شرح عمدة الأحكام - كتاب البيع [18]


الحلقة مفرغة

تقدم لنا حديث أبي سعيد رضي الله تعالى عنه في قصة بلال رضي الله تعالى عنه وما قدم به للنبي صلى الله عليه وسلم من التمر البرني، وذكرنا ما يتعلق بمسألة العينة وأنها محرمة، وأن العلماء رحمهم الله قسموا العينة إلى قسمين.

تابع مسألة التورق

وكذلك أيضاً ما يتعلق بمسألة التورق، وأن العلماء اختلفوا فيها على ثلاثة آراء:

الرأي الأول: أنها جائزة، وهذا ما عليه أكثر العلماء رحمهم الله.

والرأي الثاني: أنها محرمة وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.

والرأي الثالث: أنها جائزة عند الحاجة.

وصفة التورق: أن يشتري سلعة بثمن مؤجل، ثم يبيعها على غير من اشتراها منه بأقل من ثمنها نقداً، كأن تشتري السيارة بمائة ألف ريال مؤجلة، ثم تبيع هذه السيارة على غير من اشتريتها منه، تبيعها على زيد من الناس بثمانين لكي تتوسع بثمنها نقداً وتسدد مائة، فالجمهور يقولون: هذه جائزة، ودليل ذلك أن الأصل في المعاملات الحل، وهنا عندنا عقدان منفصلان، فالإنسان له أن يشتري بثمن مؤجل، وله أن يبيع بثمن حاضر، فهما عقدان منفصلان، وصورة الربا بعيدة.

والرأي الثاني: الذين قالوا بالتحريم، قالوا: صورة الربا موجودة، وهو أنه الآن اشترى بثمن مؤجل بمائة ألف وأخذ ثمانين، فأخذ ثمانين مقابل مائة، هذه صورة الربا.

لكن الجمهور يجيبون عن هذا: بأن العقد هنا منفصل، العينة صحيح، اشتريت من زيد بثمن مؤجل ثم بعت عليه، هنا بيعتان في بيعة، وهذه صورة الربا موجودة الآن، ودخلت بينهما السيارة أو السلعة، كما قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: دراهم بدراهم بينهما حرير، فكأنك الآن أخذت ثمانين بمائة مؤجلة، هذه صورة الربا، لكن هنا فيه بعد.

وإذا قيل بأنها جائزة مع الحاجة، كما هو الرأي الثالث، فهذا أقرب إلى العدل ولحاجة الناس؛ لأن الناس يحتاجون إلى مثل التورق، ولا يجدون من يقرضهم قرضاً حسناً، ولكن لابد أن يضبط الجواز، فنقول:

الضابط الأول للجواز: أن يكون هناك حاجة، أما إذا كان لأمور كمالية فلا يجوز، فمثلاً: إنسان يريد أن يشتري سيارة وعنده سيارة، أو إنسان يريد أن يشتري بيتاً غير بيته، فيظهر أنه لا يجوز، لابد أن يكون هناك حاجة قائمة، كأن يحتاج إلى بيت، يحتاج إلى زواج، يحتاج إلى سيارة، أما كونه يسلك التورق فإن شيخ الإسلام يرى التحريم، وبعض الاقتصاديين اليوم يقول: مفاسد الربا موجودة في التورق.

إذاً: الضابط الأول: أن يكون محتاجاً للمال، أما إذا كان غير محتاج فإنه لا يجوز.

الضابط الثاني: أن لا يجد طريقاً إلا طريق التورق، كأن لا يتمكن من السلم، ولا يتمكن من القرض الحسن.. إلخ.

الضابط الثالث: أن تنتفي صورة الربا؛ لأنه الآن يوجد في البنوك ما يسمى بالتورق المنظم، أو التورق المصرفي، فبمجرد أنك توقع على أوراق ينزل في حسابك خمسين ألفاً بستين ألفاً، البنك يعمل العملية لك، يقول: عندي لك سلعة أبيعها لك وأشتري لك، فهذه صورة الربا موجودة، لابد أن تنتفي صورة الربا عن هذا التورق، بحيث أن المسلم إذا احتاج إلى هذا فيشتري السلعة ويقبضها، ثم يقوم ببيعها على غير من باعها عليه ويتوسع بثمنها، فلابد أن تنتفي صورة الربا، أما إذا وجدت صورة الربا، فنقول: هذا غير جائز.

من فوائد الحديث

وفي هذا الحديث: أنه يجوز للمسلم أن يأكل الطيبات؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما أنكر كونه جاءه بتمر جميل جيد، من أجود تمور المدينة، والعلماء يقولون: التورع عن الطيبات مذموم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أكل الطيبات، والله سبحانه وتعالى أباح لنا الطيبات: الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ [المائدة:5]، لكن هدي النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يرد موجوداً ولا يتكلف معدوماً، فالإنسان لا يتكلف، لكن إذا جاءه شيء من الطيبات فإنه يتناوله، هذا هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم، بلا فخر ولا خيلاء، ولا إسراف ولا تكلف.

وفي هذا أيضاً: عظم شأن الربا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أوه، أوه )، عظم شأن الربا، وأن المسلم عليه أن يتحرز من الربا، وأن يبتعد عنه، والربا أمره عظيم وشأنه كبير، وفي حديث جابر بن سمرة في قصة المرابي في صحيح البخاري ، أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى آكل الربا في نهر، قال: ( أحسب أنه أحمر كالدم، وعلى شط النهر رجل قد جمع حجارة ويسبح إليه الذي في النهر ثم يلقمه حجراً حجراً ) فالربا أمره عظيم، ولهذا تأوه النبي صلى الله عليه وسلم وتوجع منه.

وفيه عظم شأن المعصية.

وفيه أيضاً: أن المفتي إذا أفتى الناس وذكر لهم أمراً محرماً، فعليه أن يدلهم على الأمر المباح الجائز المشروع، فالنبي صلى الله عليه وسلم بين لـبلال كيف يصنع، قال: بع التمر الرديء وخذ الدراهم واشتر تمراً جديداً من شخص آخر، هكذا يعمل المسلم، أما كونك تبادل تمراً بتمر مع الزيادة فإنك تقع في الربا.

وكذلك أيضاً ما يتعلق بمسألة التورق، وأن العلماء اختلفوا فيها على ثلاثة آراء:

الرأي الأول: أنها جائزة، وهذا ما عليه أكثر العلماء رحمهم الله.

والرأي الثاني: أنها محرمة وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.

والرأي الثالث: أنها جائزة عند الحاجة.

وصفة التورق: أن يشتري سلعة بثمن مؤجل، ثم يبيعها على غير من اشتراها منه بأقل من ثمنها نقداً، كأن تشتري السيارة بمائة ألف ريال مؤجلة، ثم تبيع هذه السيارة على غير من اشتريتها منه، تبيعها على زيد من الناس بثمانين لكي تتوسع بثمنها نقداً وتسدد مائة، فالجمهور يقولون: هذه جائزة، ودليل ذلك أن الأصل في المعاملات الحل، وهنا عندنا عقدان منفصلان، فالإنسان له أن يشتري بثمن مؤجل، وله أن يبيع بثمن حاضر، فهما عقدان منفصلان، وصورة الربا بعيدة.

والرأي الثاني: الذين قالوا بالتحريم، قالوا: صورة الربا موجودة، وهو أنه الآن اشترى بثمن مؤجل بمائة ألف وأخذ ثمانين، فأخذ ثمانين مقابل مائة، هذه صورة الربا.

لكن الجمهور يجيبون عن هذا: بأن العقد هنا منفصل، العينة صحيح، اشتريت من زيد بثمن مؤجل ثم بعت عليه، هنا بيعتان في بيعة، وهذه صورة الربا موجودة الآن، ودخلت بينهما السيارة أو السلعة، كما قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: دراهم بدراهم بينهما حرير، فكأنك الآن أخذت ثمانين بمائة مؤجلة، هذه صورة الربا، لكن هنا فيه بعد.

وإذا قيل بأنها جائزة مع الحاجة، كما هو الرأي الثالث، فهذا أقرب إلى العدل ولحاجة الناس؛ لأن الناس يحتاجون إلى مثل التورق، ولا يجدون من يقرضهم قرضاً حسناً، ولكن لابد أن يضبط الجواز، فنقول:

الضابط الأول للجواز: أن يكون هناك حاجة، أما إذا كان لأمور كمالية فلا يجوز، فمثلاً: إنسان يريد أن يشتري سيارة وعنده سيارة، أو إنسان يريد أن يشتري بيتاً غير بيته، فيظهر أنه لا يجوز، لابد أن يكون هناك حاجة قائمة، كأن يحتاج إلى بيت، يحتاج إلى زواج، يحتاج إلى سيارة، أما كونه يسلك التورق فإن شيخ الإسلام يرى التحريم، وبعض الاقتصاديين اليوم يقول: مفاسد الربا موجودة في التورق.

إذاً: الضابط الأول: أن يكون محتاجاً للمال، أما إذا كان غير محتاج فإنه لا يجوز.

الضابط الثاني: أن لا يجد طريقاً إلا طريق التورق، كأن لا يتمكن من السلم، ولا يتمكن من القرض الحسن.. إلخ.

الضابط الثالث: أن تنتفي صورة الربا؛ لأنه الآن يوجد في البنوك ما يسمى بالتورق المنظم، أو التورق المصرفي، فبمجرد أنك توقع على أوراق ينزل في حسابك خمسين ألفاً بستين ألفاً، البنك يعمل العملية لك، يقول: عندي لك سلعة أبيعها لك وأشتري لك، فهذه صورة الربا موجودة، لابد أن تنتفي صورة الربا عن هذا التورق، بحيث أن المسلم إذا احتاج إلى هذا فيشتري السلعة ويقبضها، ثم يقوم ببيعها على غير من باعها عليه ويتوسع بثمنها، فلابد أن تنتفي صورة الربا، أما إذا وجدت صورة الربا، فنقول: هذا غير جائز.

وفي هذا الحديث: أنه يجوز للمسلم أن يأكل الطيبات؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما أنكر كونه جاءه بتمر جميل جيد، من أجود تمور المدينة، والعلماء يقولون: التورع عن الطيبات مذموم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أكل الطيبات، والله سبحانه وتعالى أباح لنا الطيبات: الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ [المائدة:5]، لكن هدي النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يرد موجوداً ولا يتكلف معدوماً، فالإنسان لا يتكلف، لكن إذا جاءه شيء من الطيبات فإنه يتناوله، هذا هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم، بلا فخر ولا خيلاء، ولا إسراف ولا تكلف.

وفي هذا أيضاً: عظم شأن الربا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أوه، أوه )، عظم شأن الربا، وأن المسلم عليه أن يتحرز من الربا، وأن يبتعد عنه، والربا أمره عظيم وشأنه كبير، وفي حديث جابر بن سمرة في قصة المرابي في صحيح البخاري ، أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى آكل الربا في نهر، قال: ( أحسب أنه أحمر كالدم، وعلى شط النهر رجل قد جمع حجارة ويسبح إليه الذي في النهر ثم يلقمه حجراً حجراً ) فالربا أمره عظيم، ولهذا تأوه النبي صلى الله عليه وسلم وتوجع منه.

وفيه عظم شأن المعصية.

وفيه أيضاً: أن المفتي إذا أفتى الناس وذكر لهم أمراً محرماً، فعليه أن يدلهم على الأمر المباح الجائز المشروع، فالنبي صلى الله عليه وسلم بين لـبلال كيف يصنع، قال: بع التمر الرديء وخذ الدراهم واشتر تمراً جديداً من شخص آخر، هكذا يعمل المسلم، أما كونك تبادل تمراً بتمر مع الزيادة فإنك تقع في الربا.