خطب ومحاضرات
شرح عمدة الأحكام - كتاب الجهاد [5]
الحلقة مفرغة
قال المصنف رحمه الله تعالى: [عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: (كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم، مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب، وكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خالصاً, فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعزل نفقة أهله سنة, ثم يجعل ما بقي في الكراع والسلاح عدةً في سبيل الله عز وجل).
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: (أجرى النبي صلى الله عليه وسلم ما ضمر من الخيل من الحفياء إلى ثنية الوداع, وأجرى ما لم يضمر من الثنية إلى مسجد بني زريق. قال
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: (عرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة سنة فلم يجزني في المقاتلة، وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة فأجازني)].
الشرح:
تقدم لنا حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما في بعث النبي صلى الله عليه وسلم سريةً إلى نجد، وأن النبي صلى الله عليه وسلم نفلهم بعيراً بعيراً.
وذكرنا أن النفل ينقسم إلى ثلاثة أقسام وبينا هذه الأقسام، وكذلك أيضاً تقدم لنا حديث عبد الله بن عمر أن امرأةً وجدت في بعض مغازي النبي صلى الله عليه وسلم مقتولة فأنكر النبي صلى الله عليه وسلم قتل النساء والصبيان.. إلى آخره، تكلمنا عليه.
ثم قال المؤلف رحمه الله: [عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: (كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم، مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب)].
التعريف ببني قريظة
هذا الحديث تضمن مسائل.
الفيء.. وحكمه
تخميس الفيء
والرأي الثاني رأي الشافعي : أنه يخمس. ودليل من قال بأنه لا يخمس هذا الحديث، وأما الذين قالوا: يخمس، فاستدلوا بقول الله عز وجل: مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7]، لكن يجاب على هذه الآية بأن الله سبحانه وتعالى قال بعد ذلك: لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [الحشر:8]، ثم قال: وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ [الحشر:9] هؤلاء الأنصار، ثم قال: وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ [الحشر:10]، فالآية شملت جميع هؤلاء، فالصحيح أن الفيء لا يخمس، وكما ذكر الفقهاء رحمهم الله أنه يكون في مصالح المسلمين.
وفي هذا: أنه لا بأس للإمام أن يأخذ من بيت المال ما يكفيه ويكفي أهله، كما في حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعزل نفقة سنة. وكما ورد أن أبا بكر رضي الله تعالى عنه لما تولى خرج إلى السوق، فضرب له في بيت المال. المهم أنه يأخذ ما يكفيه ويكفي أهله.
وفي هذا أيضاً: أنه يجوز ادخار القوت، وأنه لا بأس به، وأنه لا ينافي التوكل على الله عز وجل، وأنه ليس محظوراً.
والادخار ينقسم إلى قسمين: ادخار محرم لا يجوز: وهو الذي يقصد به الإضرار بالناس كرفع الأسعار ونحو ذلك.
وادخار جائز: وهو الذي لا يقصد به الإضرار كما لو ادخر قوت أهله ونحو ذلك، أو ادخر لكي يزيد السعر حين يبيعه في وقت الحاجة، بحيث لا يكون في ذلك احتكار وظلم للناس؛ فهذا جائز ولا بأس به إن شاء الله.
وفيه: أن مصرف الفيء يكون في مصالح المسلمين.
أولاً: بنو النضير هي إحدى طوائف اليهود التي سكنت قرب المدينة، وكان اليهود في وقت النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث طوائف: بنو النضير، وبنو قريظة، وبنو قينقاع، وهؤلاء بنو النضير عاهدهم النبي صلى الله عليه وسلم وعاقدهم ألا يحاربوه وألا يعينوا عليه أحداً، وفي مدة هذا العهد خرج النبي صلى الله عليه وسلم لكي يستعين بهم على دية القتيل الذي قتله عمرو بن أمية الضمري ، وكان جالساً على جدار، فتمالئوا على قتله، وأن يلقوا عليه حجراً، فأتى الوحي للنبي صلى الله عليه وسلم من السماء، فاستأذن النبي صلى الله عليه وسلم كأنه يريد أن يقضي حاجة، وذهب إلى المدينة، فلما تأخر على الصحابة رضي الله تعالى عنهم لحقه الصحابة رضي الله تعالى عنهم، ثم بعد ذلك حاربهم النبي عليه الصلاة والسلام وغنم أموالهم، قال عمر : (كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب)، الخيل معروفة، والركاب هي الإبل، وقوله: (لم يوجف) الإيجاف هو الإسراع في السير، وكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعزل نفقة أهله سنةً، ثم يجعل ما بقي في الكراع والسلاح، والكراع هي الخيل، والسلاح عدةً في سبيل الله عز وجل.
هذا الحديث تضمن مسائل.
من هذه المسائل: أن الفيء هو ما أخذه المسلمون من أموال الكفار بلا قتال، وحكم هذا الفيء، كما دل هذا الحديث على أنه يكون في مصالح المسلمين، بخلاف الغنيمة، فإنها تخمس، وأربعة أخماسها يكون للغانمين كما سيأتينا، أما بالنسبة للفيء فإنه يكون في مصالح المسلمين، ولهذا قال: (فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعزل نفقة أهله سنة، ثم يجعل ما بقي في الكراع والسلاح)، فيكون في مصالح المسلمين، في الكراع، في السلاح، في تعمير الطرق، في حفر الآبار، في رزق الأئمة والقضاة والمؤذنين.. إلى آخره.
وفي هذا أيضاً: دليل على أن الفيء لا يخمس، وهذه المسألة موضع خلاف بين أهل العلم رحمهم الله، وهو المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله، وقال به كثير من العلماء.
والرأي الثاني رأي الشافعي : أنه يخمس. ودليل من قال بأنه لا يخمس هذا الحديث، وأما الذين قالوا: يخمس، فاستدلوا بقول الله عز وجل: مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7]، لكن يجاب على هذه الآية بأن الله سبحانه وتعالى قال بعد ذلك: لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [الحشر:8]، ثم قال: وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ [الحشر:9] هؤلاء الأنصار، ثم قال: وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ [الحشر:10]، فالآية شملت جميع هؤلاء، فالصحيح أن الفيء لا يخمس، وكما ذكر الفقهاء رحمهم الله أنه يكون في مصالح المسلمين.
وفي هذا: أنه لا بأس للإمام أن يأخذ من بيت المال ما يكفيه ويكفي أهله، كما في حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعزل نفقة سنة. وكما ورد أن أبا بكر رضي الله تعالى عنه لما تولى خرج إلى السوق، فضرب له في بيت المال. المهم أنه يأخذ ما يكفيه ويكفي أهله.
وفي هذا أيضاً: أنه يجوز ادخار القوت، وأنه لا بأس به، وأنه لا ينافي التوكل على الله عز وجل، وأنه ليس محظوراً.
والادخار ينقسم إلى قسمين: ادخار محرم لا يجوز: وهو الذي يقصد به الإضرار بالناس كرفع الأسعار ونحو ذلك.
وادخار جائز: وهو الذي لا يقصد به الإضرار كما لو ادخر قوت أهله ونحو ذلك، أو ادخر لكي يزيد السعر حين يبيعه في وقت الحاجة، بحيث لا يكون في ذلك احتكار وظلم للناس؛ فهذا جائز ولا بأس به إن شاء الله.
وفيه: أن مصرف الفيء يكون في مصالح المسلمين.
استمع المزيد من الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح عمدة الأحكام - كتاب البيع [27] | 2828 استماع |
شرح عمدة الأحكام - كتاب البيع [22] | 2550 استماع |
شرح عمدة الأحكام - كتاب البيع [17] | 2543 استماع |
شرح عمدة الأحكام - كتاب الحدود [1] | 2444 استماع |
شرح عمدة الأحكام - كتاب الصيد [1] | 2355 استماع |
شرح عمدة الأحكام - كتاب البيع [3] | 2236 استماع |
شرح عمدة الأحكام - كتاب البيع [28] | 2210 استماع |
شرح عمدة الأحكام - كتاب الحدود [2] | 2178 استماع |
شرح عمدة الأحكام - كتاب اللعان [3] | 2149 استماع |
شرح عمدة الأحكام - كتاب البيع [23] | 2141 استماع |