شرح سنن أبي داود [367]


الحلقة مفرغة

شرح حديث دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم للرجل الذي كان يرفع صوته بالذكر ليلاً

قال المصنف رحمه الله تعالى:

[ باب في الدفن بالليل.

حدثنا محمد بن حاتم بن بزيع حدثنا أبو نعيم عن محمد بن مسلم عن عمرو بن دينار أخبرني جابر بن عبد الله أو سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: (رأى ناس ناراً في المقبرة فأتوها فإذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في القبر، وإذا هو يقول: ناولوني صاحبكم، فإذا هو الرجل الذي كان يرفع صوته بالذكر) ].

أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة وهي: [ باب في الدفن بالليل ]، أي: في حكمه، وقد سبق أن مر حديث وفيه: (أنهم دفنوا رجلاً ليلاً فزجر النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك)، وذلك في باب الكفن، أي: أنهم كفنوه بكفن غير طائل، فزجر النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وهنا أورد هذه الترجمة وهي الدفن في الليل: ما حكمه؟ وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يجوز إلا للضرورة، وقال بعضهم: إنه يسوغ إذا حصلت المصالح التي تحصل بالنهار للميت، وذلك أن يكفَّن بكفن مناسب، وأن يكثر المصلون عليه، فإذا حصل للميت في الليل مثلما يحصل له بالنهار فلا بأس بذلك، وأما إذا كان الدفن ليلاً يترتب عليه تقصير في حق الميت؛ وذلك بأن يكون الكفن غير كافٍ، أو يقل المصلون فإنه لا يصلى عليه ليلاً، بل يترك إلى النهار، وقد جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم دُفن في الليل، وكذلك أبو بكر وفاطمة وعثمان وعدد من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.

قوله: (رأى ناس ناراً في المقبرة)، قال العلماء: هذا يدل على أنه لا بأس بوجود الإضاءة في الليل؛ من أجل رؤية المكان، ومن أجل التمكن من الدفن، (فجاءوا وإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في القبر، وكان يقول: ناولوني صاحبكم، فإذا هو الرجل الذي كان يرفع صوته بالذكر) أي: أن هذا الشخص كان مشهوراً برفع صوته بالذكر.

تراجم رجال إسناد حديث دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم للرجل الذي كان يرفع صوته بالذكر ليلاً

قوله: [ حدثنا محمد بن حاتم بن بزيع ].

محمد بن حاتم بن بزيع ثقة أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .

[ حدثنا أبو نعيم ].

هو الفضل بن دكين الكوفي، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن محمد بن مسلم ].

هو محمد بن مسلم الطائفي، وهو صدوق يخطئ، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن عمرو بن دينار ].

هو عمرو بن دينار المكي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أخبرني جابر بن عبد الله ].

جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه، وهو صحابي جليل، أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وهذا الحديث ضعفه الألباني ، وسبب ضعفه محمد بن مسلم الطائفي ، فهو صدوق يخطئ، ولكن للحديث شواهد تدل عليه.

قوله: [ أخبرني جابر بن عبد الله أو سمعت جابر بن عبد الله ].

هذا يدل على عناية المحدثين بكتابة الألفاظ والصيغ، ومعلوم أن المؤدى واحد والنتيجة واحدة، ولكن هذا من باب العناية والدقة.

وكلا العبارتين فيها اتصال وتصريح بالسماع.

قال المصنف رحمه الله تعالى:

[ باب في الدفن بالليل.

حدثنا محمد بن حاتم بن بزيع حدثنا أبو نعيم عن محمد بن مسلم عن عمرو بن دينار أخبرني جابر بن عبد الله أو سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: (رأى ناس ناراً في المقبرة فأتوها فإذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في القبر، وإذا هو يقول: ناولوني صاحبكم، فإذا هو الرجل الذي كان يرفع صوته بالذكر) ].

أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة وهي: [ باب في الدفن بالليل ]، أي: في حكمه، وقد سبق أن مر حديث وفيه: (أنهم دفنوا رجلاً ليلاً فزجر النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك)، وذلك في باب الكفن، أي: أنهم كفنوه بكفن غير طائل، فزجر النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وهنا أورد هذه الترجمة وهي الدفن في الليل: ما حكمه؟ وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يجوز إلا للضرورة، وقال بعضهم: إنه يسوغ إذا حصلت المصالح التي تحصل بالنهار للميت، وذلك أن يكفَّن بكفن مناسب، وأن يكثر المصلون عليه، فإذا حصل للميت في الليل مثلما يحصل له بالنهار فلا بأس بذلك، وأما إذا كان الدفن ليلاً يترتب عليه تقصير في حق الميت؛ وذلك بأن يكون الكفن غير كافٍ، أو يقل المصلون فإنه لا يصلى عليه ليلاً، بل يترك إلى النهار، وقد جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم دُفن في الليل، وكذلك أبو بكر وفاطمة وعثمان وعدد من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.

قوله: (رأى ناس ناراً في المقبرة)، قال العلماء: هذا يدل على أنه لا بأس بوجود الإضاءة في الليل؛ من أجل رؤية المكان، ومن أجل التمكن من الدفن، (فجاءوا وإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في القبر، وكان يقول: ناولوني صاحبكم، فإذا هو الرجل الذي كان يرفع صوته بالذكر) أي: أن هذا الشخص كان مشهوراً برفع صوته بالذكر.

قوله: [ حدثنا محمد بن حاتم بن بزيع ].

محمد بن حاتم بن بزيع ثقة أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .

[ حدثنا أبو نعيم ].

هو الفضل بن دكين الكوفي، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن محمد بن مسلم ].

هو محمد بن مسلم الطائفي، وهو صدوق يخطئ، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن عمرو بن دينار ].

هو عمرو بن دينار المكي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أخبرني جابر بن عبد الله ].

جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه، وهو صحابي جليل، أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وهذا الحديث ضعفه الألباني ، وسبب ضعفه محمد بن مسلم الطائفي ، فهو صدوق يخطئ، ولكن للحديث شواهد تدل عليه.

قوله: [ أخبرني جابر بن عبد الله أو سمعت جابر بن عبد الله ].

هذا يدل على عناية المحدثين بكتابة الألفاظ والصيغ، ومعلوم أن المؤدى واحد والنتيجة واحدة، ولكن هذا من باب العناية والدقة.

وكلا العبارتين فيها اتصال وتصريح بالسماع.

شرح حديث أمر النبي صلى الله عليه وسلم بدفن قتلى أحد في مضاجعهم

قال المصنف رحمه الله تعالى:

[ باب في الميت يحمل من أرض إلى أرض وكراهة ذلك.

حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن الأسود بن قيس عن نبيح عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال: (كنا حملنا القتلى يوم أحد لندفنهم، فجاء منادي النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأمركم أن تدفنوا القتلى في مضاجعهم، فرددناهم) ].

أورد أبو داود هذه الترجمة: [ باب في الميت يحمل من أرض إلى أرضَ وكراهة ]ذلك ]، والمقصود من ذلك: كراهة نقل الميت من المكان الذي مات فيه إلى مكان آخر، والأصل أن كل ميت يدفن في المكان الذي مات فيه، وإذا كانت هناك مصلحة في النقل كأن يكون في مكان يخشى عليه فيه، أو يكون في بلد كفار فينقل عنهم ويقبر مع المسلمين، فإنه لا بأس بذلك، وإلا فإن الأصل أن كل ميت يدفن في البلد الذي مات فيه.

وقد أورد حديث جابر رضي الله عنه: (أنهم أرادوا نقل وحمل القتلى يوم أحد، فأخبرهم منادي النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم يأمرهم أن يدفنوهم في مضاجعهم) أي: في الأماكن التي قُتلوا فيها، وقال بعض أهل العلم: إن هذا خاص بالشهداء، وأما غيرهم فيجوز نقلُه، ولكن الأصل هو عدم النقل، بل يدفن في المكان الذي مات فيه، ولا ينقل إلا لأمر يقتضي ذلك.

ويستدل القائلون بالجواز بأن سعد بن أبي وقاص نُقل من قصره في العقيق إلى المدينة، والحق أن مثل هذا لا يقال: إنه نقل من بلد إلى بلد؛ لأن الكل في المدينة، فالعقيق هو في أطراف المدينة، فنقله من أطراف المدينة إلى المدينة لا يقال: إنه نقل من بلد إلى بلد، فمثل هذا لا يصلح دليلاً على الجواز.

تراجم رجال إسناد حديث أمر النبي صلى الله عليه وسلم بدفن قتلى أحد في مضاجعهم

قوله: [ حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن الأسود بن قيس ].

الأسود بن قيس ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن نبيح ].

هو نبيح العنزي، وهو مقبول أخرج له أصحاب السنن.

[ عن جابر بن عبد الله ].

جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما، وقد مر ذكره.

وهذا الحديث إسناده ضعيف، لكن كون الأموات يدفنون في مضاجعهم هذا ثابت، فقد دُفن قتلى أحد في مضاجعهم ولم ينقلوا إلى البقيع.

وكذلك نقْل الميت المسلم من بلاد مسلمة إلى بلاد مسلمة أخرى فيها أقاربه وأهله ليس بجيّد، بل ينبغي أنه يدفن كل واحد في المكان الذي مات فيه.

قال المصنف رحمه الله تعالى:

[ باب في الميت يحمل من أرض إلى أرض وكراهة ذلك.

حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن الأسود بن قيس عن نبيح عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال: (كنا حملنا القتلى يوم أحد لندفنهم، فجاء منادي النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأمركم أن تدفنوا القتلى في مضاجعهم، فرددناهم) ].

أورد أبو داود هذه الترجمة: [ باب في الميت يحمل من أرض إلى أرضَ وكراهة ]ذلك ]، والمقصود من ذلك: كراهة نقل الميت من المكان الذي مات فيه إلى مكان آخر، والأصل أن كل ميت يدفن في المكان الذي مات فيه، وإذا كانت هناك مصلحة في النقل كأن يكون في مكان يخشى عليه فيه، أو يكون في بلد كفار فينقل عنهم ويقبر مع المسلمين، فإنه لا بأس بذلك، وإلا فإن الأصل أن كل ميت يدفن في البلد الذي مات فيه.

وقد أورد حديث جابر رضي الله عنه: (أنهم أرادوا نقل وحمل القتلى يوم أحد، فأخبرهم منادي النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم يأمرهم أن يدفنوهم في مضاجعهم) أي: في الأماكن التي قُتلوا فيها، وقال بعض أهل العلم: إن هذا خاص بالشهداء، وأما غيرهم فيجوز نقلُه، ولكن الأصل هو عدم النقل، بل يدفن في المكان الذي مات فيه، ولا ينقل إلا لأمر يقتضي ذلك.

ويستدل القائلون بالجواز بأن سعد بن أبي وقاص نُقل من قصره في العقيق إلى المدينة، والحق أن مثل هذا لا يقال: إنه نقل من بلد إلى بلد؛ لأن الكل في المدينة، فالعقيق هو في أطراف المدينة، فنقله من أطراف المدينة إلى المدينة لا يقال: إنه نقل من بلد إلى بلد، فمثل هذا لا يصلح دليلاً على الجواز.

قوله: [ حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن الأسود بن قيس ].

الأسود بن قيس ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن نبيح ].

هو نبيح العنزي، وهو مقبول أخرج له أصحاب السنن.

[ عن جابر بن عبد الله ].

جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما، وقد مر ذكره.

وهذا الحديث إسناده ضعيف، لكن كون الأموات يدفنون في مضاجعهم هذا ثابت، فقد دُفن قتلى أحد في مضاجعهم ولم ينقلوا إلى البقيع.

وكذلك نقْل الميت المسلم من بلاد مسلمة إلى بلاد مسلمة أخرى فيها أقاربه وأهله ليس بجيّد، بل ينبغي أنه يدفن كل واحد في المكان الذي مات فيه.

شرح حديث: (ما من مسلم يموت فيصلي عليه ثلاثة صفوف من المسلمين إلا أوجب)

قال المصنف رحمه الله تعالى:

[ باب في الصفوف على الجنازة.

حدثنا محمد بن عبيد حدثنا حماد عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن مرثد اليزني عن مالك بن هبيرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ( ما من مسلم يموت فيصلي عليه ثلاثة صفوف من المسلمين إلا أوجب)، قال: فكان مالك إذا استقل أهل الجنازة جزأهم ثلاثة صفوف للحديث].

أورد أبو داود [ باباً في الصوف على الجنازة ]، أي: أنهم يجعلون ثلاثة صفوف، وليس بلازم أن يكونوا ثلاثة، ولكن هذا هو الحد الأدنى، وإذا كثروا وزادوا على ذلك فهو خير.

وقد أورد أبو داود حديث مالك بن هبيرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من مسلم يموت فيصلي عليه ثلاثة صفوف من المسلمين إلا أوجب) أي: إلا وجبت له الجنة بشفاعتهم وبدعائهم له، وهذا فيه دلالة على الترجمة من جهة أنهم يصفون ثلاثة صفوف.

وهذا الحديث ضعفه الألباني ، ولكنه ذكره في (أحكام الجنائز) وجعله ثابتاً بشواهده، فذكر حديثاً فيه ابن لهيعة ، وفي هذا الحديث: (أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى على ميت، وكان المصلون سبعة، فجعل ثلاثة في صف، واثنين في صف، واثنين في صف) ثم قال: إنه شاهد للحديث الذي بعده، والذي بعده شاهد له، يعني: هذا الحديث الذي معنا، وعلى هذا فيكون تقسيمهم ثلاثة صفوف ثابتاً بشواهده.

قوله: [ وكان مالك إذا استقل أهل الجنازة جعلهم ثلاثة صفوف للحديث] أي: عملاً بالحديث، وإذا كانوا قليلين لا يكملون ثلاثة صفوف كاملة على مقدار الصفوف فإنه يجزئهم بحيث يكونون ثلاثة صفوف.

تراجم رجال إسناد حديث: (ما من مسلم يموت فيصلي عليه ثلاثة صفوف من المسلمين إلا أوجب)

قوله: [حدثنا محمد بن عبيد ].

هو محمد بن عبيد بن حساب، وهو ثقة أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي .

[ حدثنا حماد ].

هو حماد بن زيد، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن محمد بن إسحاق ].

هو محمد بن إسحاق المدني ، وهو صدوق أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن يزيد بن أبي حبيب ].

يزيد بن أبي حبيب ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن مرثد اليزني ].

هو أبو الخير، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن مالك بن هبيرة ].

مالك بن هبيرة صحابي أخرج له أبو داود والترمذي وابن ماجة .

وهذا الحديث فيه عنعنة ابن إسحاق ، فإنه مدلس وقد روى بالعنعنة، ولكن الحديث الآخر الذي ذكره الألباني يشهد له.

قال المصنف رحمه الله تعالى:

[ باب في الصفوف على الجنازة.

حدثنا محمد بن عبيد حدثنا حماد عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن مرثد اليزني عن مالك بن هبيرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ( ما من مسلم يموت فيصلي عليه ثلاثة صفوف من المسلمين إلا أوجب)، قال: فكان مالك إذا استقل أهل الجنازة جزأهم ثلاثة صفوف للحديث].

أورد أبو داود [ باباً في الصوف على الجنازة ]، أي: أنهم يجعلون ثلاثة صفوف، وليس بلازم أن يكونوا ثلاثة، ولكن هذا هو الحد الأدنى، وإذا كثروا وزادوا على ذلك فهو خير.

وقد أورد أبو داود حديث مالك بن هبيرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من مسلم يموت فيصلي عليه ثلاثة صفوف من المسلمين إلا أوجب) أي: إلا وجبت له الجنة بشفاعتهم وبدعائهم له، وهذا فيه دلالة على الترجمة من جهة أنهم يصفون ثلاثة صفوف.

وهذا الحديث ضعفه الألباني ، ولكنه ذكره في (أحكام الجنائز) وجعله ثابتاً بشواهده، فذكر حديثاً فيه ابن لهيعة ، وفي هذا الحديث: (أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى على ميت، وكان المصلون سبعة، فجعل ثلاثة في صف، واثنين في صف، واثنين في صف) ثم قال: إنه شاهد للحديث الذي بعده، والذي بعده شاهد له، يعني: هذا الحديث الذي معنا، وعلى هذا فيكون تقسيمهم ثلاثة صفوف ثابتاً بشواهده.

قوله: [ وكان مالك إذا استقل أهل الجنازة جعلهم ثلاثة صفوف للحديث] أي: عملاً بالحديث، وإذا كانوا قليلين لا يكملون ثلاثة صفوف كاملة على مقدار الصفوف فإنه يجزئهم بحيث يكونون ثلاثة صفوف.

قوله: [حدثنا محمد بن عبيد ].

هو محمد بن عبيد بن حساب، وهو ثقة أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي .

[ حدثنا حماد ].

هو حماد بن زيد، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن محمد بن إسحاق ].

هو محمد بن إسحاق المدني ، وهو صدوق أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن يزيد بن أبي حبيب ].

يزيد بن أبي حبيب ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن مرثد اليزني ].

هو أبو الخير، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن مالك بن هبيرة ].

مالك بن هبيرة صحابي أخرج له أبو داود والترمذي وابن ماجة .

وهذا الحديث فيه عنعنة ابن إسحاق ، فإنه مدلس وقد روى بالعنعنة، ولكن الحديث الآخر الذي ذكره الألباني يشهد له.

شرح حديث أم عطية: (نُهينا أن نتبع الجنائز ولم يُعزم علينا)

قال المصنف رحمه الله تعالى:

[ باب اتباع النساء الجنازة.

حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد عن أيوب عن حفصة عن أم عطية رضي الله عنها أنها قالت: (نهينا أن نتبع الجنائز ولم يعزم علينا) ].

أورد أبو داود [ باباً اتباع النساء الجنائز ]، أي: أن النساء يتبعن الجنائز ويذهبن معها إلى المقبرة. وأورد فيه حديث أم عطية رضي الله تعالى عنها قالت: (نهينا أن نتبع الجنائز ولم يعزم علينا)، وهذا فيه دلالة على أن نهي الرسول صلى الله عليه وسلم كان على درجات وليس على درجة واحدة، والمراد من قولها: (ولم يعزم علينا) أي: كالعزم في بعض الأمور الأخرى التي نُهي عنها نهياً جازماً، فهذا يفيد أن النهي هنا دون النهي عن كثير من الأمور التي عُزم في النهي عنها، لذا فقد ذهب كثير من أهل العلم إلى أن ذلك مكروه كراهة تنزيه لا تحريم؛ لقول أم عطية : (ولم يعزم علينا) وقال بعض أهل العلم: إنه للتحريم، وقالوا: قد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه نهى عن زيارة القبور للنساء)، قالوا: وذلك لضعفهن وعدم صبرهن، ولما يحصل منهن من الجزع والخوف والنياحة، ومعلوم أن اتباع الجنائز أشد من زيارة القبور؛ لأن ذلك يكون في وقت المصيبة، ووقت المصيبة أشد وأعظم من مجرد الزيارة، فعند الزيارة يكون قد حصل السلوان، وأما وقت المصيبة فهو الوقت الذي تكون فيه شدة وقع المصيبة على النفوس، فمن هنا قالوا: إن الحكم للتحريم.

تراجم رجال إسناد حديث أم عطية: (نُهينا أن نتبع الجنائز ولم يعزم علينا)

قوله: [ حدثنا سليمان بن حرب ].

سليمان بن حرب ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا حماد ].

هو حماد بن زيد، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أيوب ].

هو أيوب بن أبي تميمة السختياني، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن حفصة ].

هي حفصة بنت سيرين ، وهي ثقة أخرج لها أصحاب الكتب الستة.

[ عن أم عطية ].

أم عطية رضي الله عنها، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.




استمع المزيد من الشيخ عبد المحسن العباد - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح سنن أبي داود [139] 2887 استماع
شرح سنن أبي داود [462] 2835 استماع
شرح سنن أبي داود [106] 2831 استماع
شرح سنن أبي داود [032] 2728 استماع
شرح سنن أبي داود [482] 2698 استماع
شرح سنن أبي داود [529] 2688 استماع
شرح سنن أبي داود [555] 2677 استماع
شرح سنن أبي داود [177] 2674 استماع
شرح سنن أبي داود [097] 2651 استماع
شرح سنن أبي داود [273] 2643 استماع