شرح أخصر المختصرات [63]


الحلقة مفرغة

قال المصنف رحمه الله: [والنشوز حرام، وهو معصيتها إياه فيما يجب عليها، فمتى ظهرت أماراته وعظها، فإن أصرت هجرها في المضجع ما شاء، وفي الكلام ثلاثاً، فإن أصرت ضربها غير شديد، وله ضربها على ترك فرائض الله تعالى.

باب الخلع:

يباح لسوء عشرة، وبغض، وكبر، وقلة دين، ويكره مع استقامة، ‏وهو بلفظ خلع أو فسخ أو مفاداة فسخ، وبلفظ طلاق أو نيته أو كنايته طلقة بائنة.

‏ولا يصح إلا بعوض.

ويكره بأكثر مما أعطاها.

ويصح بذله ممن يصح تبرعه من زوجة وأجنبي، ‏ويصح بمجهول ومعدوم لا بلا عوض ولا بمحرم، ولا حيلة لإسقاط طلاق، ‏وإذا قال: متى أو إذا أو إن أعطيتيني ألفاً فأنت طالق طلقت بعطيته ولو تراخت، ‏وإن قالت: اخلعني بألف أو على ألف ففعل بانت واستحقها.

‏وليس له خلع زوجة ابنه الصغير ولا طلاقها ولا ابنته الصغيرة بشيء من مالها، ‏وإن علّق طلاقها على صفة ثم أبانها فوجدت أو لا ثم نكحها فوجدت طلقت, وكذا عتق.

وإن سافر فوق نصف سنة وطلبت قدومه راسله حاكم, فإن أبى بلا عذر فُرق بينهما بطلبها, وإن ‏لم يُعلم خبره فلا فسخ لذلك بحال. ‏وحرُم جمع زوجتيه بمسكن واحد ما لم يرضيا، ‏وله منعها من الخروج، ‏وعلى غير طفل التسوية بين زوجات في القسم، لا في وطء وكسوة ونحوهما إذا قام ‏بالواجب، وعماده الليل، إلا في حارس ونحوه فالنهار، وزوجة أمة على النصف من حرة، ومبعضة بالحساب، وإن أبت المبيت معه أو السفر أو سافرت في حاجتها سقط قسمها ونفقتها.

وإن تزوج بكراً أقام عندها سبعاً، أو ثيباً أقام ثلاثاً ثم دار].

النشوز هو: عصيان المرأة لزوجها وهو حرام، أي: معصيتها إياه فيما يجب عليها؛ وذلك لأن الواجب عليها أن تطيعه بما يتعلق بحاجته، فإذا رأى منها أنها تكرهه، وعلامة ذلك أنها لا تجيبه إلى فراشه، أو تجيبه متبرمة متثاقلة، فهذا من علامات النشوز، يقول الله تعالى: وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً [النساء:34] فيبدأ بالوعظ والتذكير، فيذكرها ويخوفها، ويذكر لها حق الزوج عليها، كقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لو كنت آمر أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها؛ لما لها عليه من الحق) ، ووردت في عظم حق الزوج على امرأته أحاديث، وإن كان في أسانيدها مقال، ولكن أصحها هذا، فيعظها ويذكرها ويحذرها من هذا النشوز والتبرم والتثاقل، والعصيان لزوجها، ويخوفها بالله، ويخوفها بالعذاب الأخروي، وبسخط الله، وأن الله يسخط عليها، وأن الملائكة تلعنها وما أشبه ذلك.

فإن أصرت وامتنعت أن تقبل وعظه فإنه يهجرها، قال الله تعالى: وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ [النساء:34] فيعتزل فراشها، ويذهب إلى زوجته الأخرى إن كان له زوجة، وإذا لم يكن له زوجة فإنه يبيت ويترك فراشها أو يوليها ظهره، فيهجرها في المضجع ما شاء، ولو طالت المدة، ويهجرها في الكلام ثلاثة أيام لا أكثر، فإن الهجر لا يجوز أكثر من ثلاث، قال صلى الله عليه وسلم: (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث) .

ثم قال تعالى: وَاضْرِبُوهُنَّ [النساء:34] فإذا أصرت ولم تتأثر بالموعظة ولا بالهجران ينتقل معها إلى الضرب، ولكنه ضرب غير مبرح، أي: غير شديد، يعني: ضرب تأديب، لا يزيد فيه على عشر جلدات.

ثم ذكروا أن له ضربها على ترك فرائض الله تعالى كالصلاة والصيام وما أشبه ذلك من الواجبات الدينية، كما أن له ضربها على فعل المنكرات، كما إذا علم بأنها تعاكس، أو لها خلوات مع غير المحارم، أو تدخل في بيته من لا يرضاه، كما ورد أنه صلى الله عليه وسلم قال: (ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف، ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم من تكرهونه، ولا يأذن في بيوتكم لمن لا تريدونه) فليس لها أن تدخل في بيت زوجها من لا يرضاه، ولو كان من محارمها، إلا إذا سمح الزوج.

وكذلك لا تجلس على فراشه أجنبياً سواء تجلسه لفعل الفاحشة بها أو لغير ذلك لعموم: (لا يوطئن فرشكم من تكرهونه)، فإذا علم ذلك منها فله تأديبها.

عقد المصنف رحمه الله باب الخلع، وهو: أن تطلب المرأة فسخ النكاح، والتخلي من هذا الزوج؛ وذلك إذا كرهته، والأصل في ذلك قوله تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ [البقرة:229] أي: لا جناح عليها إذا فدت نفسها واشترت نفسها، والأصل فيه أيضاً قصة امرأة ثابت بن قيس بن شماس ، فإنها جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: (إني لا أعيب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام) وذكرت أنها كرهت خلقته، خيل إليها أنه دميم، وأنه قبيح المنظر، وأنه وأنه، فلم تطق التحمل والصبر معه، فأباح لها النبي صلى الله عليه وسلم أن تفتدي فيه، وقال: (اقبل الحديقة، وطلقها تطليقة) وكان قد أعطاها حديقة، فإذا كانت تكرهه لسوء عشرته، ولصلابته، ولشرهه، ولعيب فيه؛ فإنها تفتدي منه.

وكذلك لنقص دينه أو تهمته بالزنا أو بمسكر أو ما أشبه ذلك، وكذلك إذا عمل معها ما لا يحل كإتيانها في الدبر، فإن لها أن تفتدي.

وكذلك إذا كرهته لكبر سن، أي: أنه طعن في السن وهي لا تزال شابة، أو رأت أنه قليل الديانة لا يتورع عن الحرام، أو يترك الصلوات، أو ما أشبه ذلك، ففي هذه الحال لها أن تخالعه.

قوله: (ويكره مع الاستقامة) إذا كانت حاله مستقيمة كره لها أن تطلب الطلاق أو أن تطلب الفراق أو أن تفتدي، ورد أنه صلى الله عليه وسلم قال: (أيما امرأة سألت الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة) يعني: إذا طلبت الطلاق والحال مستقيمة بينها وبين زوجها، وليس هناك عيب فيه ولا خلل، لا نقص في دينه، ولا نقص في عقله، ولا نقص في أخلاقه؛ فطلبها للطلاق أو للمخالعة يعتبر حراماً عليها والحال هذه؛ لورود هذا الحديث.

الخلاف في الخلع هل يُعد فسخاً أو طلاقاً

وهل يعتبر الخلع فسخاً للنكاح أو يعتبر طلاقاً؟

إذا كان بلفظ الخلع أو بلفظ الفسخ، أو بلفظ المفاداة اعتبر فسخاً، وإذا كان بلفظ الطلاق أو نيته أو كنايته اعتبر طلاقاً، طلقة بائنة، وإذا قلت: ما النتيجة في ذلك؟

نقول: إذا قال: خالعتها بألف، أو فسخت نكاحها بعشرة آلاف، أو يقول لها: افتدي نفسك بعشرة آلاف فدفعتها، ففي هذه الحال يكون فسخاً، ومعنى كونه فسخاً: أنه لا ينقص به عدد الطلقات، فمثلاً: لو خالعها في سنة إحدى وعشرين بلفظ المفاداة، ثم تزوجها بعد ذلك بالتراضي؛ ثم خالعها في سنة اثنتين وعشرين، فبذلت له مالاً وخالعها، ثم تزوجها بعد ذلك بشهر أو شهرين ودفع لها مهراً، ثم خالعها في سنة ثلاث وعشرين فبذلت له مالاً وخالعها ورضيت بذلك، ثم تراضوا بعد ذلك، فقد خالعها ثلاث مرات، فهل تكون هذه الثلاث ثلاث طلقات؟

الجواب: لا تكون، بل يحل له أن ينكحها بعقد جديد، فالخلع بلفظ الخلع، أو بلفظ الفداء يعتبر فسخاً، هذه من النتائج، كذلك من النتائج أيضاً أن في الفسخ ليس عليها عدة، وإنما عليها أن تتربص حيضة واحدة إذا كانت تحيض، ثم تتزوج إذا شاءت، أو تتربص شهر إذا كانت لا تحيض، هذا معنى كونه بلفظ الخلع أو الفسخ أو المفاداة، أي: أنه فسخ لا ينقص به عدد الطلاق.

فأما إذا قال: طلقتك بألف فقالت: خذه، فإنه يعتبر طلاقاً بلفظ الطلاق، أو: أعطيني ألفاً وأطلقك، فقالت: أعطيتك، أو قال: طلقت، أو كان بنية الطلاق كما إذا كان ناوياً طلاقها وطلب منها فدية وقع الطلاق، وتكون طلقة واحدة، أو كناية الطلاق فإذا قال -مثلاً-: أنت خلية، أو برية، أو أنت حرة، أو أنت الحرج، أو اخرجي وذوقي وتجرعي، وحبلك على الغارب، اذهبي كيف شئت، فهذه تعتبر كنايات الطلاق، فإذا قال ذلك وقعت طلقة.

وهل تكون رجعية أو بائنة؟

ذكروا أنها طلقة بائنة، ومعنى كونها بائنة عدم تمكنه من الرجعة؛ لأنها اشترت نفسها، فلا ترضى أنه يعيدها، وهي ما دفعت له هذا المال إلا للتخلص، فليس له رجعة عليها، فتعتبر طلقة واحدة بائنة، فإذا قال: اخرجي واذهبي وذوقي وتجرعي طلقت طلقة واحدة ولكنها بائنة.

حكم الخلع بغير عوض

وقوله: (الخلع لا يصح إلا بعوض) أي: فلا يصح بدون عوض، وإذا كان بدون عوض يُسمى طلاقاً ولا يسمى خلعاً؛ لأن الخلع كأنه تفدي وتشتري نفسها، وتتخلص من سوء عشرة هذا الزوج، فلابد أن تبذل له مالاً حتى يفارقها وتتخلص منه.

حكم الخلع بأكثر من المهر

قوله: (ويكره بأكثر مما أعطاها) في حديث امرأة ثابت أنه كان أعطاها حديقة، فقال عليه الصلاة والسلام: (اقبل الحديقة وطلقها تطليقة) فردت عليه حديقته، كان هذا هو الخلع، فإذا أصدقها ألفاً فلا يأخذ منها أكثر منه، ويكره ذلك، وإذا أصدقها بعيراً ومات البعير فإنها ترد عليه بدله مثله، وهكذا لو أصدقها شاة أو ضأناً فإنها ترد عليه مثلهن، وأما أولادهن فلا تردها؛ لأنهن ملكها، وأشباه ذلك.

وأجاز بعض العلماء أن يأخذ منها أكثر، واستدلوا بعموم الآية وهي قوله تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ [البقرة:229] ، يعني: ولو افتدت بكثير فلا جناح عليهما في شيء تفتدي به، وظاهر الآية أنه يجوز أن تفتدي نفسها ولو بأكثر مما أعطاها، فأجاز ذلك بعضهم، ولكن ورد في الحديث، أنه منع من الزيادة، فقال: (أما الزيادة فلا) .

حكم بذل العوض من غير مخالعة

ويصح بذل العوض ممن يصح تبرعه من زوجة وأجنبي، يعني: أن الأجنبي يصح تبرعه أو زوجة يصح تبرعها، فلو دفع الفدية أخوها وهو عاقل بالغ رشيد صحت الفدية، وكذلك لو دفعها أجنبي كجار لهم أو صديق لهم أو نحو ذلك جاز ذلك، لكن لا يتخذ حيلة، فإذا عرف بأنها حيلة لم يجز.

مثلاً: بعض الرجال قد يعشق امرأة زيد من الناس، ثم يراسلها ويهاتفها ويقول: انشزي عنه وافتدي منه وأنا أتزوجك، فإذا قالت: كيف أفتدي وما عندي شيء؟ يقول: أنا أدفع لك -مثلاً- ألفاً أو عشرين ألفاً تفتدين بها نفسك، فمثل هذا لا يجوز، وقد ورد أنه صلى الله عليه وسلم قال: (من خبب امرأة على زوجها فله النار) أو كما قال، (خببها) يعني: أفسدها حتى نشزت وعصت عليه، ولا يجوز لها أيضاً طاعة مثل هؤلاء الذين يخببونها، ولو وعدها ولو قال: أنا أكثر منه مالاً، وأنا أعطيك أكثر منه أو ما أشبه ذلك، وكذلك أيضاً لو كان يعطيها مطالب قد تجوز أو قد لا تجوز، ويحدث مثل هذا من بعض الفسقة، فإذا رأها -مثلاً- مكموتة قال: زوجك قد أضرك، لم يعطك أجهزة تتسلين بها، ولو كنت عندي فإني أشتري لك جهاز تلفاز، أو جهاز الدش مثلاً، أو أشرطة غناء تتسلين بها، أو أسمح لك بالخروج إلى الملاهي وإلى الملاعب وإلى الأسواق وإلى المنتزهات، وما أشبه ذلك، فهذا أيضاً حرام عليه أن يخبب امرأة على زوجها، فإذا رآها سالكة مع زوجها يحرم عليه الاتصال بها ومكالمتها أو مهاتفتها، ومن باب أولى أفسادها.

أما إذا كان رافقاً بها ورآها متضررة، ورآها متأثمة فتصدق عليها وأعطاها مالاً تفتدي به فلا بأس بذلك، ولا يكون قصده أن يتزوج بها، فإن ثبت أنها متضررة جاز لها أن تأخذ هذا المال حتى تتخلص من ذلك الضرر، من سوء عشرة الزوج، أو سوء خلقه، أو سوء معاملته، أو قبح مظهره، أو إضراره بها، أو تقصيره بالنفقة، أو كثرة غيبته، أو كثرة أسفاره وتركها وحيدة أو ما أشبه ذلك.

حكم الخلع بمجهول أو معدوم

ويصح عوض الخلع بمجهول ومعدوم، فلو قالت -مثلاً-: خالعني بنفقة ولدي، فهذه النفقة معدومة، ولكنها توجد شيئاً فشيئاً، أو قالت: أنا أبريك من نفقة الولد أو الأولاد سنة أو خمس سنين وخالعني، وأنا أتحمل نفقتهم فيكون الخلع معدوماً، ولكنه يوجد شيئاً فشيئاً، وكذلك المجهول، لو قالت: خالعني بما تحمل به هذه الشجرة، أو بما تلده هذه الشاة أو هذه الفرس، فهذا مجهول لا يعلم أهو ذكر أم أنثى، واحد أم عدد، ولكن يصح ذلك، فإن حملت وإلا فله مطالبتها بمثله، لا بلا عوض، والخلع لا يصح إلا بعوض.

حكم الخلع بمحرم أو بحيلة

ولا يصح بمحرم، فلو قالت: خالعني بزقاق خمر، أو بطبول وآلات لهو لم يصح؛ لأن هذا محرم.

ولا يصح حيلة لإسقاط الطلاق، فبعض الناس يتزوج المرأة وإذا رأى منها سوء خلقها وخاف أنه إن طلقها تحسب عليه طلقة قال: أعطيني عشرة ريالات أو خمسة ريالات فداءً افتدي بها نفسك، حتى لا تحسب عليه طلقة، وليس له حاجة بهذه الدراهم وإنما يريد أنها لا تحسب عليه، ثم يتزوجها بعد ذلك بعقد جديد، ثم يحتال أيضاً حتى لا يقع الطلاق بأن يطلب منها وما أشبه ذلك، فلا يجوز أن يتخذ حيلة لإسقاط الطلاق، أما إذا كان قصده المال فلا بأس أن يأخذ المال ولا يحسب من الطلاق.

حكم الخلع والطلاق بالتعليق

فإذا قال: متى أعطيتيني ألفاً فأنت طالق، أو إذا أعطيتني ألفاً فأنت طالق، طلقت لعطيته ولو تأخرت؛ لأنه علق الطلاق على إعطائه ألفاً، فلو ما أعطته إلا بعد سنة أو بعد عشر سنين، أعطته قالت: خذ الألف الذي أنت طلبته على الطلاق، فأنت قد علقت الطلاق على عطية الألف والآن هذا هو الألف وقع الطلاق في الحال، ولكنه يقع طلقة واحدة، ولكن تكون طلقة بائنة بحيث إنه لا يقدر على رجعتها، والبينونة هنا بينونة صغرى، والبينونة الكبرى هي التي لا تحل له إلا بعد زوج، وأما هذه فهي بائنة بينونة صغرى تحل له برضاها بعقد جديد، ومهر جديد.

فإذا قالت له: اخلعني بألف، أو على ألف، ففعل، بانت واستحق الألف، فإذا قال: قد فعلت، قد وافقت، يستحق الألف منها، وتبين منه بينونة صغرى أيضاً؛ وذلك لأنها هي التي طلبت وهو وافق على طلبها.

حكم مخالعة الأب لزوجة ابنه الصغير

قوله: (وليس له خلع زوجة ابنه الصغير ولا طلاقها) أي: إذا كانت راضية وكانت الحال مستقيمة، وقد يقال: إن الابن في هذه الحال ليس له خيرة، فإذا كان صغيراً دون العشر وعقد له على امرأة دون العشر، ثم طلبت تلك المرأة ولو كانت صغيرة أو طلب وليها المخالعة فهل لأبيه أن يخالعها؟

الجواب: لا يجوز ذلك، بل تترك إلى أن يبلغ الصبي ويعقل، فإن وافق على المخالعة فله ذلك، وأما إذا امتنع وقال: أنا أريدها كزوجة فإنه تبقى الزوجية.

وكذلك أيضاً ليس له طلاق امرأة ابنه إلا برضى الابن، فإذا تشددت وقالت: أريد الطلاق، والابن صغير ليس له اختيار فلا يطلقها أبوه، وإذا تضررت رفع الأمر إلى الحاكم، وللحاكم أن يطلق أو يعلق.

حكم خلع الأب ابنته الصغيرة من زوجها

وليس له خلع ابنته الصغيرة بشيء من مالها، فمثلاً: أنه جاء إلى زوج ابنته، وقال: أنا أريد أن أخلع ابنتي منك؛ لأنك لا تصلح زوجاً، وابنتي لا تريدك، فأريد أن أخلعها بشيء من مالها، آخذ من مالها ألفاً أو ألفين أو عشرة وهي ما طلبت ولا سمحت بمالها فليس له أن يخلعها، أما إذا طلبت هي وقالت: يا أبت! وكلتك أن تخلصني من هذا الزوج بشيء من مالي أو من مالك بما تريد ففي هذه الحال إذا طلبت ووافق أبوها وبذل من مالها ما طلبه الزوج جاز له ذلك، فإذا قال الزوج: أنا أطلب ألفاً أو عشرة آلاف فله أعطاؤه ذلك.

من أحكام تعليق الطلاق على صفة

وإذا علق طلاقها على صفة، ثم أبانها فوجدت تلك الصفة، ثم نكحها فوجدت طلقت وكذا العتق، صورة ذلك: إذا قال لها: إذا كلمتي فلاناً بالهاتف فأنت طالق، ثم طلقها قبل أن تكلمه، وبانت منه بينونة صغرى، ولما بانت منه بينونة صغرى كلمته بالهاتف، ثم تراضوا بعد ذلك ونكحها نكاحاً جديداً، ثم بعد أن نكحها النكاح الجديد كلمته بالهاتف، وجد ذلك الشيء الذي علق عليه الطلاق، ففي هذه الحال يقع الطلاق المعلق، فإن قلت: أليس علقه على أول مكالمة؟ قلنا: نعم، ولكن المكالمة الأولى كانت في غير عصمته، ولا يملك إيقاع الطلاق فيها، وهو قد حذرها من المكالمة هاتفياً، وقد كالمته في حال كونها في ذمته فيقع الطلاق.

وقاسوا على ذلك العتق، فإذا كان له عبد فقال له: إن سافرت إلى الأحساء -مثلاً- فأنت عتيق، فقدر أنه باعه، اشتراه رجل، وفي حالة شرائه سافر إلى الأحساء، ثم قدر أن صاحبه الأول استعاده واشتراه، ولما اشتراه مرة ثانية سافر إلى الأحساء فيحصل العتق الذي هو متعلق على السفر أو على أية صفة، كأن يقول مثلاً: إن خدمت فلاناً لمدة شهر أو: إن خدمت والدي فأنت حر، وباعه قبل الخدمة، ثم قدر أنه خدم في حالة بينونته وفي حالة عدم كونه تحت ملكه، ثم استعاده فإذا خدم حصل العتق المعلق على ذلك الشرط.

هذا آخر كتاب النكاح.

وهل يعتبر الخلع فسخاً للنكاح أو يعتبر طلاقاً؟

إذا كان بلفظ الخلع أو بلفظ الفسخ، أو بلفظ المفاداة اعتبر فسخاً، وإذا كان بلفظ الطلاق أو نيته أو كنايته اعتبر طلاقاً، طلقة بائنة، وإذا قلت: ما النتيجة في ذلك؟

نقول: إذا قال: خالعتها بألف، أو فسخت نكاحها بعشرة آلاف، أو يقول لها: افتدي نفسك بعشرة آلاف فدفعتها، ففي هذه الحال يكون فسخاً، ومعنى كونه فسخاً: أنه لا ينقص به عدد الطلقات، فمثلاً: لو خالعها في سنة إحدى وعشرين بلفظ المفاداة، ثم تزوجها بعد ذلك بالتراضي؛ ثم خالعها في سنة اثنتين وعشرين، فبذلت له مالاً وخالعها، ثم تزوجها بعد ذلك بشهر أو شهرين ودفع لها مهراً، ثم خالعها في سنة ثلاث وعشرين فبذلت له مالاً وخالعها ورضيت بذلك، ثم تراضوا بعد ذلك، فقد خالعها ثلاث مرات، فهل تكون هذه الثلاث ثلاث طلقات؟

الجواب: لا تكون، بل يحل له أن ينكحها بعقد جديد، فالخلع بلفظ الخلع، أو بلفظ الفداء يعتبر فسخاً، هذه من النتائج، كذلك من النتائج أيضاً أن في الفسخ ليس عليها عدة، وإنما عليها أن تتربص حيضة واحدة إذا كانت تحيض، ثم تتزوج إذا شاءت، أو تتربص شهر إذا كانت لا تحيض، هذا معنى كونه بلفظ الخلع أو الفسخ أو المفاداة، أي: أنه فسخ لا ينقص به عدد الطلاق.

فأما إذا قال: طلقتك بألف فقالت: خذه، فإنه يعتبر طلاقاً بلفظ الطلاق، أو: أعطيني ألفاً وأطلقك، فقالت: أعطيتك، أو قال: طلقت، أو كان بنية الطلاق كما إذا كان ناوياً طلاقها وطلب منها فدية وقع الطلاق، وتكون طلقة واحدة، أو كناية الطلاق فإذا قال -مثلاً-: أنت خلية، أو برية، أو أنت حرة، أو أنت الحرج، أو اخرجي وذوقي وتجرعي، وحبلك على الغارب، اذهبي كيف شئت، فهذه تعتبر كنايات الطلاق، فإذا قال ذلك وقعت طلقة.

وهل تكون رجعية أو بائنة؟

ذكروا أنها طلقة بائنة، ومعنى كونها بائنة عدم تمكنه من الرجعة؛ لأنها اشترت نفسها، فلا ترضى أنه يعيدها، وهي ما دفعت له هذا المال إلا للتخلص، فليس له رجعة عليها، فتعتبر طلقة واحدة بائنة، فإذا قال: اخرجي واذهبي وذوقي وتجرعي طلقت طلقة واحدة ولكنها بائنة.




استمع المزيد من الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح أخصر المختصرات [21] 2736 استماع
شرح أخصر المختصرات [28] 2712 استماع
شرح أخصر المختصرات [72] 2603 استماع
شرح أخصر المختصرات [87] 2567 استماع
شرح أخصر المختصرات [37] 2479 استماع
شرح أخصر المختصرات [68] 2345 استماع
شرح أخصر المختصرات [81] 2337 استماع
شرح أخصر المختصرات [58] 2327 استماع
شرح أخصر المختصرات [9] 2315 استماع
شرح أخصر المختصرات [22] 2263 استماع