خطب ومحاضرات
شرح عمدة الطالب - كتاب النفقات [1]
الحلقة مفرغة
قال المؤلف غفر الله له: [باب النفقات: يلزم زوجاً كفاية زوجته قوتاً وأدماً وكسوة وسكناً, وتوابعها بصالح لمثلها, ويعتبر حاكم ذلك بحالهما إن تنازعا, وعليه مؤنة نظافتها، وخادم إن خدم مثلها ولو بأجرة ومؤانسة لحاجة، وكذا رجعية في عدتها، لا بائن بلا حمل ولا متوفى عنها من تركة.
ومن حبست ولو ظلماً أو نشزت، أو تطوعت بلا إذنه بصوم أو حج، أو سافرت لحاجتها ولو بإذنه فلا نفقة, وتجب كل يوم في أوله, والكسوة أول كل عام.
وإن اتفقا على تقديم أو تأخير أو عوض جاز, ولا يجبر من امتنع منه, ولا تسقط بمضي الزمان بخلاف نفقة القريب, وتجب بتسليم زوجة مطيقة, أو بذلها ولو مع صغر زوج.
ومتى أعسر بالقوت أو الكسوة أو غاب وتعذرت من ماله والاستدانة عليه فلها الفسخ بحاكم].
قال المؤلف رحمه الله تعالى: (باب النفقات).
النفقات في اللغة: جمع نفقة, وتجمع على نفاق, كثمرة وثمار, وهي: مأخوذة من النفوق وهو الهلاك.
وأما في الاصطلاح: فهي كفاية من يمونه طعاماً وكسوة وسكناً ونكاحاً.
والأصل فيها القرآن والسنة والإجماع, أما القرآن فقول الله عز وجل: وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:233]، وقال سبحانه: لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ [الطلاق:7].
ومن السنة قول النبي عليه الصلاة والسلام: ( وتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله, واستحللتم فروجهن بكلمة الله, وإن لهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف )، وقوله: ( ابدأ بنفسك, فإن فضل شيء فلأهلك, فإن فضل شيء فلذي قرابتك, فإن فضل شيء فهكذا وهكذا ) . والإجماع قائم على ذلك.
وحكم النفقة أنها واجبة، أولاً: للأمر بها, وثانياً: أن تركها يؤدي إلى هلاك نفس المعصوم.
قال المؤلف رحمه الله: (يلزم زوجاً).
بدأ المؤلف رحمه الله بالسبب الأول من أسباب النفقة الثلاثة: وهي: الزوجية, والقرابة, والملك, فبدأ بالنكاح؛ لأن هذا السبب هو أقوى أسباب النفقة.
ولهذا الفقهاء رحمهم الله يرون أن الإنفاق على الزوجة من قبيل المعاوضة وليس من قبيل الصلة, وأما النفقة على الأقارب فهي من قبيل الصلة.
وكون النفقة على الزوجة صلة أو معاوضة هذا موضع خلاف بين أهل العلم رحمهم الله.
والذي مشى عليه المؤلف رحمه الله -وهو كلام الفقهاء- أنها معاوضة لأنها محبوسة لأجل الزوج, فيجب عليه أن ينفق عليها مقابل الاستمتاع.
و ابن القيم رحمه الله يقول: بأنها صلة والعوض حصل بالمهر, وهذا الكلام يترتب عليه مسائل كثيرة سنشير إلى شيء منها في أثناء كلام المؤلف رحمه الله تعالى.
والعلماء رحمهم الله يشيرون إلى شيء من هذا في كتاب النفقات وفي غيره.
حكم النفقة على الزوجة ومقدارها
هذا يدل على أن نفقة الزوجة واجبة؛ ويدل لهذا قول النبي عليه الصلاة والسلام كما في صحيح مسلم: ( وإن لهن عليكم رزقهن وكسوتهن ).
قال: (لهن عليكم), وعليكم من صيغ الوجوب عند الأصوليين, فهذا يدل على الوجوب, والله عز وجل قال في القرآن: لِيُنفِقْ [الطلاق:7] -وهذا أمر- ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ [الطلاق:7].
قال: (يلزم زوجاً كفاية زوجته قوتاً).
القوت كالخبز ونحوه أو كالبر ونحو ذلك.
قال: (وأدماً وكسوة وسكناً وتوابعها).
كالماء للشرب, والماء للوضوء ونحو ذلك.
قال: (بصالح لمثلها) يعني: أن الكسوة تقدر بما يصلح لمثلها, وهذا يختلف باختلاف الزوجات.
قال: (ويعتبر حاكم بحالهما إن تنازعا).
الزوجان أمرهما لا يخلو من حالين:
الحالة الأولى: أن لا يحصل بينهما تنازع فنقول: الأمر إلى الزوجة إذا رضيت.
الحالة الثانية: أن يكون هناك خلاف ونزاع بين الزوجين, فيقول لك المؤلف رحمه الله يعتبر الحاكم حالهما. وهناك خلاف في النظر إلى حالهما, يعني: هل المعتبر حال الزوج أو المعتبر حال الزوجة, أو المعتبر حالهما جميعاً؟
والآراء في هذه المسألة ثلاثة:
الرأي الأول: أن المعتبر حال الزوجة وهو رأي أبي حنيفة ومالك, ويدل لهذا حديث عائشة في قصة هند ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف )، فاعتبر حال الزوجة.
الرأي الثاني: الشافعي رحمه الله يقول: بأن المعتبر حال الزوج؛ لقول الله عز وجل: لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ [الطلاق:7]، فاعتبر حال الزوج.
فعلى الرأي الأول ننظر إلى حال المرأة إن كانت غنية يجب على الزوج أن ينفق نفقة أغنياء, وإن كانت فقيرة يجب على الزوج أن ينفق نفقة فقراء, وإن كانت متوسطه فبين ذلك.
وعلى رأي الشافعي ننظر إلى حال الزوج إن كان غنياً يجب عليه أن ينفق نفقة أغنياء, وإن كان فقيراً ينفق نفقة فقراء، وإن كان متوسطاً بين ذلك. والمشهور من المذهب أننا نعتبر حالهما جميعاً.
وعلى هذا لا يخلو ذلك من أقسام: إن كانا غنيين فنفقة أغنياء, وإن كانا فقيرين فنفقة فقراء, وإن كانا متوسطين، أو كان الزوج غنياً والزوجة فقيرة, أو الزوجة غنية والزوج فقيراً فنفقة متوسطين.
وأقرب الأقوال في هذه المسألة ما ذهب إليه الشافعي رحمه الله -وهو الذي دلت له السنة- أن المعتبر حال الزوج, فإن كان الزوج فقيراً فما يلزمه إلا نفقة فقراء, وإن كان غنياً ينفق نفقة أغنياء..إلخ, ؛ لأن الله عز وجل قال: لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا [الطلاق:7].
وأيضاً الصحابة رضي الله تعالى عنهم كانوا فقراء, وينفقون نفقة فقراء, والنبي عليه الصلاة والسلام كان لا يجد النفقة..إلخ.
قال: (وعليه مؤنة نظافتها).
يعني: عليه نفقة النظافة من الصابون والماء وسائر المنظفات.
حكم توفير الخادم والمؤانسة للزوجة
المقصود بالخادم المملوك, وهذا كان في الزمن السابق يعني: هل يجب عليه أن يشتري جارية تخدم في البيت أو لا يجب عليه؟
المشهور من المذهب أن هذا ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: ما يتعلق بخدمة الزوج كغسل ثياب الزوج وطبخ طعامه وخبز خبزه وغسل ماعونه فهذا لا يجب عليه؛ لأن المعقود عليه إنما هو الاستمتاع.
وتقدم لنا ما هو المعقود في عقد النكاح, هل هو مطلق الازدواج والمشاركة مثل ما قال شيخ الإسلام, أو المعقود عليه الاستمتاع.
والمذهب أن المعقود عليه الاستمتاع ولا يجب على الزوجة مطلقاً -فقيرة أو غنية- أن تخدم لأنك ما عقدت عليها لتغسل ثيابك وتطبخ طعامك, بل عقدت عليها من أجل الاستمتاع.
والقسم الثاني: ما يتعلق بأمور الزوجة, مثل: غسل ثوبها، طبخ طعامها, غسل ماعونها ..إلخ، فإن كان مثلها في بيت تغسل ثيابها ويطبخ طعامها ويغسل ماعونها فيجب أن تأتي لها بخادم؛ لأن الله يقول: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19] وليس من المعروف أن تكون هي مخدومة وتخدم، وإن كان مثلها لا يخدم بل هي في بيتها تخدم نفسها فلا يجب.
والرأي الثاني: اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قال: إنه يجب على مثلها ما يجب لمثله, فإذا كانت هذه المرأة من بيت يخدمن أنفسهن ويخدمن أزواجهن -يعني: أمها تخدم أباها وتخدم نفسها- فيجب عليها أن تخدم أيضاً.
وفاطمة رضي الله تعالى عنها سيدة نساء العالمين كانت تخدم علي بن أبي طالب , واشتكت إلى النبي عليه الصلاة والسلام أثر الرحى في يدها وطلبت منه خادماً فأرشدها النبي صلى الله عليه وسلم أن تسبح الله وتحمده ثلاثاً وثلاثين وتكبره أربعاً وثلاثين عند النوم.
وعائشة رضي الله تعالى عنها ( كان النبي عليه الصلاة والسلام يدخل عليها رأسه وهو معتكف في المسجد فترجله ) , وهذه خدمة للزوج، وكذلك صفية وسائر أمهات المؤمنين كن يخدمن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فالصواب في ذلك كما قال شيخ الإسلام أنه يجب لمثله ما يجب على مثلها, فإذا كانت هذه المرأة مثل عامة النساء يخدمن أزواجهن ويخدمن أنفسهن فلا يجب عليه, أما إذا كانت من بيت أمها وأخواتها لا يخدمن.. إلخ فهنا كما قلنا: إن كانت حالة الزوج تستطيع وتنازعا فيأتي بخادم, أما إذا تراضيا أو كان لا يستطيع فكما قال الله عز وجل: لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ [الطلاق:7].
قال رحمه الله: (ومؤانسة لحاجة).
يعني: يجب عليه أن يأتي لها بمؤانسة وهي من تزيل الوحشة؛ لأنها قد تستوحش ولا تطمئن في البيت, فمن المعروف أن يأتي لها بمن يزيل وحشتها ويؤنسها.
قال المؤلف: (يلزم زوجاً).
هذا يدل على أن نفقة الزوجة واجبة؛ ويدل لهذا قول النبي عليه الصلاة والسلام كما في صحيح مسلم: ( وإن لهن عليكم رزقهن وكسوتهن ).
قال: (لهن عليكم), وعليكم من صيغ الوجوب عند الأصوليين, فهذا يدل على الوجوب, والله عز وجل قال في القرآن: لِيُنفِقْ [الطلاق:7] -وهذا أمر- ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ [الطلاق:7].
قال: (يلزم زوجاً كفاية زوجته قوتاً).
القوت كالخبز ونحوه أو كالبر ونحو ذلك.
قال: (وأدماً وكسوة وسكناً وتوابعها).
كالماء للشرب, والماء للوضوء ونحو ذلك.
قال: (بصالح لمثلها) يعني: أن الكسوة تقدر بما يصلح لمثلها, وهذا يختلف باختلاف الزوجات.
قال: (ويعتبر حاكم بحالهما إن تنازعا).
الزوجان أمرهما لا يخلو من حالين:
الحالة الأولى: أن لا يحصل بينهما تنازع فنقول: الأمر إلى الزوجة إذا رضيت.
الحالة الثانية: أن يكون هناك خلاف ونزاع بين الزوجين, فيقول لك المؤلف رحمه الله يعتبر الحاكم حالهما. وهناك خلاف في النظر إلى حالهما, يعني: هل المعتبر حال الزوج أو المعتبر حال الزوجة, أو المعتبر حالهما جميعاً؟
والآراء في هذه المسألة ثلاثة:
الرأي الأول: أن المعتبر حال الزوجة وهو رأي أبي حنيفة ومالك, ويدل لهذا حديث عائشة في قصة هند ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف )، فاعتبر حال الزوجة.
الرأي الثاني: الشافعي رحمه الله يقول: بأن المعتبر حال الزوج؛ لقول الله عز وجل: لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ [الطلاق:7]، فاعتبر حال الزوج.
فعلى الرأي الأول ننظر إلى حال المرأة إن كانت غنية يجب على الزوج أن ينفق نفقة أغنياء, وإن كانت فقيرة يجب على الزوج أن ينفق نفقة فقراء, وإن كانت متوسطه فبين ذلك.
وعلى رأي الشافعي ننظر إلى حال الزوج إن كان غنياً يجب عليه أن ينفق نفقة أغنياء, وإن كان فقيراً ينفق نفقة فقراء، وإن كان متوسطاً بين ذلك. والمشهور من المذهب أننا نعتبر حالهما جميعاً.
وعلى هذا لا يخلو ذلك من أقسام: إن كانا غنيين فنفقة أغنياء, وإن كانا فقيرين فنفقة فقراء, وإن كانا متوسطين، أو كان الزوج غنياً والزوجة فقيرة, أو الزوجة غنية والزوج فقيراً فنفقة متوسطين.
وأقرب الأقوال في هذه المسألة ما ذهب إليه الشافعي رحمه الله -وهو الذي دلت له السنة- أن المعتبر حال الزوج, فإن كان الزوج فقيراً فما يلزمه إلا نفقة فقراء, وإن كان غنياً ينفق نفقة أغنياء..إلخ, ؛ لأن الله عز وجل قال: لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا [الطلاق:7].
وأيضاً الصحابة رضي الله تعالى عنهم كانوا فقراء, وينفقون نفقة فقراء, والنبي عليه الصلاة والسلام كان لا يجد النفقة..إلخ.
قال: (وعليه مؤنة نظافتها).
يعني: عليه نفقة النظافة من الصابون والماء وسائر المنظفات.
قال: (وخادم إن خدم مثلها ولو بأجرة ومؤانسة لحاجة).
المقصود بالخادم المملوك, وهذا كان في الزمن السابق يعني: هل يجب عليه أن يشتري جارية تخدم في البيت أو لا يجب عليه؟
المشهور من المذهب أن هذا ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: ما يتعلق بخدمة الزوج كغسل ثياب الزوج وطبخ طعامه وخبز خبزه وغسل ماعونه فهذا لا يجب عليه؛ لأن المعقود عليه إنما هو الاستمتاع.
وتقدم لنا ما هو المعقود في عقد النكاح, هل هو مطلق الازدواج والمشاركة مثل ما قال شيخ الإسلام, أو المعقود عليه الاستمتاع.
والمذهب أن المعقود عليه الاستمتاع ولا يجب على الزوجة مطلقاً -فقيرة أو غنية- أن تخدم لأنك ما عقدت عليها لتغسل ثيابك وتطبخ طعامك, بل عقدت عليها من أجل الاستمتاع.
والقسم الثاني: ما يتعلق بأمور الزوجة, مثل: غسل ثوبها، طبخ طعامها, غسل ماعونها ..إلخ، فإن كان مثلها في بيت تغسل ثيابها ويطبخ طعامها ويغسل ماعونها فيجب أن تأتي لها بخادم؛ لأن الله يقول: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19] وليس من المعروف أن تكون هي مخدومة وتخدم، وإن كان مثلها لا يخدم بل هي في بيتها تخدم نفسها فلا يجب.
والرأي الثاني: اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قال: إنه يجب على مثلها ما يجب لمثله, فإذا كانت هذه المرأة من بيت يخدمن أنفسهن ويخدمن أزواجهن -يعني: أمها تخدم أباها وتخدم نفسها- فيجب عليها أن تخدم أيضاً.
وفاطمة رضي الله تعالى عنها سيدة نساء العالمين كانت تخدم علي بن أبي طالب , واشتكت إلى النبي عليه الصلاة والسلام أثر الرحى في يدها وطلبت منه خادماً فأرشدها النبي صلى الله عليه وسلم أن تسبح الله وتحمده ثلاثاً وثلاثين وتكبره أربعاً وثلاثين عند النوم.
وعائشة رضي الله تعالى عنها ( كان النبي عليه الصلاة والسلام يدخل عليها رأسه وهو معتكف في المسجد فترجله ) , وهذه خدمة للزوج، وكذلك صفية وسائر أمهات المؤمنين كن يخدمن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فالصواب في ذلك كما قال شيخ الإسلام أنه يجب لمثله ما يجب على مثلها, فإذا كانت هذه المرأة مثل عامة النساء يخدمن أزواجهن ويخدمن أنفسهن فلا يجب عليه, أما إذا كانت من بيت أمها وأخواتها لا يخدمن.. إلخ فهنا كما قلنا: إن كانت حالة الزوج تستطيع وتنازعا فيأتي بخادم, أما إذا تراضيا أو كان لا يستطيع فكما قال الله عز وجل: لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ [الطلاق:7].
قال رحمه الله: (ومؤانسة لحاجة).
يعني: يجب عليه أن يأتي لها بمؤانسة وهي من تزيل الوحشة؛ لأنها قد تستوحش ولا تطمئن في البيت, فمن المعروف أن يأتي لها بمن يزيل وحشتها ويؤنسها.
نفقة وسكنى الرجعية
لما ذكر المؤلف رحمه الله نفقة الزوجة على سبيل العموم شرع الآن في نفقة المعتدات.
والمعتدات أقسام:
القسم الأول: الرجعية والرجعية: هي التي طلقها زوجها دونما يملك من العدد بلا عوض بعد دخول أو خلوة.
وتجب لها النفقة من الطعام والشراب والكسوة والسكن كالزوجة تماماً؛ لأن الله عز وجل قال: وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ [البقرة:228]، فسمى الله عز وجل زوج الزوجة المطلقة بعلاً, بل إن العلماء رحمهم الله يقولون: بأن الرجعية تلزم البيت كالمتوفى عنها.
يعني: ما تخرج في الليل إلا لضرورة, ولا في النهار إلا لحاجة كالمتوفى عنها تماماً, وهذا خلاف ما عليه عمل الناس اليوم, فاليوم إذا طلقها طلاقاً رجعياً خرجت من البيت, والله عز وجل يقول: لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا [الطلاق:1].
فهذا خلاف السنة بل خلاف الواجب أيضاً؛ لأن السكن واجب لها, وربما إذا كانت عنده في البيت أن الله عز وجل يحدث في قلوبهما أمراً من الألفة والمراجعة ونحو ذلك.
نفقة وسكنى البائن
الرأي الأول: أنه تجب لها النفقة والسكنى, وهذا رأي أبي حنيفة رحمه الله.
والرأي الثاني: أنه لا نفقة لها ولا سكنى إلا إن كانت حاملاً, وهذا مذهب الحنابلة, لكن هل هي للحمل من أجلها أو لها من أجل الحمل؟
موضع خلاف عندهم لكنهم مع ذلك يقولون: هي للحمل.
والرأي الثالث: رأي مالك والشافعي، وهو التفصيل في المسألة, فيقولون: تجب السكنى دون النفقة.
وأما أدلتهم فالذين قالوا: أنه تجب لها النفقة استدلوا بالآيات في سورة الطلاق: لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [الطلاق:1]، وأيضاً قول عمر رضي الله تعالى عنه: لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا لقول امرأة لا ندري أحفظت أم نسيت، يعني: فاطمة بنت قيس في قولها: أنه لا نفقة لها ولا سكنى, ويقصد بكتاب ربه قوله: يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ [الطلاق:1] . وأيضاً قول لـعائشة رضي الله تعالى عنها: ألا تتقي الله لـفاطمة في قولها: لا نفقة لها ولا سكنى.
وأما الذين قالوا: بأن لها السكنى دون النفقة فاستدلوا بالآيات: لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [الطلاق:1].
والحنابلة استدلوا بحديث فاطمة بنت قيس في الصحيحين: ( أن زوجها طلقها فبت طلاقها, فأرسل لها وكيله شعيراً فسخطته, فأرسلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم, فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا نفقة لها ) .
وفي صحيح مسلم : ( لا نفقة لك ولا سكنى ) , وفي سنن أبي داود : ( لا نفقة لك ولا سكنى إلا أن تكوني حاملاً ).
وأيضاً في غير الصحيحين: ( إنما السكنى والنفقة لمن كان لزوجها عليها رجعة ).
وحديث فاطمة صريح في أنه لا نفقة لها ولا سكنى, والمعنى يؤيد ذلك؛ لأنها الآن بانت منه, لكن يجب عليه أن ينفق إذا كانت حاملاً من أجل الحمل؛ كما جاء في سنن أبي داود : ( لا نفقة لك ولا سكنى إلا أن تكوني حاملاً ) .
فهذا هو الصواب في هذه المسألة, وأما الآيات فالسياق يدل على أنها في الرجعية.
وأما قول عمر: لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا ... إلخ، فهذا أنكره الإمام أحمد وضعفه الدارقطني ، ولو كان عمر عنده سنة لبينها، وأما قوله: كتاب ربنا فهذا في الرجعية.
فالخلاصة: أنه لا نفقة لها ولا سكنى, لكن إن كان هناك حمل فالنفقة للحمل وليس لها, وهذا القول هو الصواب في هذه المسألة.
نفقة وسكنى المتوفى عنها زوجها
أما بالنسبة للسكنى فالجمهور على أنه لا سكنى لها, وذهب مالك إلى أنه تجب لها السكنى؛ لأن التربص واجب, وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
ودليل الجمهور أن الله عز وجل قال: وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ [النساء:12]، ولو أوجبنا لها السكنى للزم من ذلك الزيادة.
وهذه المسألة سبق أن تكلمنا عليها في أحكام الإحداد.
فالحنابلة يقولون: لا تجب لها النفقة من التركة حتى ولو كانت حاملاً لكن تجب نفقة الحمل من حصة الحمل.
والمالكية يقولون: لا نفقة لها؛ لأن المال انتقل للورثة، ولو قلنا: بأنه تجب النفقة للمتوفى عنها لأخذت أزيد مما فرضه الله عز وجل لها.
قال: (وكذا رجعية في عدتها، لا بائن بلا حمل ولا متوفى عنها من تركة).
لما ذكر المؤلف رحمه الله نفقة الزوجة على سبيل العموم شرع الآن في نفقة المعتدات.
والمعتدات أقسام:
القسم الأول: الرجعية والرجعية: هي التي طلقها زوجها دونما يملك من العدد بلا عوض بعد دخول أو خلوة.
وتجب لها النفقة من الطعام والشراب والكسوة والسكن كالزوجة تماماً؛ لأن الله عز وجل قال: وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ [البقرة:228]، فسمى الله عز وجل زوج الزوجة المطلقة بعلاً, بل إن العلماء رحمهم الله يقولون: بأن الرجعية تلزم البيت كالمتوفى عنها.
يعني: ما تخرج في الليل إلا لضرورة, ولا في النهار إلا لحاجة كالمتوفى عنها تماماً, وهذا خلاف ما عليه عمل الناس اليوم, فاليوم إذا طلقها طلاقاً رجعياً خرجت من البيت, والله عز وجل يقول: لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا [الطلاق:1].
فهذا خلاف السنة بل خلاف الواجب أيضاً؛ لأن السكن واجب لها, وربما إذا كانت عنده في البيت أن الله عز وجل يحدث في قلوبهما أمراً من الألفة والمراجعة ونحو ذلك.
القسم الثاني: البائن، وهذه موضع خلاف بين أهل العلم رحمهم الله, والخلاصة في هذه المسألة أن العلماء رحمهم الله لهم في نفقة البائن بفسخ أو خلع أو طلقها زوجها آخر الطلاقات الثلاث ثلاثة آراء:
الرأي الأول: أنه تجب لها النفقة والسكنى, وهذا رأي أبي حنيفة رحمه الله.
والرأي الثاني: أنه لا نفقة لها ولا سكنى إلا إن كانت حاملاً, وهذا مذهب الحنابلة, لكن هل هي للحمل من أجلها أو لها من أجل الحمل؟
موضع خلاف عندهم لكنهم مع ذلك يقولون: هي للحمل.
والرأي الثالث: رأي مالك والشافعي، وهو التفصيل في المسألة, فيقولون: تجب السكنى دون النفقة.
وأما أدلتهم فالذين قالوا: أنه تجب لها النفقة استدلوا بالآيات في سورة الطلاق: لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [الطلاق:1]، وأيضاً قول عمر رضي الله تعالى عنه: لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا لقول امرأة لا ندري أحفظت أم نسيت، يعني: فاطمة بنت قيس في قولها: أنه لا نفقة لها ولا سكنى, ويقصد بكتاب ربه قوله: يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ [الطلاق:1] . وأيضاً قول لـعائشة رضي الله تعالى عنها: ألا تتقي الله لـفاطمة في قولها: لا نفقة لها ولا سكنى.
وأما الذين قالوا: بأن لها السكنى دون النفقة فاستدلوا بالآيات: لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [الطلاق:1].
والحنابلة استدلوا بحديث فاطمة بنت قيس في الصحيحين: ( أن زوجها طلقها فبت طلاقها, فأرسل لها وكيله شعيراً فسخطته, فأرسلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم, فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا نفقة لها ) .
وفي صحيح مسلم : ( لا نفقة لك ولا سكنى ) , وفي سنن أبي داود : ( لا نفقة لك ولا سكنى إلا أن تكوني حاملاً ).
وأيضاً في غير الصحيحين: ( إنما السكنى والنفقة لمن كان لزوجها عليها رجعة ).
وحديث فاطمة صريح في أنه لا نفقة لها ولا سكنى, والمعنى يؤيد ذلك؛ لأنها الآن بانت منه, لكن يجب عليه أن ينفق إذا كانت حاملاً من أجل الحمل؛ كما جاء في سنن أبي داود : ( لا نفقة لك ولا سكنى إلا أن تكوني حاملاً ) .
فهذا هو الصواب في هذه المسألة, وأما الآيات فالسياق يدل على أنها في الرجعية.
وأما قول عمر: لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا ... إلخ، فهذا أنكره الإمام أحمد وضعفه الدارقطني ، ولو كان عمر عنده سنة لبينها، وأما قوله: كتاب ربنا فهذا في الرجعية.
فالخلاصة: أنه لا نفقة لها ولا سكنى, لكن إن كان هناك حمل فالنفقة للحمل وليس لها, وهذا القول هو الصواب في هذه المسألة.
القسم الثالث: المتوفى عنها زوجها.
أما بالنسبة للسكنى فالجمهور على أنه لا سكنى لها, وذهب مالك إلى أنه تجب لها السكنى؛ لأن التربص واجب, وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
ودليل الجمهور أن الله عز وجل قال: وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ [النساء:12]، ولو أوجبنا لها السكنى للزم من ذلك الزيادة.
وهذه المسألة سبق أن تكلمنا عليها في أحكام الإحداد.
فالحنابلة يقولون: لا تجب لها النفقة من التركة حتى ولو كانت حاملاً لكن تجب نفقة الحمل من حصة الحمل.
والمالكية يقولون: لا نفقة لها؛ لأن المال انتقل للورثة، ولو قلنا: بأنه تجب النفقة للمتوفى عنها لأخذت أزيد مما فرضه الله عز وجل لها.
استمع المزيد من الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح عمدة الطالب - كتاب العدد [1] | 2316 استماع |
شرح عمدة الطالب - كتاب العدد [2] | 1931 استماع |
شرح عمدة الطالب - كتاب النفقات [2] | 1407 استماع |
شرح عمدة الطالب - كتاب العدد [3] | 1338 استماع |
شرح عمدة الطالب - كتاب الحضانة | 1306 استماع |
شرح عمدة الطالب - كتاب الرضاع | 747 استماع |