أرشيف المقالات

تخريج حديث المقدام: أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح برأسه وأذنيه

مدة قراءة المادة : 9 دقائق .
تخريج حديث المقدام: أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح برأسه وأذنيه
 
روى المقدام بن معديكرب، أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح برأسه وأذنيه، وأدخل إصبعيه في صماخي أذنيه.
(1/ 183).
حسن لغيره.
 
أخرجه أبو داود (123)، ومن طريقه البيهقي في «الكبير» (305)، عن محمود بن خالد، وهشام بن خالد الدمشقي، قالا: حدثنا الوليد بن مسلم، عن حريز بن عثمان، عن عبد الرحمن بن ميسرة، عن المقدام بن معديكرب، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ، قال: ومسح بأذنيه باطنهما وظاهرهما.
زاد هشام: أدخل أصبعيه في صماخي أذنيه.
 
وقد حسنه ابن الملقن في «البدر المنير» بشواهده، فقال (2/ 207): «هذا الحديث حسن، مروي من طرق»، ثم ذكر طرقه.
 
وقال الحافظ في «التلخيص» (1/ 156): «إسناده حسن».
 
وقال النووي في «الخلاصة» (1/ 110): «رواه أبو داود بإسناد صحيح».
 
قلت: فأما تحسينه بشواهده، فنعم، وأما الحكم على هذا الإسناد بالصحة، فلا؛ فإن هذا الإسناد فيه علتان: عنعنة الوليد بن مسلم، وجهالة عبد الرحمن بن ميسرة.
 
ثم إن لفظة: «أدخل أصبعيه في صماخي أذنيه»، تفرد بها هشام بن خالد، وهو صدوق، ومحمود بن خالد، ثقة، ولم يذكرها.
 
قال ابن القطان في «بيان الوهم والإيهام» (4/ 109، 110): «ذكر من طريق أبي داود حديث المقدام بن معديكرب، فيه: «وأدخل أصابعه في صماخ أذنيه»، وسكت عنه، وهو حديث يرويه الوليد بن مسلم، عن حريز بن عثمان، عن عبد الرحمن بن ميسرة، عن المقدام.
وعبد الرحمن بن ميسرة هذا، مجهول الحال، لا يعرف روى عنه إلا حريز بن عثمان، وإلى ذلك فإن حريز بن عثمان كان له - فيما زعموا - رأي سيئ في بعض الصحابة.
والوليد بن مسلم كان يدلس ويسوي، ولم يقل في هذا الحديث: حدثنا، ولا أخبرنا، ولا سمعت، ولا ذكر عن حريز أنه قال ذلك.
فمن حيث هو مدلس، يمكن أن يكون قد أسقط بينه وبين حريز واسطة، ومن حيث هو مسوٍّ، يمكن أن يكون قد أسقط من بين حريز وعبد الرحمن بن ميسرة واسطة»
اهـ.
 
وقال أيضًا (5/ 663): «وذكر: «أدخل أصبعيه في صماخ أذنيه»، وكان ينبغي له التوقف عن تصحيحه، من أجل تدليس الوليد بن مسلم وتسويته، أو من أجل ما نسب إلى حريز بن عثمان من سوء الرأي في بعض الصحابة، ومن أجل الجهل بحال عبد الرحمن بن ميسرة» اهـ.
 
فتعقبه ابن الملقن في «البدر المنير» (2/ 209)، بقوله: «عبد الرحمن بن ميسرة ليس بمجهول؛ بل هو معروف ثقة، ذكره أبو حاتم بن حبان في «ثقاته»، وقوله: «إنه لا يعرف روى عنه إلا حريز»، ليس كذلك؛ فقد روى عنه ثور بن يزيد، ذكره الحافظ جمال الدين المزي في «تهذيبه»، فقد ارتفعت عنه جهالة عينه وحاله، فإذًا الحديث حسن»اهـ.
قلت: فأما ارتفاع جهالة العين، فنعم، وأما ارتفاع جهالة الحال، فلا، وابن القطان صرح بجهالة الحال فحسب؛ ولا ينتفع عبد الرحمن بن ميسرة بذكر ابن حبان له في «الثقات»، وعليه فالقول ما قال ابن القطان.
 
قلت: وهذا الحديث له شواهد:
الشاهد الأول: حديث ابن عباس المتقدم رقم (191).
 
الشاهد الثاني: عن عبد الله بن عمرو رضى الله عنه.
 
أخرجه أبو داود (135)، ومن طريقه الطحاوي في «معاني الآثار» (142)، والبيهقي في «الكبير» (374)، والبغوي في «شرح السنة» (229)، قال: حدثنا مسدد، قال: حدثنا أبو عوانة، عن موسى بن أبي عائشة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده ﭬ، أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله كيف الطهور فدعا بماء في إناء فغسل كفيه ثلاثًا، ثم غسل وجهه ثلاثًا، ثم غسل ذراعيه ثلاثًا، ثم مسح برأسه فأدخل إصبعيه السباحتين في أذنيه، ومسح بإبهاميه على ظاهر أذنيه، وبالسباحتين باطن أذنيه، ثم غسل رجليه ثلاثًا ثلاثًا، ثم قال: «هَكَذَا الْوُضُوءُ، فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا أَوْ نَقَصَ فَقَدْ أَسَاءَ وَظَلَمَ» أَوْ «ظَلَمَ وَأَسَاءَ».
 
لفظة: «أَوْ نَقَصَ» منكرة.
 
الشاهد الثالث: عن الربيع بنت معوذ رضي الله عنها.
 
أخرجه الدارقطني (371)، من طريق مسلم بن خالد، عن ابن عقيل، قال: حدثتني الربيع بنت معوذ ڤ، قالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ، فمسح مقدم رأسه ومؤخره وصدغيه، ثم أدخل إصبعيه السبابتين، فمسح أذنيه ظاهرهما وباطنهما.
 
مسلم بن خالد الزنجي، وابن عقيل، ضعيفان.
وأخرجه أحمد (27018)، والبيهقي في «الكبير» (306)، عن وكيع، عن سفيان، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن الربيع بنت معوذ ابن عفراء، قالت: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوضعنا له الميضأة، فتوضأ ثلاثًا ثلاثًا، ومسح برأسه مرتين، بدأ بمؤخره، وأدخل أصبعيه في أذنيه.
 
وأخرجه أحمد (27019)، وأبو داود (131)، وابن ماجه (441)، والطبراني في «الكبير» (24/ 267) (675)، والبيهقي في «الكبير» (307)، عن الحسن بن صالح، عن ابن عقيل، عن الربيع بنت معوذ ڤ، أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ، فأدخل أصبعيه في جُحْر أذنيه.
 
والحسن بن صالح بن حي، ثقة.
 
الشاهد الرابع: عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
أخرجه ابن أبي شيبة (176) و (399)، من طريق عبد الملك بن سلع، عن عبد خير، قال: كنا مع علي يومًا صلاة الغداة، فلما انصرف دعا الغلام بالطست، فتوضأ، ثم أدخل إصبعيه في أذنيه، ثم قال لنا: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ.
 
قلت:هذا إسناد حسن، عبد الملك بن سلع الهمداني، صدوق.
 
الشاهد الخامس: عن وائل بن حجر رضي الله عنه.
أخرجه البزار (4488)، حدثنا إبراهيم بن سعيد، قال: حدثنا محمد بن حجر، قال: حدثني سعيد بن عبد الجبار بن وائل بن حجر، عن أبيه، عن أمه، عن وائل بن حجر ﭬ، قال شهدت النبي صلى الله عليه وسلم وأتي بإناء فيه ماء، فأكفأه على يمينه ثلاثًا، ثم غمس يمينه في الماء، فغسل بها يساره ثلاثًا، ثم أدخل يمينه في الماء، فحفن بها حفنة من الماء، فمضمض واستنشق ثلاثًا، واستنثر، ثم أدخل كفيه في الإناء فرفعها إلى وجهه، فغسل وجهه ثلاثًا، وغسل باطن أذنيه، وأدخل إصبعيه في داخل أذنيه...
 
قال ابن حبان في «المجروحين» (2/ 284): «محمد بن حجر بن عبد الجبار بن وائل بن حجر الحضرمي الكندي، يروي عن عمه سعيد بن عبد الجبار، عن أبيه وائل بن حجر بنسخة منكرة، فيها أشياء لها أصول من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس من حديث وائل بن حجر، ومنها أشياء من حديث وائل بن حجر مختصرة جاء بها على التقصي، وأفرط فيه، ومنها أشياء موضوعة ليس يشبه كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يجوز الاحتجاج به» اهـ.
 
وسعيد بن عبد الجبار بن وائل بن حجر.
 
قال البخاري في «التاريخ الكبير» (3/ 495): «فيه نظر».

شارك الخبر

مشكاة أسفل ٢