خطب ومحاضرات
شرح عمدة الطالب - كتاب العدد [1]
الحلقة مفرغة
قال المؤلف رحمه الله: [كتاب العدد تلزم لوفاة مطلقاً، ومفارقة الحياة إن دخل أو خلا وكان ابن عشر، والمعتدات ست: الحامل، وعدتها من وفاة وغيرها وضع ما تصير به أمه أم لد].
بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: (كتاب العدد).
مناسبة هذا الباب لما قبله ظاهرة، فإن المؤلف -رحمه الله تعالى- لما ذكر الطلاق أتبعه بما يكون بعد الطلاق، فذكر الرجعة.. إلى آخره، ثم بعد ذلك عرج على العدد، وذكر قبل العدد الظهار واللعان، ولو أنه قدم العدد بعد الرجعة وأخر أحكام الظهار واللعان بعد العدد لكان أحسن وأنسب.
والعدد في اللغة: جمع عدة، وهي مأخوذة من العد والحساب، وهو ما تعده المرأة من أيام أقرائها أو حملها.
وأما في الاصطلاح فهو: تربص محدود شرعاً، بسبب فرقة نكاح وما يلحق به.
والعدة الأصل فيها من حيث الدليل القرآن والسنة والإجماع بالجملة، أما القرآن فقول الله عز وجل: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ [البقرة:228]، والآيات كثيرة كما سيأتينا إن شاء الله، وأما السنة فسيأتينا كما في قصة سبيعة الأسلمية رضي الله تعالى عنها، وأما النظر الصحيح فسيأتينا في الحكمة من العدة.
العدة لها حكم، فالحكمة منها:
أولاً: القيام بحق الله.
وثانياً: القيام بحق الزوج.
وثالثاً: القيام بحق الزوجة.
ورابعاً: القيام بحق الولد.
فالعدة فيها القيام بهذه الحقوق الأربعة، ولهذا كان من محاسن الشريعة شرعية هذه العدة، أو هذا التربص.
فعندنا أولاً القيام بحق الله عز وجل، بالاستجابة لأمر الله بهذا التربص، وتعظيم ما شرعه من أحكام كبيان خطر النكاح وعظمه إلى آخره، وأما القيام بحق الزوج فهو بيان الأسف على فراقه بهذا التربص، وإظهار الحزن، وكذلك أيضاً تطويل زمن المراجعة حتى يكون له فسحة في ذلك، وأما القيام بحق الزوجة فهو كما سلف أيضاً تطويل زمن المراجعة، وما يحصل للزوجة من السكنى إذا كانت رجعية والنفقة في مدة العدة، وكذلك أيضاً إذا كانت حاملاً، وإن كانت النفقة لها من أجل الحمل.
وأما القيام بحق الولد ففي ذلك حفظ الأنساب، وعدم اختلاط المياه، والآن في الطب الحديث أيضاً يقولون بأن العدة سبب للوقاية من الأمراض، يعني: من أين أتت الأمراض التي بسبب الفواحش؟
أتت من تكرر الوطء، يعني: في حالة الزنا يتكرر الوطء على المرأة، وتختلف المياه، فينشأ من ذلك هذه الجراثيم، فإذا حصل الطلاق بين الزوجين وحصل الاتصال، ثم تربصت المرأة هذه الفترة إلى آخره، حصل تجدد عند المرأة لاستقبال ماء آخر غير الماء الأول فلا ينشأ عنه ما يوجد في الزنا، وسبب الإيدز الموجود الآن وهذه الأمراض الفتاكة هي وجود هذه المياه عند المرأة واختلافها، فينشأ من هذا هذه الأمراض والجراثيم، لكثرة هذه المياه واختلاطها، فكان هذا أيضاً من الحكمة من وجود مثل هذه العدة، وهذا من محاسن الشريعة.
حكم عدة الوفاة
قال: (تلزم)، هذا يدل على أن العدة واجبة، وهو كذلك، ويدل لذلك أن الله عز وجل قال: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا [البقرة:234]، هذا خبر بمعنى الأمر، يعني: ليتربصن، وقال: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ [البقرة:228]، يعني: ليتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء.
قال المؤلف: (تلزم لوفاة مطلقاً).
العدة تلزم للوفاة مطلقاً، سواء دخل الزوج أو لم يدخل، خلا أو لم يخل، فبمجرد أن يعقد عليها ثم يموت عنها فإنه يجب عليها أن تعتد أربعة أشهرٍ وعشراً وإن لم يحصل دخول، وإن لم يحصل خلوة، وترثه، ويجب المهر كاملاً إن كان هناك مسمى، أو مهر مثل إذا لم يكن مسمى.
وتجب العدة مطلقاً، أي: سواء كانت المرأة صغيرة أو كبيرة، فلو عقد شخص على امرأة صغيرة لها عشر سنوات ثم مات وجب عليها أن تعتد، وسواء كان الزوج صغيراً أو كبيراً، لو تزوج وهو صغير ثم مات عن زوجته وجب عليها أن تعتد له، ولهذا العلماء -رحمهم الله- يقولون: إن الحكمة من عدة الوفاة تعبدية، يعني: تجب مطلقاً.
إذاً: هذا ضابط ذكره المؤلف وهو أن العدة تجب في الوفاة مطلقاً بلا قيد.
ويدل لذلك ما ذكرنا من الآية: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا [البقرة:234]، وأيضاً حديث ابن مسعود في السنن أنه سئل عن امرأة مات عنها زوجها ولم يدخل بها، ولم يفرض لها صداقاً، فقال ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: عليها العدة وترث، ولها مهر نسائها، فقال معقل بن سنان الأشجعي رضي الله تعالى عنه: أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في بروع بنت واشق امرأة منا بمثل ما قضيت، فسرّ ابن مسعود رضي الله تعالى عنه.
حكم عدة المطلقة
عرفنا أن المفارقة في حال الوفاة تلزم العدة فيها مطلقاً. أما المفارقة في حال الحياة يقول لك المؤلف: (إن دخل أو خلا)، دخل واضح، دليله قول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا [الأحزاب:49]، فدل ذلك أنه إذا مسها وجبت عليها العدة، وأنه إذا لم يمس ليس عليها العدة، أما إذا خلا ثم طلق فعلى رأي المؤلف أنه تجب عليها العدة، وهو قول كثير من العلماء رحمهم الله تعالى، واستدلوا على ذلك بوروده ذلك عن عمر رضي الله تعالى عنه بإسناد صحيح، وعلي رضي الله تعالى عنه بإسناد صحيح، فما دام أنه وارد عن عمر وعلي فتجب العدة في الخلوة؛ لأن كلاً منهما له سنة متبعة، ولأن كل واحد من الزوجين في حال الخلوة أفضى إلى الآخر.
الرأي الثاني رأي الشافعي رحمه الله: وأن العدة لا تجب إلا بالدخول، وإذا لم يحصل دخول لا تجب العدة، ودليله الآية: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ [الأحزاب:49]، علق الله عز وجل الأمر بالمسيس، فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا [الأحزاب:49]، ما دام أن هناك طلاقاً قبل المسيس وليس فيه عدة معناه أنه إذا وجد المسيس وجبت العدة، وهذا قوي، وكذلك القول الأول، لكن الأحوط ما ذهب إليه الحنابلة رحمهم الله؛ لأن هذا وارد عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم كما سلف.
قال: (وكان ابن عشر).
قيده المؤلف -رحمه الله- بابن عشر لأنه هو الذي يمكنه أن يطأ، وبنت تسع هي التي يمكن أن توطأ، لكن هذا التقييد يحتاج إلى دليل، فالصواب في هذه المسألة أننا لا نرجع إلى السن، بل نرجع إلى الحال؛ لأن هذا يختلف باختلاف الزمان والمكان، فقد يوجد مثل هذا في بعض الأماكن وبعض الأزمنة، لكنه لا يوجد في بعض الأماكن وبعض الأزمنة، المهم نقول: إذا كان يمكنه أن يطأ مع وجود الخلوة سواء كان ابن عشر أو أقل أو أكثر تلزم العدة، وهذا هو الأقرب.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: (تلزم لوفاة مطلقاً).
قال: (تلزم)، هذا يدل على أن العدة واجبة، وهو كذلك، ويدل لذلك أن الله عز وجل قال: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا [البقرة:234]، هذا خبر بمعنى الأمر، يعني: ليتربصن، وقال: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ [البقرة:228]، يعني: ليتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء.
قال المؤلف: (تلزم لوفاة مطلقاً).
العدة تلزم للوفاة مطلقاً، سواء دخل الزوج أو لم يدخل، خلا أو لم يخل، فبمجرد أن يعقد عليها ثم يموت عنها فإنه يجب عليها أن تعتد أربعة أشهرٍ وعشراً وإن لم يحصل دخول، وإن لم يحصل خلوة، وترثه، ويجب المهر كاملاً إن كان هناك مسمى، أو مهر مثل إذا لم يكن مسمى.
وتجب العدة مطلقاً، أي: سواء كانت المرأة صغيرة أو كبيرة، فلو عقد شخص على امرأة صغيرة لها عشر سنوات ثم مات وجب عليها أن تعتد، وسواء كان الزوج صغيراً أو كبيراً، لو تزوج وهو صغير ثم مات عن زوجته وجب عليها أن تعتد له، ولهذا العلماء -رحمهم الله- يقولون: إن الحكمة من عدة الوفاة تعبدية، يعني: تجب مطلقاً.
إذاً: هذا ضابط ذكره المؤلف وهو أن العدة تجب في الوفاة مطلقاً بلا قيد.
ويدل لذلك ما ذكرنا من الآية: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا [البقرة:234]، وأيضاً حديث ابن مسعود في السنن أنه سئل عن امرأة مات عنها زوجها ولم يدخل بها، ولم يفرض لها صداقاً، فقال ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: عليها العدة وترث، ولها مهر نسائها، فقال معقل بن سنان الأشجعي رضي الله تعالى عنه: أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في بروع بنت واشق امرأة منا بمثل ما قضيت، فسرّ ابن مسعود رضي الله تعالى عنه.
استمع المزيد من الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح عمدة الطالب - كتاب العدد [2] | 1932 استماع |
شرح عمدة الطالب - كتاب النفقات [1] | 1529 استماع |
شرح عمدة الطالب - كتاب النفقات [2] | 1407 استماع |
شرح عمدة الطالب - كتاب العدد [3] | 1338 استماع |
شرح عمدة الطالب - كتاب الحضانة | 1307 استماع |
شرح عمدة الطالب - كتاب الرضاع | 748 استماع |