسبب تأثير البيئة أو المجتمع أو التربية السيئة. فصار لهم حالتان: إما أنهم مقرون بقلوبهم، ومنكرون بألسنتهم ما في قلوبهم من الميل إلى الفوقية، وإما أنهم تغيرت فطرتهم فلم يبق في قلوبهم ذلك الميل الذي كانوا عليه عندما ولدوا، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن الفطرة تتغير بالمجتمعات في قوله صلى الله عليه وسلم: (ما من مولود يولد إلا على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه) يعني: أنه مولود على الفطرة التي هي معرفة ربه، ومعرفة خالقه، والإقرار بفوقيته، ولكن أبواه ومجتمعه ومعلموه ومدربوه ومدرسوه هم الذين يغيرون تلك الفطرة إلى ما يعتقدونه، حتى يصير يهودياً أو نصرانياً أو مجوسياً أو وثنياً أو مبتدعاً جهمياً أو غيره، فالله تعالى فطر الناس على هذه الفطرة، ولكن هؤلاء أنكروا بزعمهم، وادعوا أن عقولهم لا تدل على هذه الفطرة.
والجواب: أن يقال:
قد أقر بهذه الفطرة الخلق الكثير الذين بقوا على عقيدتهم، وأنتم على ما أنتم عليه من إنكارها، فنقابل إقرار هؤلاء وإقرار هؤلاء فننظر أيهما أرجح، فنجد أن هؤلاء المقرين في جانبهم النقل وهو الكتاب والسنة، فيجتمع العقل والنقل فيكون أرجح من الذين ليس معهم إلا العقل.
جواب آخر وهو: أن عقول هؤلاء دائماً تتغير، وتختلف اختلافاً كثيراً، فتجد اثنين يتعلمان على معلم واحد ثم يختلفان، فهذا يقول: أنكر عقلي كذا. وهذا يقول: لم ينكره عقلي. ويبقى الواحد منهم برهة من الزمان قد تصل إلى أربعين سنة أو خمسين سنة وهو يقر ويعترف بهذا الأمر، ثم تغلب عليه بعض الأمور فتصرفه وينقلب ويقول: أنكره قلبي! بقيت أربعين أو خمسين سنة وقلبك مقر به، ثم بعد ذلك أنكره!
قد يكون بالعكس أيضاً: يتربى عشرين أو ثلاثين سنة وهو منكر له؛ تقليداً لمجتمعه ولمدرسيه ومعلميه، ثم بعد ذلك يمن الله عليه ويرجع إلى العقل السليم فيوافق عليه، فإذاً: اختلاف عقولهم دليل على عدم اتزانها.
وكذلك تفاوتهم وكون هذا يقر وهذا ينكر، أو هذا يقر زماناً ثم ينكر؛ دليل على أنها ليست معياراً، فالمعيار هو الشرع، وكذلك العقول السليمة.
من أدلة علو الله: رفع الأيدي عند الدعاء إلى جهة السماء
وأجيب عن هذا الاعتراض من وجوه:
أحدها: أن قولكم: إن السماء قبلة الدعاء. لم يقله أحد من سلف الأمة، ولا أنزل الله به من سلطان، وهذا من الأمور الشرعية الدينية، فلا يجوز أن يخفى على جميع سلف الأمة وعلمائها.
الثاني: أن قبلة الدعاء هي قبلة الصلاة، فإنه يستحب للداعي أن يستقبل القبلة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستقبل القبلة في دعائه في مواطن كثيرة، فمن قال: إن للدعاء قبلة غير قبلة الصلاة، أو إن له قبلتين؛ إحداهما: الكعبة، والأخرى السماء. فقد ابتدع في الدين، وخالف جماعة المسلمين.
الثالث: أن القبلة: هي ما يستقبله العابد بوجهه، كما تستقبل الكعبة في الصلاة والدعاء، والذكر، والذبح، وكما يوجه المحتضر والمدفون؛ ولذلك سميت (وجهة)، والاستقبال خلاف الاستدبار، فالاستقبال بالوجه، والاستدبار بالدبر، فأما ما حاذاه الإنسان برأسه أو يديه أو جنبه فهذا لا يسمى قبلة، لا حقيقة ولا مجازاً، فلو كانت السماء قبلة الدعاء، لكان المشروع أن يوجه الداعي وجهه إليها، وهذا لم يشرع، والموضع الذي ترفع اليد إليه لا يسمى قبلة، لا حقيقة ولا مجازاً، ولأن القبلة في الدعاء أمر شرعي تتبع فيه الشرائع، ولم تأمر الرسل أن الداعي يستقبل السماء بوجهه، بل نهوا عن ذلك، ومعلوم أن التوجه بالقلب، واللجأ والطلب الذي يجده الداعي من نفسه أمر فطري، يفعله المسلم والكافر، والعالم والجاهل، وأكثر ما يفعله المضطر والمستغيث بالله، كما فطر على أنه إذا مسه الضر يدعو الله، مع أن أمر القبلة مما يقبل النسخ والتحويل، كما تحولت القبلة من الصخرة إلى الكعبة.
وأمر التوجه في الدعاء إلى الجهة العلوية مركوز في الفطر، والمستقبل للكعبة يعلم أن الله تعالى ليس هناك، بخلاف الداعي، فإنه يتوجه إلى ربه وخالقه، ويرجو الرحمة أن تنزل من عنده.
وأما النقض بوضع الجبهة فما أفسده من نقض! فإن واضع الجبهة إنما قصده الخضوع لمن فوقه بالذل له، لا بأن يميل إليه إذ هو تحته! هذا لا يخطر في قلب ساجد.
لكن يحكى عن بشر المريسي أنه سمع وهو يقول في سجوده: سبحان ربي الأسفل!! تعالى الله عما يقول الظالمون والجاحدون علواً كبيراً!
وإن من أفضى به النفي إلى هذه الحال لحري أن يتزندق، إن لم يتداركه الله برحمته، وبعيد من مثله الصلاح، قال تعالى: وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّة [الأنعام:110] ، وقال تعالى: فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ [الصف:5] فمن لم يطلب الاهتداء من مظانه يعاقب بالحرمان، نسأل الله العفو والعافية.
وقوله: (وقد أعجز عن الإحاطة خلقه). أي: لا يحيطون به علماً ولا رؤية، ولا غير ذلك من وجوه الإحاطة، بل هو سبحانه محيط بكل شيء، ولا يحيط به شيء].
بطلان القول بأن السماء قبلة الدعاء
واعترضوا أيضاً بالسجود، قالوا: السجود: وضع الجبهة على الأرض، وهذا دليل على أن الله ليس فوق العباد، وإلا لما وضعوا جباههم على الأرض.
سمعنا الجواب، وهو واضح والحمد لله، وخلاصته:
قولهم: إن قبلة الدعاء هي السماء. قول باطل، بل الصحيح أن قبلة الدعاء هي قبلة الصلاة، من أراد أن يستجاب دعاؤه فليستقبل القبلة التي هي الكعبة، وليست السماء قبلة الدعاء، ولو كانت قبلة الدعاء لاستقبلها الداعي بوجهه، ولم يكتفِ برفع يديه، فرفع اليدين دليل على أنه يشعر بأن ربه فوقه، وأنه هو الذي يعطيه، والقبلة إنما هي ما يستقبل بالوجه، كما أن المصلي يستقبل الكعبة أو جهة الكعبة بوجهه.
جواب آخر وهو: أن القبلة تقبل النسخ، فقبلة الصلاة بعد أن كانت إلى بيت المقدس نسخت إلى الكعبة، فإذا كانت القبلة تقبل النسخ دل على أن هذه أيضاً تقبل النسخ، ورفع الأبصار إلى السماء، وكذلك رفع الأيدي إلى السماء، وكذلك رفع القلوب إلى السماء؛ أمر فطري لا يمكن أن ينسخ، وليس كمثل قبلة الصلاة.
ثم يذكر الشارح أنهم اعترضوا بقولهم: لو كان في السماء لما سجدوا بوجوههم على الأرض.
والجواب: السجود على الأرض ليس لأن الله تحت العباد تعالى الله عن ذلك، وإنما السجود يشعر العبد في صلاته أنه متواضع لربه، فإن أعلى شيء في الإنسان وجهه، وهو أكرم أعضائه عليه، فإذا وضعه على الأرض تواضعاً وذلاً وخضوعاً دل ذلك على تعظيمه لربه، وحينئذ يرحمه ربه، ويغفر له ذنبه، حيث إنه تواضع هذا التواضع، وشعر من نفسه بالاستكانة وبالضعف وبالفقر والفاقة إلى ربه، ومن الأسباب التي شرعت السجدة لأجله أن يشعر العبد في صلاته بالعبودية، فإن مبنى الصلاة على العبودية والذل لله، فالقيام فيه ذل وتواضع، والركوع فيه انحناء وخضوع، والسجود فيه تعبد وذل وانكسار بين يدي ربه، وليس لأجل الاعتقاد أن الرب تعالى في جهة التحت، وإنما هذا عقيدة من انتكست فطرته، كما نقل الشارح رحمه الله عن بشر بن غياث المريسي ، وهو من أكابر المعتزلة والجهمية أتباع الجهم بن صفوان الذين ينكرون الصفات، وينكرون أن القرآن كلام الله.
هذه المقالة السيئة التي نقلت عنه تقشعر منها الجلود، وهذا دليل على أن زيغ القلوب والإصابة بالانتكاس من عقوبات الابتداع، لما طبع الله على قلوبهم، ووقعوا في هذا الابتداع صدق عليهم قول الله في هذه الآية التي سمعنا: وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ [الأنعام:110] قلب الله أفئدتهم عندما لم يؤمنوا به، فلم يستفيدوا مما سمعوا، فتعالى الله عن قولهم وعن معتقداتهم السيئة.
بداية ظهور المبتدعة منكري العلو
نشأت في خراسان ببلاد إيران، أول ما وجدت هذه البدعة في تلك الأماكن، فانتشرت انتشاراً خفياً، وفي آخر القرن الثاني تمكنت من بعض النفوس، وتمكنت جداً في أول القرن الثالث، وحصل ما حصل.
وقد تكرر معنا أن من دعاتها، الجعد بن درهم الذي ضحى به خالد القسري يوم العيد ، ومن دعاتها أيضاً الجهم بن صفوان ، وهو الذي ينتسب إليه هذا المذهب، وقد قتله سلم بن أحوز رحمه الله لبدعته، وورثه بشر بن غياث المريسي، وهو مبتدع على طريقة الجهم ، وتمكن من بعض الولاة فقربه، وقبل مقالته كثير من المخدوعين الذين رأوا زخرف قوله فصدقوه، حتى أهلكه الله.
وقد ذكروا أنه لما دفن في مقبرة من مقابر العراق رئي بعض الأموات في المنام وعلى وجهه سفعة من النار أو لفحة منها، فقيل: ما هذا؟ فقال: دفن عندنا بشر المريسي ، فنفحت جهنم أو التهبت على ذلك المكان، فنال: منها هذا اللهب.. والعياذ بالله!
ثم ظهر في أواخر القرن الثاني وأول الثالث أحمد بن أبي دؤاد ، وهو الذي زين للمأمون الفتنة والدعاء إلى القول بخلق القرآن، ونصر الله الحق وظهر، وخذل الله هذا العدو، بحيث إنه عوقب بإصابته بمرض الفالج في آخر عمره، وبقي ذليلاً مهيناً مهجوراً، لا يحترمه ولا يعظمه أحد، ولما مات لم يوجد من يحمله إلا ثلاثة رجال والرابع امرأة، وكل ذلك تحقير من الله تعالى لأهل الشر ولأهل الأهواء والبدع.
أما أهل السنة فإنهم أعزاء، ولهم النصرة والتمكين، لكن مع الأسف بعد انقراض القرون الثلاثة المفضلة تمكن هذا المذهب، وصار أهل القرن الرابع لا يعرفون غيره إلا ما شاء الله، وبقي أهل السنة مستخفين في القرن الرابع وما بعده، إلى أن أظهر الله الحق على يدي شيخ الإسلام ابن تيمية ومن على طريقته، ولا يزال لله تعالى بقايا من أهل العلم ومن أهل الدين في كل زمان ينافحون ويكافحون عن الدين الحق، ويردون البدع، ويردون على أهلها، وبهم تقوم حجة الله على عباده.
ما يترتب على اعتقاد العلو لله سبحانه وتعالى
والمسلم إذا اعتقد هذه الصفة، ودان لله تعالى بأنه هو العلي الأعلى، فإن الله تعالى سيتقبل عبادته، ويضاعف أجره، ومن نتيجة هذه العقيدة، أنه يحصل للذين يعتقدونها مخافة ربهم من فوقهم كما أخبر عن الملائكة بقوله: يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ [النحل:50] ، فإن المؤمن إذا استشعر أن ربه من فوقه، وأنه مطلع عليه؛ فإنه يشعر من نفسه بالذل، ولربه بالعز والجلال، فيعظمه ويراقبه ويخافه، ويعبده حق عبادته، وهذا نتيجة اعتقاد هذه العقيدة.
استمع المزيد من الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح العقيدة الطحاوية [87] | 2715 استماع |
شرح العقيدة الطحاوية [60] | 2631 استماع |
شرح العقيدة الطحاوية [1] | 2591 استماع |
شرح العقيدة الطحاوية [79] | 2565 استماع |
شرح العقيدة الطحاوية [93] | 2472 استماع |
شرح العقيدة الطحاوية [77] | 2408 استماع |
شرح العقيدة الطحاوية [53] | 2387 استماع |
شرح العقيدة الطحاوية [99] | 2373 استماع |
شرح العقيدة الطحاوية [71] | 2336 استماع |
شرح العقيدة الطحاوية [31] | 2301 استماع |