شرح أخصر المختصرات [70]


الحلقة مفرغة

قال المؤلف رحمه الله تعالى:

[باب العِدَد: لا عدة في فرقة حي قبل وطء وخلوة.

وشرط لوطء كونها يوطأ مثلها، وكونه يلحق به الولد، ولخلوة مطاوعته وعلمه بها ولو مع ‏مانع، وتلزم لوفاة مطلقًا.

والمعتدات ست:‏

الحامل: وعدتها مطلقًا إلى وضع كل حمل تصير به أمة أم ولد. وشرط لحوقه للزوج، وأقل مدته ‏ستة أشهر، وغالبها تسعة، وأكثرها أربع سنين، ويباح إلقاء نطفة قبل أربعين يومًا بدواء مباح. ‏

الثانية: المتوفى عنها بلا حمل، فتعتد حرة أربعة أشهر وعشر ليال بعشرة أيام، وأمة نصفها، ومبعضة ‏بالحساب، وتعتد من أبانها في مرض موته الأطول من عدة وفاة أو طلاق إن ورثت، وإلا عدة ‏طلاق. ‏

الثالثة: ذات الحيض المفارقة في الحياة، فتعتد حرة ومبعضة بثلاث حيضات، وأمة بحيضتين.‏

الرابعة: المفارقة في الحياة، ولم تحض لصغر أو إياس، فتعتد حرة بثلاثة أشهر، وأمة بشهرين، ‏ومبعضة بالحساب.

الخامسة: من ارتفع حيضها ولم تعلم ما رفعه، فتعتد للحمل غالب مدته ثم تعتد كآيسة، ‏وإن علمت ما رفعه فلا تزال حتى يعود فتعتد به، أو تصير آيسةً فتعتد عدتها. وعدة بالغة لم تحض ‏ومستحاضة مبتدأة أو ناسية كآيسة. ‏

السادسة: امرأة المفقود تتربص -ولو أمةً- أربع سنين إن انقطع خبره لغيبة ظاهرها الهلاك، ‏وتسعين منذ ولد إن كان ظاهرها السلامة، ثم تعتد للوفاة، وإن طلق غائب أو مات، فابتداء العدة من ‏الفرقة.

وعدة من وطئت بشبهة أو زنًا كمطلقة إلا أمةً غير مزوجة فتستبرأ بحيضة. وإن وطئت معتدة ‏بشبهة، أو زنًا، أو نكاح فاسد أتمت عدة الأول، ولا يحتسب منها مقامها عند ثان، ثم اعتدت لثان.

ويحرم إحداد على ميت غير زوج فوق ثلاث، ويجب على زوجة ميت، ويباح لبائن.‏

وهو ترك زينة وطيب، وكل ما يدعو إلى جماعها ويرغب في النظر إليها.‏

ويحرم -بلا حاجة- تحولها من مسكن وجبت فيه، ولها الخروج لحاجتها نهارًا.‏

ومن ملك أمةً يوطء مثلها من أي شخص كان، حرم عليه وطؤها ومقدماته قبل استبراء حامل بوضع، ‏ومن تحيض بحيضة، وآيسة وصغيرة بشهر].

حكمة مشروعية العدد ونحوها

يتعلق هذا الفصل بالعدة والإحداد والاستبراء؛ والحكمة في ذلك: عدم اختلاط الأنساب، وذلك أن الرحم إذا كان مشغولاً بحمل لم يجز لغير الزوج أو السيد وطء تلك المرأة التي انشغل رحمها بحمل، فإن ذلك فيه شيء من اختلاط الأنساب، وهكذا لو علقت بحمل ثم طلقت وتزوجت، أو توفي عنها وتزوجت، فإنه لا يدري: هل الولد للأول أو للثاني، وقد يتنازعانه، فكل منهما يدعي أنه منه، وقد يكون ذلك سبباً في أن الولد يتعقد ولا يدري هل هو ولد هذا أو ولد هذا! هذا هو السبب.

ولأجل ذلك حرم وطء الحامل، وقد ثبت في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسقي ماءه زرع غيره) ، وهذا على وجه الاستعارة، يعني: فلا يطأ امرأة غيره إذا كانت حاملاً، فإنه يسقي ذلك الولد من مائه الذي هو المني، وإذا فعل ووطئ المرأة الحامل فربما ينسب الولد إليه وهو ليس ولداً له، فذكروا أيضاً أن وطء الحامل يزيد في بصر الحمل أو في قوته أو نحو ذلك، فيكون الولد مشتركاً فيه هذا وهذا.

هذه هي الحكمة من هذا الباب الذي هو العدد.

وكان أهل الجاهلية لا يبالون باختلاط الأنساب، وفي الحديث الذي في البخاري عن عائشة : أنها ذكرت أن النكاح في الجاهلية على عدة أقسام، وذكرت منها:

قسم الزواني اللاتي ينصبن الأعلام على بيوتهن، وهن العاهرات، وكل من رأى هذا العلم عرف أنه على امرأة بغي.

وقسم آخر هو الاستبضاع، وهو أن الرجل يرسل امرأته إلى رجل شريف، ويقول لها: اذهبي استبضعي منه. أي: مكنيه من نفسك حتى تعلقي بولد، ليكون ولداً لنا، ويكون فيه صفات ذلك الشريف من شجاعة أو كرم أو بسالة أو قوة، فيكون هذا فيه أيضاً اشتراك في هذا الولد.

وذكرت أيضاً قسم الاشتراك، وهو: أن يتفق خمسة أو عشرة في الدخول على المرأة، وكل منهم يطؤها، وإذا علقت بالحمل ووضعت حملها أرسلت إليهم، وقالت: قد علمتم ما حصل منكم، وقد وجد هذا الولد، ثم إنها تختار واحداً منهم وتعلقه به فتقول: هو لك يا فلان! ولا يستطيع أن يرد ذلك، فيتبناه.

ولما جاء الإسلام حدد الزواج المباح الذي هو وطء الزوجة بنكاح صحيح، أو وطء الأمة بملك يمين، وما عدا ذلك فإنه محرم، ويحرم على المطلقة أو المتوفى عنها أن تتزوج حتى تستبرئ رحمها، وذلك بشرع هذه العدة.

وجعل العدة أكثر من مدة الاستبراء كما سيأتي في هذه الأقسام، وكل ذلك من مصالح العباد، وفيه فوائد عظيمة تدل على أن الإسلام راعى الزوجية، وأنه جاء بالمصالح ودرء المفاسد.

الأدلة القرآنية على العدد

في هذا الفصل ذكر العدد، ونعلم أن العدد قد بينها القرآن بياناً مجملاً، فذكر الله عدة الحامل في قوله تعالى: وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق:4] ، وعدة المطلقة في قوله تعالى: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ [البقرة:228] ، وعدة الآيسة والصغيرة في قوله تعالى: وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ [الطلاق:4] يعني: بلغت سن الإياس فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ [الطلاق:4] يعني: وكذلك اللائي لم يحضن، فذكر عدة هؤلاء.

وكذلك عدة المتوفى عنها ليست حاملاً بقوله: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا [البقرة:234].

والمطلقة التي لم يدخل بها ذكرت في قول الله تعالى: إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا [الأحزاب:49].

يتعلق هذا الفصل بالعدة والإحداد والاستبراء؛ والحكمة في ذلك: عدم اختلاط الأنساب، وذلك أن الرحم إذا كان مشغولاً بحمل لم يجز لغير الزوج أو السيد وطء تلك المرأة التي انشغل رحمها بحمل، فإن ذلك فيه شيء من اختلاط الأنساب، وهكذا لو علقت بحمل ثم طلقت وتزوجت، أو توفي عنها وتزوجت، فإنه لا يدري: هل الولد للأول أو للثاني، وقد يتنازعانه، فكل منهما يدعي أنه منه، وقد يكون ذلك سبباً في أن الولد يتعقد ولا يدري هل هو ولد هذا أو ولد هذا! هذا هو السبب.

ولأجل ذلك حرم وطء الحامل، وقد ثبت في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسقي ماءه زرع غيره) ، وهذا على وجه الاستعارة، يعني: فلا يطأ امرأة غيره إذا كانت حاملاً، فإنه يسقي ذلك الولد من مائه الذي هو المني، وإذا فعل ووطئ المرأة الحامل فربما ينسب الولد إليه وهو ليس ولداً له، فذكروا أيضاً أن وطء الحامل يزيد في بصر الحمل أو في قوته أو نحو ذلك، فيكون الولد مشتركاً فيه هذا وهذا.

هذه هي الحكمة من هذا الباب الذي هو العدد.

وكان أهل الجاهلية لا يبالون باختلاط الأنساب، وفي الحديث الذي في البخاري عن عائشة : أنها ذكرت أن النكاح في الجاهلية على عدة أقسام، وذكرت منها:

قسم الزواني اللاتي ينصبن الأعلام على بيوتهن، وهن العاهرات، وكل من رأى هذا العلم عرف أنه على امرأة بغي.

وقسم آخر هو الاستبضاع، وهو أن الرجل يرسل امرأته إلى رجل شريف، ويقول لها: اذهبي استبضعي منه. أي: مكنيه من نفسك حتى تعلقي بولد، ليكون ولداً لنا، ويكون فيه صفات ذلك الشريف من شجاعة أو كرم أو بسالة أو قوة، فيكون هذا فيه أيضاً اشتراك في هذا الولد.

وذكرت أيضاً قسم الاشتراك، وهو: أن يتفق خمسة أو عشرة في الدخول على المرأة، وكل منهم يطؤها، وإذا علقت بالحمل ووضعت حملها أرسلت إليهم، وقالت: قد علمتم ما حصل منكم، وقد وجد هذا الولد، ثم إنها تختار واحداً منهم وتعلقه به فتقول: هو لك يا فلان! ولا يستطيع أن يرد ذلك، فيتبناه.

ولما جاء الإسلام حدد الزواج المباح الذي هو وطء الزوجة بنكاح صحيح، أو وطء الأمة بملك يمين، وما عدا ذلك فإنه محرم، ويحرم على المطلقة أو المتوفى عنها أن تتزوج حتى تستبرئ رحمها، وذلك بشرع هذه العدة.

وجعل العدة أكثر من مدة الاستبراء كما سيأتي في هذه الأقسام، وكل ذلك من مصالح العباد، وفيه فوائد عظيمة تدل على أن الإسلام راعى الزوجية، وأنه جاء بالمصالح ودرء المفاسد.

في هذا الفصل ذكر العدد، ونعلم أن العدد قد بينها القرآن بياناً مجملاً، فذكر الله عدة الحامل في قوله تعالى: وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق:4] ، وعدة المطلقة في قوله تعالى: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ [البقرة:228] ، وعدة الآيسة والصغيرة في قوله تعالى: وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ [الطلاق:4] يعني: بلغت سن الإياس فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ [الطلاق:4] يعني: وكذلك اللائي لم يحضن، فذكر عدة هؤلاء.

وكذلك عدة المتوفى عنها ليست حاملاً بقوله: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا [البقرة:234].

والمطلقة التي لم يدخل بها ذكرت في قول الله تعالى: إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا [الأحزاب:49].

بدأ بغير المدخول بها، فقال: (لا عدة في فرقة حي قبل وطء وخلوة).

عدة المتوفى عنها قبل الدخول

(فرقة حي) مفهومه: أن الفرقة بالموت لها عدة، ولكنها تسمى إحداداً، وصورة ذلك: إذا تزوج رجل بامرأة، ومات قبل أن يدخل بها، ففي هذه الحال عليها الإحداد؛ لأنها زوجة، وداخلة في قوله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا [البقرة:234]، ولأنها ترث، ولأنها تعطى المهر، ودليل ذلك حديث عن رجل من أشجع: (أنه سئل ابن مسعود عن امرأة مات زوجها قبل أن يدخل بها، وقبل أن يفرض لها. فقال أقول فيها برأيي، فإن كان صواباً فمن الله، وإن كان خطأً فمني ومن الشيطان، لها مهر مثل نسائها، لا وكس ولا شطط -يعني: لا زيادة ولا نقص- وعليها العدة -يعني: مع الإحداد- ولها الميراث.

فقام معقل بن سنان الأشجعي فقال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأة منا يقال لها: بروع بنت واشق بمثل ما قضيت) ففرح ابن مسعود لما وافق حكمه حكم النبي صلى الله عليه وسلم.

فإذا مات إنسان قبل أن يدخل بزوجته فإنها زوجة ترث منه، كما لو ماتت قبل أن يدخل بها فإنه يرث منها، وإذا لم يكن قد أعطاها مهراً فإنه يدفع لها مهر أمثالها لا وكس ولا شطط، يعني: لا تقصير -وهو الوكس- ولا شطط -وهو الزيادة- بل مهر المثل، وعليها العدة التي معها إحداد، هذا حكم من مات عنها زوجها وهي قد عقد عليها ولم يدخل بها.

عدة المطلقة قبل الدخول

وأما إذا فارقها قبل الدخول والخلوة فلا عدة، ولكن لها نصف الصداق، ولا يلزمها إحداد ولا عدة إذا طلقها؛ لصراحة الآية: إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا [الأحزاب:49]، دل ذلك على أن المطلقة قبل الدخول لا عدة عليها.

ولكن إذا كان قد فرض لها صداقاً فلها نصفه، إلا إذا سمحت أو سمح الزوج وأكمل لها المهر، وإذا لم يفرض لها صداقاً فلها المتعة؛ لقوله تعالى: (فَمَتِّعُوهُنَّ) أي: أعطوهن متاعاً، فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا [الأحزاب:49].

معنى الدخول الموجب للعدة وشرطه

وأما إذا كان بعد الوطء أو بعد الخلوة فإنها تعتد، وماذا يشترط للوطء الذي يوجب العدة؟

كونها يوطأ مثلها، والتي يوطأ مثلها هي بنت تسع، فإذا كانت أقل من تسع سنين فالأصل أنه لا يوطأ مثلها، وأنه ليس لها شهوة، وأنها لا تعلق بحمل، فمثلها إذا طلقت فلا عدة عليها.

شرط ثانٍ: كونه يلحق به الولد، متى يُلحق به الولد؟ إذا كان الزوج ابن عشر، والذي دون العشر عادة أنه لا يطأ، وإن وطئ فلا يحصل منه الإنزال، وإن أنزل فلا يخلق من إنزاله الولد.

أما إذا كان يولد لمثله فإنه يلحق به الولد سواء كان ابن عشر أو أكثر، فإن الوطء يوجب العدة، يعني: إذا كانت بنت تسع، وكان هو ابن عشر ووطئها ثم فارقها، فعليها العدة، وأما إذا كان أقل من عشر أو هي أقل من تسع ووطئها فلا عدة عليها.

ماذا يشترط للخلوة؟

مطاوعته، يعني: أن يكون مطاوعاً في تلك الخلوة، ويكون عالماً أنها عنده وأنها معه ولو مع وجود مانع.

عرفوا الخلوة بتعريفين أو بثلاثة: إسدال الحجاب، وإغلاق الباب، وكشف النقاب. فإذا خلا بها، ليس معهما أحد، وأغلق الباب، أو كان -مثلاً- في بيت شعر وأسدل الحجاب بينه وبين الناس، وكشفت له وجهها، ولم يكن هناك ما يمنعه من أن يطأها، فإنه إذا طلقها فعليها العدة، وتستحق المهر كاملاً.

ويحدث أن كثيراً من الذين يتزوجون يخلو أحدهم بامرأته ولكن في غير المنزل، فيركبها معه في سيارته، ويدخل بها الأسواق، أو يظهر بها في المنتزهات أو الحدائق أو الاستراحات أو خارج البلد، ويقول: لم أغلق باباً. نقول: بلى؛ إنك أغلقت باب السيارة، ولو كان باب السيارة غير ساتر، ولكن هذا دليل الخلوة، وإنك خلوت بها في مكان قد لا يراكما أحد، فإذا طلقت فإنها تستحق الصداق كله، فيجب الصداق كله بعد هذه الخلوة.

فإذا قال: إني ما جامعتها!

نقول: إن هذه الخلوة تعتبر مالكة بها للصداق، وعليها أن تعتد عدة الطلاق لهذه الخلوة.

فإذا قال: إني خلوت بها في مكان خاص، ولكنها كانت حائضاً، ولم أستمتع بها.

فالجواب: الخلوة تسبب ثبوت الصداق كله ولو مع وجود مانع.

وكذا لو خلا بها وهما صائمان، فإنها تلزمها العدة، ويلزمه الصداق، وإذا قال: أنا خلوت بها ولكن كنت صائماً أو كانت صائمة، أو كانت حائضاً، فعليها العدة بعد الطلاق، وعليه كمال الصداق.

(فرقة حي) مفهومه: أن الفرقة بالموت لها عدة، ولكنها تسمى إحداداً، وصورة ذلك: إذا تزوج رجل بامرأة، ومات قبل أن يدخل بها، ففي هذه الحال عليها الإحداد؛ لأنها زوجة، وداخلة في قوله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا [البقرة:234]، ولأنها ترث، ولأنها تعطى المهر، ودليل ذلك حديث عن رجل من أشجع: (أنه سئل ابن مسعود عن امرأة مات زوجها قبل أن يدخل بها، وقبل أن يفرض لها. فقال أقول فيها برأيي، فإن كان صواباً فمن الله، وإن كان خطأً فمني ومن الشيطان، لها مهر مثل نسائها، لا وكس ولا شطط -يعني: لا زيادة ولا نقص- وعليها العدة -يعني: مع الإحداد- ولها الميراث.

فقام معقل بن سنان الأشجعي فقال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأة منا يقال لها: بروع بنت واشق بمثل ما قضيت) ففرح ابن مسعود لما وافق حكمه حكم النبي صلى الله عليه وسلم.

فإذا مات إنسان قبل أن يدخل بزوجته فإنها زوجة ترث منه، كما لو ماتت قبل أن يدخل بها فإنه يرث منها، وإذا لم يكن قد أعطاها مهراً فإنه يدفع لها مهر أمثالها لا وكس ولا شطط، يعني: لا تقصير -وهو الوكس- ولا شطط -وهو الزيادة- بل مهر المثل، وعليها العدة التي معها إحداد، هذا حكم من مات عنها زوجها وهي قد عقد عليها ولم يدخل بها.

وأما إذا فارقها قبل الدخول والخلوة فلا عدة، ولكن لها نصف الصداق، ولا يلزمها إحداد ولا عدة إذا طلقها؛ لصراحة الآية: إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا [الأحزاب:49]، دل ذلك على أن المطلقة قبل الدخول لا عدة عليها.

ولكن إذا كان قد فرض لها صداقاً فلها نصفه، إلا إذا سمحت أو سمح الزوج وأكمل لها المهر، وإذا لم يفرض لها صداقاً فلها المتعة؛ لقوله تعالى: (فَمَتِّعُوهُنَّ) أي: أعطوهن متاعاً، فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا [الأحزاب:49].